المؤتمرنت - الشرق الاوسط - جيل من المليونيرات مهمتهم تخفيف عبء الفقراء ابتسم اغنى رجل في تركيا وسيارته بي ام دبليو المصفحة محاصرة في زحام الطريق.
ومنذ عام 2000 انفق حسنو اوزجين اكثر من 50 مليون دولار من ماله الخاص لبناء 36 مدرسة ابتدائية واسكان طالبات في افقر احياء تركيا. ويعتبر اوزيجين، بعد الحكومة التركية اكبر فرد مؤيد للمدارس في تركيا. وذكر مسؤول في وزارة التعليم ان نصيبه في السوق يتزايد. ورد عليه في حديث هاتفي، بصوته الاجش، «ليس الامر سيئا. اذا ما امكني التأثير على مليون تركي في السنوات العشر القادمة سأكون سعيدا».
لقد خلق الازدهار العالمي في تكوين الثروات جيلا جديدا من المليارديرات في دول كانت في يوم من الايام فقيرة مثل تركيا والهند والمكسيك وروسيا. وقد نجح هؤلاء بسبب اقتصاد بلادهم المتزايد وعملاتهم القوية وشركاتهم التي تتنافس عالميا من تحقيق انجازات في البورصات المحلية وصلت الى مستويات لم تكن موجودة من قبل في فترة خمس سنوات. والان يستخدم عدد منهم ثرواتهم لدعم مواقفهم والعمل من اجل تغييرات اجتماعية. ورجال الاعمال هؤلاء الذين حققوا ثرواتهم التي تقدر بالملايين في صناعات مثل الاتصالات والبتروكيماويات والتمويل، يبتعدون تماما عن جيل ماض من المليارديرات، معظمهم له علاقة بنفط الشرق الاوسط او ملكية اراض قيمة. ولم يصبحوا اغني الاشخاص في بلادهم بل من بين اغنى الاغنياء في العالم.
وفي الوقت الذي اعتادت فيه تلك البلاد على فروق كبيرة بين نخبة صغيرة من الاثرياء وجماهير فقيرة، فإن النخبة الجديدة تشارك بعض الصفات مع نظرائهم في الولايات المتحدة. ومثلما استخدم مليونيرات من الماضي مثل روكفلر وكارنغي ومورغان ثرواتهم في اعمال خيرية لتحسين صورتهم ـ وكما يفعل الجيل الحالي من المليارديرات في الولايات المتحدة من امثال بيل غيت وسانفورد ويل فإن المليارديرات المحليين في الاسواق الناشئة يحاولون القيام بنفس الشيء.
أعمال خيرية عالمية
* تعهد كارلوس سليم حلو رجل الاعمال المكسيكي في مجال الاتصالات الذي تصل قيمة ثروته الى 50 مليار دولار بمليارات الدولارات الى الصندوقين الخيريين اللذين اسسهما لتقديم المساعدات في مجال الصحة والتعليم. وقدم رومان ابراموفيتش اغنى رجل في روسيا وقيمة ثروته 18 مليار دولار، مليار دولار في منطقة تشوكوتكا في القطب الشمالي التي اصبح حاكما لها، لبناء المدارس والمستشفيات.
وفي الهند اسس ازيم برمجي رئيس شركة ويبرو للبرامج الالكترونية وقيمته 17 مليار دولار مؤسسة خاصة به تدعم التعليم الابتدائي. وتجدر الاشارة، الى انه في الوقت الذي لا تزال فيه تلك الثروات في مرحلة التطور فإن المبالغ التي تم التبرع بها صغيرة نسبيا في ضوء الاحتياجات الاجتماعية لتلك البلاد. وتقول جين ويلز رئيس منتدى الاعمال الخيرية العالمي «ان ما نراه في تلك البلاد هو ظهور مجموعات من الاشخاص من القطاع الخاص لديهم ثروات هائلة يهتمون اهتماما كبيرا بأعمال خيرية ذات طبيعية استراتيجية.
صعود غير تقليدي
* وفي تركيا لم يحقق اوزيجين وهو في الثانية والستين من عمره ثروته البالغة 3.5 مليار دولار عن طريق شراء اصول حكومية رخيصة او بالانتماء الى اسرة ثرية تحتكر منتج ما ـ وهما من الطرق التقليدية لتحقيق الثروات في العالم النامي.
وقد استفاد اوزيجين مؤسس مصرف فينانسبانك من اهتمام المؤسسات المالية الاجنبية بالمصارف التركية في العام الماضي وباع حصة كبيرة في مصرفه الى البنك الوطني اليوناني وحصل على 2.7 مليار دولار نقدا. وهو يبذل كل ما في وسعه لرفع مستوى التعليم التركي في المدارس الابتدائية والجامعات.
ويعمل لمدة 11 ساعة يوميا، ليس بالضرورة من مكاتبه ولكن من سيارته او طائرته او قاربه، يفحص عملياته في اماكن بعيدة في تركيا وروسيا ورومانيا والصين. وقال اوزيجين «ان من الجيل الاول وهم ما يحقق رضا ذاتي لي. الوصول للقمة ليس سهلا، والبقاء هناك اكثر صعوبة».
وقد هاجر جد اوزيجين الى ازمير من جزيرة كريت في اواخر القرن التاسع عشر، خلال الفترة الاخيرة من الامبراطورية العثمانية. وكان والده طبيبا وقد انضم الى كلية روبرت وهي اكاديمية للنخبة في اسطنبول قبل ان يتواجه الى جامعة ولاية اورغون في عام 1963 ومعه الف دولار فقط.
وكان يلعب كرة سلة في الجامعة وترأس حكومة الطلبة، ولكنه حصل على درجات محدودة. وكانت مدرسة الاعمال في جامعة هارفارد حلما بالنسبة له. ولكنه حصل على المنحة وقال «يبدو انهم اعجبوا بقدراتي القيادية». وبعد ان حقق نجاحا في العمل في مجال المصارف اسس مصرفه الخاص فيناناسبانك عام 1987 وباع بيتيه وحصل على قرض قيمته 3 ملايين دولار لتمويل مصرفه. وكانت طموحات المصرف محدودة، وهي تقديم خدمات مصرفية الى الشركات التركية، وتراوحت حظوظ المصرف طبقا للاوضاع الاقتصادية التركية.
المنافسة
* وقد اقنعه تعامله مع اسواق جنوب شرقي اسيا والصين وروسيا الى حاجة الاتراك الى ان يصبحوا اكثر تنافسا في الاقتصاد العالمي اليوم.
ويشير الى الزيادة الكبيرة في طلبات الالتحاق بكلية الاعمال في جامعة هارفارد من الطلاب الصينيين والهنود. وقال ان تركيا، وهي دولة صغيرة، ترسل ما يتراوح بين 4 الى 8 طلاب سنويا.
وبالاضافة الى استثماراته في مجال التعليم العام، فلدى اوزيجين خطة لأنفاق ما يقرب من مليار دولار في 15 سنة قادم على جامعة خاصة يطلق عليها اسم جامعة اوزيجين. ومنذ بداية برنامجه لبناء المدارس في عام 2000 استكمل بناء 36 مدرسة ومسكن لايواء البنات بتكلفة تتراوح ما بين 400 الف دولار الى 1.8 مليون دولار. ويريد ان يتمكن من بناء 100 مدرسة بحلول عام 2010. وتجدر الاشارة الى ان تركيا بها اقل نسبة بنات بالنسبة للاولاد في التعليم الابتدائي والثانوي في أي دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تتطلب من اعضائها تحقيق حد ادنى من مستوى المعيشة والممارسات الديمقراطية.
وفي بلد يستمد الحزب الحاكم تأييده من نخبين يتزايد توجههم الديني من حيث المضمون الشكل فإن هدف اوزيجين بالاهتمام بالفتيات غير المتعلمات يثير حساسية ثقافية (ساعد عبر الجمعية الخيرية لزوجته في تدفع تكاليف محو الامية وبرنامج للتعليم في المناطق الفقيرة من البلاد). وهو مسلم ممارس ولكنه علماني من حيث المظهر، وهو يجس امال ومخاوف النخبة التركية في آن واحد، العديد منهم يؤيدون حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي قاد عملية تنشيط الاقتصاد التركي. ويأمل اوزيجين في ان يؤدي التركيز على التعليم كأداة للتنمية الاقتصادية.
التركيز على التعليم
* وعندما يزور اوزيجين مدرسة، يستقبله عادة العمدة المحلي وممثل من وزارة التعليم والعديد من الشخصيات المحلية. وزيارته، مثل اجتماعات العمل التي يعقدها سريعة ومباشرة، جولة عبر المدرسة وعديد من الاسئلة موجهة للمسؤولين عن المدرسة.
وفي مدرسة ابتدائية تحمل اسمه في منطقة عمالية في ضواحي اسطنبول يتجه الى فصل دراسي وفجأة يقفز الاطفال وقوفا ويحثهم على الدراسة.
وهناك لحظات حساسة ايضا. ففي مدرسة جديدة في قرية قريبة من حدود ارمينيا ترددت هتافات اكثر من 360 طالبا عندما توقفت زوجة اوزيجين وشقيقته وزوج شقيقته الذي يشرف على برنامج التعمير لزيارة المكان.
وبالنسبة لاوزيجين فإن كونه واحدا من اغنى الرجال في العالم ادى الى بعض الضغوط. فهو يتلقى العديد من الرسائل يوميا. بعضها يطلب الغاء الديون التي يدينون بها لبطاقات الائتمان الخاصة بمصرف فاينانسبانك.
ومثل العديد من الذين حققوا ثروات ضخمة يحاول اوزوجين تسجيل بعض النقاط.
فوران بافت اغنى رجل في العالم، ولكن اوزيجين قال ان ثروته زادت بطريقة اسرع. وقال «تركيبة ثروتي افضل من بافت، ولكن سجلي نصف سجله».
وهو ايضا معجب اعجابا شديد بجي بي مورغان. ولكنه يندهش مما تركه مورغان لابنه وابنته وزوجته والمرتب الذي منحه لقبطان يخته. ولكن اوزيجين يفتقر الى الشهرة على المستوى العالمي. وقال «اتبرع بـ 2 في المائة من دخلي الصافي شهريا. ولا اعتقد ان بيل غيتس يفعل ذلك».
|