سام عبدالله الغباري -
إحياء النشيد الوطني (1)
•ذمار 1986م .. الطابور الصباحي مزدحم بطلاب الابتدائي , وصوت قائد الكشافة الذي يسبقنا بأعوام يجلجل في مذياع المدرسة بعد أداء استعراضي ألقى في نفوسنا هيبة الموقف (!!):- الله .. الوطن .. الثورة.. تحيا الجمهورية اليمنية .. وكررها ثلاث مرات ... كنا نردد ورائه .. وأعيننا مشدودة إلى العلم الخفاق .. ومن مكبرات الصوت تنطلق معزوفة النشيد الوطني : ( في ظل راية ثورتي .. أعلنت جمهوريتي ......) (!!) ، وخارج سور المدرسة كان والدي يقف على سطح منزلنا القريب يشاهد فقرات الطابور الصباحي .. يطمئن كحال الكثير من الآباء على الحضور المبكر لأداء فريضة الحب والولاء للوطن الكبير ، وظلت تحية العلم ترسخ فينا كل يوم إحساسا قوياً بمعنى البلد ..ونظامه..وقيمة (راية العلم ورمزيته ).
• إن عينيّ ومشاعر ورهبة طالب الإبتدائى لم يعد لهم مكان اليوم , لقد تجاوزنا الكثير من السنوات .. وتخطينا العديد من المعلمين الذين لازلت اذكر أسماءهم ..ومواقف عنف وطيبه وخوف وتقدير حصدتها خلال تلك الفترة الدراسية الجميلة (!!) .
• قبل أيام زرت عدداً من مدارس الابتدائية والثانوية .. رأيت فتوراً في قيمة الطابور الصباحي مع أن ( اليمني ) قد لا يتعرض طوال عمره إلى رسالة عميقة ترسخ إيمانه ببلده .. لا فى التعليم ولا الإعلام ولا الثقافة .. وتجاهلاً لتحية العلم وتراخياً في احترام الرمزية البالغة للنشيد الوطني .. سمعت أيضا تندراً من طلاب لم يقفوا بانتظام أمام مراسيم الطابور .. فيما تسلل عديدون خلف المبنى يدخنون سيجار الصباح , وضحكاتهم المكبوتة ..مسموعة (!!).
• لم يعد لـ( الطابور) مكاناً اليوم (!!) .. ولا لنشيد الدولة الذي تغير بعد الوحدة المباركة إلى نشيد نفاخر به مطلعه ( رددي أيتها الدنيا نشيدي .......) أهمية أيضا .. مع انه ليس عيباً أن نعلم الطلاب أو الناس خصائص نظامنا الجمهوري وقيمته في المسلسلات والأفلام ..الولايات المتحدة تفعل هذا دون خجل (!!) , ولو أننا شرحنا للناس ..للشباب ..للأطفال .. بالفن و الأعلام معنى المواطنة ..لرأينا مخرجات تحترم وطنها .
• وهناك الآن محاولات جادة وإسهامات مرعية بإرادة حكومية عليا لتعميق مفهوم الثقافة الوطنية وإحياء مراسم ( طابور الصباح .. ونشيد العلم وتحيته ) , بعد أن واجه الوطن أزمة مفاجئة في هوية أبناءه التائهين (!!) ..وصلت حد الدعاية لنظام ما قبل الثورة واستحضار عبارات التهكم على إخلاص المرء لبلاده .
• هذه الأزمة التي اعترف بوجودها - الداعين له بالسلامة والعافية الأستاذ: عبد القادر باجمال الأمين العام ومستشار رئيس الجمهورية - شكل غيابها .. او تغيـيـبـها بتراخٍِ فرصه للصدامات الدامية في صعدة , والنيل من قدّر الوحدة الحتمي بشعارات خرقاء في مظاهرات الموتورين ببعض مدن الجنوب الغالي .
ولذا فإن الإسهام في تعميق الولاء وتجسيد قيم المحبة للوطن وترابه.. وتقدير دور وواجب القوات المسلحة والأمن ..وترسيخ قوتها ودعمها والحرص على وحدتها وتعاضدها وتماسكها ..قضايا واجبة تصل حد التقديس - بغض النظر عن البعد الديني لهذه العبارة - , ومجرد التفكير في عدالة نظام آل حميد الدين ..أو التعدي على وحدة الوطن توغل في الجهل , وإمعان في تحقير نضالات قادة وعظماء ..واغتيال صامت لحلم وقدر ومصير أمة بأكملها .
حّيوا معي بفخر هذا الوطن :-
( تحيا الجمهورية اليمنية ) , وكرروها ثلاثاً (!!).
[email protected]