المؤتمرنت -
انتخاب ميشال سليمان رئيسا للبنان
انتخب مجلس النواب اللبناني قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية الأحد، بأغلبية 118 صوتا من أصل 127 نائبا حاضرا.
وشهدت الجلسة تسجيل "موقف سياسي" من خلال تقديم ستّ أوراق بيضاء، وثلاث أوراق أخرى حملت أسماء غير مرشّحين، من ضمنهم "رفيق الحريري والنواب الشهداء."
كما شهدت حضور عدد كبير من الزعماء والوزراء والسفراء الأجانب، ومن ضمنهم وزيرا خارجية سوريا وإيران ووفد من الكونغرس الأمريكي، وكذلك عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين.
ويشكّل انتخاب الرئيس سليمان، الذي يعدّ الرئيس الثاني عشر في تاريخ البلاد، أملا لطي نهائي لصفحة الأزمة السياسية التي استمرت طيلة عام ونصف العام.
هذا، وتمّ استباق جلسة مجلس النواب بدقيقة صمت ترحما على روحي نائبين، بطلب من رئيس المجلس نبيه بري.
إثر ذلك، وبحضور عدد كبير من زعماء ووزراء وضيوف أجانب، بدأت الإجراءات الرسمية، بكلمة قصيرة من رئيس المجلس نبيه بري.
وطلب النائب بطرس حرب الكلمة، ليشير إلى مساندته لانتخاب سليمان رئيسا، ولكنه سجّل تحفّظه على "آلية انتخاب الرئاسة المقبلة"، قائلا إنّ المادة 49 تمنع انتخاب قائد الجيش أو حاكم مصرف لبنان رئيسا، إلا إذا كان مستقيلا قبل سنتين.
وعبّر عن رفضه "لآلية" انتخاب سليمان رغم دعمه له.
وردّ عليه بري بالقول، إنّ المادة 73 هي التي يتمّ اعتمادها في الانتخاب، وليس المادة 74، التي استند إليها النائب حرب.
إثر ذلك، أخذ الكلمة النائب حسين الحسيني، الذي أعرب عن تحفظه عن "علامات الاستفهام التي رافقت الجهد الذي تمّ بذله" من أجل الوصول إلى هذه المرحلة، طالبا "تعليق الأحكام التي تمنع انتخاب سليمان" وداعيا الحكومة إلى الاجتماع لمدة "نصف ساعة في قاعة أخرى"، وهو ما من شأنه أن يعيق الأمور.
وردّ عليه بري بالقول، إنّ المادة 73 لا تشير إلى ذلك.
أما النائب نائلة معوض، فقد حرصت على الإشادة بجهود جميع الدول، ولاسيما العربية التي ساعدت في تفادي الانقسام.
وعبّرت عن "تحفظها الكامل والشديد" إزاء الآلية التي يتم فيها إنتخاب سليمان من دون تعديل الدستور، غير أنّها انضمّت إلى زميليها في الالتزام بما تراه الأغلبية الحاضرة في المجلس.
وقرر رئيس المجلس تسجيل التحفّظ الذي أبداه النواب.
إثر ذلك طلب بري توزيع الأوراق على أعضاء المجلس، قائلا إنّ هناك مرشحا واحدا هو ميشال سليمان، طالبا من الأعضاء عدم كتابة أي صفة على الورقة، باستثناء اسم المرشّح لا غير.
وبعد أن اقترع الأعضاء الـ127، تمّ وضع الأوراق داخل مظاريف، ومن ثم في صندوق، ثمّ أمر رئيس المجلس إثر ذلك بالعدّ والفرز، الذي تمّ مباشرة أمام أعين الحضور، وعلى شاشات أغلب محطات التلفزيون اللبنانية والخليجية.
وأظهرت عملية الفرز تصويت غالبية النواب لمصلحة انتخاب ميشال سليمان، حيث صوّت لمصلحته 118 عضوا مقابل ستّ أوراق بيضاء وثلاثة أوراق حملت أسماء كلّ من نسيب لحود و"رفيق الحريري والنواب الشهداء" وجان عبيد.
وفي ضوء ذلك، أعلن رئيس المجلس أسم الرئيس الثاني عشر للبنان، ميشال سليمان، وسط تصفيق حاد من الحضور.
إثر ذلك رفع رئيس المجلس الجلسة، حيث يتعين عليه، وفق المراسيم المعمول بها، أن يغادر المبنى لإبلاغ الرئيس الجديد بالنتيجة، ومن ثمّ يصحبه إلى المجلس مجددا لأداء القسم وتوجيه خطاب إلى الأمة.
وبعد نحو ربع ساعة، عاد رئيس المجلس بري برفقة الرئيس الجديد، الذي نزع بزّته العسكرية، وقوبل بتصفيق كبير وهو يدخل المجلس في ثوب الرئيس.
والقى بري خطابا ترحيبيا بالرئيس الجديد، واستعرض ما قام به المجلس طيلة الفترة السابقة، حيث أكد أنّه "لم يكن مخطوفا ولا مغلقا، وإنما كان يطبق القانون واللوائح."
وذكّر بأنّ الانتخاب يتزامن مع ذكرى "اندحار الجيش الإسرائيلي" ،وذكرى الفوز في "معركة الإرهاب في نهر البارد" ،وهو ما يجعل من اليوم "عيدا للوحدة."
وتوجّه بالتحية إلى كلّ من شارك في الوصول إلى "هذا اليوم وخاصة العرب" حيث كان أمير قطر، الذي رعى اتفاق الأطراف اللبنانية قائلا "أعتذر إذا كان لبنان أرّقكم يوما وأعتزّ لأنّه جمعكم اليوم."
إثر ذلك، أدّى ميشال سليمان اليمين الدستورية، وألقى خطاب القسم، الذي دعا في مستهله إلى "البدء في مرحلة جديدة شعارها: لبنان واللبنانيون."
ومن أبرز ما ورد في خطاب سليمان تركيزه عدة مرات على الشباب، داعيا إلى توفير مرحلة جديدة له تعيد له الأمل من خلال تحصين البلاد بثقافة الحوار، وليس جعله ساحة للصراعات.
ودعا إلى الانطلاق في "ورشة عمل لإصلاح أوضاعنا الاقتصادية و لسياسية والاجتماعية."
وشدد على أنه لن يسمح بأن تكون البندقية في لبنان لها وجهة أخرى سوى العدوّ.
وذكر أنّ "استمرار احتلال مزارع شبعا تحتّم استراتيجية دفاعية تحمي الوطن ويتمّ خلالها الاستفادة من طاقة المقاومة خدمة لهذه الاستراتيجية، فلا نستهلك إنجازاتها في صراعات داخلية فنحفظ بالتالي قيمها."
كما شدّد على أنه لن يسمح بحمل السلاح ضدّ اللبنانيين، قائلا إنّه "ليس مسموحا استخدام قدسية القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أنّ "رفض التوطين هو تأسيس لحقّ العودة."
كما دعا سوريا إلى "علاقات أخوة قائمة على الندية وخالية من الشوائب التي ميزتها في الفترة السابقة."
وأضاف أنّه مع علاقات "دبلوماسية تعود بالخير على الطرفين."
بوش يرحّب بالرئيس الجديد
ومباشرة إثر انتخاب سليمان، أصدر الرئيس الأمريكي جورج بوش، الحليف القوي للحكومة اللبنانية، بيانا رحّب فيه بالرئيس الجديد.
وقال إنّه "على ثقة من كون لبنان اختار زعيما ملتزما بوحدته وتوسيع سلطة الحكومة على جميع لبنان وبتنفيذ كلّ التزامات لبنان الدولية."
كما أعرب عن أمله "في أن يكون اتفاق الدوحة، الذي فتح الطريق أمام عملية الانتخاب هذه، انطلاقة في عهد جديد من المصالحة السياسية من أجل مصلحة اللبنانيين."
احتفالات في لبنان
وتنهي عملية الانتخاب نصف عام كامل من التأجيلات المتكررة كما أنّها تعدّ تتويجا لاتفاق الدوحة الذي وقّعته الأكثرية والمعارضة الأربعاء.
ونصّ ذلك الاتفاق أيضا على تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع فيها المعارضة بما يطلق عليه اللبنانيون "الثلث المعطل" وتبني قانون انتخاب جديد.
وبمجرد إعلان سليمان رئيسا، علت الأهازيج في قرية "عمشيت" التي ينحدر منها، والواقعة نحو 40 كلم شمال بيروت، والتي ازدانت شوارعها بأعلام البلاد وصور الرئيس الجديد.
ولم يكن الوضع مختلفا في العاصمة التي ارتدت الألوان الحمراء والبيضاء والخضراء، وعلّقت الرايات على عديد المفترقات والمنازل، وكذلك صور ترحّب بالرئيس الجديد.
كما سمعت أصوات أعيرة نارية أطلقت في الهواء احتفالا بمقدم الرئيس الجديد فيما رفعت حشود أعلام البلاد.
وكان موقع الرئاسة شاغرا لستة أشهر، مع انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود في نوفمبر/تشرين الثاني.
وكانت الأكثرية النيابية طرحت في ديسمبر/كانون الأول الفائت اسم سليمان كمرشح توافقي، لكن المعارضة القريبة من دمشق وطهران، اشترطت لانتخابه التوافق على سلة متكاملة، ابرز بنودها حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب.
واستقبل مطار بيروت الدولي نحو 200 ضيف حلوا بلبنان لحضور مراسم الانتخاب، ومن ضمنهم وزيرا خارجية سوريا وإيران ووفد من الكونغرس الأمريكي، وأمير قطر، الذي رعى محادثات المعارضة والحكومة في الدوحة ووزراء خارجية إيطاليا وإسبانيا ومنسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي وأمين عام جامعة الدول العربية، وكذلك وزير خارجية فرنسا.
واعتبر برنار كوشنير، عشية تحوّله إلى بيروت، أنّ اتفاق الدوحة فشل في معالجة "جذور الأزمة"، لكنّه يعدّ مع ذلك خطوة أولى.
وأضاف، في مؤتمر صحفي في القدس، أنّ الاتفاق هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن لا يبدو أيا من جذور الأزمة لم يلق حلا. ومع ذلك وحتى الآن من الأفضل أن يكون هناك رئيس وحكومة."
وأوضح أنّه "كان من الأفضل لو وصلنا إلى هذه المرحلة من دون أن يكون حزب الله قد سيطر على نصف بيروت من أجل فرض الاستماع إليهم."
وأشار اتفاق الدوحة إلى ضرورة "عدم العودة إلى استخدام السلاح بهدف تحقيق مكاسب سياسية."
* المصدر: (CNN)