افتتاحية 26 سبتمبر -
معارضة الوطن
النهج الديمقراطي في تعبيره التعددي والحزبي نهج اخذ به اليمن كخيار وطني مع اشراقة فجر ال22 من مايو الاغر 1990م فكان الرديف لمنجز الوحدة العظيم والاساس للبناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة.. ومنه استمدت الحياة السياسية ديناميكيتها وحراكها الواسع فاتحة امام الاحزاب فضاءات حرية الرأي والتعبير والتداول السلمي للسلطة ،عبر انتخابات حرة وتنافسية في مناخات من الشفافية والنزاهة..
وكان من المؤمل ان يقابل هذا النهج بتعاط مسؤول من شركاء الساحة السياسية الوطنية، يستوعب اهداف الخيار الديمقراطي الذي يستوجب من الجميع التلاقي على استراتيجية نهوض وبناء اليمن الجديد لتبقى ساحة التباين والاختلاف على تكتيكات بلوغ هذه الغاية المعبر عنها في التنافس البرنامجي للأحزاب والتي تقدم نفسها للشعب من خلال رؤيتها للنهوض بالوطن وتحقيق تطلعات ابنائه وامانيهم في الرقي والتقدم والازدهار.
وهو ما استوعبه الحزب الحاكم - المؤتمر الشعبي العام - مجسداً ذلك على ارض الواقع سلوكاً وممارسة من منطلق الفهم الواعي والاستشعار العالي للمسؤولية تجاه الديمقراطية كوسيلة بناء وتطور سياسي واقتصادي على قاعدة راسخة من الامن والاستقرار.. مكتسباً بذلك ثقة المواطنين طوال السنوات الماضية للتحولات الديمقراطية وفي كل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية والمعبر عنها في نتائج صناديق الاقتراع..
ومثل هذا الفهم للديمقراطية في مضامين معناها التعددي، هو ما كان منتظراً من بعض الاحزاب والقوى السياسية في المعارضة مع تسليمنا بالتباين والاختلاف في الرؤى والتصورات التي تعكسه في برامجها التي على اساسها تقدم نفسها للشعب لتبقى الوجه الآخر للسلطة تؤدي دوراً موازياً ومكملاً لدورها ومن خلاله تسهم في عملية التنمية ومسيرة البناء وان كان من موقع مغاير يتمثل دور المعارضة الحقيقية في أي نظام سياسي ديمقراطي.. مقومة اي اعوجاج في المسارات التنموية ومبينة أي اختلال او قصور او اخطاء قد تحصل هنا وهناك لاسيما وان مساحة النقد البناء والهادف لا حدود لها ما دامت محصلته تصب في مصلحة الوطن وخير المواطن..
معارضة كهذه لاتكتفي بالنقد وتبيين مكامن الاختلالات واسباب الصعوبات والمشاكل التي قد تنجم عنها ولكنها ايضاً تسهم في تقديم الحلول والمعالجات وصولاً الى وضع البدائل الموضوعية والمنطقية .. عندها سوف تحظى بتقدير الشعب قبل السلطة.. وستكون في الساحة السياسية منافساً حقيقياً يحسب له الف حساب.
لكنها اختارت الطريق الصعب، وتفسير ذلك حمال اوجه فربما مرجعه الى طبيعتها الشمولية وحداثتها بالديمقراطية او ربما يعود الى قوة العادة بممارسة السياسة في ظروف العمل السري القائم على فكر المؤامرة، مبقية على هذا الفكر في ظروف العلنية فلم تستطع ادراك ان عليها ان تتغير وتغير اساليب عملها وفقاً لشروط الديمقراطية التعددية.. ومن الطبيعي في حالة كهذه ان تبقى معولاً للهدم جل ما تقوم به هو التحريض على الفتن واشعال الحرائق وخلق المشكلات وإقلاق امن واستقرار الوطن وطمأنينة وسكينة المواطن.. مستهدفة وضع العراقيل والصعوبات امام الجهودالمخلصة لتحقيق النهوض.. والتنمية الشاملة.. في حين كان المنتظر منها ان تكون عاملاً ايجابياً معززاً لدور الدولة والحكومة في هذا الاتجاه، وهو ما افقدها ثقة الشارع ونفوره منها..
لذا نقول لهؤلاء «المعارضين» ان عليهم ان يمعنوا النظر فيما هم فيه ويعيدوا حساباتهم بتجرد ومسؤولية بعيداً عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة وعندها نحن واثقون من انهم سوف يصلون الى ان مصلحتهم مرتبطة بمصلحة هذا الوطن وسيدركون ان تحديات التنمية وبناء الغد الأفضل يتطلبان ويوجبان مشاركة كل ابنائه دون استثناء.. لان كل ما يتحقق من نجاحات وانجازات ليست ملكاً لهذا الحزب او ذاك ،انما هي للوطن اليمني وللشعب واجياله القادمة وهكذا تتحول من معارضة للوطن الى معارضة من اجل الوطن وأبنائه في الحاضر والمستقبل.