حسين علي حازب* -
الوحدة هي التي أعادت الحقوق والاتهامات لا تسقطها
منذ قيام ثورة (26) سبتمبر 1962م، وثورة (14) أكتوبر 1963م، ومنذ الاستقلال في 1967م، وحتى قيام الوحدة اليمنية يوم (22) مايو 1990م كانت هناك أحداث دامية وخلافات سياسية وانقلابات ونفي إلى خارج الوطن، وتأميمات بقانون وبدون قانون في الشطرين.
وكانت نتائج تلك الأحداث ضياع حقوق مادية ومعنوية ومصادرة للحريات بشكل مخيف ومسفِّ، ونفي إلى الخارج وتهجير داخلي وخارجي، وتفريق بين الأسر، بلغ حدا مأساويا.
وكان كل منتصر في أي حدث أو منقلب على من قبله لا يبقى ولا يذر، من حقوق من قبله شيئاً متجاوزاً من هو في موقع المسئولية وتم طرده أو الانقلاب عليه، إلى أسرته وإلى صهوره ومعاريفه، ,إلى من جمعه به مقيل القات في يوم من الأيام، أو حتى تلفظ باسمه.
كل ذلك حصل بعد كل حدث في الشمال أو الجنوب ابتداءً بطرد السلال -وهو قائد الثورة في صنعاء -ومصادرة حقوقه، وأحداث (68) في صنعاء وما حصل لرجال ذلك الوقت، وسجن قحطان الشعبي، وفيصل عبداللطيف الشعبي أو مصادرة حقوقهما وهما من قادة هذا الوطن وأبطاله. وصولاً إلى الرئيس سالمين وقتله وقتل رفاقه والاستيلاء على كل ما له صلة بهم، ومصادرة حقوقهم ومستحقاتهم، ثم طرد القاضي الإرياني والانقلاب عليه وقتل الرئيس الحمدي ثم الرئيس الغشمي، ثم طرد عبدالفتاح إسماعيل ونفيه، ومن ثم عودته وصولاً إلى (13) يناير 1986م الدامية بين الرفاق، لقوم المنتصر بمصادرة حقوق كل رفاقه المادية والمعنوية ويهجرهم داخلياً وخارجياً.
كل ما سبق من أحداث يا قوم كانت سبباً في ضياع الحقوق لأبناء الوطن ومناضلين من إخوانهم في الوطن والنضال، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا الرئيس علي عبدالله صالح لأنه لم ينقلب على أحد والسلطة سعت إليه، ودليلي في ذلك -حتى لا يقول أحد أني مجامل -أنه قبل الوحدة، أعاد الاعتبار والحقوق المادية والمعنوية لقادة الثورة السلال، الإرياني، العمري، البيضاني، النعمان، والسلاطين ،..إلخ.. وأعاد الاعتبار لمن قتلوا في أحداث (68) وفي مقدمتهم المناضل القائد عبدالرقيب عبدالوهاب ، وكذلك مواقفه من النازحين بعد أحداث (13) يناير 1986م ، حيث استقبلهم كأبناء لهذا الوطن، ولم يعملهم في معسكر لاجئين بل انخرطوا في وظائف الدولة المدنية والعسكرية.
وكل ما عدا ذلك من الحقوق الضائعة بسبب الأحداث، كانت في خبر كان، وما كان لها أن تعود، لو استمر التشطير مطلقاً، حتى جاءت الوحدة المباركة فعاد الناس إلى وطنهم وكان من نتائج التوحد، دفن الماضي بمآسيه وإلغاء ملفات الماضي، عدا ملف واحد وهو ملف الحقوق المدنية، والمعنوية من مرتبات وأراضٍ ومنازل، وتم علاج كل الجروح واستيعاب الجميع وظهر حق كان ضائعاً على الناس جميعاً، سواءً كان طرفاً في حدث أو لم يكن طرفاً، إلا وهو الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الرأي والكلمة والمشاركة الشعبية في الحكم من خلال الأحزاب وتكوينها والتنافس على البرلمان والمجالس المحلية.
كل هذه الحقوق الخاصة والعامة ما كان لها أن تظهر وما كان لها أن تستمر لولا الوحدة المباركة .. ألستم معي في ذلك أيها الحزبيون والسياسيون؟
ثم جاءت أحداث 1994م بعد الوحدة، ولأجل الوحدة، تم العفو والصفح والمسامحة واتسعت اليمن لأبنائها بسبب الوحدة، ولأجل الوحدة وحفاظاً على الوحدة.
وحصلت أخطاء في إصلاح نتائج حرب 1994م، نعترف بذلك، وهي أخطاء لا أعتقد أن كلها أو مجملها مؤسسي وسياسي ولكن أغلبها، وما هو مؤلم لنا كان فردياً ونتيجة لأطماع الشخصية أو عدم الشعور بالمسئولة، أو نتيجة المعلومات الخاطئة، والقاصرة، ولوجود مرضى نفوس، فهذه دولة والحجم كبير ولا بد من الأخطاء.
فما الذي دعا من رَكِبَ موجة المطالبة بالحقوق للمتقاعدين والأراضي أن يرفع شعارات ضد الوحدة وضد السلام الاجتماعي وهو يعرف والكل يعرف،، و(المهابيل) يعرفون أن التمزق سيضيع هذه الحقوق ويضيع غيرها،، بل ويضيع بلداً بحالها وهو اليمن؛ اليمن الموحد الكبير؟
وما الذي دفع البعض ممن قصروا في أعمالهم أو بأيديهم حل كثير من هذه المشاكل أو كانوا سبباً فيها، أو لهم مصالح في عدم الحل.. ما الذي دفعهم ويدفعهم، لأن يقولوا لمن طالب بحقه أو أرضه أو اعترض على تصرف خاطئ هنا أو هناك؟ .. ما الذي دفعهم لأن يقولوا له " انفصالي" أو " حوثي" أو .. أو من التهم التي أصبحنا نسمع بها هنا وهناك؟!
فمثلما تضايقنا كلمة "شمالي، جنوبي"، زيدي، شافعي، بكيلي..الخ" من هذه المسميات الضيقة لزم أيضاً أن تضايقنا كلمة " انفصالي" أو حوثي لمن طالب بحقه أو اعترض على مظلمة بصورة قانونية حتى لو كان جاداً في مطالبته.
وكل قول لا يمس الوحدة ولا يدعو للتمزق علينا قبوله والتعامل معه وفقاً للقانون، وعلينا تقع مسئولية تاريخية كل في موقعه، وبحسب أهميته أن يرسخ ثقافة الوحدة الوطنية، ونبذ كل ما يثير العواطف أو يصنف الناس إلى وطني وغير وطني، وحدوي وانفصالي.
والقانون مرجعنا والدستور، وما يلزم إصلاحه نتحاور فيه تحت سقف الوطن والوحدة.
وأقول للإخوة في اللقاء المشترك وغير المشترك من الأحزاب وفي المؤتمر الشعبي العام ولقائدنا ورئيسنا رئيس اليمن ورئيس الأحزاب كلها، وهم يلتقون يومنا هذا، إن عليهم جميعاً مسئولية تاريخية في الاتفاق على أن الوحدة هي التي أعادة الحقوق، وأن المطالبة بالحقوق أمر مشروع، ولا يتهم من طالب بحقه بشيء، وعليهم أن يدركوا جيداً أن الحلول الترقيعية والموسمية والصفقات من الآن وصاعداً أخطاء قاتلة، لأنها بذلك لا تحل مشاكل الوطن الحقيقية واليومية وإنما تحل مشاكل قيادات الأحزاب وأرباب المصالح، وأن الناس سئموها، وأن الحلول الدائمة والناجحة والتي ستقضي على كل المشاكل وتحصن المواطن ضد الأعداء والمتآمرين هو التعاون على بناء دولة النظام والقانون دولة المؤسسات، وأن القوانين هي المرجع في كل شيء- دولة الإدارة الحديثة المنظمة دولة المساواة في الحقوق والواجبات، دولة الثواب والعقاب، ومساءلة الوزير قبل الغير.
وهذه مسئولية الجميع بدون استثناء والمؤتمر يتحمل النصيب الأكبر، لكن حتى لو كثر نصيبه في المسئولية فإن أهمية ما بقي من المسئولية على الأحزاب، تساوي ذلك لأننا جميعاً موجودون في السلطة وفي مفاصلها، ودليل ذلك تطبيق النظام والقانون بصورة شاملة وكاملة في أحد المرافق سوف يظهر للجميع أن من دخل هذا المرفق هو من جميع الأحزاب.
وبالتالي فإن المرحلة تقتضي أن نعترف بالواقع والحقائق، وصدقوني في نهاية هذا المقال المتواضع إن عامة الناس والأميين يرون ذلك ويقولونه، وأن عامة الناس أحياناً أكثر ذكاء وفطنة وعلينا جميعاً أن نستغل ونستثمر الصفقات الطيبة والحميدة والقيادية التي يتمتع بها رئيسنا على عبدالله صالح، استثماراً من أجل الوطن وليس من أجل الذات وربنا يحرس اليمن من كل الدسائس ويصلح شأن الجميع، والله من وراء القصد.
*عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
*نقلاً عن الشارع