الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:55 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأحد, 12-أغسطس-2007
المؤتمر نت - طلبنة باكستان بيتر بيرجين وبول كرويسكشانك -
النساء... رافد جديد لـ"الإرهاب الإسلامي"
كان آخر منظر وقعت عليه أعين رجال الشرطة العراقيين الذين كانوا يحرسون نقطة تفتيش في الرمادي في أواخر شهر يوليو المنصرم هو لامرأة تتقدم نحوهم ببطء، قبل أن تقدم بعد ذلك بثوان معدودات على تفجير حزام حول وسطها، مما أدى إلى مصرعها ومصرع كل من كان بالموقع. وفي باكستان، وقبل ذلك بأسابيع قلائل، أخفقت مجموعة من النسوة المسلمات المتحصنات في المسجد الأحمر في تفجير أنفسهن طلباً للاستشهاد في سبيل ما يؤمنّ به، لأنه لم يكن لديهن المتفجرات الكافية كما قلن بعد ذلك في لقاء أجرته معهن محطة "بي.بي.سي".

هل تستغربون ذلك؟ ليس هناك ما يدعو لذلك خصوصاً إذا ما عرفتم أن مشاركة النساء في الجماعات الإرهابية، قد ازدادت بمعدلات مزعجة في السنوات الأخيرة.
ويذكر في هذا السياق أن الإسلاميين المتشددين كانوا يفرضون من قبل حظراً على المشاركة الفعلية للنساء في الجهاد المقدس ضد الغرب. ففي معسكرات "القاعدة" و"طالبان" في أفغانستان، كان يتم فصل الزوجات عن أزواجهن، وتكليفهن بعمليات الإشراف على تربية الأبناء، حتى يتفرغ الأزواج للتدريب على "الجهاد".

بيد أن ما حدث بعد ذلك، هو أن النساء قد أصبحن وعلى نحو متزايد عنصراً فاعلاً في الإرهاب الإسلامي. وكان العامل الجوهري وراء هذا التطور هو الشعور المتزايد لدى الجهاديين بأنهم يخوضون حرباً شاملة ضد الغرب، تستدعي حشد كافة الطاقات بما فيها النساء، وهو نفسه الشعور الذي دفع منظري "القاعدة" إلى التخلي عن اعتراضاتهم على مشاركة المرأة بدور مهم في ذلك الجهاد. وساهمت الصور التي تبين المسلمين وهم يتعرضون للبطش والمهانة على أيدي القوات الأجنبية في العراق وأفغانستان في إثارة حمية النساء المسلمات من بلجيكا إلى العراق إلى أفغانستان، ودفعهن للانضمام لصفوف الجهاد وتنفيذ العمليات الانتحارية.

ثم جاءت فتوى يوسف القرضاوي التي قال فيها: "إنه عندما يهاجم العدو أرضاً إسلامية معينة، فإن الجهاد يصبح فرضاً واجباً على كل المقيمين في هذه الأرض، بل يمكن للمرأة في مثل هذه الحالة أن تخرج إلى الجهاد دون الحصول على موافقة زوجها" لتساهم في زيادة أعداد النساء اللائي ينخرطن في الجهاد العالمي.

والجانب الأكثر إثارة للإزعاج في هذه الظاهرة هو استخدام النساء في الهجمات الانتحارية- وهو استخدام ربما يبدو منطقياً من الناحية التكتيكية- لأن احتمال تفتيش المرأة عند نقاط التفتيش والمطارات والحدود أقل من احتمال تفتيش الرجل، علاوة على أنها يمكن أن تخفي المتفجرات في طيات ملابسها الإسلامية، وهو ما يؤدي إلى صعوبة الوقاية من تلك العمليات.

ومن الجوانب المقلقة بالنسبة لهذه الظاهرة تزايد عدد النساء المسلمات المشاركات فيها ممن وُلدن وترعرعن في الغرب. فمن الملفت للنظر في هذا السياق أن ثاني انتحارية إسلامية على الإطلاق هي "موريل ديجوك" وهي امرأة بلجيكية اعتنقت الإسلام وكان عمرها 38 عاماً عندما غادرت بلادها وسافرت للعراق، ونفذت عملية انتحارية ضد موقع عسكري أميركي في مدينة بعقوبة. وهناك أيضاً زوجات أعضاء "مجموعة هوسفتاد" التي ارتبطت بعملية اغتيال المخرج المسرحي الهولندي "ثيو فان جوخ" في أمستردام في عام 2004 والتي قامت إحداهن بمرافقة زوجها أثناء محاولته الفاشلة لاغتيال عضوة البرلمان الهولندي من أصل صومالي "إيان حرسي علي".

ولو تعقبنا هذه الظاهرة خارج أوروبا، فسوف نجد أن هناك عدداً من النساء اللائي شاركن في أعمال انتحارية لأسباب انتقامية. فهناك تلك الجماعة المعروفة باسم جماعة "الأرامل السود" في الشيشان، والتي كانت تضم زوجات لقي أزواجهن مصرعهم على أيدي القوات الروسية، وقمن بعد ذلك بتنفيذ عمليات انتحارية انتقامية ضد تلك القوات. وهناك أيضاً النساء اللائي تم تجنيدهن بواسطة تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين لتنفيذ بعض العمليات الانتحارية في بلاد الرافدين. فعلى العكس من أسامة بن لادن الذي كان متردداً في دعوة النساء للمشاركة في الجهاد، فإن أبو مصعب الزرقاوي الأردني الذي كان يتزعم التنظيم في العراق، وافق على مشاركة النساء في العمليات الانتحارية، التي يتم تنفيذها ضد القوات الأميركية في العراق، بل ونجحت شبكة الزرقاوي بالفعل في تجنيد امرأة لتنفيذ عملية انتحارية في مدينة "تلعفر" العراقية. وبعد ذلك التاريخ بشهرين شن تنظيم الزرقاوي هجوماً على ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمّان شاركت فيه امرأة عراقية تدعى "ساجدة الريشاوي" كان ثلاثة من إخوانها قد لقوا مصرعهم على أيدي الأميركيين (أُلقى القبض عليها بواسطة السلطات الأردنية بعد أن فشلت في تفجير الحزام الناسف الذي كان ملفوفاً حول وسطها أثناء الهجوم).

حتى الآن نجحت "فرحانة علي" الباحثة بمؤسسة "راند" في توثيق 10 هجمات إرهابية تم تنفيذها في العراق بواسطة نساء. وتشير المواقع ومنتديات الانترنت إلى أن هناك المزيد من النساء اللائي يشاركن إلى جانب الإرهابيين. فقد كان من ضمن أهداف الزرقاوي من السماح للنساء بالمشاركة في الجهاد أن يدفع ذلك الرجال للشعور بالخجل، وهو تكتيك أثبت نجاحه في مضاعفة أعدد المجندين المحتملين في العراق.

ولم يقتصر هذا الأمر على العراق حيث رأينا أن هذا المنطق تحديداً قد أدى إلى زيادة أعداد المتطوعات في صفوف الجهاد الإسلامي في بلدان أخرى مثل كشمير التي كلفت النساء بالمزيد من المهام في السنوات الأخيرة.. ومثل الصومال حيث تم استخدام النساء في عمليتين إرهابيتين على الأقل خلال العام الماضي. وأوزبكستان حيث فجرت امرأة نفسها في محل للعب في العاصمة طشقند.. وفي مصر عندما قامت فتاتان منقبتان بإطلاق الرصاص على حافلة سياحية قبل أن توجها فوهتَيْ مسدسيهما نحو رأسيهما. على الرغم من ذلك فإن عدد النساء المشاركات في العمليات الانتحارية لا يزال محدوداً إذا ما قورن بالمئات من العمليات التي ينفذها ذكور من أعضاء الجماعات الراديكالية الإسلامية. والمساهمة الأكبر للنساء في الجهاد العالمي، هي قيامهن بأدوار أكبر في العمليات المساعدة مثل إدارة مواقع الإنترنت، وإدارة عمليات تمويل الخلايا، والمساعدة في الشؤون اللوجستية أو حث أزواجهن على الجهاد.

والنساء المسلمات لا يحاولن التستر على الأدوار التي يلعبنها في هذا المجال، فـ"مليكة العارود" وهي أرملة بلجيكية من أصل مغربي لعضو في تنظيم "القاعدة" اغتال القائد الأفغاني الشهير أحمد شاه مسعود قائد التحالف الشمالي المضاد لـ"طالبان". فبعد عودتها من أفغانستان بدأت "مليكة" تلعب دوراً أكثر فعالية ونشاطاً حيث تقوم بزيارة سجناء "القاعدة" في السجون الأوروبية، كما تدير موقعاً على الانترنت تابع للمنظمة. ولم تخف "مليكة" آراءها العنيفة عندما التقيناها في "شالية" في سويسرا، وهي آراء يمكن لنا أن نقول عنها: إنها تندرج ضمن خطاب حركة نسائية جديدة تتبنى منظور "الجهاد" الإسلامي. وعلى الرغم من أن "مليكة" قد أدينت بتهم إرهابية في سويسرا في الشهر الماضي فإن هناك الكثيرات غيرها ممن يعتنقن آراء ويتبنين مواقف مثيلة.

بيتر بيرجين
بول كرويسكشانك
زميلا مركز القانون والأمن التابع لجامعة "نيويورك" - وجهات نظر






أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر