نصر طه مصطفى -
تقارير العم سام!
ليس هناك أغرب ولا أعجب من تقارير إخواننا الأمريكان عن بلدان العالم الثالث الغلبانة سواء تلك التقارير الخاصة بحقوق الإنسان أم تلك التقارير الخاصة بالإرهاب أم غيرها من التقارير التي تعدها منظمات دولية موالية للإدارة الأمريكية وتتحول إلى أداة لابتزاز دول العالم الثالث المغلوبة على أمرها!
تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية عن أوضاع حقوق الإنسان في دول العالم الثالث تصدر مراعية لطبيعة العلاقات والمزاج السياسي الذي يحكم الإدارة تجاه هذه الدولة أو تلك... فلأن علاقاتنا في اليمن مع واشنطن كانت في العام الماضي أفضل منها في هذا العام فإن تقرير الخارجية الأمريكية عن أوضاع حقوق الإنسان في بلادنا كان في العام الماضي أفضل منه في هذا العام، ذلك أن مزاج الإدارة الأمريكية (متعكنن) منذ أواخر العام الماضي بسبب أن حكومتنا تواجه الإرهاب بمقاييسها وبتقديراتها هي وبما يخدم مصالحنا الوطنية باعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها بينما إخواننا الأمريكان يريدون أن ندخل في حرب مفتوحة مع جماعات القاعدة من صلح شأنه منهم ومن لم يصلح على السواء أي أنهم يريدوننا أن نخوض المواجهة مع هؤلاء بمقاييسهم وتقديراتهم هم... ولذلك عندما تصر بإرادتك الوطنية أن تواجه الإرهاب بأسلوبك وتقديراتك أنت تصبح مغضوبا عليك من قبل العم سام... وبكل بساطة ينطلق التقرير الآخر الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية والخاص بالإرهاب في العالم ليدعو اليمن لانتهاك حقوق الإنسان، وأي شيء قد نجده أغرب وأعجب من مثل هذا الأمر؟!
ففي الوقت الذي يتهمك تقرير حقوق الإنسان الصادر عن الخارجية الأمريكية بانتهاك حقوق الإنسان فإن تقرير الإرهاب الصادر عن نفس الوزارة يتهمك بأنك لم تقم باعتقالات بالدرجة الكافية (!) هكذا والله... كل تقرير يناقض الآخر والهدف في النهاية هو ابتزازك كدولة نامية بحاجة للدعم والمساندة لتخرج من تخلفها وكبواتها الاقتصادية... وببساطة فقد يسلط عليك العم سام بنوكه وصناديقه ومؤسساته لتؤذيك اقتصاديا طالما أنك لم تقم باعتقالات بما فيه الكفاية!
والأغرب من ذلك أن تقارير الخارجية الأمريكية تتهمك بمخالفة الدستور والقوانين النافذة والتلاعب بها، وفي الوقت ذاته يأتي رئيس المباحث الفيدرالية بذات نفسه ليطلب منك مخالفة الدستور والقانون بتسليم مطلوبين يمنيين لهم... ومهما أوضحت له أن دستورك يمنع مثل هذا الإجراء فإنه لا يفهم، وبدلا من تشجيعك على احترام الدستور والتمسك به يصر عليك أن تخالف دستورك وتسلمه هؤلاء المطلوبين... فكيف يمكن أن نثق بعد اليوم بمصداقية تقاريرهم إن كانت المزاجية والتناقضات تصل بها هذا الحد؟! ولماذا لا يحترمون خصوصية كل دولة وتقديراتها في معالجة مشكلاتها؟! فالأكيد أن العنف ليس الأسلوب الوحيد لمواجهة الإرهاب وهذا ما أثبتته تجربة اليمن في الحوار مع المنتمين لبعض تنظيمات العنف...
سلامات أبا عمرو...
ليس سهلا أن يغيب رجل دولة بحجم عبدالقادر باجمال عن الساحة الوطنية، فتأثير ذلك يمكن أن نلمسه مباشرة حتى وإن أصبح بعيدا عن السلطة التنفيذية... ومرض الأستاذ الذي قد يحتاج لوقت طويل حتى يتعافى تماما أصابني شخصيا كما أصاب الكثير من محبيه بالحزن، ومن قلوبنا جميعا نتمنى له سرعة الشفاء وأن يعود إلينا سالما معافى بإذن الله تعالى، فهو ملح الحياة السياسية في بلادنا التي لا يصبح لها طعم بدون مداخلاته بعيدة النظر ومناقشاته الموسوعية وجدالاته العميقة ورؤاه السياسية البصيرة...