فريد باعباد -
حضرموت كيف كانت قبل الوحدة اليمنية وأنا شاهد من أهلها
لن أجادل كثيرا. ولن أتكلم كثيرا. ولن أناقش كثيرا. ولن أتطرق كثيرا. ولكنني سأتحدث عن منحا وشكلا واحدا. من حياتنا قبل الوحدة قليلا كان أم كثيرا.
ورغم تشعيبات وارتباطات كل شكل من إشكال الحياة بأمور متعددة. ألا أنني سأتناول واحدا من عصب الحياة وشريان النمو الاجتماعي والاقتصادي.
انه المواصلات بين البشر والتنقل في محافظة حضرموت فقط . قبل الوحدة اليمنية المباركة وبعدها. دون الدخول في التفاصيل والأرقام.
الكل يعرف أن المكلا عاصمة محافظة حضرموت. وهي المدينة الثانية في ترتيب المدن في الشطر الجنوبي من اليمن قبل الوحدة اليمنية المباركة.
ولكن ليس الكل يعرف أننا كنا نستخف ونستهزئ قهرا بتلك الدولة والحكومة ومجموعة القيادة التي كانت تحكم آنذاك . وهذا الاستخفاف هو نوع من أنواع المعارضة الصامطه الغير معلنه والمحرمة. فأنت تخاف من أخيك شقيقك فلايمكن لك أن تبوح علنا وتنتقد علنا. وإلا كان مصيرك في المحافظة السابعة(اصطلاحاً)هكذا كنا نقول.
المكلا بما تحمله من تاريخ ومكانه لايوجد فيها سوى شارع أو لنقل شويرع واحد فقط فأية مدينة كانت تلك !؟
لا أريد أن أقول للقارئ كيف هي طرق وشوارع المكلا الآن. فالفترة من عمر الوحدة جدا قصيرة وانجازات الطرق في المكلا جدا عظيمه. والذين عايشوا الفترتين الحمد لله لازالوا أحياء. ويروون كيف أصبحت المكلا فعلا مدينه تعج بالشوارع المتعددة. بل وأصبحت بقدرة الرجال وبمنجزات الوحدة اليمنية من أجمل المدن اليمنية بل وأجملها . تلك هي المكلا والتي كانت قبل الوحدة أشبه بالعجوز والتي تنتظر يوم دفنها .
أما بعد الوحدة فتغيرت تلك العجوز. وعادت لها الحياة والحركة وأصبح لها شوارع كمدن العالم الأخرى. وانتقلت بقدرة قادر من عجوز شمطاء لا تقوى على التحرك إلى عروس تنتظر عريسها والذي أتاها في مايو ولم يغادرها وبدأ يضخ لهادم جديد أعاد لها الحياة. منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا وكل فترة وأخرى نرى فيها شارع جديد
تلك المكلا عاصمة حضرموت قبل الوحدة اليمنية وكيف كان حالها يرثى له كونها المدينة الثانية فإذا كان ذلك الحال سائدا في المكلا فكيف كانت المناطق الأخرى !؟
حقيقة كنا في سيئون نتنقل بين مناطق الوادي (إن أجبرتنا الظروف ) وما أصعبها من ظروف بسيارات اللاندروفر الانجليزية حتى وقت قريب جدا وليس ببعيد
وتكاد تنقلات أو انتقال المرضى والنساء تضاعف معاناتهم وأنا هنا أتحدث فقط عن سيئون ومحاولها من مدن وليس الأودية الأخرى .
بل من المضحك هنا (وله دلالاته ) أننا إذا ذهبنا إلى مركز المدينة لقضاء بعض المصالح وتجاوزت الواحدة بعد الظهر ولم نعد نكون قد جنينا على أنفسنا من طول الانتظار فالحركة شبه معدومة ومشلولة والحياة والنقل في تلك الساعة تعتمد على ضربات الشمس وضربات الحظ حيث لا يمكن الفرار من ذلك .
لا شوارع مسفلته ولا تخطيط لشوارع. بل أكون واقعيا لأقول لايوجد شوارع بالأساس. والطريق الوحيد والذي يشبه شي نسميه طريق يمتد من خارج سيئون متجها إلى المكلا . تمر فيه سيارات النقل وتختفي لجزء من الساعة. وكأننا في منطقة مهجورة ذلك كان قبل الوحدة باثنتين أو ثلاث من السنين .
إذا كان الحال هكذا كان في اكبر مدن وقرى الوادي فماذا عساه يكون في المناطق الأخرى ؟ والتي يسأل سكانها أنفسهم (فقط ) باستخفاف في ذلك الوقت هل هناك دوله نحس بوجودها من خلال خدماتها وانجازاتها من الطرق والمواصلات !؟ أم أن الدولة فقط نراها ونحس بها بالرعب والاستبداد والتسلط والحكم الشمولي !؟
باختصار معاناة كل القرى والمدن في طول أودية حضرموت يصعب وصفها ويطول شرحها. ونجدها مناسبة للذكرى لنعرف الفرق الهائل فيما كنا نعانيه وكيف أصبحنا ولكنني تذكرت تصريح لمحافظ حضرموت السابق قبل سنتين من يومنا هذا المجيد. والذي يعلن فيه خطة ربط كل مديريات حضرموت بطرق مسفلته مما يساعد على انتقال المواطنين ويساهم في حركة التجارة ويدعم حركة نمو الاقتصاد في المنطقة. وأكاد اجزم ان أمنيته وأمنيتنا قد تحققت فعلا. وهي نعمة يجب أن نتذكرها ونفرح بها
حقيقة نحن الآن في حضرموت نقطف الثمار الحقيقيه من اكبر منجز حققه اليمن. ألا وهو الوحدة اليمنية. ومثلما أشرت في البداية سأتطرق إلى النقل والمواصلات فقط ، فأنت مثلا (مثلما أشرت) تشاهد المكلا وتفرح لمنجزات الطرق داخل المدينة. وتجديد وتوسعة الطريق وتعدده من ساحل حضرموت إلى وادي حضرموت.
وتذهب أينما ذهبت إلى الساحل ومدن الشحر وقصيعر وحتى حدود الشقيقة عمان. والطرق والأنفاق وتلك تعد بمئات الكيلومترات من الطرق الطويلة.
وان عرجنا إلى الجانب الغربي من المكلا. فيبدو أن المكلا قد ولدت لها فروع من المدن والشوارع المسفلتة. وحتى تتجه إلى عدن وتلك المئات من الكيلومترات المسفلتة.
لابد لي أن اذكر في هذه العجالة وفي هذه المناسبة من الذكرى الثامنة عشر من تحقيق الوحدة اليمنية. والتي لها الفضل الأول والكبير في إنشاء كل تلك المنجزات.
أقول لابد لي أن اذكر من يسكن وادي دوعن. الذي حرم في السابق من كل أشكال الحياة العصرية الحديثة من طرق ومواصلات. وقد أصبحت ابعد قرية في تلك المنطقة أصلها في خلال ساعة من الزمن. بعد أن قضيت أربع ساعات إلى أن أصل إلى قرية القويره قادما من سيئون. في رحلة تستحق الاشاره ليتذكر ذلك من أضاع ذاكرته.
ليس موضوعي هذا إنشائي وتعبير ودعاية وإعلام هذه حقائق مخطوطه ومرسومه وموجودة على الأرض. يراها ويلمسها ويعيشها من يعيش أو يذهب لأي جزء من حضرموت الآن. بل من نافلة القول أيضا أن الأشقاء في المملكة إذا أرادوا الذهاب إلى صلالة في عمان يقطعون حضرموت من شمالها إلى شرقها برا وبكل أمان .
فعلا نحن الآن في حضرموت نقطعها شمالا وجنوبا وشرقا وغرب في طرق مسفلته وبالفعل تكاد كل مديريات ومراكز المديريات قد تواصلت بالطرق الحديثة.
كل ذلك رغم اتساع هذه المحافظة الكبيرة. فشتان بين عهد الشارع الواحد في المكلا قبل الوحدة اليمنية المباركة وشبكة الطرق التي تربط كل مراكز حضرموت اليوم .
لم نعد نفكر ونطالب بسفلتة شوارع المكلا وسيئون مثلما كنا في الماضي. بل كبر طموحنا وأصبحنا نطالب أن تكون الطرق واسعة وحديثه.
كل تلك المطالب فعلا أصبحت كبيره لان اليمن بعد وحدته أصبح كبيرا ويتسع لكل قلب كبير هنيئا لنا كل تلك المنجزات فنحن شعب يستحق ذلك .
[email protected]