المؤتمر نت- نبيل عبدالرب العواضي. - الصحفي والمصدر الأمني ..في ملعب أي منهما تقع الكرة؟(الحلقة الثانية)
المعلومة الأمنية،من أهم المعلومات التي تتسابق الوسائل الإعلامية لاقتنائها ونشرها، ربما لأنها غالباً ما تكون مثيرة ولها بعدها في الارتباط بحياة الناس، واكتسبت بعدا سياسيا في بعض أنواعها بعد ظهور الإرهاب كمصطلح واسع التداول دولياً ومحلياً. وهذا ما يجعل للمعلومة الأمنية نكهتها الخاصة بيد أنها تظل نقطة تجاذب بين رغبة الصحفي في النشر وتحفظ مصدر المعلومة الأمني ولكلٍ مبرره المهني. وبين رغبة الصحفي وتحفظ المصدر تبرز مشكلة عدم التوافق بينهما..
المؤتمر نت.. بادر إلى استطلاع رأي الجانبين في هذا الموضوع طارحاً السؤال حول توصيف هذه العلاقة؟ وأسباب هذا التوصيف رغبة في خلق مساحة حوارية بين الطرفين.. إلى الاستطلاع:
غياب العمل المؤسسي
من جهته الصحفي علي الثلايا – مدير تحرير مجلة "الموقف" يجعل من مبدأ الحيطة، والحذر أساساً لقيام العلاقة، ومنطلقاً لتبادلها، ويصفها بأنها هشة يشوبها تهرب المصدر، ومراوغته، ويعتريها توجس الصحفي من عواقب النشر خصوصاً في ظل الظروف الراهنة التي لا تحمي للصحفي حقاً واحداً من تلك الحقوق التي يتمتع بها صحفيو المجتمعات المتقدمة.
ويواصل الثلايا بالقول أنه لا الصحفي يستطيع أن يمارس عملاً مهنياً محايداً، وأميناً، ولا المصدر الأمني –أيضاً- يمكنه أن يقدم شيئاً دقيقاً ذي فائدة يستند عليها الصحفي في تحليلاته، وتناولاته، ويعزو الثلايا ذلك إلى افتقاد المؤسسات برمتها إلى العمل المؤسسي المنظم الذي تتحد بموجبه المسئوليات، والاختصاصات.
محاذير وفضول عارم
يوجه الصحفي صالح البيضاني بدوره انتقاده للجانبين قائلاً أن المصدر الأمني لا يزال يقبع تحت تأثير الشمولية، ولم يبلغ من الشفافية ما يتمناه الصحفي، كما أن التقاليد الصحفية ليست من الرسوخ بمكان يؤهلها للتعامل مع المصدر الأمني.
ويضيف أن المصدر الأمني سيظل أمنياً، ويظل الصحفي عاملاً للإزعاج، وفيما يحكم (الأمني) الكثير من القيود، والمحاذير، والاعتبارات، لا يحكم الصحفي شيء سوى فضوله العارم،وبحثه عن السبق الصحفي حتى وإن كان ذلك السبق سينعكس سلباً على خصوصيات أمنية واجتماعية وسياسية.. وينصح البيضاني الصحفي بألا يتوقع الكثير من المصدر الأمني، وان يبحث عن مصادره الخاصة، طالما والمصدر المسئول لم، ولن يشبع تعطشه الدائم لكشف الحقيقة كاملة.
علاقة تكامل
أما الصحفي سامي الشاطبي فيصف العلاقة بالتكاملية، ويعتبر أن علاقة الصحفي بالمصدر الأمني في اليمن مؤسسة على ثلاث قواعد هي:
قرب الصحفي من المصدر ، وليس من أصحاب القرار، وثقة المصدر بالصحفي، وثانياً عوامل الصداقة، والقرابة بين الجانبين. أما القاعدة الثالثة فهي متابعة الحدث؛ حيث أن بعض الصحفيين برأي الشاطبي ينشرون أخباراً منسوبة إلى مصادر أمنية، بينما هي تحليلات يضيع تصريح المصدر الأمني في زحمتها.الآخر يتكلم .. وندوة قادمة
انتقلنا إلى الضفة الأخرى في العلاقة واضعين على منضذة العميد/ علي منصور الشميري مدير عام العلاقات العامة بوزارة الداخلية رؤية الصحفيين حول الموضوع، فافتتح حديثه بالقول: نحن نحب العلنية، ولا توجد علاقة عداء بالصحافة، بل على العكس من ذلك نحن في حالة سلم مع الصحافة والإعلام ونوعي الناس بقدر المستطاع، مستشهدا بإصدارات" الحارس" و" الحراس " عن العلاقات العامة بوزارة الداخلية.
ويرى الشميري أن تحفظ المصدر الأمني أحيانا على المعلومات يرتبط بأسباب مهنية، فهناك معلومات يؤثر الإعلان عنها قبل وقتها السير في إجراءات التحقيق، بل وأحيانا ضياع خيوط القضية من رجل الأمن وكما الصحفي مدفوع بأسباب مهنية في عمله فعليه أن يقدر للمصدر الأمني أسبابه المهنية أيضا. مؤكدا أن النشر حول قضية ما لم تستكمل قانونيا يعد عقوبة في حد ذاته، لأن المشتبه أو المتهم برئ حتى تثبت إدانته بشكل قاطع، إلا أن بعض الصحفيين يستعجلون النشر بدافع السبق الصحفي مما يؤثر على حق المتهم في عدم التشهير به.
ويتابع الشميرى بالقول: أننا عندما نحافظ على القضايا فإننا نحافظ على حقوق الناس فالمسألة تتعلق أيضا بجانب حقوق الإنسان.
ويسوق سببا آخر يجعل رجل الأمن متحفظا على بعض المعلومات هو حماية رجل الأمن لنفسه نظرا لأن مجتمعنا لازالت تحكمه تقاليد قبلية قوية.
وبالنسبة للمعلومات الأمنية ذات الطابع السياسي يشير الشميري أن الوزارة تصدر تصريحات حولها أو تعقد مؤتمرات صحفية.
وعن عدم وجود ناطق أمني واضح يلجأ إليه الصحفي لاستقاء المعلومات منه يؤكد الشميري أن هذا لا يعفي ولا يبرر للصحفي تجاوز الأخلاق المهنية للعمل الصحفي في توخي الدقة والموضوعية، كما التاجر لا يبرر له عدم وجود السلعة السليمة الترويج لسلعة فاسدة.
ويضيف الشميري قائلا أن الصحافة في بلادنا في طور النشوء ، ومازالت بحاجة لوقت تتكيف فيه مع القيم الصحيحة للحياة الديمقراطية، ملمحا إلى أهمية أن ينمو الصحفي نموا متوازنا مع المؤسسات الأخرى في المجتمع، فليس من المنطقي بحسب الشميري المطالبة بحرية صحفية كما في البلدان العريقة ديمقراطيا بينما مؤسسات المجتمع الأخرى تعاني التخلف.
ويختتم الشميري حديثه بالكشف عن أن إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية تعتزم تنظيم ندوة موسعة بداية العام القادم تستضيف فيها منظمات المجتمع المدني لمناقشة مثل هكذا مواضيع.
|