المؤتمرنت - وكالات - معارك البصرة: 50 قتيلاً واختطاف30 شرطياً أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أن الأخير قرر منح المسلحين الشيعة التابعين لجيش المهدي المقرب من رجل الدين، مقتدى الصدر، 72 ساعة لتسليم أسلحتهم بعد المعارك الطاحنة التي تندلع نيرانها في شوارع المدينة وأرجاء أخرى من البلاد منذ الثلاثاء.
وقد عادت الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي إلى شوارع البصرة وبعض المدن الجنوبية الأخرى بين المسلحين والقوى الأمنية، كما سجلت صدامات في ستة أحياء على الأقل من مدينة الصدر في بغداد.
وبالتزامن، أعلنت السفارة الأمريكية في بيان أصدرته الأربعاء أن موظفاً تابعاً للحكومة الأمريكية قضى متأثراً جراح أصيب بها خلال قصف المنطقة الخضراء قبل يومين، بينما يبقى مواطن أردني في حالة حرجة.
وكان مسؤولون عراقيون قد أكدوا أن حصيلة المواجهات بين عناصر "جيش المهدي" المقرب من الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، وقوات الأمن العراقية الثلاثاء، أسفرت عن مقتل 50 شخصاً وجرح 120 آخرين بعد معارك عنيفة بدأت في مدينة البصرة الجنوبية قبل أن تنتقل إلى قلب العاصمة بغداد، ومدن أخرى.
وقال مصدر مطلع في محافظة البصرة لشبكة CNN إن عناصر "جيش المهدي" تمكنت من اختطاف ما يقارب 30 شرطياً خلال المواجهات، وأن رئيس الوزراء، نوري المالكي، وصل إلى المدينة دون إعلان مسبق بمتابعة الأوضاع عن كثب وأن قوات الأمن تسيطر حالياً على معظم أجزاء البصرة.
بالمقابل، انتقدت قيادات في التيار الصدري العملية، ووضع ناصر الربيعي، أحد أركان التيار المواجهات في إطار التحضير لانتخابات المحافظات المقررة مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قائلاً إن الجيش العراقي "يستعمل كأداة لأهداف سياسية."
ورأى بعض الخبراء أن المواجهات تمثل التحدي الأبرز للهدنة التي كان الصدر قد أعلنها الصيف الماضي وجددها مؤخراً، والتي استقبلتها قيادة الجيش الأمريكي في العراق بترحيب شديد، مشيرة إلى أنها مسؤولة بصورة كبيرة عن خفض نسبة العنف في البلاد.
وأضاف المصدر المطلع في محافظة البصرة، والذي رفض ذكر اسمه، إن ضحايا المواجهات هم من بين العسكريين والمسلحين والمدنيين على حد سواء، وأن أصوات التفجيرات ظلت تسمع في أرجاء البصرة حتى وقت متأخر من ليل الثلاثاء رغم سيطرة الوحدات الأمنية على معظم أحيائها.
بينما كشفت مصادر في وزارة الداخلية العراقية أن المعارك في المدنية بدأت مع دخول قوات الأمن إلى معاقل جيش المهدي لاعتقال أربعين مطلوباً بزرع عبوات، وقد اصطدمت هناك بعناصر مزودة بقنابل وصواريخ وبنادق رشاشة.
وأوردت تقارير صحفية نقلاً عن شهود عيان أن عناصر "جيش المهدي" تمكنوا من نسف جزء من جسر حيوي شمالي البصرة لعرقلة تحركات قوات الأمن.
وبموازاة المواجهة بين "جيش المهدي" والقوى الأمنية، اندلعت معارك جانبية بين "جيش المهدي" من جهة، وعناصر "فيلق بدر" التابع للمجلس الإسلامي الأعلى بقيادة الزعيم الشيعي عبدالعزيز الحكيم، أبرز منافسي الصدر في الوسط الشيعي.
كما انهمرت دفعات من الصواريخ وقذائف الهاون على مواقع أمريكية حول بغداد مما أدى إلى مقتل جندي أمريكي، وقد حمّل المقدم ستيفن ستوفر، الناطق باسم الجيش الأمريكي مسؤولية الهجوم لعناصر غير منضبطة من جيش المهدي قال إنها "خرقت قرار الهدنة."
وتأتي المواجهات بعد شهر من قرار الصدر، تمديد الهدنة التي أعلنها الصيف الماضي لستة أشهر إضافية، الأمر الذي كان موضع ترحيب الولايات المتحدة التي تعتبر تلك الهدنة مسؤولة بشكل كبير عن تراجع العنف بالعراق.
وكان مصدر مطلع قد أكد في فبراير/شباط الماضي أن مكتب الصدر في النجف أرسل رسالة مختومة إلى جميع المكاتب التابعة له، والموزعة في أنحاء العراق أعلمهم فيها بقرار تمديد الهدنة.
وقد لاقت الخطوة استحسان القوات الأمريكية في العراق، خاصة وأنها تعتبر أن تجميد عمليات جيش المهدي خلال الفترة الماضية، كان له أبعد الأثر في تهدئة العنف في البلاد خلال الفترة الماضية والتركيز على التصدي لتنظيم "القاعدة".
ولقيت خطوة الصدر أيضاً ترحيب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، ستيفان ديمستورا، الذي أعرب عن أمله في أن تساعد الخطوة على "وضع حد للعنف وتعزيز التقدم نحو الحوار الوطني والمصالحة،" حاثاً الأطراف العراقية على القيام يما يلزم لدخول "حوار بناء" والقيام بخطوات تعزز الثقة المتبادلة.
وكان الصدر قد أعلن تجميد العمليات في أواخر أغسطس/آب الماضي، بعد معارك دموية خاضها جيش المهدي مع مقاتلين تابعين لفصائل شيعية أخرى، في مقدمتها عناصر تابعة للمجلس الإسلامي الأعلى في العراق بكربلاء ومدن الجنوب.
|