المؤتمر نت-عدن- عبدالعزيز بن بريك -
عدن: نكهة مختلفة للعيد
ثمة نكهة متميزة لعيد الفطر المبارك في عدن حيث تبدأ بالمظاهر الاحتفالية المتفردة التي ينسج أهالي عدن أولى خيوطها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
عادة المدينة وسكانها تجعل مراسيم استقبال العيد بمباهج رائعة حيث ينطلق الناس إلى الأسواق المشهورة والقديمة والتي لا زالت تحتفظ بمكانتها رغم مرور السنين.
في شارع الزعفران الذي يقع في وسط مدينة كريتر الممتدة إلى نهاية السوق الطويل غرباً والذي يحوي المحلات التجارية بدءً من سوق الزعفران، وسوق الاتحاد، وسوق البهرة، وسوق البز -تنتشر محلات مشهورة ببيع البهارات التي يقبل عليها نساء عدن باعتبارها سيدة الموائد الرمضانية والعيدية مثل حلويات ( الهلوة) و(العطرية) و(العنز) والهيل والقرفة،وبقية الأنواع الأخرى من البهارات .
كما أن مظاهر العيد في السابق مقارنة بالحاضر لا فرق بينهما حيث يشكلان تشابهاً كبيراً في ممارسة عادات الاستقبال.
هذا الأمر جعل جيل من أبناء عدن يتمسكون بهذه العادات من خلال الاحتفاظ بها وممارستها حتى لا تنقطع عن الذاكرة والوجدان.
من خلال زيارة الأسواق العامة التي تدب فيها حركة النشاط والتجارة من البيع والشراء من مختلف الشرائح وتلبية احتياجات الناس في هذه الأسواق أتضح جلياً أن التنافس في عرض البضائع والترويج لها وكذا انتشار العديد من الأسواق الحديثة جعل الناس وخاصة النساء يقبلن على الشراء في أواخر شهر رمضان.
هذا ما أكده الحاج سعيد المجلي أحد الشخصيات التجارية والذي يملك محل لبيع الملابس حيث قال ( الميزة الأساسية في عملنا وخاصة في استقبال العيد أن حركة الشراء عادة ما تبدأ مع المرتبات وأواخر الشهر الكريم، ونحن نستعد منذ أشهر لتلبية احتياجات الناس ولدينا الزبائن الذين يرتادون محلاتنا المعروفة بعراقتها.
وعند سؤالنا له عن وجود الأسواق الكبيرة والضخمة كأسواق عدن مول وسوق عدن الدولي والأسواق الحديثة التي بنيت في عدن قال ( الرزق على الله وكل واحد يحصل على رزقه وكما قالوا أيام زمان ألف دكان في كف الرحمن).وأضاف إن انتشار هذه الأسواق يجعل التنافس في تقديم الخدمات شيء مشروع.
فيما قالت صفية عويضة إحدى النساء المشهورات في بيع البخور وصناعته وأنا أسألها عن حركة البيع لهذه البضاعة التي تتميز بها مدينة عدن قالت ( يا بني البخور هو سيد المكان والاحتفال في عدن ولا يخلوا بيت عدني من البخور وهكذا تراني الآن افترش هذه المساحة في سوق البز لأبيع على الزبائن الذين حجزوا البخور منذ مطلع شهر رمضان). وأردفت ( العيد لا يكتمل إلا في البخور العدني.
*العيد والسياحة الداخلية في عدن
تعتاد المدينة في كل عام أن تستقبل خلال عيد الفطر المبارك قرابة مليون زائر من محافظات اليمن ومن المغتربين اليمنيين من دول الخليج وقد تم حجز العديد من الفنادق قبل أيام لاستقبال هذه الأفواج السياحية.
وبهذه المناسبة فقد استعدت العديد من المرافق السياحية لتقديم خدماتها على مدار الساعة للزائرين لها خلال العيد وتقديم خدمات متميزة ومعقولة تشجيعاً للسياحة الداخلية.
ويقبل الزائر لمدينة عدن على ارتياد السواحل المنتشرة فيها والتي تجمع بين الجمال والروعة وصفاء أمكنتها.
ويتوقع العديد من الصيادين أن هذا العيد سيكون متميزاً أكثر من السابق، وذلك بهدوء البحر نسبياً الأمر الذي يجعل الناس أكثر قرباً للبحر حيث قال محمد الجشعة ( صياد ) ونحن نزوره في موقعه المطل على ساحل الغدير ( إن هذا الزورق يقوم خلال العيد بزيارات بحرية من خلال صعود المواطنين من المحافظات الأخرى وقد قمت خلال العيد السابق بنقل أكثر من (7000) مواطن خلال العيد، وهذا العدد قياساً بالآخرين يشكل رقماً كبيراً عن مدى إقبال الناس على السياحة البحرية، وعند سؤالي له عن الجزر التي يرتادها الناس قال لي: إن الجزر التي تحويها بحارنا لا يمكن أن توصف نظراً لجمالها البديع وإتساعها إلى جانب جاذبية الرمال وأمواج البحر الصافية التي تجعل الزائر لها يبقى أياماً فيها دون ملل. وناشد الجهات المختصة في السياحة والسلطة المحلية تمكين الناس من أن يرتادوا هذه الجزر حتى يتعرفوا على جمالها التي وهبها الله لنا.
*العيد في شارع الحب:
من الأسواق المشهورة في مدينة الشيخ عثمان وأجملها وسمي بهذا الاسم ، حيث تكثر فيه العديد من متطلبات الناس بمختلف الشرائح. من ملبوسات وذهب وعطور وغيره يجتمع الناس لشراء حاجياتهم حيث شبه أحد الأخوة العرب من جمهورية مصر العربية هذا السوق بسوق "الموسكي" وقال لي ممازحاً وأن اسأله بماذا يشبه هذا السوق فأجابني بالموسكي، باعتبار أن شعبية السوق تشبهه من خلال ازدحام الناس .. أحد الباعة الذين يفترشون الأرض سألته وأنا أراه هادئ في البيع ومطمئناً عكس الأيام الأخرى
*الأسواق الحديثة والقديمة
وأثناء زيارتي إلى سوق عدن الدولي بالشيخ عثمان أحببت أن أرى خدمات السوق الحديث بالمدينة والأسواق والمحلات الأخرى فأتضح أن إقبال الناس على الشراء لا تحدده الأماكن بقدر جودة البضاعة حيث أن في هذا السوق الذي يحتوي على جميع المتطلبات وحداثته يجذب النساء أكثر لأنه يعمل على متابعة ومواكبة العديد من الأصناف أكثر من الأسواق المتجولة من خلال الباعة المتجولين وهذا ما أكدته فاطمة مرعي حيث قالت ( إن الأسواق الحديثة أضمن بالشراء لأنني إذا رغبت في استبدال البضاعة فإن المكان معروف وآمن أكثر من البائع المتجول الذي لا يوجد له مكان محدد) .
وقبل أن اختتم زيارتي لأسواق المدينة استوقفني الشاب علي مهيوب عندما رآني أسال الباعة المتجولين قائلاً لي ( في هذه الأسواق نجد كل شيء والإنسان يستطيع شراء حاجياته حسب إمكانياته وبحسب فلوسه وأشار لي أن هذا البنطلون والقميص الذي اشتريته من هذا البائع المتجول لا يقل عن البضاعة الموجودة في المحلات التجارية لأن الأسعار تزداد هناك نظراً للضرائب والجمارك والتي تثقل كاهل البائع وهو بدوره يقوم بإضافة ذلك على بضاعته .
وأردف على الرغم من هذا كله فإن في أسواق عدن يستطيع كل الناس أن يحتفلوا بالعيد بدءاً من الملابس والمأكولات وإنتهاءاً بالبحر الذي يعطي لهذه المدينة المتميزة بالأمان جمال الروعة والهدوء الذي لا ينتهي .