دكتور- عبدالقادر مغلس -
فخامة الرئيس :إرضاء (المشترك) غاية لا ولن تُدْرَكْ!
مبادرة الرئيس التي أعلنها يوم 25 الشهر الماضي بشأن التعديلات الدستورية الهادفة إلى تطوير تجربة العمل السياسي والديمقراطي في اليمن تعتبر إضافة جديدة ونوعية إلى الرصيد الوطني الكبيرلفخامته وإلى تنظيم المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه و يحكم به اليمن. فالديمقراطية اليمنية ما تزال إحدى الديمقراطيات الناشئة في العالم, وهذا محل اتفاق وجهي العملية الديمقراطية في بلادنا المؤتمر( الحاكم) و(المعارضة) بمكوناتها الحزبية المتعددة. وهذه خصوصية يمنية تتطلب قدراً كبيراً من (الحكمة اليمانية).
لقد أثبت الرئيس من خلال تلك المبادرة أن المؤتمر يمتلك قدرة وإرادة(الفعل) في صنع التحولات في البلد ولديه روح (المبادرة) أيضا, حتى وإن كانت بعض مضامين المبادرة تقترب إلى حد ما في بعض القضايا التي تتبناها المعارضة, و ذلك يعني أن المؤتمر لا يدعي امتلاك الحق المطلق في قضايا الوطن والمواطن كما يحلو لبعض قادة ( المشترك ) الادعاء والقول. لكن يبدو أن الأكمة وراءها أسرار لا يعرفها إلا قادة المشترك أنفسهم وستثبت الأيام ذلك.
فالمؤتمر وعلى لسان رئيسه طوى المسافة بينه وبين الجماهير واقترب كثيراً – كعادته- من الشارع ومن قضايا الناس من خلال إطلاق تلك المبادرة الطموحة. وأثبت مجددا وكعهد الشعب به أنه قائد التحولات الكبيرة في حياة اليمنيين وعلى كل المستويات عن قناعة تامة بالدور الوطني و الايجابي الذي التزم به منذ بداية تكوينه في أغسطس 1982م. حتى أن بعض رموز وقادة (المشترك) المعارض يطرحون ذلك حينما يكونون في حال اتفاق مع نفوسهم وضمائرهم وفي غرفهم (المغلقة) أيضا.
لقد اكتسبت المبادرة دلالات هامة كونها تزامنت مع مناسبتين غاليتين على نفوس اليمنيين وهما الذكرى ال45للثورة اليمنية الأم 26سبتمبر, الثورة التي حررت المواطن اليمني من العبودية والاستبداد في عام 1962, وأيضا الذكرى الأولى للانتخابات التنافسية الرئاسية والمحلية التي جرت في بلادنا يوم 20 سبتمبر العام الماضي, وخضعت للرقابة الدولية منذ مراحلها الأولى وشهد العالم بنزاهتها من خلال المراقبين الدوليين المحايدين الذين زاروا ميدانيا سير إجراءات العملية الانتخابية في مختلف المحافظات اليمنية.
إن الكرة الآن في ملعب سياسيي اليمن ومفكريها وأكاديمييها ونخبها وقواها الحية المحبة لليمن الموحد وشعبها العظيم للمشاركة في دعم ومساندة ( المبادرة) دون مكابرة أو مما حكات سياسية. فمستقبل الوطن والشعب ليس ملك أحزاب أو أفراد, ولا ينبغي أن يخضع للمساومات والمقامرات وتسديد الأهداف الحزبية. فالوقت الذي ظهرت فيه هذه المبادرة مختلف. والظروف الإقليمية والدولية التي تحيط بنا تختلف كذلك عن ظروف الأمس البعيد والقريب أيضا.
أستطيع القول أن الرئيس بتلك المبادرة لم يفاجئ اليمنيين وحسب, بل وفاجأ أيضا المراقبين السياسيين والدوليين للشأن اليمني. وهذا ليس بغريب على هذا الرجل المحنك الذي يدهش الجميع من وقت لآخر بقرارات تنال إعجاب كل المهتمين بالحراك المتسارع والنشط في الشارع الديمقراطي اليمني.
لقد ظهر قادة( المشترك) بمظهر غير ديمقراطي حين أبدوا موقفاً عاجزا وسلبياً من المبادرة. وكان عليهم الارتقاء إلى مستوى الأهداف العظيمة التي جاءت بها الثورة اليمنية. لكن هذا هو شأنهم. وهي فرصة جديدة أمام الناخب ليدرك مستوى التفكير الذي يصنع قرارات المشترك. ورب ضارة نافعة.
ان قادة المشترك يثبتون يوماً إثر آخر ابتعادهم عن قضايا الشعب والوطن. ولا ننكر أن صحفهم تكتب عن قضايا الناس ومشاكلهم. لكن حين يوضعون على المحك فإنهم يطلقون سيقانهم للريح ويولون الدبر. ومقاطعتهم للإجتماع الذي دعا إليه فخامة الرئيس يوم 25 من الشهر الماضي يسير في هذا الاتجاه. فهذه طبيعة قادة(المشترك) ذوي التركيبة المتنافرة. فهم تتنازعهم أراء شتى تجاه أية قضية أو دعوة يوجهها المؤتمر. وهذا أمر طبيعي في ظل تكوينهم السياسي المترهل والذي لم يستطع أعضاؤه حتى اللحظة تناسي خلافاتهم القديمة.
إنني أتمنى أن لا يظل مستقبل الوطن رهن تجاذبات و مزاجيات و(مكارحات) قادة ( المشترك ), لأنهم مختلفون منذ بدء نشأتهم ولن يتفقوا على شيء أبدا, والأيام أثبتت وستثبت هذه الحقيقة مهما جمعهم الود الظاهر المطوي على كره وحقد دفين. وستظل اختلافات الأمس تلقي بظلالها في لحظات تشاورهم تجاه أية دعوة يوجهها لهم المؤتمر أو أية قضية يثيرها ويطرحها الرئيس. وسينعكس ذلك على هيئة( مقاطعات) متواصلة ليس لحضور اجتماع وحسب, بل ولربما تمتد ( المقاطعة) إلى فعاليات أكثر أهمية في المستقبل, لأنهم لم يتحرروا بعد من قيود (حبتي والا الديك).
فلن يستطيع أحد مهما كان إرضاء (غرور ونرجسية) قادة المشترك. وعلى المؤتمر تحمّل مسؤولية بناء دولة المؤسسات اليمنية في ظل التأييد الشعبي الكاسح الذي يحققه في أية فعالية انتخابية يخوضها. وكان الله في عون الرئيس والمخلصين من حوله.ِ وكل عام واليمن ورئيسها وشعبها بألف خير.
* استاذ بجامعة تعز