عبدالعزيز الهياجم* -
نفاق «نوفاك»
تتبارى العديد من الصحف الحزبية والمقربة منها في نشر تقارير وكتابات على شاكلة ما دأبت عليه الكاتبة الأمريكية «جين نوفاك» والتي أصبح حضورها لافتاً في كثير من صحف المعارضة بشكل يوحي وكأنها أحد العناصر المكلفة بنفث السموم والاحقاد الدفينة تجاه اليمن لمصلحة قوى ودوائر أجنبية معادية لبلادنا ولتوجهات النظام السياسي الوطنية والقومية والإسلامية.
بعض أحزاب المعارضة وصحفها تتعاطى مع كتابات وتقارير «نوفاك» ومن يماثلها على أنه شهادة لها في مواجهة السلطة وأفعالها وإجراءاتها بينما هي في الحقيقة شهادة عليها وعلى توجهاتها المشبوهة أو على الأقل رؤيتها الساذجة التي لا تتحرى من هي جين نوفاك وماذا تريد؟ ولمن تعمل؟ وما علاقة التشابه في الطرح والأهداف التي تلتقي فيها كتاباتها مع تلك التقارير التي نطالعها بين حين وآخر في صحف حزبية وقريبة منها منسوبة إلى مراكز أبحاث ودراسات مغمورة جداً وبعضها ربما تحت التأسيس.
ولنفترض أن بعض من يقرأ هذه الكتابات سيختم بالقول: «بارك الله فيك يا أخت نوفاك» أو « عاشت جين نوفاك حرة عربية» أو ربما « لا صوت يعلو على صوت نوفاك».. فهل صحفنا هذه ومن يقف وراءها على درجة من السذاجة التي تجعلهم لا يفرقون بين الطرح الذي تستقيه نوفاك من طروحات المعارضة وبين الأهداف والنوازع التي تعبر عنها وتخدم مصالحها والتي هي بالطبع ليست اليمن ومصلحتها وليس سواد عيون قيادات المعارضة.
الذين يعرفون من هي جين نوفاك ويقرأون جيداً ما تركز عليه في كل كتاباتها يعرفون لمصلحة من تعمل، فهي تدأب بشكل رئيسي على إيجاد علاقة رابطة بين السلطة والنظام السياسي في بلادنا وبين الجماعات الدينية المتشددة وحتى المتطرفة، كما تحرص باستمرار على وصف القيادة السياسية اليمنية بالاستبداد والدكتاتورية وتشبيهها بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
هي لا يهمها اليمن وأمنه واستقراره ورخاء مواطنيه ولا يهمها دعم مواقف المعارضة وإنما هي أحد العناصر المكلفة بابتزاز النظام السياسي والضغط على القيادة اليمنية الحكيمة لمصلحة دوائر صهيونية تريد معاقبة اليمن ورئيسها على مواقف وطنية وقومية وإسلامية لا تروق لهذه الدوائر.
هذه الدوائر الأجنبية والصهيونية التي تعبر عنها نوفاك ومن في شاكلتها تحاسب النظام والقيادة السياسية الحكيمة بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح على الثوابت الوطنية والقومية المتمثلة في الرفض المطلق لرغبات وأجندة المتسترين باسم الحرب على الإرهاب لاستغلالها في محاربة الثوابت الدينية وقمع أي نشاطات للتيارات الدينية المعتدلة بل وحتى يريدون النيل من مناهج التعليم الديني وإن كانت في إطار الاعتدال والوسطية.
تلك الدوائر تحاسب اليمن وقيادتها على رفض عملية التطبيع مع اسرائيل كما فعلت كثير من الدول وعلى مواقف بلادنا تجاه التوفيق والتوافق بين الفلسطينيين بمختلف تياراتهم وهي أيضاً تعاقب اليمن على مواقفها تجاه القضايا القومية والإسلامية، وإلا ماذا يعني أن تشكك كاتبة مثل نوفاك في نزاهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الوقت الذي تابع فيه سكان المعمورة مباشرة الرئيس بوش وهو يخصها بالثناء والإشادة بصورة خاصة من بين كل التجارب التي شهدتها المنطقة.
وليدرك هؤلاء الذين يتغنون بشهادة نوفاك.. أن المطلوب من اليمن وقيادتها السياسية فقط أن تغير سياساتها تجاه الثوابت الوطنية والقومية والإسلامية وتجاه العلاقات مع إسرائيل.. وعندها سوف تسارع هذه الكاتبة وغيرها إلى كيل المديح والثناء على النظام والسلطة في اليمن وبأنها نموذج راقٍ للديمقراطية والحريات والرخاء الاقتصادي وأن رئيسها هو رجل سلام كرس حياته لخدمة قضايا السلام والتعايش في المنطقة وحمى بلاده من فوضى الجماعات الدينية.
وسوف تقول نوفاك حينها أن تكتل اللقاء المشترك هو عبارة عن خليط من المتطرفين الإسلاميين واليساريين والقوميين.
*عن الثورة