خالد الشيخ* -
الإصلاح بين سندان المشترك ومطرقة المحافظين
الكثير من القراء والمتابعين لماآل أليه التجمع اليمني للإصلاح ذي الإصول المحافظة والذي تعود عليه الكثير بأنه حزب الوطن وحزب الثوابت فما الذي دفع الإصلاح للخروج عن ذلك المنظور وعن تلك الصورة التي تعود عليها الجميع.
وهذا الكلام ليس محض إفتراء أو بلبلة إعلامية بل قراءة واقعية للمواقف والتصريحات الصادرة عن القيادات والشخصيات المنتمية للتجمع ومن أبرز المواقف التي خلقت وجهاً للإصلاح على سبيل التذكير وليس على سبيل الحصر 1- أحداث صعدة والتي تطور فيها موقف تلك القيادات من مرحلة السكوت المحايد إلى مرحلة التشفي وكأن ما يحدث في صعدة يخص الحزب الحاكم وليس لتلك الأحداث آثر على الشعب والوطن بل تمادت بعض القيادات لتحريف الحقائق وإضفاء بعض الشرعية على المتمردين في جبال صعدة بما يمكن وصفه بالرغبة في زج الحكومة في حرب تنهك عاتق الإقتصاد الوطني وتشغل الحكومة عن تطبيق برامجها التنموية والإصلاحات المالية والإدارية والتي سوف تستغلها تلك الإحزاب لتشويه منظور الحزب الحاكم وإلقاء اللوم على الشعب الذي منح حزب المؤتمر ثقته وبذلك تعزف على وتر الظروف الإقتصادية والأمنية لكسب أصوات الشعب في الإنتخابات النيابية القادمة 2009م وتحاول تلك القيادات رغم عدائها التقليدي مع الحوثيين وكذلك بعدم قناعتها بصحة موقفها هذا إلا أنها جعلت مصلحتها فوق مصلحة الوطن آخذين بقول المثل (مصائب قوم عند قوم فوائد) .
2-قضية المتقاعدين والتي ضربت شعبية التجمع اليمني للإصلاح بشكل كبير حيث أظهرت مواقف القيادات الجديدة فيه أوما يمكن تسميتها(يساريي اليمين )في الإصلاح والذين دفعوا بالتجمع للوقوف وبصراحة مذهلة مع دعاة ما يسمى(الجنوب) وقدكان من المذهل حقاً أن تسمع شخصيات قيادية في الإصلاح تتكلم عن حرب 94م أنهاإحتلال ونهب وانتهاك تسبب فيها الحزب الحاكم وكان من الغرابة بمكان أن المتحدث شخصية قيادية قادت جموع المجاهدين والمتطوعين في محور العند لحج ضد دعاة الردة والإنفصال
ويدرك ذلك الكثير أن لم يكن أبناء تلك المناطق فكيف يمكن تصور هذه التناقضات ولكن حقيقة هذه الشخصية أنه مهندس بارز في تكوين اللقاءالمشترك الذي جمع اليمين باليسار والديني باللاديني فكان لزاماًعليه أن يتراجع عن تلك الثوابت حيث المصلحة التي اجتمع عليها اللقاء المشترك هي مصلحة قيادات المشترك وليس الوطن .
وكأن هذه القيادات تقول ما كان حرام في المصلحة الوطنية صار حلالاً لبقاء المشترك وبالرغم من امتعاض ومعارضة التيار الديني والقبلي في الإصلاح لمثل هذه السياسات إلاأنه يبدو أن الإصلاحيين الجدد يبدو أكثر تأثيراً وأصحاب قرار .
ومن خلال هذين الموقفين يمكن أن نلاحظ حقيقة الصراع الداخلي في الإصلاح بين التيار القبلي الديني والذي يمثله الشيخان المرحوم /عبد الله الأحمر والشيخ/عبد المجيد الزنداني من جهة ومحمد قحطان والشيخ /حميد الأحمر والذين يمثلون الإصلاحيين الجددويمكن إبراز بعض تلك النقاط
1- موقف كل من الشيخ المرحوم/عبد الله الأحمر والشيخ /عبد المجيد الزنداني والتي تمثلت بالتمسك الكامل بالثوابت الوطنية وعدم الإنجرار وراء المصالح الحزبية حيث وقف الشيخان في الكثير من المقابلات الصحفية والتصريحات ليقولوا وبصراحة برفضهم التام والكامل لما يدعيه الحوثي ولما يقوم به مع أنصاره وأبديا تأييدهما الصريح لموقف القيادة السياسية والعسكرية والأمنية في مواجهة التمرد وهذا الموقف يتناقض مع ما تبناه محمد قحطان في تصريحاته التي تبرر التمرد تارة وتسكت ثانية وتشمت ثالثة .
2-موقف الشيخيين من إنتخاب رئيس الجمهورية والذي تميز بالصراحة والثبات في أهلية الرئيس /علي عبد الله صالح رافضين موقف الجدد من ترشيح بن شملان مما أحدث شرخاً كبيراً بين التيارين
ويمكن القول بأن تلك القيادات وخاصة عقب فشلها في انتخابات 2003م و2006م ومالحق بهم من هزيمة قد خطر لها بأن الشعب هو السبب وراء فشلها في تحقيق مكاسب انتخابية ولابد أن ندفعه ثمن ثقته بالحزب الحاكم عن طريق خلق المزيد من الأزمات واشغال الحكومة في مشاكل هنا وهناك تنهك كاهلها وتفشل برنامج مرشح المؤتمر للرئاسة مما يعطيهم الفرصة في استغلال ما ستؤل إليه الأوضاع الإقتصادية والأمنية نتيجة تلك المشاكل
ويمكن للمتابع لمسيرة هذه المشاكل ملاحظة ما يلي
-أندلعت أحداث صعدة الأولى عقب نتائج انتخابات 2003م النيابية في العام وكأنها رسالة بأننا إن فشلنا في الانتخابات سوف نفشلكم في الميدان .
-في فترة الدعاية لإنتخابات 2006م الرئاسية والمحلية غلبت لهجة التهديد والوعيد على تلك القيادات فنجد هذا يلوح بالإستعانة بالخارج تارة ويهدد بثورة شعبية تارة أخرى بل وصل ببعض تلك القيادات للإنقلاب على ثوابتها كما جاء في تصريحات قحطان بأن/علي سالم البيض وعصابته لم يكونوا انفصاليين بل كانوا وحدويين ممايجعل تلك الحرب غير شرعية وهو بذلك الحديث ناقض تأريخه وثوابت حزبه.
كما أن مرشح اللقاء المشترك (بن شملان)غلب على خطاباته إثارة الفتنة بين مناطق الوطن والتباكي على ما قبل ترسيخ الوحدةفي 94م وإعطاء غطاء مسبق لتأزيم الموقف بعد الانتخابات من خلال تلك الخطابات المناطقية في سيؤن وعدن أثناء فترة الدعاية الانتخابية
وعندما فشلوا في الانتخابات حاولوا خلق ما أسماه قحطان ثورة شعبية فشلوا في تحقيقها ولم يأبه لهم أحد ولم يستمع لنداءاتهم مما أخذهم للتحرك إلى المربع الثاني وهو تأجيج الوضع الداخلي وبالفعل أندلعت فتنة التمرد في صعدة وأخذت بعض تلك القيادات تعطي غطاء جديدعلى أهداف التمرد بأن الجوع والفقر وسياسات الحزب الحاكم كانت هي السبب وهذا التبرير في حقيقة أنفسهم ليسوا مقتنعين به لكنهم يرون فيه وسيلة خداع للضغط بحسب تصورهم على الحزب الحاكم ولكن من المؤكد أنهم لم يستطيعوا خداع الكثير من أبناء الشعب ماعدا تلك القواعد المؤمنة بمثل توجهاتهم.
وبعد توقف تلك الفتنة نجدهم تحركوا للمربع الثالث وهو العزف على قيتارة المتقاعدين لكسب المناطق الجنوبية حسب اعتقاداتهم وراحوا بعيداً في هذه المرحلة مما جعلهم يتعدون ما بعد الخطوط الحمراء وهي الوحدة الوطنية تحت ما أسموه(تصحيح مسار الوحدة)مما أخرج الأمور من تحت سيطرتهم وصارت الأمور تذهب بعيداً وتحدث مواقف جديدة لم يكن يتوقعها الكثير من مهندسي الأزمات وكانت من أكبر تلك الأمور
* حدوث شروخ جديدة داخل الإصلاح نتيجة هذه المواقف بل وصلت إلى حد التفريخ كماحدث مع با صرة في حضرموت والذي صار ذو ميول انفصالية عن اليمن الموحد وبعيداً عن مرجعيات الإصلاح .
* فبدلاُ من كسب أبناء المناطق الجنوبية لشعبيتهم فقدوا قواعدهم في أقوى حصون التجمع في المناطق الشمالية في صنعاء وعمران والجوف وإب نتيجة هذه المواقف وبنفس الوقت فقدوا ثقة أبناء المناطق الجنوبية والذين أدركوا أن هذه السياسات سوف تعيدهم للعصور الشمولية ومحاكم التفتيش .
وهذه المواقف جرت قيادات الإصلاح لإعادة النظر في تلك السياسات الخاطئة والتي جلبها اللقاء المشترك
وقد أوضح أحد عناصر الإصلاح بأن الإصلاح تكبد خسارات كبيرة نتيجة اللقاء المشتركة وأوضحها بالتالي
- فقد الإصلاح الكثير من مقاعده الانتخابية نتيجة هذا التحالف بسبب عدم صدق الأحزاب اليسارية في تحالفها مع الإصلاح كما حصل في الإنتخابات النيابية في 2003م وبسبب التناقض الحقيقي بين الإصلاح وتلك الأحزاب.
- دخول الإصلاح في اللقاء المشترك أفقده حريته في التعاطي مع المواقف والأزمات بحيث صار يلتزم بما يتوافق مع الأطراف اليسارية حتى وإن كانت تتعارض مع ثوابته
- تراجع شعبية الإصلاح نتيجة مداهنته لتلك الأحزاب والتي نظر إليها الكثير من عناصر ه بأنها خروج عن ثوابت الإصلاح وتوجهاته.
-كان موقف تلك القيادات من ترشيح الرئيس /علي عبد الله صالح في انتخابات2006م لرئاسة الجمهورية وانجرافهم في تيار المشترك في ترشيح بن شملان وما صاحب تلك الحملة الانتخابية من مواقف وتصريحات قصمت خاصرة الإصلاح مما سبب فقد الإصلاح للكثير من مقاعد المجالس المحلية .
ومن الملاحظ خلال الفترة الأخيرة تراجع أو ربما محاولة للأنسلاخ عن عبأ المشترك والعمل بآلية تعيد الإصلاح إلى صف المحافظين وذلك بعد إدراك الكثير من قيادات الإصلاح فداحة ذلك التحالف .
ولكن رغم هذا التوجه إلاّ أن القيادات المرتمية في أحضان المشترك ترفض مثل هذا التوجه وذلك حفاظاً على ماء الوجه وحتى لايفرح فيهم الحزب الحاكم وقد آثر أحد الإصلاحيين الجدد في حوار جمع قيادات من التيارين تداركاً لما وصفه أحد المشاركين إما أن نضحي بما هو ضر أو نخسر بعضنا مما حدا ببعض القيادات الجديدة أن يطرح فكرة أن يتم الإنسلاخ تدريجيبا مقابل الحصول على بعض الأرباح من الحزب الحاكم وقد لاقى ترحيباً من كثير من المشاركين.
ومثل هذا الموقف يمكن ملاحظة أن الإصلاح قد وقع حقيقة في تحالفه في المشترك بين سندان المشترك ومطرقة المحافظين ويبدوا أن المطرقة ستكون الحاسمة في الإخير.
*نقلاً عن مأرب برس