المؤتمرنت - الشرق الاوسط - المستقبل لكاميرات الفيديو الخالية من الشرائط عندما يجلس هواة الاجهزة الالكترونية مع اطفالهم يحدثونهم عن دورات الطبيعة الكبرى.. فإنهم لا يحدثونهم عن الموت والحياة، بل عن الاجهزة الكبيرة الضخمة التي تصبح صغيرة مع الوقت، وعن الغالية منها التي تصبح من السلع العادية بعد ذلك، وعن كيفية قيام اجهزة التسجيل ذات الاشرطة بافساح المجال امام التخزين الرقمي! وفي الواقع ان زوال اجهزة التسجيل بالشرائط هو أمر جيد، لانه لا يوجد الكثيرون الذين يقومون الآن بإحصاء مجموعتهم من اقراص "دي في دي"، ثم يتوقون الى ايام مسجلات الفيديو القديمة بالكاسيت، او يستخدمون اجهزتهم "آي بود" الآن ثم يتحسرون على ايام الكاسيت ذات المسالك الثمانية. لكن في كاميرات الفيديو التسجيلية (كامكوردرس) camcorders، فإن زوال الاشرطة هو اكثر تعقيدا قليلا.
* انحسار الاشرطة وأغلبية كاميرات الفيديو التسجيلية الاستهلاكية لا تزال تسجل على الاشرطة، وهي آخر الاجهزة في هذا المجال، لكن هذا الامر لن يدوم طويلا. فاستنادا الى مجموعة "إن بي دي غروب" شرعت مبيعات كاميرات الفيديو التسجيلية "ميني دي في" ذات الاشرطة الرقمية بالتدني.. من احتلالها لنصف السوق تقريبا في العام الماضي، الى نحو 31 في المائة هذا العام لان الاجهزة التي تسجل على اقراص "دي في دي" صغيرة (29 في المئة من السوق)، او على الاقراص الصلبة (22 في المائة من السوق) هي على وشك ان تتجاوزها.
والسبب بكل وضوح هو عامل الازعاج وتبديد الوقت، فقد تكون بحوزتك حاليا كاسيتات (علب اشرطة) التي اخذت تتجمع في خزانتك وقد وضعت فيها التسجيلات، لكنها لم تشاهد بعد، لأنك بكل بساطة تحتاج الى الكثير من الوقت والجهد للعثور على الشريط المطلوب والجزء الذي ترغب به. لكنك اذا كنت تملك كاميرا تسجيلية عاملة على اقراص "دي في دي" فإن كل ما عليك فقط هو الامساك بالقرص الذي سجلت عليه مشاهد عطلتك التي قضيتها في الخارج ووضعه في مشغل اقراص "دي في دي" الموصول، او التابع الى جهاز التلفزيون. وربما لا تزال تأمل ان تقوم بتحرير جميع اشرطتك في يوم ما ووضعها في بكرات يسرّ مشاهدتها، خاصة ان كلا من كومبيوترات "ماك" و"ويندوز بي سي" تأتي بالبرمجيات التي تتيح لك تحرير اشرطة "ميني دي في"، وبالتالي تسجيل الناتج في قرص "دي في دي"، او اعادة عرضها على شريط جديد بجودة صور اصلية تبلغ 100 في المائة.
لكن الحياة تستمر في التدخل في خططك ومشاريعك، وبالتالي تتخلى عن فكرة تحرير هذه الاكوام من الاشرطة، خاصة عندما انهت كاميرات الفيديو التسجيلية الجديدة الخالية من الاشرطة، طغيان اعادة الحاجة الى تقديم الشريط الى الامام، او اعادته الى الخلف، عن طريق امكانية القفز مباشرة الى اي مشهد تود رؤيته، فمن يستطيع اذن مقاومة اغراء كهذا؟
* كلفة عالية لكن هناك في الواقع العديد من الاسباب الاخرى التي ترغب في مقاومتها، او تتوقف عندها، قبل الاقدام على شراء مثل هذه الاجهزة الجديدة، منها مثلا السعة والسعر. اذ يدرك القليل من الناس مثلا ان الاقراص الصغيرة التي تتطلبها هذه الكاميرات التي تسجل على اقراص "دي في دي" تتسع الى 15 دقيقة فقط من الفيديو. ويكلف القرص الواحد نحو 3 دولارات، مما يعني كلفة عالية، اذا كان التسجيل يتطلب ساعة مثلا. اما الاقراص الجديدة "المزدوجة الطبقات" فتتسع الى 27 دقيقة، لكنها تكلف سبعة دولارات للواحد منها، في حين ان اشرطة "ميني دي في" ما زالت تكلف ثلاث دولارات للواحد منها وتتسع الى 60 او 90 دقيقة.
واجهزة الكاميرات الرقمية العاملة بالقرص الصلب وبطاقات الذاكرة لها مشكلة مختلفة، فحالما يمتلئ هذا القرص او البطاقة يصبح الجهاز عديم الجدوى الى ان تقوم بتفريغ المحتويات على جهازك الكومبيوتري. (وبالطبع يمكن شراء بطاقة ذاكرة اضافية، لكن اغلبية الناس لا تستطيع الاحتفاظ بكميات مكدسة منها).
وثمة عامل اخر وهو جودة الصورة ونقاوتها. فاشارة الفيديو على شريط "ميني دي في" تؤمن الوانا رائعة مع تباينها ووضوحها. والكاميرات-المسجلات "ميني دي في" هي من الجودة بحيث تستخدم احيانا لبث البرامج التلفزيونية، وحتى الافلام السينمائية. اما نوعية الصور وجودتها في الكاميرات التسجيلية العالية التحديد والوضوح التي تقوم ايضا بالتسجيل على كاسيتات "دي في"، فهي اكثر روعة.
وأغلبية الكاميرات التسجيلية الخالية من الاشرطة على الصعيد الآخر تقوم بتخزين الصور المتحركة بأنماط وصيغ مختلفة تدعى MPEG-2. وهي تبدو غير نقية وخام الى جانب "ميني دي في" وقد اتسع لون البياض فيها، في حين يميل اللون الاسود الى الشكل الوحلي والحبيبي في كل امكنة هذا البياض. كما لا تستطيع العديد من البرامج التعرف على MPEG-2 ايضا.
* صور رائعة لكن هذا الوضع آخذ في التحسن، فقد قامت "سوني" و"باناسونيك" في العام الماضي بتطوير صيغة جديدة خصيصا للكاميرات التسجيلية الخالية من الاشرطة، العالية الوضوح، تدعى AVCHD. وتبدو الصور هنا رائعة. لكن المشكلة هنا هي ان تحرير صور AVCHD يتطلب كومبيوترا عملاقا.
وعلى الصعيد النظري ينبغي ان تكون الكاميرات التسجيلية الخالية من الاشرطة، الرفيق المناسب لبرمجيات تحرير الصور، لانه لدى الخوض فيها لا تكون سوى عبارة عن عدد صغير من الملفات الكومبيوترية. وبذلك يمكن نسخها الى جهاز الكومبيوتر خلال ثوان معدودات، بدلا من تشغيلها وعرضها من الكاميرا التسجيلية في الزمن الحقيقي.
وعملياً فإن المسألة ليست بتلك السهولة لأن صيغة AVCHD لم تصمم لأغراض التحرير، بل صممت لحصد الكثير من معلومات واشارات الفيديو في سعة تخزينية صغيرة قدر الإمكان. وهي مرمزة بشكل كبير، مما يعني ان القليل من برمجيات التحرير بمقدورها التعامل معها. وهي تضم النسخ الاخيرة من "سوني فيغاس"، و"يوليد فيديو ستوديو"، و"بيناكل ستوديو بلس". اما بالنسبة الى اجهزة "ماك" فهناك "آي موفي" و"فاينال كت برو".
بعض هذه البرمجيات، خاصة تلك التي مصدرها "آبل"، فإنها تعمل عن طريق تحويل ملفات AVCHD الى صيغة يمكن التحرير بواسطتها. ومثل هذا التحويل قد يستغرق وقتا طويلا جدا: فساعة مثلا من فيديو AVCHD قد يستغرق اكثر من ساعتين لتحضيره لأغراض التحرير. لكن اغلبية البرمجيات مثل "بيناكل" يمكنها تحرير AVCHD من دون أي تحويل، بل تختبر بدلا من ذلك فترات تأخير قصيرة في كل مرة يجري فيها تشغيل، او عرض المحتويات او محاولة تطبيق هذا التحويل.
ولكن لتحرير AVCHD بشكل سلس عن طريق اي من هذه البرمجيات ستكون بحاجة الى كومبيوتر بذاكرة عشوائية كبيرة جدا. واخيرا ينبغي عليك ان تفكر في المستقبل. افترض انك اشتريت على سبيل المثال قرصا صلبا، او جهاز كاميرا تسجيلية يعمل ببطاقة ذاكرة، وافترض ايضا انه لدى امتلاء البطاقة، او القرص، ينبغي عليك نسخ افلام السينما الى جهاز الكومبيوتر. ولكن ماذا بعد ذلك؟ لأنك لا تستطيع ترك هذه المحتويات على القرص الصلب الخاص بجهاز الكومبيوتر الى ما شاء الله، لانها تستوعب الكثير من السعة، كما ان قرصك الصلب الحالي لن يكون موجودا بعد 20 سنة من الآن. وحتى لو استمررت في شراء اقراص جديدة وكبيرة كل بضع سنوات، فهل انت متأكد انك قادر على ائتمان نسختك الوحيدة من افلامك المنزلية في اداة معرضة للأعطال مثل الاقراص الصلبة؟
* خزن الصور والحل الوحيد الرخيص الطويل الامد هو تسجيل هذه الافلام على اقراص "دي في دي" تلك المهمة المزعجة المستهلكة للوقت التي لا يمكن تأجيلها او التواني في أمرها. اما كاسيتات "ميني دي في" من الناحية الاخرى، فهي تؤرشف ذاتها بذاتها، فحالما يمتلئ الشريط يمكنك ان تزجه في الدرج. وبعبارة اخرى، فإن جميع محتويات الكاميرات التسجيلية تنتهي في نهاية المطاف، مسجلة على اقراص "دي في دي"، وهذا ما يمثل الاهتمام الاخير وهو "الادامة".
لكن لسوء الحظ لا احد يعرف بالضبط مدى بقاء اقراص "دي في دي" المسجلة ودوامها، فهي لم تكن موجودة منذ زمن طويل. ولكن استنادا الى عمليات محاكاة التقادم التي اجراها المعهد القومي للمواصفات والمقاييس والتقنيات التابعة للحكومة الاميركية، فإن قرص "دي في دي" المسجل عليه في المنزل، يمكنه ان يدوم لبضعة اسابيع (اذا ما ترك تحت اشعة الشمس المباشرة) الى عشرات السنين (اذا اقتنيت الاقراص الغالية جدا واحتفظت بها في علبها في مكان مظلم تحت حرارة منخفضة وثابتة وهكذا).
لكن الاشرطة لا تظل بالطبع كما هي عليه الى الابد. وفي جميع الاحوال عليك البقاء متيقظا، وان تقوم كل 10 سنوات باعادة نسخ الفيديو الخاص بك على اشرطة جديدة، او اقراص، او اي ما يجد في المستقبل من ادوات ممتازة للحفظ والتخزين. وهذا ما يقودنا الى السؤال الاكبر وهو ما الفائدة من الفيديو المنزلي؟ ولماذا نقوم بتصويره؟ ومن هم المشاهدون؟
بعض الناس يأملون ان يشاهد اطفالهم عندما يكبرون هذه اللقطات السينمائية، او ربما احفادهم. في حين يصور آخرون افلام فيديو كتسجيل قصير الامد، الهدف منه التشارك به في مواقع مثل "يو تيوب"، او كقرص "دي في دي" يجري تمريره على البعض. وكما اظهرت شعبية فيديو الهواتف ذات الكاميرات، فان الامر الاخير الذي يهتم به الناس هو الجودة والادامة الطويلة. وهذا ما يجعل بعض الناس لا يعيرون مشكلات الكاميرات التسجيلية الخالية من الاشرطة اي اهتمام، لان كل ما يهمهم هو الامر الملائم الذي يتغلب على كل شيء. الا انه يتوجب على الجميع ان يحتفظ بذاكرته بفوائد "ميني دي في" ككلفة الحفظ والتخزين والسعة والجودة والقدرة على تحريرها وأرشفتها. ان زوال الشريط وموته قد يكون امرا محتوما كجزء من دورة الطبيعة، لكن قد يكون رائعا ان لا تحن مثل هذه اللحظة حتى يصبح لنا بديل بمزايا متفوقة.
|