د.فارس السقاف -
الوحدة.. الغاية والوسيلة
بعد 18 عاماً من انجاز الوحدة تكون قد شارفت على العقدين من عمرها، و14 عاماً من مواجهة المهدد المسلح انفصالاً.. تلك الأعوام السوالف ليست بالعابرة هوناً، ولكنها تنعكس بتأثيراتها على كيان الوحدة المتولد من رحم الواقع المحيط الممزق بقواطع المشاريع التفتيتية على بؤر الاثنيات والعرقيات والمذهبيات.
في البدء ارتفع علم الجمهورية اليمنية خفاقاً في رابعة نهار الـ22 من مايو 1990م.. وكانت وحدة سلمية.
في العام 1994م أختبرت الوحدة الفتية الغضة بنزاع سلطة الوحدة ذات الارادة المزدوجة، وهي الخطر الكامن والصاعق الذي فجَّر الخلاف حرباً بسبب استبقاء سلطة دولة محفوظة لصالح طرف خارج السلطة الشرعية تمردت، نقضت اتفاقها ونفضت شراكتها.
الحرب أسفرت عن انتصار إرادة الوحدة على الانفصال وثبات الشرعية، وزوال التمرد.
كان ذلك اختباراً حقيقياً وجدياً للوحدة أكسب القائمين والحادبين على الوحدة عبراً ودروساً لتجاوز عوائق البدايات وهي الأخطر والأصعب لأنها تنتقل بالواقع المصحوب بكل الممانعات الى واقع جديد مختلف يستوجب الارتقاء الى مستوى الانجاز الفريد.
اليوم ونحن نحتفي بهذا الحدث العظيم نستحضر كافة قيم الوحدة لتبقى حية في سلوكنا وحركتنا، وننشئ الجيل الذي نخلع عليه لقب جيل الوحدة ليدرك بجلاء ما يمثله هذا التاريخ من فاصل زمني بين واقعين.. واقع الشتات والفرقة والحروب، وواقع التوحد والتئام الشمل والقربى والسلام والتنمية.
إن الوحدة ظلت مقصداً وغاية يتطلع اليها شعبنا منذ أمد تطاول مداه، حتى تحققت في مستهل العشرية الأخيرة من القرن العشرين لتمثل الإضاءة النادرة في ليل العرب الطويل.
لكن هذه الغاية استحالت وسيلة لتحقيق غايات جديدة سيكون واقع الوحدة روافع نهوض الواقع نحو البناء والتنمية والرخاء.
لابد من تحميل الوحدة المتحققة بمضامين جديدة عنوانها مصالح الناس حتى لا تبقى الوحدة مجرد مغناة، وحتى لا تتوقف عن أداء دورها واستمراريتها.
هذه هي الروح التجديدية التي ننتظر أن نمنحها الوحدة آلية للعمل البنَّاء، ورافعة النهوض لليمن الحديث المنشود.