الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:33 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
السبت, 29-مارس-2008
المؤتمر نت -  د/ رؤوفة حسن* د/ رؤوفة حسن* -
عائشة وأفراح ومديحة
عائشة آرنؤوط، شاعرة وروائية سورية تعيش في باريس، عرفتها مع زوجها الرسام صخر فرزات في بداية استقراري لتحضير الدكتوراه في فرنسا. كانت هي وابنهما العائلة التي أشعر بالأمان لوجودهما جواري.
كنت أحيانا أقرأ أشعار عائشة وأتناقش مع زوجها في مدارس الفنون التشكيلية المختلفة. وأحيانا أخرى كان يعرفني على المعارض المختلفة التي تزخر بها متاحف فرنسا، وبيوت مشاهير الرسامين العالميين المختلفة.

ومرة قرر صخر أن يقيم معرضا للوحاته في صنعاء فاستضافته عائلتي وتعرف على المدينة وفنانيها لكن الترتيبات الرسمية لم تتم كما كان يرغب فلم تعرض لوحاته في اليمن. وبعد أن أنهيت دراستي، كان بيتهما موقعا لزيارتي كلما مررت إلى تلك المدينة. آخر مرة تعشيت في منزلهما قبل عامين.
توادعنا وقلنا إننا سنواصل إطلاع بعضنا على الأخبار وكالعادة ننشغل وننسى. حتى وصلتني رسالة من عائشة في أول شهر مارس تسأل إذا كان عنوان بريدي الالكتروني لا يزال هو نفسه. فرحت ورددت عليها بسرعة أسألها كيف هي وكيف زوجها وابنها. ردت في اليوم التالي أن صخر قد انتقل إلى رحمة الله.
حدقت عيناي في الكلمات على شاشة الكمبيوتر ولم أعرف كيف أرد. دعوتها لزيارة سقطرى لتغسل فوق الرمل الأبيض مع زبد البحر أحزانها. قالت شريطة أن تكوني معي فقد تعبت من المونولوج مع نفسي وأرغب في ديالوج مع صديقة.. فقد مضى عام منذ توفي صخر!.
ثم لفتت نظري إلى مقال كتبته بمناسبة حلول ذكراه فيه بعض ما استطاعت قوله عن زوجها. كان موته مفاجئا دون توقع، وكانت صدمتها هائلة. خلال هذا العام الذي غرقت فيه داخل أحزانها كتبت رواية طويلة هي في طريقها في البريد ولم تصلني بعد. أظنها كانت طريقتها في الحداد.
رحم الله صخرا، وأسكنه وفسيح جناته، وألهم عائشة وابنها الصبر والسلوان.
المكلا وأفراح:
منذ أن أقمت في المكلا عام 2006م معرض رداء الدولة ومكونات الهوية وأنا أعتبر أن لي في تلك المدينة صديقة عزيزة. أفراح محمد جمعة خان، ابنة الفنان الحضرمي الشهير هي نفسها شخصية مشهورة ومحبوبة في حضرموت عبر إذاعة المكلا.
كالعادة كلما وصلت تلك المدينة يكون الاتصال بها هاتفيا من أولوياتي قبل أي عمل آخر. وصلت للتدريب في دورة لمناصرة وصول النساء إلى البرلمان، فاتصلت بها جزلة فرحة أسألها عن حالها وحال أسرتها. رد صوتها الواهن للمرة الأولى في أذني فعجبت. قلت عسى ما شر.هل أنت مريضة؟ ردت توفي زوجي منذ أقل من شهر. صعقت على سماعة الهاتف وانعقد لساني. ذهبت في العصر إلى منزلها للعزاء. تحدثنا طويلا، كان موته غير مصدق، فقد قضى المساء في مقر الحزب يحضر لمسيرة ستقام اليوم التالي، وفي آخر الليل استلقى قليلا لينام لكنه لم يستيقظ بعدها أبدا.
حدثتني أفراح عن حال حزنها، عن عدم قدرتها على ترتيب أوراقه أو النظر إلى غرفته. عادت عائشة وحزنها إلى ذاكرتي، واقترحت على أفراح الحزينة أن تحاول صب أحزانها على الورق.
مديحة حزن آخر
عند موت الممثلة المسرحية والتلفزيونية مديحة الحيدري لم أتمكن من كتابة كلمة عزاء واحدة. هي أيضا كان موتها مفاجئا. وفي بلد يكون التمثيل فيه أو العمل في مجال الفنون هذه الأيام جريمة، فإن الذين كتبوا عنها، كانوا قلة وكان معظمهم يعرفون القليل عن مسيرتها الفنية. وأنا التي أعرفها بدرجة أكبر قليلا، لم أستطع الكتابة، واضح أنني لا أستطيع التعامل مع الحزن الشديد. وعند علمي بوفاة صخر فرزات لم أجد طريقة للتعبير عن صدمتي بوفاته، ولا الكتابة عن لوحاته التي كان الماء مادة التركيز ومضمون محتواها الأساسي.
وأمام أفراح الحزينة، سالت من عينها دمعة، وحاولت أنا أن أحدثها عن أمور أخرى. أردت منها أن تكتب حزنها بالحروف، مع أنني صاحبة الحروف لا أستطيع سوى أن استجمع تراكمات أحزاني وأنثرها في خلاصة مقال يحمل عبئها القراء معي لأن الحزن يخف بالمشاركة.
رحم الله فرزات، وبامطرف (زوج أفراح)، وتغمد بواسع جناته مديحة والصبر والسلوان لبناتها.
[email protected]
*عن الثورة




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر