د.عبدالقادر مغلس* -
أيام لها تأريخ
يتميز احتفال هذا العام بالعيد الوطني الثامن عشر لقيام الجمهورية اليمنية كونه يتزامن مع الفرحة الكبيرة التي مايزال يعيشها حتى هذه اللحظة ابناء الوطن وذلك لنجاح اول عملية انتخابية لأمين العاصمة والمحافظين والتي شهدتها جميع المحافظات اليمنية يوم السبت الماضي. وهذا المنجز الديمقراطي يعتبر احد المنجزات العظيمة التي سُطرت في اسفار واضابير التأريخ اليمني قديمه وحديثه. لقد تحقق لابناء شعبنا العظيم الهدف الأسمى والحلم الأغلى الذي ظل يتوالد ويتناقل (فكرة) في عقول وبرامج وطموحات وتطلعات جيل الرواد الأوائل من شجعان اليمن من حقبة الى اخرى ومن جيل الى آخر منذ بدء انطلاق الصيحة الأولى ضد الظلم والاستبداد والتي عمت الارجاء في مطلع القرن الماضي وطالبت باشراك المواطن في اختيار حكامه, وناضل من اجل تحقيقها اليمنيون جميعا من مختلف التوجهات الحزبية والسياسية والفكرية والانتماءات الجهوية, وتعرضوا في سبيل ذلك لشتى صنوف الظلم والقهر والتشرد من جلاوزة النظام الامامي الاستبدادي الجائر والاستعمارالانجليزي البغيض وعملائهما الخونة.
* لقد وقف يوم السبت الماضي اعضاء المجالس المحلية الخيرين الشرفاء من احزاب اللقاء المشترك مع اخوانهم من الاحزاب الاخرى والمستقلين في صعيد واحد موقفا داعما ومساندا للعمل من اجل تحقيق هذا المنجز العظيم الذي تعهد بتنفيذه وتجسيده امرا واقعا في حياتنا فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية- يحفظه الله, والذي جعله احد الأهداف الرئيسية في برنامجه الانتخابي الذي نافس به في الانتخابات الرئاسية والمحلية في شهر سبتمبر عام2006 وحاز بموجبه على ثقة الشعب. وراينا اؤلئك الشرفاء في كل المحافظات وهم يقومون بدور وطني مشرف ومسؤل ضاربين عرض الحائط بالتوجيهات العلياء العرجاء الصادرة عن قيادة (اللقاء المشترك) والتي طلبت منهم المقاطعة وعدم المشاركة. وبذلك السلوك الحضاري النبيل استطاعوا ايصال رسالة قوية الى بعض قيادات المشترك التي اثبتت انها لاتجيد التعاطي مع الف باء السياسة وكشفت للناس انه لم يعد يهمها الوطن ومصالح الشعب العليا بقدر حرصها على مصالحها الشخصية الضيقة.
* لقد خسرت بعض قيادات (اللقاء المشترك) المعركة السياسية الاهم في تأريخ اليمن المعاصر وفي هذا الشهر الآعظم في تأريخ اليمن الموحد الحديث. فقد كان يوم السبت الماضي يوما مشهودا في حياة اليمنيين على الاطلاق مهما حاول اعلام المشترك الكسيح تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام والتقليل من عملية انتخاب المحافظين. وانا على يقين بان (ماكينة) المشترك الاعلامية ستظل تفرّخ الاباطيل والدعايات المغرضة وستواصل اذكاء الفتنة بين ابناء الوطن الواحد لانها اصلا وجدت من اجل ان تؤدي هذه الوظيفة غير الوطنية. لقد كانت عملية انتخاب المحافظين تجديدا حقيقيا في بنيان النظام السياسي اليمني بكل ما تحمل هذه العبارة من معنى ونال الشرف الكبير في تنفيذ هذا التجديد كل من شارك فيه سواء عبر الاقتراع اومن خلال الكلمة او الموقف الشجاع, وخسر اؤلئك الذين خابت ظنونهم وقدموا (الأنا) وحب الذات والمصلحة الشخصية على مصالح الوطن ولم يرتقوا فوق الخلافات السياسية.
* والحق يقال, فلم تكن قضية انتخاب المحافظين تهم اعضاء الحزب الحاكم (المؤتمر) وحسب, بل كانت قضية تهم ابناء الوطن جميعا, وكان الشرف الكبير للحزب الحاكم ان يتصدر قيادة هذه العملية الوطنية الطموحة وهذا الانجاز الابرز في حياة اليمنيين على الاطلاق. وسيسجل التأريخ ان القيادات العليا في (اللقاءالمشترك) ارتكبت خطأ استراتيجيا حين قررت المقاطعة وعدم المشاركة في ارساء مداميك التجربة الجديدة التي ناضل اليمنيون من اجلها لعقود مضت, لان هذه العملية تشكل تحديثا جوهريا في آلية النظام السياسي القائم. وهذا دليل على ان بعض قيادات اللقاء المشترك تقود قواعدها نحو المجهول. وهذه الطريقة ستؤدي الى تحجيم تواجد هذا الكيان السياسي في الساحة, وهو الامر الذي نشاهده هذه الايام. فقد بدأت منذ وقت ليس بقصير قواعد المشترك تتململ وتتضجر من الاساليب التي تتبهعا قياداتها العليا للتعامل مع القضايا الوطنية التي تتطلب تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصلحة الحزبية الضيقة.
* لقد كان الموقف الرسمي للقاء المشترك مخيبا ليس فقط لآمال أعضاء الاحزاب الاخرى من خارج احزاب اللقاء المشترك, ولكن كان مخيبا لامال وتطلعات قواعده وأعضائه في المجالس المحلية الذين قرروا المشاركة بكل ايجابية في ممارسة حقهم الدستوري والقانوني وانتخاب من يرونه مناسبا لهذا المنصب الهام. واثبتت قواعد المشترك انها تفكر بطريقة أرقى وافضل من الطريقة التي تتبعها قياداتها في صنع القرار واتخاذ المواقف السياسية. ومن دون شك فان هذه المشاركة سيكون لها اثر ايجابي على مستوى الساحة اذا ما حاولت قيادة المشترك القيام في المستقبل بموقف مشابه تجاه اية قضية وطنية اخرى. لقد انتصر الشرفاء والمخلصون لليمن الواحد الجديد في جميع الاحزاب اليمنية يوم السبت الماضي لقضايا الوطن والشعب في شهر الوحدة والديمقراطية والتنمية الشاملة. واثبتوا ان شهر مايو العظيم سيظل شهر الانتصارات والتحولات الاستراتيجية الكبرى في حياة اليمنيين. وكل عام واليمن الموحد الجديد وشعبها العظيم في تقدم وازدهار وأمن واستقرار. وكل عام وأنتم بخير.
*- جامعة تعز
[email protected]