كلمة الرياض -
قمة التفاعل الناجح..
بيان قمة الدوحة الخليجية جاء متطابقاً مع الآمال الوطنية، لأن إطلاق السوق المشتركة، يعكس الواقعية الصحيحة، حيث إنه لا توجد خطى لوحدة إيجابية ما لم تبدأ من الاقتصاد الذي يعتبر الركيزة لعلاقات حكومية وأهلية ترتفع، مع الزمن، إلى وحدة سياسية، أو اتحاد..
الدول الأعضاء تملك إمكانات اقتصادية كبيرة قياساً لمن هو بمستواها، وطالما الفرص القائمة تحتاج إلى استغلالها برسم خطط عليا ومتوسطة ودنيا، تشمل جوانب احتياجات هذه الدول، فإن تخطي العقبات بميلاد هذه السوق يعطي أملاً بسد فجوات كبيرة..
فهناك دول لديها فائض سكاني، وبطالة قد تكون مفتعلة أو نقص في الكوادر التي تحتاجها سوق العمل، وهناك دول تعيش خللاً ديموغرافياً بسبب العمالة الأجنبية، وإذا ما وضع التعليم بكافة اختصاصاته وتوجّه إلى هذه الطاقات على مستوى كل الدول، ومن خلال تأسيس منظومة تربوية تراعي مختلف الاحتياجات، فإننا سنسد الكثير من الثغرات، ولنؤكد على قيام أول تكامل حقيقي في بنيتنا الشعبية، وكما أن العوائق السابقة لرسم خطة سوق واحدة خلقتها ظروف نفسية وسياسية، واعتبارات اجتماعية وأمنية، فإن نضج المواطن الخليجي والذي نراه متصاعداً في الاستثمارات البينية، يؤكد أن تلك الحساسيات طارئة، وليست ثابتة، ثم إن المفهوم الاقتصادي الحديث استطاع أن يجمع أوروبا التي لا تمتلك المميزات التي تؤكد على وحدة دول الخليج، ومع ذلك استطاعت أن تقلب المعادلات وتغيّر المفاهيم..
فبدلاً من الحروب والتنافس على الأسواق، وصعوبة خلق هوية قارية واحدة تأكدت أن الضرورات وحدها هي التي رسمت السوق الأوروبية المشتركة ثم توحيد العملة للعديد من دولها، والدول الأعضاء في المجلس، وإن لم تصل إلى النضج الاجتماعي والسياسي الأوروبي، إلا أن خطوتها الجديدة، تجعلها النموذج الأوفر حظاً في النجاح عربياً وإسلامياً لتوافر العديد من الإمكانات..
هناك نقاط كثيرة في البيان تحتاج إلى تحليلات متواصلة، لكن إشارة مهمة لبحث تكامل أمني تعد شيئاً لازماً لأنه بدون تقوية الهياكل القائمة عسكرياً وترسيخ مفهوم التعامل مع دول الجوار لقيم السلام لا يمنع وجود الحصانة الذاتية لدول المجلس، ولعل تخطي مفهوم الإقليمية الضيقة وجعل اليمن همّاً خليجياً من خلال تبني مشاريع استراتيجية كبيرة، يعتبر واجباً وليس (فزعة) لأن هذا البلد اللصيق والشقيق يعتبر الاحتياطي المهم بشرياً وأمنياً، وبالتالي فوضع خطط طويلة لرفع مستواه الاقتصادي والاجتماعي هي قيمة متواصلة حتى يمكن تأهيله لعضوية كاملة في المجلس الخليجي..
مشروع التعاون مع إيران عامل مهم، والطروحات التي قدمها في خطابه الرئيس أحمدي نجاد تحتاج إلى تفعيل من خلال العوامل التي ترتكز على الثقة، لأن إيجابيات الحوار، وطرح خطط اقتصادية وأمنية مشتركة لابد أن يخضعا لتحليلات دقيقة وعقلانية، وبعيدة عن أي مؤثرات أخرى، وهي آمال لابد أن نعيشها جميعاً بدلاً من لعبة السياسة وتسويفها..