بقلم/ عباس غالب -
رجــل الحـــوار
كان - ولا يزال - الرئيس/علي عبدالله صالح رجل الحوار بامتياز، لأنه يرى في الحوار الوسيلة الأنجع لاستعراض الأفكار واستخلاص الاستنتاجات والحلول لمشاكل المجتمع والتحديات المفروضة والقائمة.. إما لأسباب داخلية أو خارجية.
لقد وجدناه في أواخر السبعينيات، صاحب فكرة الحوار الوطني، لوضع وثيقة «الميثاق الوطني»، الذي أدى بالنتيجة - مطلع الثمانينيات - إلى قيام (المؤتمر الشعبي العام)، الذي ضم مختلف التوجهات السياسية والحزبية.
ووجدناه في كل مراحل إرهاصات إعادة تحقيق وحدة الوطن حاضراً في مختلف انعطافاتها.. وكان رجل الحوار في لقاءات «الكويت» و«القاهرة» و«طرابلس الغرب».. وهو مَن توجه إلى «عدن» بمشروعه الوحدوي في وقت كان الجميع يحذرونه من هذه الخطوة المتقدمة غير المسبوقة في تاريخ اليمن المعاصر.
ويطلق عليه معارضوه دوماً صفة «المحاور» و«الرجل ذو القلب الكبير والمتسامح».. وبالضرورة فإن رجلاً يمتلك ناصية الحوار، فإنه قادر على تقديم الرؤى والأفكار التي لا تقف عند الحاضر، بل تسبر أغوار المستقبل.
وليس جديداً القول: إنه يستبق الأحزاب على كسب ثقة الناس، ويقدم رؤيته وأفكاره المتطورة حتى قبل أن يتحرك حزبه.. وحتى في أشد الأزمات والمحن والشدائد يخرج الرئيس/علي عبدالله صالح كطائر العنقاء حاملاً مشعلاً لإضاءة الطريق أو أملاً يبدد أصوات التشاؤم.
وجدناه كذلك في مختلف الظروف والأحوال، ودأبه هذا لا يقتصر فقط على قضايا الوطن الكبرى، بل يذهب إلى تلك المتعلقة بالثأرات، حيث كان له فضل إغلاق ملف الثأر السياسي بعد الوحدة مباشرة.. ولا يدخر صغيرة أو كبيرة لحشد الإمكانات لمنع الثأر القبلي والأسري في اليمن، ونجح في حقن دماء الكثيرين، والتوصل إلى توقيع عهود ومواثيق بين قبائل اليمن في هذا الشأن.
وإذ يطلق الرئيس/علي عبدالله صالح اليوم مشروعاً للتعديلات الدستورية يشمل النظام الرئاسي والحكم المحلي ونظام الغرفتين في البرلمان وتوسيع تمثيل المرأة واختصار المدد الزمنية للرئاسة والسلطتين التشريعيتين.. فإنه ينظر إلى المستقبل، ومع ذلك فإنه يقول: إنني أطرح هذه التعديلات أمام الشعب ليقبلها أو ليرفضها، وهو مبدأ يتسم مع تكوينه القائم على القبول بالآخر والإيمان بالحوار.
***
ثمة جملة اعتراضية يستدعيها المنطق القائم على ما تطرحه بعض أحزاب «المشترك» من حيث موقفها الاستباقي الرافض لهذه التعديلات الرئاسية ذات النقاط العشر - وهي نفسها التي تضمنتها برامج أحزاب «المشترك» في انتخابات 20 سبتمبر 2006م - وتلك الجملة الاعتراضية.. هل يحق لأحزاب تمثل الأقلية بموجب نتائج آخر انتخابات رئاسية وبرلمانية، أن تحاول فرض أجندتها على الأغلبية.. سواء برفضها للمبادرة الرئاسية أم وضع اشتراطات لقبولها..؟
الفرق الواضح بين تكوين الرئيس/علي عبدالله صالح، القائم على الحوار وتأكيده بعرض أفكاره على الشعب، صاحب المصلحة والكلمة الأخيرة في القبول أو الرفض لهذه الأفكار، وبين تفكير قيادات أحزاب «المشترك» الرافض لكل شيء، حتى في مجرد الاستئناس برأي الشعب.. وهو ما يؤكد أن هذه الأحزاب، كما أشار إليه الأستاذ عبدالقادر باجمال ــ الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام ــ من أن بعضها عندما تحاول خلط الأوراق والأولويات إنما تغالط قاعدتها الحزبية قبل أن تغالط الآخرين، وفي المقام الأول تغالط الشعب اليمني بأجمعه.