د. عبدالسلام الإرياني -
حوار من أجل التغيير
من يطالع الصحف الحزبية التي تصدر عن الأحزاب تقرأ في سطورها أبعاداً خطيرة، تعكس غياب لغة التفاهم بين هذه الأحزاب والوطن وتعطي تصوراً مخيفاً لواقع قد يستغربه الكثير،وهذا لا يعني أن الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية تسير في المسار الغير صحيح، وإنما هناك خللاً في خطابها السياسي، يعكس صورة مشوهة لواقعها ، باستثناء الحوار السياسي المرفوع من المؤتمر الشعبي العام هو باعتقادي مصداقية للتوجه الجاد لمعالجة الفساد وإصلاح الاختلالات.
وعلى من يرفع شعار الحوار السياسي يجب أن يفهم ويدرك معنى هذا المفهوم شكلاً ومضموناً وشروطه وأساليبه وطرقه والغايات التي ينشدها الجميع من الحوار.
والحوار لا يقتصر على الجلوس حول مائدة مستديرة فحسب بل يسبقه مقدمات وشروط تتمثل في طرفي الحوار في الرغبة الفعلية للمعالجة وحل المشكلات التي تعيق سير العمل السياسي في البلد، وأن يتخلى طرفا الحوار على تأثير إيديولوجياتهم الحزبية والسعي إلى خلق شراكة حقيقية تهدف إلى تحقيق الاستقرار للبلد والرفاهية للشعب والدفع بعجلة التطور ونقل المجتمع إلى حالة أفضله، ولكي يكون الحوار بناءً وهادفاً لا بد أن ينبثق من هموم وطنية تجعل أركان الحوار السياسي تقدم تصوراً بالآليات والأساليب التنفيذية التي تهدف إلى تحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني، وأصدقكم القول أن كثيراً من المخاوف والشكوك تساورني عندما يكون تعامل الأحزاب مع القضايا الوطنية أمراً عادياً ليست سوى مهاترات وآراء عقيمة توحي بعدم وجود جدية واضحة لدى هذه الأحزاب، ونأمل من أحزاب المعارضة أن تخوض الحوار بنوايا صادقة تحمل الخير للوطن لأن عملية الهروب تعني ضعف الحجة وانعدام الشواهد والأدلة وفقدان الحقيقة التي يدعيها.
وأدعو الأحزاب سلطة ومعارضة إلى السمو والرفعة وانتهاج لغة راقية تمثل صيغة حضارية لمجتمع له إرثه التاريخي والحضاري، ونؤكد أن عملية الحوار مرتكز أساسي بل تعد من مفاصل الديمقراطية التي نهجها المؤتمر الشعبي العام بقناعة كاملة.
وبعد أن أوشك الحوار بين الأحزاب والتنظيمات السياسي أن تنفذ حدود الممكن سياسياً أقول لهم أن الشعب لن يرحمكم ولن يغفر لكم هوانكم وتقاعسكم عن الحوار البناء، مؤكداً أن التاريخ سيفضح كل الأقنعة المزيفة كما نحملكم مسئولية استقرار وأمن بلادنا والحفاظ على مكاسبه ومن أغلاها الوحدة اليمنية التي ذرفت لها الدموع عندما تم رفع العلم اليمني في (22) مايو.
وأعتقد أن نجاح أي حوار يجب أن يكون خالياً من أي عقد بمعنى أن يكون حواراً من أجل التغيير نحو الأفضل لا حواراً من أجل الحوار ذاته الذي يكون أشبه بالجدل البيزنطي الذي يخلو من أي هدف أو وسيلة أو غاية.
ما أحوجنا إلى حوار سياسي هادف وبناء تكون مصلحة الوطن ورقيه هي العليا لا المصلحة الشخصية.
وفي الأخير إن كان لي من كلمة فأود أن تكون حول الصحف الحزبية التي استهليت حديثي بها، فهي يجب أن ترقى بلغتها وخطابها وبموضوعاتها وبأسلوبها. وعدم تناول قضايا تتصف بالعموميات دون أرقام وشواهد، ولابتعاد عن التضليل المعتمد وتزييف الحقائق لأن ذلك ليس من مصلحة الوطن وتنميته وازدهاره.
مجدداً أقول أن الحوار مبدأ سماوي ديني والهرب منه هو التحول إلى نقيضه ويكفينا مآسي ولنا بالعراق والصومال عبرة ومرحباً بالحوار من أجل التغيير وبعداً للحوار إذا كان من أجل الحوار فقط.