بقلم /الدكتور عبدالعزيز المقالح - تأملات في المسألة الديمقراطية
حرية الانسان هي المبتدأ ، مبتدأ وجوده الحقيقي كانسان ومبتدأ حضوره الفاعل في وطنه وبين مواطنيه وفي المجتمع الانساني بعامة باعتبار الحرية قيمة ابداعية لاتتحقق في وجود الخوف والقمع بأشكاله المادية والمعنوية. ولاشيء يلفت الاهتمام في متن التاريخ وهوامشه اكثر من متابعة نضال الإنسان وكفاحه من اجل الحرية، هذا الهدف العظيم الذي تتضاءل معه كل الأهداف والاحلام.
لكن، هذا الهدف العظيم يصبح بلامعنى حين يتحول الى وسيلة اعلامية رخيصة يستغلها الاقوياء لفرض وصايتهم وهيمنتهم على الشعوب الاقل نمواً والاقل قوة واستعداداً للمواجهة. ومن المحزن ان يجد الاقوياء في الحرية والديمقراطية وفي حقوق الإنسان غطاء جميلاً للتسلل الى حياة الشعوب، وان يتحول الجلادون والغزاة الى اساتذة والى معلمين وأصحاب معاهد لتعليم الديمقراطية وإعداد المواطنين اللبراليين، ومافي ذلك كله من سخرية بالبشر وعدم ثقة بما اكتسبوه من وعي بأهمية الحرية ومساواتها بالحياة، يضاف الى ذلك ان الديمقراطية حالة من الوعي المتقدم لدى الشعوب وهي لا تنتقل بالعدوى ولا تتحقق بالتعليم عن طريق فتح المعاهد والكليات الديمقراطية وإقامة الدورات التدريبية القصيرة أو الطويلة وانما هي ممارسة عملية وشعور راق بالحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطن ونظام الحكم في بلاده وعبر آليات خالية من التعقيد والتعمية والالزام والارغام.
ولهذا يمكن القول ان العالم الثالث - ونحن العرب في قلب الدائرة منه - يتعرض لما يمكن تسميته بوضوح لايقبل اللبس بالارغام الديمقراطي، مما يجعل هذه الشعوب التي هي أحوج ماتكون الى أي شكل من اشكال الديمقراطية والعدل الاجتماعي تنفر منها لاسيما حين تكون مصحوبة بالتهديد والوعيد او حين تأتي على ظهر الدبابات وعلى رؤوس الصواريخ . ولذلك ستظل الديمقراطية المفروضة من الخارج مرفوضة حتى لوجاءت في قوالب من الشكولاتة لما يترتب على ذلك من سلب للارادة الانسانية واحتقار لقرارات البشر على تغيير ما بأنفسهم من ظلم وما بأوطانهم من طغيان وفساد واستغلال، وتبدو الاهانة للشعوب اكبر عندما يتم تفصيل نوع خاص من الديمقراطية يتناسب مع رؤية الاقوياء وتكون مهمتها الاشادة بالغزاة وبدورهم التنويري والتحريري !!
أي ديمقراطية ستقوم في بلد على مستنقعات الدم والاحتراب الاهلي؟ وأي حقوق انسان سوف تتأسس مع المـــذابــح والتعذيب والاعتقال الجماعي ؟ ان الديمقراطية ليست غاية في ذاتها وحقوق الانسان ليست كلاماً جميلاً ولا خطباً تلقى في المحافل والمهرجانات وكان على الذين يسعون الى نشر الديمقراطيـــة وفـــــرضها عــلى الشعوب ان يبدأوا - لو كانوا صادقين - من هناك، من فلسطين حيث القتل اليومي والانتهاكات التي لم يشهد لها التاريخ القديم والحديث مثيلاً، وحيث يتم اصطياد الاطفال الابرياء بالرصاص الحي لانهم يقذفون الغزاة المحتلين بالحصى واحياناً بالنظرات الساخطة تعبيراً عن رفضهم لوجود الاحتلال على ارضهم التي طال استلابها وعذابها ولم تجد من دعاة الديمقراطية وانصار حقوق الانسان من يلتفت الى مأساتها أو يقف بمسؤولية تجاه ماينزل بأبنائها من تعذيب متواصل ومحاولات إبادة لاتتوقف.
لقد كان اكثر ماشدني واثار اعجابي في مؤتمر صنعاء الاقليمي حول الديمقراطية هو وجود منظمة تدعى (منظمة لا سلام بدون عدالة) ولا ابالغ اذا ما قلت ان هذه الجملة التي يتألف منها اسم المنظمة قد قد كانت الشعار المتألق الذي استأثر بمشاعر المشاركين في المؤتمر لما تختزله كلمات هذا الشعار المتألق من حقيقة الواقع الكئيب الذي يلف العالم كله وليس منطقة أو أمة بعينها فغياب العدل يشكل قاسماً مشتركاً بين سكان الارض المتقدمين منهم والمتخلفين، وهذا الغياب يشكل البؤر الخطيرة للعنصرية والفقر والجهل والارهاب والتطرف والتخلف. ولاسلام ولا استقرار في العالم بدون عدالة، وبدون حقوق واضحة المعنى محددة المعالم.
> الشاعر عبدالمجيد التركي في اعترافاته المائية:
قصائد هذا الشاعر في ديوانه الاول تنطوي على شحنة إشراق وابهار. ومنذ العنوان تشعر انك تستقبل شاعراً مبدعاً ذا موهبة متميزة واحساس عميق بالشعر. في الديوان عدد من القصائد البيتية (العمودية) لم تتمكن بعد من التخلص من هيمنة شاعر كبير أتمنى على الشاعر عبدالمجيد ان يوسع من قراءاته الشعرية ليتمكن من الخلاص المطلوب من هذه الهيمنة ليكون له في عمودياته صوته الخاص مثلما في بقية قصائد الديوان ذات الروح التجديدية البديعة.
تأملات شعرية:
الى أين تمضي بنا ياكلامْ ؟!
القصيدة جاهزةٌ
والمدافن
والخطب الباذخات
ووعدٌ بأن يستقيم «جديد النظامْ»!!
نحن قومٌ من الابرياء
نحب الحياة ونعشق ألوانَها
فإلى أين تمضي بنا العاصفات
إلى أين تمضي بناء دورات الخصامْ؟!
|