عبدالملك الفهيدي -
الإصلاح مع "جوانتانامو" ضد معتقلي اليمن
ليس ثمة من تفسير لذلك التناول الاحتفائي من قبل إعلام حزب التجمع اليمني للإصلاح ذي التوجه الإسلامي المعارض في اليمن بالحديث المنسوب للناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية حول عدم نية بلاده الإفراج عن معتقلين يمنيين في "جوانتانامو" سوى إنه كان من باب المكايدة السياسية لحكومة المؤتمر الشعبي العام.
كان يمكن للإصلاح وإعلامه أن يواريا سوءاتهما لو أن التعامل مع خبر (ناطق البنتاجون) تم بمهنية خصوصاً وأن ذلك الإعلام لم يتعامل مع خبر مساعي الحكومة اليمنية للإفراج عن (70) معتقلاً يمنياً في "جوانتانامو" .
إنه تعاطٍ يعكس صورة نموذجية لكيفية تغليب الموقف السياسي على المعايير المهنية بشكل يجعل من الصعب على المتابع أن يفرق بين "السياسة" و"الخساسة" -مع الاعتذار للقارئ على استخدام اللفظ الأخير -.
لقد كشف احتفاء الإعلام الإصلاحي بخبر ناطق "البنتاجون" أن المكايدة السياسية للمؤتمر وحكومته من قبل حزب الإصلاح تجعلك لا تستبعد أن تجد هذا الحزب وإعلامه ذات يوم يدافعان عن حق الولايات المتحدة في استمرار احتجاز الشيخ المؤيد ورفيقه زايد – المنتميان للإصلاح – والمحكومان بالسجن في الولايات المتحدة بتهم تمويل الإرهاب في حال نُشر خبر عن نجاح حكومة اليمن في الحصول على موافقة أمريكية بالإفراج عنهما.
وهنا يبدو من المهم تذكير "إخواننا في الله " والقائمين على إعلامهم بأن الحكومة اليمنية – قبل أن تكون حكومة مؤتمرية – حينما تطالب بالإفراج عن المعتقلين اليمنيين في "جوانتانامو" فإنها تقوم بما يمليه عليها واجبها الدستوري والقانوني الذي جاء نتاجاً لثقة منحت لها من الشعب.
ولاشك أن "إخواننا في الإصلاح " لا يجهلون حقيقة أن حكومة المؤتمر لو لم تكن تتعامل مع هذه القضية أو غيرها وفقاً لاعتبارات وطنية ودستورية لكان بإمكانها العزوف عن خوض مواجهة مع الولايات المتحدة بدعوى أن أولئك المعتقلين ذوي سوابق إرهابية،.
ولأن الذكرى تنفع المؤمنين، فقد يكون من المفيد تذكير الإصلاحيين ان هم يتناسون ذلك بان جميع المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" هم عناصر تتبع تيار الإخوان المسلمين في اليمن ( سابقاً – الإصلاح حالياً)،و أن تلك العناصر لم تكن لتصل إلى معتقل "جوانتانامو" لولا وقوف قيادات الإصلاح- التي لا داعي لذكر أسمائها هنا – خلف حشد أولئك الشباب وإرسالهم للجهاد في سبيل الله بأفغانستان والشيشان وغيرها.
ومع ذلك وغيره مما يمكن أن نذكرِّ به "إخواننا في الله" إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال خلق مبررات لحكومة المؤتمر للتقاعس عن واجبها الوطني في المطالبة بتسليمها مواطنيها المعتقلين في "جوانتانامو" كما هو الحال في واجبها بمتابعة مساعي الإفراج عن الشيخ المؤيد ورفيقه زايد.
ومن ناحية أخرى لا شك بأن اقتصار الإصلاح على الترويج لخبر البنتاجون الأمريكي بتلك الطريقة، هدف إلى إيصال رسالة للمتلقي مفادها إظهار عجز الحكومة اليمنية عن الوفاء بالمطالب الأمريكية بشأن معتقلي "جوانتانامو"، وفي هذه النقطة تحديداً -يظهر خبر إعلام الإصلاح وكأنه مصاب بشلل نصفي – لكِن من النوع السياسي – لأنه اعتمد على إبراز مطالب واشنطن، وفي المقابل أغفل متعمداً موقف اليمن من تلك المطالب.
لقد كان بإمكان الإصلاح أن يخفي أهدافه السياسية بإيراد موقف اليمن الذي عبّر عنه عديد مسئولين حكوميين وفي مقدمتهم الدكتور أبو بكر القربي - وزير الخارجية- الذي لم تكن تصريحاته بهذا الشأن تبعد سوى مسافة زمنية لا تتعدى الثلاثة الأيام-
وعلى ذات النهج تعمد إعلام الإصلاح إغفال أية إشارة لجهود الرئيس علي عبدالله صالح بهذا الشأن والتي كان آخرها مطالبته لواشنطن بتسليم اليمن معتقليها في "جوانتانامو" خلال استدعائه السفير الأمريكي في اليمن يوم أمس.
وبعيداً عن الخوض في طريقة الابتسار الذي تعامل به إعلام الإصلاح حتى مع خبر ناطق البنتاجون- يمكن المقارنة بين ما أورده موقع "الصحوة نت" وموقع "نبأ نيوز" لذات الخبر - تثار هنا تساؤلات عديدة أمام إخواننا الإصلاحيين من قبيل البحث عن الفرق بين المطالبة بالإفراج عن القياديين الإصلاحيين الشيخ المؤيد ورفيقه زيد، وبين المطالبة بالإفراج عن معتقلي "جوانتانامو".. وبين ذات المطالبة برفع اسم الشيخ الزنداني من قائمة المتهمين بتمويل الإرهاب، أليسوا جميعاً يمنيين ؟.
أم أن المكايدة السياسية والنكاية بالمؤتمر وحكومته تصبح مبرراً لدى الإصلاحيين للتعامل مع معتقلي اليمن "بجوانتانامو" وفقاً لأهواء سياسية ينحرف مسارها بنحو (180) درجة عن التعاطي مع قضية المؤيد وزايد، خصوصاً وأن الجميع كانوا – ولا يزالون – محسوبين على تيار الإخوان المسلمين: فكرياً وأيدلوجياً،حتى لدى الأمريكيين الذين كانوا ولا يزالون يرون في الحركات الإسلامية على شاكلة الإصلاح تنظيمات إرهابية، ومع ذلك فقد باتوا لدى إعلام الإصلاح أشبه بالإخوة في الله - فيما أصبح المؤتمر هو العدو اللدود لهم!