بقلم-أحمديحيى الديلمي - الديمقراطية والتراث
بلا أدنى شك فإن الديمقراطية تمثل مدخلا وحيدا للتعامل مع معضلات التنمية في العالم الثالث وهي ايضا مدخل وحيد لإعادة بناء عقلية الانسان ومده بالمكونات التي تؤهله للتعامل مع التنمية كمنظومة حضارية متكاملة تسمح بإدماج فئات المجتمع ببعضها وتوفير المناخ الملائم للحديث عن تبادلية الالتزامات بين الأطراف والكيانات السياسية المختلفة. ذلك في تقديري هو مايميز مؤتمر صنعاء باعتباره خطاباً جديداً يبحث عن معالجات ومخارج تخلص المجتمعات من ربقة التخلف وتمكنها من مواجهة المشكلات التي تتسم بطابع سياسي، وتجد لها امتدادات اجتماعية وتداعيات اقتصادية وصولا الى المكونات المطلوبة لتحقيق التنمية بمفهومها الشامل كوسيلة لترسيخ الأمن والاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي بهدف تجديد مفهوم التبادل السلمي للسلطة والتفاعل الايجابي مع كل حراك يشهده الوطن عن اساس فضائل المواطنة وصدق الانتماء وتجسيدا للشعور الذي يحس معه كل مواطن انه جزء من مشروع وطني كبير في ظل المناخ الديمقراطي الذي يسهم في تقوية الروابط الاجتماعية والثقافية ويحدد أداء منظومة الحكومة المشمول برقابة شعبية تولدالقناعة على المشاركة بناء على الثقة المتبادله وتوفير الاستعداد النفسي لفهم الثوابت الوطنية ومايترتب عليها من التزامات تتعلق بحقوق وواجبات كل مواطن . من ذلك ندرك ان المسئولية الاولى لمؤتمر الديمقراطية تبدأ بتقييم التجارب الماثلة في الواقع وتنتهي بوضع استراتيجية للتعامل مع الديمقراطية بأفقها الواسع وربطها بالمكونات الحسية التي تحتم على المجتمعات انتهاج دروب الحكمة والعقل لتشخيص الحالة بعيدا عن مربع السياسة الضيق الذي فرض حضوره في الواقع وحال دون الجمع بين الاصالة والمعاصرة وبما يقنع المواطن بصدق النهج وحقه على المشاركة لذلك فإن التظاهره تمثل خطوة هامة لبلورة صيغ التجانس الواعي بين النماذج المستوردة وبين البصيرة الوطنية للجمع بين التراث ومكونات الحداثة العصرية. وجعلها مكونات ثابته للتجربة تعزز مبدأ الثقة المتبادلة وتجعل التجربة جديدة في الشكل من حيث الآليات وجديدة في المضمون من حيث الافكار المعتمدة ومن ثم تجعل الممارسة والديمقراطية مشمولة بالشفافية والحرية والتعددية واحترام حقوق الانسان وهو امر يحتم التعامل العقلاني مع الظواهر السلبية التي ترسبت في الواقع وكانت سببا في تأخر الإلمام بالمكونات الحقيقية للديمقراطية بهدف ملامسة أوجه القصور في العناصر والآليات بعيدا عن الهيلمان الطاغي للسياسه. الأمر بحاجة الى التحلي بقدر كافٍ من الجديه ووضع المكونات الذاتية امام دائرة الضوء الكاشفة من منظور ان اي مشروع وطني لايتعارض مع قيم الانفتاح على الفكر الانساني ولايمنع الاستفادة الواعية من التجارب الاخرى. فالتجارب الانسانية المتوارثة تؤكد امكانية زراعة منوذج في بيئة مخالفة فقط ان يكون النموذج ملائماً للتطبيق. فمثلا لايمكن التجانس الكلي بين نموذج قادم من عالم معرفة في مجتمع تنعدم فيه المعرفة او النماذج التي تحتم الانقياد الطوعي او التي تضفي على اصحابها دورا رسوليا لأن ذلك يخل بأهداف وآليات التغيير في البلد المستهدف ويولد الحساسيات التي تمنع التطبيق السليم لذلك أرجو ان يكون مؤتمر الديمقراطية وحقوق الانسان احدى القنوات الفاعلة للإسهام في صياغة نظرية شاملة تساعد الشعوب المتخلفة على استخلاص المعايير التي تحقق الفكرة دون المساس بالموروث الثقافي او المكون الحضاري. مع أننا نقر بوجود فيروس متخلف محيط بتجارب بلداننا الناشئة إلا ان ذلك لايعني التوطين الجيني للأفكار القادمة دون الاهتمام بمكونات الواقع التراثية فنحن لانشكو من نقص المفاهيم قدر الشكوى من قلة المعرفة او العجز عن استلهام الفكر المخزون في الواقع لتكييفه مع فكر العصر ايا كان مصدره. أخيراً: نتمنى ان يكون المؤتمر خطوة حقيقية للتحول صوب الديمقراطية الجادة وذلك اهم رهان كون التظاهره انعقدت في رحم الأرض التي اختطت أول معلم للديمقراطية.
v نقلاً عن صحيفة الثورة
|