الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:56 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأحد, 16-مارس-2008
المؤتمر نت -   نجيب غلاب -
إيران ودول الخليج والبحث عن السلام
تمثل إستراتيجية إعادة بناء الثقة، وتجاوز سوء الظن وتبادل الاتهامات بين إيران ودول مجلس التعاون، مدخل أساسي لتأسيس حوار حول بناء شراكة حقيقية، ولكن التيار المحافظ الذي يعبر عن رؤيته الرئيس أحمدي نجاد جعل المسألة تتجه نحو المواجهة، فقد عمق خطابه المتطرف وإستراتيجيتهم لأمن المنطقة إلى إفشال الحوار إعاقة وسياسات تنمية المصالح المتبادلة التي تبنتها إدارة الرئيس خاتمي.
ومن الواضح أن دول الخليج تتبنى مبادرة توسيع آفاق التعاون مع إيران وتعمل بجد من أجل بناء توافق حول السياسات الكفيلة بحماية امن المنطقة، فالظروف الدولية الراهنة والتجارب السابقة للمجلس تدفع دول المجلس نحو إعادة تعمير النظرة الإستراتيجية للمجلس، بحيث يصبح مجلس التعاون وعلاقاته الإقليمية والدولية مؤسسة على التوازن والتوافق وبما يسهم في دعم الاستقرار والسلام.
ومن المؤكد أن صانع القرار الخليجي يدرك بوضوح أن المنظومة الأمنية الحالية في ظل الصراع الأمريكي الإيراني باتت تشكل خطرا على دول مجلس التعاون، لذا فأن صانع القرار الخليجي يتبنى سياسة فتح آفاق الحوار القادر على فك شفرات التطرف لدى طهران وواشنطن من خلال تخفيف المخاوف المتبادلة ولكن حتى اللحظة على ما يبد ان دول المجلس عاجزة عن تعديل مواقف المتصارعين على النفوذ والمصالح.
ما يعيق دول مجلس التعاون من الانفتاح على إيران في المرحلة الراهنة هو تعاظم الطموح الإيراني ونزوعه الجاد للسيطرة على المنطقة وفرض مصالح طهران بممارسة الإرهاب الناعم وفرض نفوذها بعناد وتحدي وأحيانا بإتباع سياسة التعالي والتجاهل للمنظومة العربية ككل.
والمتابع يلاحظ أن هناك تيارين في الخليج لمواجهة إيران التيار الأول ويمكن تسميته بالمتفائل وهذا التيار مقتنع أن انفتاح دول مجلس التعاون على إيران ربما يؤدي إلى سحب إيران إلى خانة الاعتدال، وهو من جانب آخر بلاغ واضح للقوى الغربية أن دول الخليج كمنظومة تضع إستراتيجية الانفتاح على إيران ومساعدتها في قراءة مصالحها يمثل طريقا لمواجهة مواقفها المتشددة.
وهذا الانفتاح حسب ما يطرح هذا التيار ضروري لطمأنة النخبة الإيرانية، فالنظام الإيراني الذي يشكل الهاجس الأمني أساس حركته وسياساته، يسعى لامتلاك القوة الرادعة بسبب الخوف الذي يسيطر على النخبة الإيرانية من الإستراتيجية الأمريكية التي تتبنى إسقاط النظام كما تعتقد النخبة في طهران، لذا فأن سعيها لامتلاك القوة الرادعة وتدخلها في الشأن العربي هو في الغالب هو نتاج عقدة أمنية وخوف على نظام الملالي من السقوط، وفي هذه الحالة فان ضمان أمن إيران ونظامها الحالي سيشكل المدخل الأساسي لإدماج إيران في المنظومة الإقليمية والعالمية.
ويؤكد هذا التيار أن ضمان أمن إيران ونظامها في غاية الأهمية بالنسبة لدول مجلس التعاون، فأمن المنطقة ككل مهم جدا لدول المجلس لان ذلك يسهل لها تحقيق تنميتها الداخلية بكافة أبعادها، والبناء الداخلي يشكل البوابة الرئيسية لتعمير القوة بمفهومها الشامل حتى تتمكن دول المجلس من مواجهة المستقبل.
ويؤكد هذا التيار أن دول المجلس أصبحت جزء فاعلا لا يتجزأ من المنظومة الرأسمالية، وقوة لا يمكن أن يستهان بها، فالنفط وتراكم الثروات والتنمية التي تم تكوينها في المراحل السابقة كل ذلك جعلها قوة أساسية في المنظومة، وربما تلعب في المستقبل دورا رئيسيا في المنظومة الدولية بأبعادها الاقتصادية والسياسية والثقافية، والنجاحات الداخلية ومستقبل الخليج المزدهر مرهون باستقرار الوضع الإقليمي في الخليج والشرق الأوسط.
ونتيجة لذلك فان دول المجلس مطالبة بشكل دائم لتبني السياسات التي تركز على الحلول السلمية لمشاكل المنطقة، وهذا يتطلب من صانع القرار في الخليج أن يقاوم ويرفض لأي تسويات تقوم على القوة.
أما التيار الثاني ويمكن تسميته بالواقعي الوطني فأنه يتفق مع طرح التيار المتفائل ولكنه يتبنى موقف متشدد من طهران ويطرح فكرة المواجهة معها ووقفها عند حدّها واستخدام القوة الناعمة التي تحمل في مضمونها الضغط وطرح المواجهة، فالتيارمقتنع أن خيار التعايش الإقليمي أصبح في حكم المحتم، فالأمن القومي لدول الخليج في ظل المتغيرات الراهنة، يتطلب من صانع القرار أن يتجاوز الماضي وأن يؤسس لعلاقات متوازنة مع كل الأطراف الإقليمية والدولية، وأن على دول الخليج أن تمارس الضغوط على الأطراف الإقليمية والدولية لاعتماد سياسات هدفها ضمان أمن المنطقة تقوم على المشاركة الجماعية.
إلا ان هذا التيار يرى أن خيار القوة بالتحالف مع القوى الدولية قد يصبح ضروري لمواجهة التطرف الإيراني، فالسلام والتعايش مع إيران قد يكون بحاجة إلى معركة لا ترك الحبل على الغارب والتعامل مع إيران بعقل النعامة ربما يفقد دول الخليج والمنظومة العربية الكثير من المصالح لصالح النفوذ الغربي والإيراني.
وهذا التيار الوطني يتبني إستراتيجية أمنية مؤسسة على سياسات التعايش الإقليمي وسياسات بناء السلام الخادم لمصالح شعوب دول المنطقة ولمصالح الأطراف الدولية ذات الصلة ويعتبر ذلك مسألة في غاية الأهمية لتحقيق مصالح دول مجلس التعاون، على شرط أن يكون الأمن الإقليمي مناط أساسا بدول المنطقة ولا يمنع ذلك من التدخل الخارجي بما لا يخل بمصالح جميع الأطراف في الإقليم.
وهذه التيار يتبنى سياسة البحث عن شركاء دوليين داعمين لهذه الإستراتيجية، بما في ذلك البحث عن شركاء في الداخل الأمريكي لديهم رؤية مرنة تؤسس للمصالح بما يخدم الاستقرار والسلام ولديها قدرة على تفهم المصالح المادية والمعنوية للشعوب، ويمثل التعاون كما يطرح هذا التيار مع التيار الإصلاحي داخل إيران ودعم سياساته المرنة ضرورة إستراتيجية لدعم إستراتيجية السلام في الخليج والمنطقة عموما.
ويطرح هذا التيار بوضوح وقوة أن إدماج اليمن في منظومة دول مجلس التعاون لابد أن يكون من ضمن المرتكزات الجوهرية لأي إستراتيجية جديدة لبناء السلام وتحقيق التعايش الإقليمي، فأمن اليمن واستقراره مرهون بتأهيله ليصبح العضو السابع في مجلس التعاون، وذلك يمثل من أقوى الضمانات لأمن المنطقة ومستقبلها المزدهر بإذن الله.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر