الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:09 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الخميس, 31-يناير-2008
المؤتمر نت - احمد الحبيشي احمد الحبيشي* -
حوار عبر الأثير مع صحافي معارض (3 3).. ما تيسَّر عن الرئيس علي عبدالله صالح وحرب صعدة
في الحلقتين السابقتين من هذا المقال عرضت بعض القضايا التي دار حولها حوار بيني والزميل عبدالحكيم هلال الذي يكتب في العديد من صحف المعارضة والعديد من الصحف (المستقلة ) التي تعيد انتاج وتسويق الخطاب السياسي والاعلامي لصحافة أحزاب المعارضة المنضوية في إطار كتلة ( اللقاء المشترك ) بصورة مكشوفة ،
على غرار ما تفعله في الوقت نفسه صحافة أحزاب المجلس الوطني للمعارضة وبعض الصحف ( المستقلة ) التي تدور في فلكها ، ولا تعدو أن تكون أكثر من رجع الصدى للخطاب السياسي والاعلامي لصحافة الحزب الحاكم بصورة مكشوفة ايضا !!
سألني عبدالحكيم هلال عن الرئيس علي عبدالله صالح وموقفي منه قبل الوحدة، فأجبته بأنني ارتبط منذ عام 1979م بعَلاقة ودية معه، وقد تعززت هذه العَلاقة بعد الوحدة عندما كنت عضواً في مجلس النواب ومديراً عاما لمؤسسة ( الثورة ) للصحافة والطباعة والنشر ورئيسا لتحرير صحيفة ( الوحدة ) ، وكذلك منذ عودتي الى أرض الوطن بعد سبع سنوات من النزوح عقب حرب صيف 1994م.
ونفيت المزاعم التي يروجها بعض المفلسين والكائدين، بأني كنت ( أشتم ) الرئيس علي عبدالله صالح في كتاباتي ثم تحولت الى( مادح ) له.. وقلت لهلال إني لم اكتب مقالاً واحداً في حياتي يتضمن شتماً للرئيس علي عبدالله صالح أو غيره من القادة السياسيين.. وكان بإمكان المغرضين والمفلسين الذين يحلو لهم ترديد ذلك بصيغ عمومية وكيدية أن يوردوا نصاً واحداً من أحد مقالاتي، ويذكروا مرجعه وتاريخه لإثبات مزاعمهم ، وهو ما يعجز عنه الشتَّامون والدواشين الذين يلجأون إلى تسويق الأكاذيب والمغالطات والاتهامات بلا سند أو دليل.
وقد عرضت للأخ هلال شهادتي للكثير من المواقف والمبادرات الوحدوية للرئيس علي عبدالله صالح قبل قيام الوحدة ،بحكم انني كنت من الشخصيات الناشطة في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ، ولجان الوحدة وورش العمل الوحدوي المشتركة بين قيادتي الشطرين سابقا ً ، ناهيك عن انني واحد من قلائل الذين يعرفون الكثير من الأسرار والمعلومات ويحتفظون بالعديد من الوثائق الخاصة وغير المنشورة ، بحكم عملي في المكاتب الشخصية لأعلى المستويات القيادية التي تعاقبت على قمة هرم الحزب والدولة في الشطر الجنوبي من الوطن سابقاً، خلال سنوات طويلة من عملي مع هذه القيادات ، منذ الأيام الأخيرة للرئيس عبدالفتاح اسماعيل 1979 1980، مروراً بالرئيس علي ناصر محمد 1980 1985، وانتهاءً بكل من الرئيس حيدر ابوبكر العطاس والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض 1985 1990 ، وهي حقيقة لا تخفى على الكثير من العارفين .
وأكدت للزميل هلال انني سأدافع عن السيرة الوطنية للرئيس علي عبدالله صالح في حال تعرضه لأية إساءة أو ظلم أو تجريح بعد أن يغادر السلطة ، مثلما دافعت بشجاعة عن السيرة الوطنية لشريكه في الوحدة الأخ علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي سابقا ً، عبر صحف (26 سبتمبر) و(الثورة) و(14 اكتوبر) في أصعب ظروفه بعد ان غادر السلطة . وقلت للأخ هلال إنني لا أحتاج إلى شهادة من أحد لإثبات صدق إيماني بقضية الوحدة، وتكفيني شهادة التاريخ من خلال دوري القيادي المتواضع في الحركة الطلابية اليمنية حين كنت على رأس منظمة القاعدة الطلابية التابعة للتنظيم الشعبي للقوى الثورية خلال مرحلة الكفاح ضد الاستعمار ، دفاعا عن الهوية اليمنية للجنوب المحتل في مواجهة مشروع الجنوب العربي ، ومن أجل الحرية والاستقلال والوحدة ، بالاضافة الى كتاباتي وقصائدي في الستينات والسبعينات والثمانينات ، ودوري في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عندما كنت عضواً في أمانته العامة ومجلسه التنفيذي في أصعب وأحلك ظروف التشطير، مع الأخذ بعين الإعتبار ان هذا الاتحاد وهو أول منظمة وحدوية غير حكومية تأسس في عدن عام 1973م ، ولم يتمكن من عقد اجتماعات مجلسه التنفيذي وأمانته العامة بالتناوب بين الشطرين ، إلا ّ بعد وصول الرئيس علي عبدالله صالح الى السلطة عام 1978م ، وانفتاحه على المثقفين والأدباء والكتاب اليمنيين شمالا وجنوبا من خلال اتحادهم الموحد . كما يكفيني أيضا رصيد دوري في لجان الوحدة، ومساهماتي في ورش العمل الوحدوي المشتركة بين شطري اليمن سابقاً، والتي مهدت لقيام الجمهورية اليمنية، واعتزازي بدوري في لجنة التنظيم السياسي المشتركة أثناء أول إجتماع تاريخي وحاسم لها في تعز خلال الفترة 31 اكتوبر 2 نوفمبر 1989م قبل الوحدة وتوقيعي على وثيقة دستور دولة الوحدة عندما كنت عضواً في مجلس الشعب الأعلى، وتوقيعي على بيان إعلان الجمهورية اليمنية يوم 22 أبريل 1990م في صنعاء كشاهدٍ على ذلك الاتفاق التاريخي إلى جانب كوكبة من صُنَّاع الوحدة وقادة العمل الوحدوي في الشطرين ، وعلى رأسهم الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والأخ علي سالم البيض الأمين العام الأسبق للحزب الاشتراكي اليمني.. وإذا كان لابد من الرد على من اتهمني في صحيفة ((الميثاق)) عام 1998م بأنني كنت من ((كبار منظري الانفصال))، فبوسعي القول بدون زيف أو إدعاء أنّ كتاباتي قبل الوحدة وبعدها وهي كثيرة تشهد لي بأني من ((منظري الوحدة)) ودعاتها إن جاز التعبير.
ومن المضحكات أن ينضم الى طابور المنافقين والانتهازيين الذين يراهنون هذه الأيام على المتاجرة السياسية بشعارات ما تسمى ( القضية الجنوبية ) أحد الصحفيين الذين فقدوا مصالحهم الضيقة وبارت تجارتهم السوداء ، بعد إن كان واحداً من الذين نفخوا في بورزان حرب 1994 الأهلية بابتذال مقرف ، ثم خرج منها بقدر كبير من الثروة والأراضي والعقارات ، وبعدد وفير ومتجدد من الزوجات ، بينما نجده اليوم يتباكى بنفاق مثير للتقزز على ضحايا حرب 1994 في المحافظات الجنوبية ، ويدين (( نتائجها والممارسات الخاطئة التي حدثت بعدها باسم الوحدة )) . ولا يكتفي ذلك الصحفي البائر بالتباكي والإدانة فقط ، بل أنه يذهب الى تبرير الشعارات التي تطالب علناً وصراحة هذه الأيام بالانفصال ، بحجة (( أن الله أباح الكفر بسبب الظلم ، وان الممارسات الخاطئة والظالمة باسم الوحدة تبيح الانفصال )) ، وفقا ً لمقابلة أجرتها معه إحدى صحف المعارضة مؤخراً .!!؟؟
وفي السياق نفسه ، تكفيني فخراً مشاركتي في معارك الدفاع الحقيقية عن الوحدة والمواطنة المتساوية التي نخوضها هذه الأيام في مواجهة المشاريع الصغيرة ، وفي مقدمتها مشروع إحياء ( دولة الجنوب العربي) ، الذي يستهدف نزع الهوية الوطنية اليمنية عن معظم أراضي الوطن اليمني ، تمهيداً لتقسيم الوطن عمودياً وأفقيا ً ليس فقط على أساس جغرافي ، بل وعلى أساس عرقي ينذر بكارثة وطنية وانسانية لا يدرك خطرها سوى الوحدويين الحقيقيين، على النقيض من الذين يلوذون اليوم اما بالصمت والمداهنة والنفاق والتبرير والترقب ، أو بالانضواء تحت مشروع ((الجنوب العربي)) ، بينما كانوا يشهرون البنادق والسيوف والمصاحف في حرب 1994م ، بذريعة الدفاع عن الوحدة ومحاربة قوى الردة والكفر والانفصال ، ولم يترددوا في إصدار الفتوى التي تحرض على ارتكاب جرائم حرب معادية للإنسانية ضد المدنيين الأبرياء أثناء حرب صيف 1994م ، بزعم (( أن علماء الاسلام اجمعوا على جواز قتل المدنيين المتترس بهم من قبل الكفار حتى لا تعلو شوكة الكفر على الاسلام ، وأن كل من يُقتل من المدنيين المتترس بهم من الشيوخ والنساء والرجال والأطفال في عدن وبقية المحافظات الجنوبية سوف يُبعث يوم القيامة على دينهِ !!! ، فإن كان مسلما ً سيكون من أهل الجنة ، وإن كان كافراً سيذهب الى النار )) . وقد لقيت هذه الفتوى الدموية عند صدورها أثناء حرب صيف 1994م ، إدانة واسعة وعلنية من كبار علماء الاسلام، وفي مقدمتهم الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد متولي الشعراوي رحمهما الله ، والشيخ الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر حالياً أطال الله في عمره . كما لقيت منذ صدورها حتى اليوم إحتجاجاً واسعاً في عدن والمحافظات الجنوبية لما تتضمنه من تكفير مباشر للطرف الآخر في الحرب ،وتكفير ضمني للمدنيين الذين أفتى صاحب الفتوى بجواز القتل الجماعي لهم ، ولم يخف شكوكه بإيمانهم حتى يعبثو يوم القيامة فالمسلمون منهم سيذهبون الى الجنة أما الكفار فمصيرهم النار !!
بعد ذلك تناول الحوار مع الزميل عبدالحكيم هلال بعض القضايا الراهنة ، حيث جددت التأكيد على آرائي ومواقفي إزاءها، والتي عبّرت عنها صراحةً في مقالات عديدة سبق لي نشرها في صحيفة ((26 سبتمبر)) وصحيفة ((14 أكتوبر)). بيد أنّ عبدالحكيم استرعى انتباهي حين أشار إلى أنّه لاحظ في مقالاتي التي نشرتها في صحيفة ((26 سبتمبر)) حول أحداث صعدة ما أسماه ((تميزاً عن الخطاب الإعلامي الرسمي لصحافة الحزب الحاكم)) . فقلت له بوضوح انني اعتبر ما يجري في صعدة منذ عام 2004م تمرداً مسلحاً تقوده جماعة خارجة عن القانون بصرف النظر عن الأبعاد المذهبية والطائفية الملتبسة بخطابها السياسي في مواجهة الدولة ممثلة بالقوات المسلحة التي تقع عليها واجبات دستورية تقتضي تدخلها لفرض سيادة الدولة على أراضيها ، وإعادة الأمن والاستقرار وإعلاء سلطة القانون وإنهاء التمرد ، بأقل قدرٍ ممكن من الخسائر المادية والبشرية والسياسية.
وانطلاقاً من هذه الرؤية التي لا زلت متمسكاً بها ، جددت التأكيد للزميل هلال على ما جاء في مقال نشرته على حلقتين في صحيفة ((26 سبتمبر)) في بدايات عام 2006م بعنوان ((فتنة صعدة.. محاولة للقراءة)) . حيث حذّرت في ذلك المقال من أوهام المراهنة على استخدام نمط من الخطاب الطائفي السلفي المقيم بشكل دائم في الماضي البعيد ، لمواجهة نمط آخر من هذا الخطاب.. فالمشاريع السياسية الدينية الطائفية،لا يجوز مواجهتها بمشاريع سياسية دينية طائفية مضادة ، بل بمشروع وطني ديمقراطي مدني. وعندما تتم المراهنة على إحياء الصراعات الطائفية القديمة ، واستدعائها من أزمنة الأسلاف الغابرة ، تتحول المواجهات الحالية في صعدة إلى إقامة دائمة ودامية في الماضي، الأمر الذي ينذر بطمس الصورة الحقيقية لهذه المواجهات، وتحويلها من مواجهات بين الدولة الوطنية ممثلة بمؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية ، وبين جماعات مسلحة متمردة وخارجة عن القانون، إلى مشهد مفترض تبدو فيه هذه المواجهات في صورة استدعاء للحروب التي تمت في القرن الأول الهجري قبل أكثر من ألف وثلاثمائة عام بمدينتي الكوفة وكربلاء ، بين جيش يزيد بن معاوية من جهة ، وبين الذين أسماهم فقهاء يزيد بالروافض من جهة أخرى، وهم أتباع الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب الذين رفضوا مبدأ توريث الحكم من الخليفة معاوية بن أبي سفيان إلى نجله يزيد، ثم امتنعوا عن أداء البيعة له.. وهو ما لا ينطبق على أحداث صعدة مطلقاً . ناهيك عن أنّه ينذر بإضفاء الطابع المذهبي السلفي على طرفي المواجهات الدائرة بين الدولة والمتمردين في صعدة، وما يترتب على ذلك من مخاطر توسيع قاعدة المناصرين للتمرد سواء في الداخل ، أو على مستوى العالم العربي والاسلامي . وقلت للزميل هلال صراحة إن أبطال القوات المسلحة الذين يقاتلون ويستشهدون في صعدة ليسوا جنوداً في جيش يزيد بن معاوية ، وان المتمردين المسلحين الذين خرجوا على سلطة الدولة في صعدة ليسوا روافض من أتباع الحسين ، ولا يقاتلون جيش يزيد بسبب رفضهم مبدأ توريث الحكم له، وامتناعهم عن مبايعته حاكماً عليهم ، بحسب رؤية الخطاب الديني الطائفي السلفي الذي حاول الدخول على خط الحرب في صعدة !!
ولأن الزميل هلال عضو في حزب الاصلاح فقد حرصت على تذكيره بأن صحيفة ( الناس ) التي يمولها حزب ( الاصلاح ) لم يعجبها موقفي هذا ، حيث قامت في أحد أعدادها الصادرة عام 2004 م ، بنشر صورة كاريكاتيرية أظهرتني فيها مع المتمرد حسين الحوثي قبل مصرعه ونحن متعانقان أثناء المرحلة الأولى من حرب صعدة ، ، مع تعليق استهدف تحريض السلطة ضد صحيفة (22 مايو) التي تصدر عن الحزب الحاكم عندما كنت رئيساً لتحريرها ، بدعوى أن ما كنت أكتبه في الصحيفة حول حرب صعدة يتعارض مع الخطاب الاعلامي الرسمي !!
في هذا السياق جددت للأخ هلال التأكيد أيضاً على موقفي الذي عبّرت عنه في تلك المقالات ضد محاولات قرع طبول (داعي القبيلة) ، محذراً من خطورة تحويل المواجهات المسلحة بين الدولة والمتمردين في صعدة إلى مشهد تراجيدي ماضوي يستدعي حروب القبائل في جاهلية ما قبل الدولة ، وينزع عن أحداث صعدة صفة التمرد على سلطة الدولة والقانون من قبل أقلية مسلحة وخارجة عن الشرعية الدستورية ، بهدف تحويلها إلى حروب قبلية تشبه تلك التي كانت تتم بين عبس وذبيان وكنده وربيعة ، على إيقاع طبول (داعي القبيلة) في عصور ما قبل الدولة.
ولا زلت حتى الآن عند موقفي الذي عبّرت عنه منذ أواخر عام 2004م ، حين استضافتني والزميل جمال عامر رئيس تحرير صحيفة « الوسط « قناة ((دبي)) الفضائية في برنامج (قلم رصاص) الذي يقدمه الإعلامي العربي الكبير (حمدي قنديل) .. فقد أكدت في تلك المقابلة التليفزيونية انحيازي المطلق إلى الدولة الوطنية ومؤسساتها العسكرية والأمنية في مواجهة التمرد المسلح على سلطة الدولة في صعدة، وشددت على ضرورة إنهاء هذا التمرد أما بالقوة أو بالوسائل السياسية والسلمية ، بحسب مقتضيات وظروف وتحديات هذه المواجهة التي ينبغي أن تحسم في نهاية المطاف لصالح إعلاء سلطة الدولة بقوة الدستور والقانون ، وبما يضمن حماية وحدة أراضي الدولة، وضمان حقوق المواطنة، والدفاع عن النظام السياسي الديمقراطي التعددي، والحيلولة دون تمكين دُعاة الدولة الدينية الطائفية من اقتطاع جزء من التراب الوطني لصالح مشروع سياسي مذهبي.. وقلت للزميل هلال إنّ موقفي الرافض للدولة الدينية بصرف النظر عن مذهبها الفقهي الرسمي ينطلق من قناعتي بأنّ الدولة الدينية لن تكون إلا دولة مذهبية طائفية.. وأنّ تعاقب نماذج الدول الدينية الإمبراطورية التي شهدها التاريخ الإسلامي والمسيحي قبل قيام الثورة الصناعية الأولى ، وظهور الدول الوطنية الحديثة ، كان يشير إلى تعاقب الهيمنة الأحادية الاستبدادية لهذا المذهب الفقهي أو ذاك، وما رافق ذلك من اضطهاد ومذابح وكوارث مأساوية لحقت بفقهاء وأتباع المذهب الذي كان يتم إقصاؤه من الحكم على أيدي فقهاء وأتباع المذهب المهيمن سواء كان سنيا َ أو شيعيا أو صوفيا ، بما في ذلك الحكام الذين كانوا يلوذون بهذا المذهب الفقهي أو ذاك بقصد الحصول على شرعية دينية تبرر استبدادهم واحتكارهم للسلطة والثروة والقوة.
وفي الاتجاه نفسه، عبّرت للزميل هلال عن موقفي الانتقادي لأوهام بعض أحزاب ((المعارضة)) التي تنضوي في إطار تحالف ((اللقاء المشترك)) ، وتراهن على استثمار وتوظيف الآثار والمخرجات والمفاعيل السياسية السلبية لحرب صعدة في أقصى الشمال وحرب صيف 1994م في أقصى الجنوب، لغرض تصفية الحسابات مع السلطة والحزب الحاكم.. فالخاسر الأكبر في هذه المراهنات لن يكون الحزب الحاكم والسلطة التي يقودها، بل سيكون الوطن والدولة والنظام الديمقراطي التعددي والنسيج الوطني والديني للمجتمع.. ومن الصعب على أحزاب المعارضة في حال تحقق هذه الخسارة الكبرى لا سمح الله أن تجد حزباً حاكماً تعارضه بالوسائل السلمية ، أو سلطة تحكمها أو تسعى إلى تداولها بالوسائل الديمقراطية، أو دولة تتطلع إلى بنائها وتحديثها ، بعد أن تكون قد خسرت الوطن والدولة والمجتمع والقضية في آن واحد!!
يبقى القول إنّ حواري مع الزميل عبدالحكيم هلال كان فرصة لاختبار قيمة الحوار بين طرفين مختلفين على طريق البحث عن الحقيقة.. فقد أثمر هذا الحوار عن مكاسب مشتركة أهمها أننا أصبحنا صديقين حميمين رغم الاختلاف في الرأي والتوجه الفكري . بيد أن ذلك لا يعني أننا متفقان في الرأي والموقف إزاء كل القضايا التي تحاورنا بشأنها وعرضتها في الحلقات الثلاث من هذا المقال .. والحق أقول ان الزميل عبدالحكيم هلال اتفق معي في بعضها واختلف معي في البعض الآخر . لكن أبرز ما أزعم اننا اتفقنا عليه ، هو حاجة السلطة والمعارضة ليس فقط للحوار المفتوح على كل الرؤى والخيارات والمشاريع والأفكار استنادا ً الى قاعدة الوحدة والتنوع وعدم الادعاء بامتلاك واحتكار الحقيقة ، بل حاجتهما بشكل أكثر إلحاحاً لتغيير وتجديد طرائق التفكير والعمل القديمة ، والتخلص من قوة العادة التي يؤدي استمرار تعاطيها من قبل السلطة أو المعارضة أو الطرفين معاً ، الى تأزيم وانسداد المناخ السياسي عمودياً وأفقياً ، وما يترتب على ذلك من مخاطر مدمرة.
وبالنسبة لي شخصياً فقد كسبت الكثير عندما تعرفت على هذا الزميل الرائع عبر الهاتف.. لكني أصبحت مديناً له بحقه في أن أشكره على إتاحة الفرصة لتوضيح الكثير من الأمور التي كانت خافية عليه.. وربما خافية على كثيرٍ من القراء.
*عن 26 سبتمبر




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر