إبتسام العسيري* - إلى الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم مسرح الجريمة مدينة جبلة في محافظة إب .
الجاني : في منتصف عقده الثالث .
المجني عليها عمرها سبع سنوات .
القاضي أمين شرعي غير أمين !
الحكاية فرار طفلة في السابعة من بيت زوجها إلى جارتها الممرضة لتقرضها بعضا من النقود حتى تتمكن من الذهاب إلى منزل أختها .
ترتاب الجارة لما يحدث لأروى فتسلمها إلى ضابط أمن المستشفى الذي أخضعها للتحقيق إيذانا ً بكشف خيوط جريمة جديدة تضاف إلى جريمة تزويجها وهي بهذا السن ، استنادا الى قانون جائر لم يعرف العالم مثيلا له سوى في اليمن ودولة طالبان سيئة الصيت .حيث لم يكتف التعديل الذي أدخله مجاس النواب على قانون الأحوال الشخصية بعد حرب صيف 1994 بمنع تحديد سن معينة لزواج الفتاة في اليمن ، بل أنه شطب المادة التي كانت تحدد سنا قانونية لزواج الفتاة ، واستبدلها بنص رجعي و همجي يبيح لولي الطفلة الصغيرة تزويجها قبل أن تكون صالحة للوطء بحسب رؤية الذين فرضوا علينا هذا التعديل الجائر بعد تلك الحرب المشؤومة .
الاعتداء على طفولة أروى بالضرب من قبل الزوج الوحش كان السبب الذي دفع بها إلى أن تلوذ بالنجاة من بطش يده ووحشية غرائزه.. ورويدا رويدا تسللت القضية إلى القضاء لتأخذ العدالة مجراها حيث زجر الأب وسجن الكاتب الشرعي ولاذ الزوج بالفرار من وجه العدالة.. أما أروى فها هي الآن تلعب مع أطفال كافلها عبد الله الشهلي بانتظار حكم الخلع لتعود بعدها إلى مدرستها وحياتها الطبيعية، على غرار مافعلته الطفلة نجود ذات الثماني سنوات عندما لجأت إلى القضاء لخلعها من زوجها الثلاثيني !!
لم تهدأ بعد مشاعر الإستياء والإحتجاج لما حدث للطفلة نجود إحدى ضحايا قانون الأحوال الشخصية الجائر.
لم نفق بعد من قلقنا تجاه هذا القانون الذي بغتال براءة الطفولة .
لم نستوعب بعد مبرر وجود مثل هذا القانون في بلادنا التي تتمتع بالنظام الديمقراطي، والتي وقعت على اتفاقيات دولية تحمي حقوق الانسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل.
لم يجف بعد مداد أخبار المقالات والتقارير والمواضيع والأوراق التي قدمت في الندوات التي كرست للمطالبة بتعديل هذا القانون الذي يغتال الطفولة !
ولم تتوقف بعد مآسيه المتواصلة ومسلسل ضحاياه من فتيات بعمر الزهور .
لم نفق بعد من هول مأساة نجود لنفجع بأروى طفلة السابعة التي أختطف أهلها براءتها وقتلوا أحلامها فأخرجوها من المدرسة لتزويجها بقوة القانون الجائر.
لم تهدأ بعد إحتجاجات الرأي العام ومطالب المجتمع المدني بتعديل القوانين الي تهين المرأة وتكرس التمييز ضدها بدءا بإباحة زواج القاصرات وانتهاء بعدم المساواة بين دية المرأة القتيلة والرجل القتيل!!
أين تعهدات السيد الرئيس في برنامجه الإنتخابي بتعديل القوانين التي تكرس التمييز ضد المرأة وتسئ إلى سمعة الوحدة وهي بريئة من هذه القوانين الرجعية ؟ .
كلنا نعرف ان أول مجلس لنواب دولة الوحدة ــ عندما كان شريكا الوحدة في الحكم ــ أصدر عددا من القوانين التي لم تتضمن أي إساءة أو إهانة لكرامة المرأة وحقوق الطفل. كما أنها لم تتضمن أي تشويه لصورة الوحدة على نحو ما تفعله بالوحدة وبالناس التعديلات الرجعية التي أدخلها بعض المنتصرين في حرب صيف 1994 على القوانين التي أقرها مجلس نواب دولة الوحدة بعد قيام الجمهورية اليمنية التي سنحتفل غدا بعيدها الوطني الثامن عشر .
لقد فقدت بعض القوانين التي تعدلت بعد حرب 1994 مضامينها الانسانية بعد أن قام شريكا الحرب والحكم بتعديل تلك القوانين بعد النصر .
نقرأ ونسمع بأن حزب «الإصلاح» هو المسؤول عن تعديل تلك القوانين.
قد يكون هذا صحيحا لإن حزب «الإصلاح» ونوابه في الحزب الحالي هم الذين يقفون ويصرخون ضد المشاريع التي تقدمت بها الحكومة إلى مجلس النواب لتعديل نصوص القوانين التي تهين كرامة المرأة، وتعتدي على حقوق الطفل، وتبيح تزويج الصغيرات والقاصرات، ولا تساوي بين دية القتيلة ودية القتيل !!
قرأنا في الصحف الرسمية قبل شهور أن الحكومة أحالت إلى البرلمان مشاريع لتعديل القوانين التي تكرس التمييز ضد المرأة التزاماً منها بتنفيذ تعهدات الرئيس في برنامجه الانتخابي .. ونقرأ في الصحف مقالات وتصريحات لنواب حزب «الاصلاح» يعارضون فيها تعديل هذه القوانين ويطالبون بعدم مناقشتها في مجلس النواب.
من حق حزب «الإصلاح» ان يعترض فهذا موقفه وهذا منهجه وتوجهه إزاء المرأة .. ومن حقه أيضاً أن يعترض لأنه يريد عرقلة تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس انتقاماً لفشل البرنامج الانتخابي لأحزاب «اللقاء المشترك» في الانتخابات الرئاسية!!
لكن ما يثير القلق والتساؤل هو موقف الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم والتي تشكل مركز الثقل في مجلس النواب بأغلبيتها الكاسحة جدا جدا.
لماذا تصمت هذه الأغلبية الكاسحة.. ولماذا تقف جامدة ولا تقوم بتحريك مشاريع تعديلات القوانين التي تهين المرأة وتناقشها !؟
هل صحيح ما يقوله حزب «الإصلاح» بأن نواب الحزب الحاكم يكذبون على الناس في خطبهم، وما أن يصلوا إلى مجلس النواب يكونون أكثر عداءا لحقوق المرأة من حزب «الإصلاح» ؟
لقد التزمت الحكومة بتنفيذ تعهدات الرئيس في برنامجه الإنتخابي وأحالت مشاريع القوانين إلى مجلس النواب .
فهل يلتزم مجلس النواب والكتلة البرلمانية للحزب الحاكم بمناقشة هذه القوانين والوفاء بتعهدات الرئيس في برنامجه الإنتخابي ؟
هل سيخذل أعضاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام الذي يحكم البلاد ناخبيهم الذين منحوا الحزب الحاكم أغلبية كاسحة في الانتخابات البرلمانية لعام 2003 والانتخابات الرئاسية لعام 2006 حيث فاز البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح بصفته مرشح المؤتمر الشعبي العام الذ ي يمتلك غالبية مقاعد البرلمان ؟
بالأمس نجود واليوم أروى وغدا من !؟
ماذا بعد إغتصاب الطفولة بإسم القانون ؟
ماذا بعد إهانة كرامة المرأة بإسم القانون ؟
وما قيمة تعهدات الرئيس في برنامجه الانتخابي يتعديل القوانين التي تكرس التمييز ضد المرأة إذا كانت تنام في سبات عميق داخل أدراج رئاسة مجلس النواب والكتلة البرلمانية للحزب الحاكم منذ إن أحالت الحكومة مشاريع هذه التعديلات ؟
وأخيرا لا نريد أن نصدق ما قاله الأخ يحيى محمد عبدالله صالح رئيس ملتقى الرقي والتقدم في إحدى الندوات التي إحتضنتها العاصمة صنعاء مؤخرا ، و قال فيها بكل وضوح وشجاعة أن القوى الرجعية في المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة تقف ضد الحقوق السياسية والمدنية للنساء في اليمن !!؟؟
نرجو أن لا تكون الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم رجعية وأن لا تعرقل مناقشة مشاريع التعديلات التي أحالتها الحكومة الى مجلس النواب بشأن القوانين التي تهين كرامة المرأة.. نرجوا أن لا نصدق يحيى محمد عبدالله صالح !!
نعم نرجوا أن يكون ما قاله غير صحيح حتى لا نفقد ثقتنا بالمؤتمر الشعبي العام في الانتخابات القادمة .
*عن 14 اكتوبر |