الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:27 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الجمعة, 28-مارس-2008
المؤتمر نت - محمد حسين العيدروس محمد حسين العيدروس -
الضجيج لا يغير الحقيقة
حريات الرأي والتعبير والصحافة في بلادنا أضحت أشد ما يذهل الوافدين عليها فالكل بخوض في ما شاء، والكل يكتب في ما يجيش في صدره من هموم أو مواجع.. وبقدر ما يظن المرء أنه كان جريئاً في طرحه بقدر ما تتعاظم دهشة الآخرين أن ثقافة هذا البلد الفقير الذي لم يكن قبل عقدين إلاّ نسياً منسيا في أقصى جنوب الجزيرة العربية تتسع لكل هذا السجال!.
في وقتنا الحاضر، لم يعد أحد يكتفي بالكلام في الصحف والمواقع الالكترونية، فمظاهر الاعتصامات والمسيرات لم تعد تفارق شوارعنا، بل تحولت واجهة رئاسة الوزراء إلى ساحة للديمقراطية، ومنبر يهتف منه الجميع مطمئناً أن صوته سيبلغ آذان الحكومة، وأن اللافتات التي يرفعها سيقرأها السادة الوزراء وكل من دخل بوابة المجلس بما في ذلك ضيوف اليمن.. فلم يعد أحدنا خائفاً من المطالبة بحق أو امتياز جديد ولا يخطر في باله أن ثمة بوليسا سريا سيداهم بيته إذا ما همس بشيء من عدم الرضا عن الدولة كما كان يجري في عهود سابقة!!.
فمن قال إذن أن اليمن ليست بخير!! ومن قال أن الحراك الدائر في ساحتنا لا يمثل نموذجاً متفوقاً على ظروفه، وعمر تجربته، وإمكانياته، وواقعه؟ ومن قال أننا بلد لا يحسن انتقاء خياراته السياسية أو لا يستحق الديمقراطية؟.
فعندما يحتشد ما بين (900-1000) مستثمر في حضرموت من دول مختلفة في العالم فإنه ينبغي على الجميع أن يدرك في الحال أن ذلك لم يأت عبثاً، أو محض صدفة بل قناعة من المجتمع الدولي بحكمة القيادة السياسية اليمنية، وبقدراتها في موازنة الحراك السياسي، وضبط لجام الممارسات الديمقراطية متى ما رأتها قد تجاوزت حدودها الآمنة وأخلاقياتها التي ينبغي أن تكون عليها بما يتوافق مع ثوابتنا الوطنية، وعقيدتنا الإسلامية وقيمنا وموروثنا الثقافي والحضاري الذي عرفنا به العالم.
البعض ظن أن الممارسات الخاطئة التي تحدث في هذه المدينة أو تلك، ومن هذه القوة السياسية أو سواها قد تكون بمثابة "لغة الديمقراطية" وخيل له أن قيادة اليمن لم تكن متوقعة مثل هذه الأمور.. وهذا هو الوهم بعينه لمن تساوره مثل تلك الظنون فالأخ الرئيس علي عبدالله صالح - حفظه الله- حين ناقشته القوى الوطنية في أغسطس 1982م حول خيارات العمل السياسي للمؤتمر الشعبي العام الذي تأسس في ذلك الحين، وطرح أمامه موضوع التعددية الحزبية، قال: لا ينبغي القفز فوق المراحل وأن علينا أن نعد الكوادر ونكون تجارب لنكون مؤهلين للانتقال إلى التعددية الحزبية لأن شعبنا لم يسبق له أن مارس الديمقراطية في كل العهود التي مرت عليه!!.
وبالتالي فإن المسألة لا تتعدى أن تكون تراكم خوض تجارب، وتراكم خبرات ومهارات لدى مختلف القوى السياسية الوطنية وصولاً إلى الممارسات الناضجة السليمة التي تكفل لبلدنا فرصاً أوفر من التطور والتقدم.. وهذه هي قناعة قيادتنا السياسية اليوم في ما يدور على الساحة الوطنية من حراك سياسي يفتقر بعضه لبعد النظر أو للحكمة وقد يترتب عليه خطأ هنا أو هناك إلا أنه بدون أدنى شك لن يكون الخطأ القاصم لظهر الوطن بقدر ما هي أخطاء بسيطة بمقدور القوى الوطنية الاستفادة منها وتحويلها إلى تجارب تثري عملها السياسي الوطني.
إن خوض التجربة الديمقراطية بمختلف ممارستها المكفولة دستورياً هو أفضل بكثير من التخوف منها والعيش في تقوقع وعزلة عن العالم. هذه هي خصوصية تجربتنا اليمنية ومثلما تستفيد القوى الوطنية من تراكم تجاربها فإن الدولة أيضاً تحرص على رصد الحراك السياسي اليومي وتشخيص اتجاهاته وتقييمه واستلهام العبر منه وبلورة رؤى جديدة للأخذ ببث الديمقراطية نحو آفاق أوسع وممارسات أكثر وعياً ومسئولية وقدرة على بلوغ ما يطمح إليه شعبنا.
اليمن بألف خير ومن يقول أنها ليست بخير فليتأمل قليلاً في هذا الحراك اليومي الذي لم يكن ممكناً أن يحدث في يوم من الأيام لولا سعة إدراك القيادة السياسية لواقع الحياة الاجتماعية والثقافية وما يمكن أن تفرزه من مظاهر سلوكية قد تبدو للبعض انحرافاً لكنها في نظر مهندس التجربة الديمقراطية الأخ رئيس الجمهورية ليست إلاّ مخاض مرحلة انتقالية من الشمولية إلى اللا مركزية من خلال حكم محلي واسع الصلاحيات.. أوَليست هذه قمة الخير والفضيلة والعزة التي يرجوها المواطن اليمني؟!
الذين يدعون أن اليمن ليست بخير هم أنفسهم الذين يتظاهرون هاتفين "لا حزبية بعد اليوم" فهم لا يريدون صوتاً يعلو على صوت حزبهم الواحد ولا رأياً ينتقد ممارساتهم وفسادهم ويريدون أن يحكموا البلد كما لو كانوا آلهة جاهلية توجب على الجميع تقديم عهود الولاء والطاعة وإحناء الرؤوس بين أيديهم بينما ديمقراطيتنا لا ترتضي للإنسان اليمني غير رفع الرأس عالياً عزيزاً مفاخراً بجرأته وحرياته، وبكل ما يمارسه ومتفائلاً بالغد الذي لم تعد السلطة وحدها المسئولة عن صناعته بل كل مواطن مساهم فيه بفضل مشاركته الانتخابية وتمثيله البرلماني والسلطات المتعددة التي تدير دفة الوطن.
فمن قال أننا لسنا بخير؟!! ألا يكفينا وحدة صفوفنا وتكافلنا وتراحمنا وأخلاقنا السمحة التي نتعامل بها؟!! لنحمد الله ولنقل أن اليمن بخير، ولندع الله أن يديم خيره وأمنه وسلامه على الوطن وجميع أبنائه.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر