أحمد غيلان - تجمع الإخوان ... من الدعوة في سبيل الله إلى ترويج الشائعات.!!! انزعج "الإخوان المسلمين في اليمن" تجمع الإصلاح حينما سمعوا فخامة الرئيس علي عبدالله صالح -في مهرجان الحسينية -يجدد التأكيد على أن الوحدة راسخة وأنها وجدت لتبقى، وأن الذي لا تعجبه هذه الحقيقة فليشرب من ماء البحر.
هكذا قالها الرئيس صراحة للجميع، ودون أن يحدد من هو المقصود، لأنه بالفعل لا يقصد شخصاً بذاته .. بل يقصد تحديداً أولئك الذين تصدر عنهم أفعال وأقوال وسلوكيات تكشف عداءهم للمشروع الوحدوي الديمقراطي.. وتعري مواقفهم المتذبذبة من ثوابت الوطن، وتظهر انتهازيتهم واستعدادهم للمتاجرة بالمبادئ والقيم والمصالح الوطنية.
• الرسالة التي وجهها فخامة الرئيس كانت عامة وواضحة وصادقة وواقعية، واستوعب محتواها عامة الناس بمن فيهم البسطاء الذين هتفوا لفخامة الرئيس وسط مضمار الحسينية، لا لأنهم أدركوا مضامين الرسالة وحسب، بل ولأنهم مؤمنون بما تعبر عنه، ويعلمون أن ثمة زوايا مظلمة في كواليس بعض القوى والتيارات السياسية تحوي- وتأوي -كثيراً من الجرذان والسوس التي ما انفكت تنخر جسد الوطن و تستهدف ثوابته وقواعد بنيانه.
• وعلى الرغم من عمومية الرسالة، إلا أن الذين "على رؤوسهم حصى" سرعان ما تحسسوها وكان الإخوان " الإصلاح" في صدارة من فعل ذلك...! ولم يتوقف تحسسهم عند شعر رؤوسهم، بل وتفقدوا ما بين شعيرات لحاهم أيضاً.
وبدلاً من أن يسمعوا ويعوا ويتعظوا، وسوست لهم نفوسهم خداعاً ومكراً وافتراءً ولجأوا – كما هي عادتهم – إلى موهبة " تحريف الكلام" واستخدموا تقنيات العصر في عملية " قص ولصق" لبعض مفردات الجُمل والعبارات التي قالها فخامة الرئيس، وخرجوا للناس بأكذوبة ادَّعوا فيها بأن الرئيس منح التجار ضوءاً أخضراً لرفع قيمة كيس القمح إلى سبعة آلاف ريال...؟ على الرغم من أن الرئيس عندما تحدث عن الأسعار لم يقل سوى حقيقة -يعلمها المزايدون جميعهم -أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية، وليست كما يروج بعض المزايدين الذين يستغلون عواطف الناس ويدغدغون مشاعرهم ويوهمونهم بأن الحكومة اليمنية وحدها تتحمل مسئولية هذا الارتفاع.
ثم استطرد فخامة الرئيس قائلاً : " بالرغم من أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية، نوجه الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة وحازمة، لعدم إتاحة الفرصة للتجار الجشعين للتلاعب، سواءً بالاحتكار للسلع أو الزيادة غير المبررة في الأسعار".
هكذا تناول الرئيس موضوع الأسعار في خطابه الجماهيري العلني، الذي بُث على شاشة التلفزيون بالصوت والصورة، وتناولته وسائل الإعلام والصحف المحلية والخارجية، غير أن مطبخ الشائعات " الإخواني" اجتهد وربط بين حديث الرئيس حول الأسعار وبين حديثه حول المزايدين والناكصين عن مبادئ الثورة والجمهورية والوحدة .. الذين قال لهم " أن يشربوا من البحر" وبهذا الربط " غير الأمين" انطلق جهابذة التجمُّع يروجون لشعائة مضللة ومفبركة توحي أن الرئيس عندما قال للمزايدين والمخربين ومن يستهدفون الوطن وثورته ووحدته واستقراره " اللي مش عاجبه يشرب من البحر" كان يقصد المواطنين الذين يتذمرون من ارتفاع الأسعار...!
• هذه الشائعة تسربت إلى الشارع السياسي وفي بعض الأوساط، بعد يومين فقط من خطاب الرئيس، وفي بداية الأمر كان "المطبخ" الذي فبرك هذه الشائعة غامضاً ومجهولاً.. ولكنه سرعان ما انكشف حينما انتقلت الشائعة من تسريبات في الأوساط السياسية ومداولات القهاوي وأحاديث المقايل والشوارع، إلى خُطب موجهة تُلقى من على منابر المساجد التي يخطب فيها " دعاة الإخوان الإصلاحيين"... وها هو موقع "الصحوة نت" لسان حال "الإخوان" يطالعنا بالشائعة ذاتها تحت مسمى " تقرير" عنوانه على النحو التالي:
"أفران العاصمة: كيس القمح بـ(7000) واللي مش عاجبه يشرب من البحر".
• وبقراءة عنوان هذه الشائعة "المسماة تقريراً صحفياً" على موقع "الصحوة نت" يُفهم من سياق العنوان أن لدى صاحب التقرير "الشائعة" مصدر موثوق وذو صلة بالموضوع هو " أفران العاصمة" غير أن من صاغ الشائعة" المسمَّاة" تقريراً" نسف المصدر المشار إليه في العنوان " أفران العاصمة" قبل أن يكمل السطر الأول من النص، حيث جاء نص الشائعة من أوله بالصيغة التالية:
"الكيس القمح بسبعة ألف، وميه حق الطحين، أعجبك وإلا أشرب من البحر الأحمر، هذا ما بات يردده مالكي مطاحن القمح في العاصمة صنعاء بسخرية....".
ولأن من قام بالصياغة لا علاقه له بالتقارير الصحفية ولا بالصحيفة، فقد كشف عن مهمته الحقيقية عندما نسب إشاعته في العنوان لمصدر "أفران العاصمة" وفي مقدمة النص لمصدر آخر " مالكي مطاحن مادة القمح"،...؟! وحتى لو كان كاتب التقرير "الشائعة" تمسك بأي من المصدرين فإنه ليس من المهنية كتابة ونشر القول أو المعلومة بهذه الطريقة منسوبة لـ"أفران العاصمة" أو "مالكي مطاحن القمح" دون تحديد من من أصحاب هذه الأفران أو المطاحن صرح له بذلك، أو ردد أمامه تلك المقولة أو المعلومة ومتى وفي أية مناسبة.
قد يعلل مروج الشائعة فضيحته " بعدم رغبته في الكشف عن مصدره" لأي سبب، وهذا حق مشروع ومقبول مهنياً إذا كانت هناك معلومة حقيقية، بشرط أن يأتي في الصياغة ما يدل على حقيقة وجود المصدر، ومن ثم الإشارة إليه ولو حتى برموز من حروف إسمه " إن كان شخصاً أو أشخاصاً".
• ولتأكيد أن ما نشره موقع "الصحوة نت" تحت مسمى " تقرير "ليس أكثر من "شائعة" نعود إلى النص لنجد الفقرة الأولى منه هي الشائعة" الكيس بسبعة ألف...الخ" والفقرة الثانية تبدأ بنسبة الشائعة -زوراً – إلى ما يعتبره كاتب الشائعة مصدراً: " هذا ما يردده مالكي مطاحن...الخ". ثم نجد أن الفقرة لم تنتهِ إلا وقد ربطت القول المنسوب زوراً لمصدر " مجهول" بخطاب رئيس الجمهورية في مهرجان الحسينية السبت الفائت... ثم ينتقل" مروج شائعات الإخوان..." إلى سرد أكاذيب وافتراءات ينسبها لفخامة الرئيس، محاولاً ربطها بارتفاع الأسعار... ويتجاهل هذا المروج أن شائعته التي أسماها " تقريراً" بدأت بالحديث عن أسعار القمح.. وهنا يظهر جلياً اعتساف الحقائق والمعلومات والتاريخ، وخرق ضوابط وقيم المهنة الصحفية، التي حددت شروطاً ومواصفات وأركاناً ومكونات للمادة الصحفية، سواء كانت خبراً أو تقريراً أو تحقيقاً أو غيره.
وثمة دليل آخر بأن كاتب " تقرير الصحوة نت " لا علاقة له بمهنة الصحافة، ويتمثل هذا الدليل بصياغة هذه الجملة " ما يردده مالكي مطاحن مادة القمح".. إذ أن صياغتها الصحفية " ما يردده مالكو مطاحن.." هذا الدليل والأدلة السابقة لا تنسف -فقط -مهنية كاتب " التقرير الأكذوبة"... بل ومهنية القائمين على "الصحوة نت" الذين يتضح من هذا النموذج ونماذج أخرى كثيرة أنهم مجرد مروجي شائعات" وليس لهم علاقة بالمهنية الصحفية وأبجديات العمل الصحفي...! خاصة وأننا جمعياً نعلم أن المادة الصحفية التي تُنشر لا يتم تحميلها على الموقع أو إخراجها على الصحيفة إلا بعد أن تُجاز من رئيس التحرير، وتمر بطابور من العاملين في هيئة التحرير والمراجعين والمدققين اللغويين والفنيين...الخ.
• لم أكن أود أن أتعامل مع زيف "الإخوان" وأراجيف ما تنتجه مطابخهم وتبثه وسائلهم من شائعات تضلل الرأي العام وتستهدف الخصوم السياسيين، وتجسِّد إفلاس هؤلاء من خطاب رزين ومنطق سليم، ورؤى ناضجة وأداء سياسي برامجي مقنع... إذا أن مثل هكذا إفلاس ليس محصوراً على تجمع "الإخوان" أداءً وخطاباً وتسويقاً .. فما أكثر الشائعات التي تُطبخ في دهاليز الأحزاب... وما أكثر ما نقرأ منها ونسمع في صحف ومنشورات وخطابات ..إلخ.. ولكن أن تصل الصفاقة درجة تحريف أقوال الآخرين، وقلب الحقائق... ومسخ قيم المهنة الصحفية... والانحراف عن قدسية الرسالة الإنسانية التي وجدت من أجلها الصحافة، فإن هذا يقتضي منا - نحن أبناء ومنتسبي هذا المهنة -أن ننتصر لقيمها ونتصدى لمن ينتهكون شرفها ويجردونها من كل قيمة إنسانية نبيلة وهذا أولاً.
•
أما ثانياً: فإن التناغم الملحوظ ( بين مروجي الشائعات والأكاذيب على صفحات الصحف ونوافذ المواقع الإلكترونية ، وبين مروجين من طراز آخر يطالعوننا بنفس الشائعات من فوق منابر المساجد ) أمر يستحق أن نقف أمامه ونستشعر المسئولية الدينية والإنسانية والوطنية والمهنية إزاء مثل هكذا انحراف ديني ووطني وقيمي.
أما ثالثاً: فإن إخواننا في تجمع الإصلاح كانوا -وما زالوا وقد يظلون -يدعون الصدارة -إن لم نقل الانفراد -في التمسك بدين الله وشريعة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا الإدعاء يتطلب التزاماً فعلياً بقيم الدين الإسلامي الحنيف وسلوكيات المؤمنين الأتقياء، التي لا تلتقي مع الكذب والتضليل والزيف والخداع عموماً، فضلاً عن أن من ينصب نفسه داعية إلى سبيل ربه ملزمٌ قبل غير ه -بالاستقامة وتجسيد المثل والأخلاقيات والمبادئ والقيم الدينية السوية، التي ليس منها الكذب والتضليل ومناقضة الأقوال بالأفعال.... وهذا ما ندعو إليه الإخوان في تجمع الإصلاح التزاماً بأمر الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ كَبُرَ مقتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ ".
وامتثالاً لما نهى عنه سبحانه بقوله ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ).
وتجنباً للوقوع تحت طائلة التوصيف الإلهي : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ". صدق الله العظيم.
• وبصرف النظر عن متطلبات العمل الحزبي، فإن هذه المتطلبات لا تبرر لمن يعتبرون أنفسهم دعاة أن يكذبوا ويحرفوا ويحاولوا تزييف الوعي ما داموا يقدمون أنفسهم حماة للدين القويم، لأنهم إن فعلوا ذلك أساءوا للدين وللدعوة في سيبل الله،ولغيرهم من الدعاة الصالحين بما يقدمون من قدوة سيئة...... اللهم فأشهد.
|