عبدالملك الفهيدي -
تعز والتهديد بـ(أساليب أخرى)!!
عندما تجد الأحزاب السياسية نفسها عاجزة عن التعاطي مع مشاكلها وأزماتها الداخلية فإن أفضل وسيلة أمامها للهروب من ذلك هو اللجوء إلى تحميل السلطة والحزب الحاكم كل مشاكل البلاد والعباد، حتى المتعلقة منها بحالات الطلاق، وطلبات الخلع، وغيرها..
وهذا الحال يكاد ينطبق تماماً على طريقة الأداء السياسي لأحزاب المشترك في اليمن، التي باتت قضية إصدار البيانات (موضة) رائجة في عملها السياسي، وطريقة إدارة معاركها المفتعلة مع الحكومة والحزب الحاكم.
ويكاد الموضوع الوحيد الذي لم يصدر المشترك بياناً بشأنه هو موضوع (غزو الجراد لليمن) ولا نستبعد أن يعمد المشترك إلى إصدار بيان يدعو فيه المواطنين إلى التظاهر ضد غزو الجراد وتحميل حكومة المؤتمر مسئولية هذا الغزو الخطير الذي يهدد البلاد .
ولعل من المفيد الإشارة هنا إلى أن بيان المشترك الخاص بدعوة أبناء تعز للاعتصام أمام بمنى المحافظة بشأن أزمة المياه التي تمر بها تعز، لا يخرج عن هذا الإطار، ذلك أن أزمة مياه تعز ليست جديدة، وليست تعز وحدها من تعاني من هذه الأزمة، وإن صح أنها الأكثر معاناة.
ليس هناك من سبب وجيه يجعلنا نبرر الصمت المطبق من قبل أحزاب المشترك تجاه أزمة المياه في تعز، والتي تكاد تمتد إلى ما قبل عقد ونصف من الزمن، وفي الوقت ذاته فليس هناك من تفسير لسر اهتمام المشترك المفاجئ بأزمة المياه في تعز، سوى محاولته استخدام قضايا الناس المعيشية والحياتية لتحقيق أغراض سياسية، لعل أقلها ضرراً تلك المتعلقة بالدعاية الانتخابية المبكرة والمخالفة للقانون، لكن أخطرها أنها تسعى إلى إشاعة ثقافة المناطقية لدى سكان المحافظات، تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان.
حسنا.. لنتعاطى مع الأمر بديمقراطية ولنقل إن من حق المشترك الحديث عن أزمة المياه في تعز، ولنقل إن من حقه الدعوة للاعتصام.. إلى غيره من المبررات التي يمكن إدراجها في خانة الحقوق الديمقراطية.. لكن ذلك لا يمكن أن يشفع للمشترك (سباته) العميق حيال أزمة مياه تعز وغيرها من المحافظات كل هذه السنوات..
ان الخروج من حالة (السكر) لدى المشترك في تعامله مع قضايا الناس سواء في تعز أو في غيرها من محافظات اليمن لا يعني إلا أن ثمة مخططاً تسعى تلك الأحزاب إلى تنفيذه.
وقد يقول قائل ان تفسيراً بوجود مخطط لدى المشترك من وراء دعوته تلك يندرج في إطار ما يروجه إعلام السلطة والحزب الحاكم، كما يحلو للإخوة في المشترك الادعاء دوماً..لكن في المقابل بماذا نفسر تهديداً من النائب الاشتراكي سلطان السامعي يقول فيه: (إذا منعنا من الاعتصام فسنضطر إلى استخدام أساليب أخرى لإسماع أصواتنا عالياً).
ألا يوحي تعبير مثل (أساليب أخرى) بشيء يبعث على الخوف؟!! بلى وقد تكون تلك الأساليب الأخرى تأكيداً لما ذهب إليه محافظ تعز القاضي أحمد الحجري حين وصف ما ينفذه المشترك بـ(التخريب)، خصوصاً وإن عبارات (أساليب أخرى) و(خيارات أخرى) تتكرر في تصريحات القيادات الاشتراكية وهي تتحدث عن هكذا مواضيع.
لنسأل أمثال هؤلاء النواب.. كم مرة أَثَرتم قضية أزمة مياه تعز في البرلمان بصفتكم النيابية قبل الحزبية..
ألم يكن بإمكانكم –إذا كنتم صادقين- أن تتفقوا مع نواب المحافظة بما فيهم نواب الحزب الحاكم لتشكيل ضغط برلماني من تحت قبة المجلس على الحكومة والسلطة المحلية لإيجاد حلول للمشكلة، أم أن أساليب الفوضى، والاعتصامات أصبحت في مفاهيمكم السياسية أجدى من أساليب العمل الديمقراطي.
ختاماً ما نأمله ألا تكون تعز وأزمة المياه فيها مبررات لإعادة أحداث 92م.. يكفي تعز ما ذاقته من ويلات الصراعات السياسية والمزايدات الحزبية..
ابحثوا عن حلول لمشكلة مياهها بطرق أجدى، بدلاً من التهديدات بـ(أساليب أخرى).