المؤتمرنت - عودة الملاريا إلى ألمانيا خلال 10 سنوات يمكن للتحولات المناخية في اوروبا، من ارتفاع دجات الحرارة والرطوبة، وقدرات البعوض على التكيف أن تؤدي خلال عشر سنوات إلى ظهور الملاريا مجددا في ألمانيا. وسجلت ألمانيا آخر إصابات بالملاريا فيها خلال الحرب العالمية الثانية.
ودعا البروفيسور يوخن كوب، من دائرة شؤون المياه في ألمانيا، إلى مراقبة المياه بدقة خلال السنوات خشية وصول بعوض الأنوفليس إليها. وقال كوب ان دائرته راقبت حركة البعوض، وخصوصا غزو ملايين البعوض القادم عبر البحر المتوسط في ابريل (نيسان) الماضي، للتأكد من عدم حمله لطفيليات الملاريا. ويمكن لمياه الأمطار الراكدة ودرجات الحرارة العالية أن تحول جنوب ألمانيا إلى حاضنة لبعوض الأنوفيليس، كما سبق للعلماء الألمان أن حذروا من احتمال تأقلم بعض أنواع البعوض الاوروبي لحمل طفيلي الملاريا.
وسبق للبروفيسور بيرنهارد فلايشر، رئيس معهد بيرنهارد نوخت للأبحاث البيولوجية، أن حذر من وجود بعوض الملاريا سلفا في ألمانيا. وقال فلايشر إنه فحص طفلا في اسبانيا نقل بعوض البلومبيو، وهو نوع ناقل للملاريا، إلى الطفل من شمال أفريقيا. واعتبر الباحث هذا التشخيص دليلا على اختراق المرض للبحر الأبيض المتوسط وصولا إلى وسط اوروبا. وتعتبر ملاريا البلومبيو الاستوائية من أكثرها خطرا على حياة البشر، وخصوصا عندما تصيب الأطفال والمسنين.
وتحدث الباحث عن 50 نوعا من البعوض المحلي الذي ينشط في الصيف ويتمتع بدماء البشر، لكنه أشار أيضا إلى عدم قدرة هذه الأنواع على نقل الملاريا أو نقل الأمراض المعدية الأخرى. وكمثل فأن هذه الأنواع من البعوض غير قادرة على حضن فيروس الأيدز أو نقله لأن جسمها لا يحتوى على مكونات بيولوجية تحتاجها الفيروسات. ومن المحتمل أن تتمكن بعض أنواع البعوض المحلي من التأقلم لحضانة طفيلي الملاريا.
كما يمكن للملاريا وغيرها من الأمراض ان تنتشر بفعل العولمة وتحول العالم إلى «قرية صغيرة». فالسياح صاروا يصلون بسهولة من كافة أنحاء العالم إلى اوروبا، ومن غير المستبعد أن يحمل بعضهم الأمراض. وثبت كمثل أن بعض أنواع البعوض الآسيوي المرضي انتقل من اليابان إلى الولايات المتحدة، ومن ثم إلى هولندا وبلجيكا، مع شحنة إطارات سيارات قديمة كانت قادمة من اليابان.
وكانت منظمة «نابو» البيئية قد حذرت في ابريل (نيسان) الماضي من هجوم البعوض بالمليارات بسبب الصيف المبكر الذي إجتاح ألمانيا في ذلك الشهر. وقال جوليان هايرمان، من المنظمة البيئية، أن سبب التكاثر غير الطبيعي للبعوض سببه أيضا الشتاء الدافئ الماضي الذي لم يقتل الكثير من البعوض. والمشكلة أن الصيف المبكر أعقب أسابيع مطرية طويلة تركت بركا مائية راكدة كثيرة تحولت إلى «مرتع» لنمو البعوض المحلي. وتفاقمت الحالة بسبب هجوم ملايين البعوض من شمال أفريقيا واختلاطه بالبعوض المحلي.
ورغم تخصص الألمان في صناعة مواد مكافحة الآفات الزراعية إلا أن أسلحتهم لم تكن فعالة ضد البعوض المحلي. وأجرى معهد أبحاث المواد الألماني، قبل سنتين، تجارب على أنواع المواد القاتلة للبعوض فسقط ثلثاها في الامتحان. وأثبتت المادة الكلاسيكية «دي دي تي» تفوقها في مكافحة البعوض على المواد الحديثة، وهو أفضل سلاح استخدمه الألمان لمقاتلة ملاريا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وربما سيستخدمونه أيضا لمكافحة بعوض العولمة.
*الشرق الاوسط |