علي ناجي الرعوي* -
الثورة .. ودعاة الباطل!!
جميعنا يدرك أن انتصار الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر هو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر على الإطلاق ، فقد أكد شعبنا من خلاله على أن اليمن ليست مجرد ساحة جغرافية لعوامل الكبت والاستبداد والاستعباد ، بل إن هذه الأرض هي قاعدة من قواعد الفكر المتحرر ومنطلق من منطلقات الحرية والتطور، وكيان حضاري يرفض الضيم والعبودية والامتهان.
- وما يحسب لأولئك المناضلين الشرفاء الذين وهبوا حياتهم رخيصة من أجل صنع تلك المعجزة أنهم التقطوا اللحظة التاريخية الحاسمة لصنع ذلك التحول التاريخي العظيم.
- ولم يكن بوسع هذه النخبة الثائرة أن تحدث كل ذلك التغيير وتلك العلامة الفارقة في التاريخ اليمني دون الأداء المتوائم مع وحدة الأرض والإنسان والمصير ووحدة الأهداف والغايات.
-وهم بتلك الملحمة جسدوا الحقيقة الثابتة من أن إنسان هذه الأرض لم يجد نفسه يوما مجزأ الفكر والانتماء كونه يستمد مقوماته العقدية والثقافية والتاريخية والاجتماعية من مضمون ثابت وراسخ لا يتزعزع ولا يلين.
- ولكي تظل ثورتنا اليمنية الخالدة متوهجة فإنه يحسن بنا أن نستلهم من مبادئها السامية ومسارها المتجدد ما يبعث فينا روح المثابرة لبناء حاضرنا ومستقبلنا بإرادة واعية ومستوعبة حقيقة التحديات التي تمر بها المنطقة والعالم في هذه المرحلة الحساسة التي يبدو فيها العالم العربي بأسره مستهدفا ومعرضا لمشاريع وسيناريوهات خبيثة لا يعلم مداها سوى الله سبحانه وتعالى .. مما يعني أننا مطالبون أحزابا وأفرادا ومواطنين بتعزيز تماسك الجبهة الداخلية وصيانة ثوابتنا الوطنية من كل المحاولات الظاهرة أو المستترة .. ولا نظنه إلا خيارا وحيدا وعلينا التعامل معه بمسؤولية وطنية ونكران للذات.
وتتضاعف أهمية هذا الخيار في ظل ظهور بعض الاندفاعات التي تستغل مناخات الديمقراطية لزرع الشقاق وبذر الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد.
- فبالقدر الذي يكون فيه التنوع في الرؤى والتوجهات أمراً طبيعياً في ظل الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية.. فإن التعامل مع هذا التنوع ، إذا ما تجاوز المعايير والضوابط الأخلاقية والقانونية والتشريعية والقيمية التي تصون وتحمي قواعد الاختلاف من الانتهازيين والمصلحيين والحاقدين على هذا الوطن ، يصبح نوعاً من العبث ووسيلة إضرار أكثر منه مبعثاً وحافزاً على التنافس الخلاّق من أجل المزيد من العطاء وتقديم الأفضل الذي ينعكس بأثره الإيجابي على الوطن ونهجه الديمقراطي..
وتدلنا هذه المعادلة على أن هناك بوناً شاسعاً بين عامِلَيْ الاختلاف والخلاف.. فالاختلاف هو ما يجد فيه كل إنسان فرصته للتعبير عن آرائه وأفكاره ووجهة نظره حيال مختلف أوجه الحياة، وصولاً إلى إثراء الواقع بالاجتهادات التي يتنافس فيها الجميع من أجل خدمة الناس ، فيما يمثل الخلاف أداة تدميرية تحركها نوازع التعصب وحب الذات.
- ولأن الفاصل بين الخلاف والاختلاف خيط رفيع فإن هناك مع الأسف من يسعى لخلط الأوراق بهدف الإضرار بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي.
- ولعل ذلك يقتضي من كافة الأطراف الحزبية والسياسية استشعار خطورة الانسياق وراء تلك المخططات التي تحاول الانحراف بالعملية الديمقراطية وتحويلها إلى وسيلة للعبث والتخريب والفوضى.
- وبالتالي فإن من الواقعية أن نحرص على تفويت الفرصة على كل من يريد بوطننا سوءا أو يسعى إلى استهداف أمنه واستقراره والإضرار بمصالحه ، فالوطن وطننا جميعا ، وعلينا ألا نسمح لأي حاقد أو مأزوم أو مأجور بالتطاول على مبادئ ثورته الخالدة وإنجازاته وتحولاته العظيمة.
ومن شذ شذ في النار..
*رئيس تحرير صحيفة الثورة