بقلم الدكتور /عبدالعزيز المقالح - هل يريدون - حقاً - عالماً ديمقراطياً وحديثاً؟
سبحان الله.. القوة الكبرى المهيمنة التي كانت تحتكر الديمقراطية لنفسها، وتضن بها على الآخرين، هي التي تدعو اليوم وبإلحاح شديد إلى الديمقراطية ولو بالحديد والنار، علماً بأن هذه القوة ذاتها هي التي دمرت الديمقراطيات في العالم الثالث وحاصرت الأنظمة الوطنية والثورات التي أطاحت بأنظمة الحكم الاستبدادية المتخلفة، وهي نفسها التي أجبرت الأنظمة الوطنية - في الوطن العربي بخاصة - على أن تتحول الى أنظمة ديكتاتورية بوليسية قاسية لتحمي نفسها والأهداف الديمقراطية التي رفعتها من خطر الانقلابات المضادة ومن عودة الأنظمة الاستبدادية القديمة تلك التي لقيت حظوة ودعماً من القوة الكبرى حيث منحتها رعايتها المادية والمعنوية، وهذه القوة الكبرى نفسها هي التي احتضنت رموز الاستبداد القديم في الوطن العربي والعالم بعد أن تساقطت وبدأت الجماهير البائسة تتنسم عبير الحرية بعد مئات السنين. سبحان الله.. القوة الكبرى المهيمنة اليوم، هي التي تنادي بالتحديث وبالديمقراطية بعد ان عملت - لعقود طويلة - على عرقلة مسار التحديث والتطور في شعوب كثيرة. وكان همها الأكبر ان يبقى سكان العالم الثالث أو سكان الجنوب - كما يصنفون في بعض الدراسات - وهم يشكلون 08% من سكان العالم في أوضاع متخلفة مزرية غير مستقرة حتى لا تقوم فيها أنظمة حكم معاصرة تؤمن بالانسان وبحقوقه في الحياة الكريمة وفي اختيار حاكميه والدول التي ينبغي أن يتم التعامل معها سياسياً واقتصادياً بعد ان تم ولسنوات طويلة نهب ثروات هذا العالم الجائع الفقير الذي يراد له أخيراً، وبعد فوات الأوان، ان يكون ديمقراطياً وحديثاً على الطريقة التي تريدها وتختارها هذه القوة الكبرى. لست وحدي الذي أتساءل باهتمام شديد عن أسباب صحوة الضمير الذي أدرك هذه القوة الكبرى، وعن مصدر الوحي الذي هبط عليها فجأة ودعاها للقيام بهذه المهمة الهادفة الى نشر الديمقراطية وتعميم التحديث ومبادئ حقوق الإنسان، إن العالم كله يتساءل بما فيه جزء كبير من العالم المتقدم عن هذه التجليات الإنسانية الديمقراطية المفاجئة. ولست وحدي أيضا الذي أزعم أنني أدرك المعنى الحقيقي وراء هذا التغيير المفاجئ والشامل ووراء الحماسة المنقطعة النظير لجعل العالم كله ديمقراطيا وحديثاً وخالياً من آثار الديكتاتوريات والتخلف و(الإرهاب) الى العالم كله، وبمن فيه من متقدمين ومتخلفين يدركون الأسباب الخفية وراء هذه (الصحوة) الفكرية والسياسية وكيف أن حلم الإمبراطورية العالمية الذي راود الاسكندر المقدوني يعود اليوم يراود الاسكندر الأمريكي ولذلك فهو لن يهدأ له بال إلاّ إذا أحكم السيطرة على العالم وأصبحت إمبراطوريته (الديمقراطية) حقيقة واقعية مهما كلفه الأمر من مال ورجال وكلف العالم من ضحايا وخراب. وإذا كان حلم الاسكندر المقدوني قد تعثر وأدركه الفشل في وقت قصير فإن حلم الاسكندر الأمريكي يمتلك من التدمير والهلاك ما يجعله يتوهم بأنه سيحقق حلمه حتى ولو كان ذلك سبباً لقيام القيامة واقتراب اليوم الموعود. أخيراً: إن أكبر صفعة يمكن للقوة الكبرى أن تتلقاها من شعوب العالم الثالث هي في أن تقتنع هذه الشعوب بأن الديمقراطية هي وسيلة خلاص حقيقي لا من الأنظمة الشمولية والديكتاتورية وحسب وإنما من هيمنة القوى الكبرى أيضا تلك التي كانت وستبقى تجد في الأنظمة الاستبدادية غير الديمقراطية سندها الحقيقي رغم ما تبديه من مظاهر التعاطف مع شعار الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، وشعار حقوق الإنسان. ولن يكون غريباً ولا مستبعداً أن تسارع القوة الكبرى الى إعلان الحرب على الديمقراطية بوصفها أداة تعويق في قيام الإمبراطورية (الفاضلة) التي ستملأ الأرض جوراً ودماً بعد أن ملأها أنصارها سجوناً ومقابر. الشاعر عبدالكريم الوشلي في الورطة الشعرية الرائعة: (الإمعان في الورطة الرائعة) هو عنوان الديوان الجديد للشاعر المبدع عبدالكريم الوشلي الذي يواصل تحليقه في الفضاءات المستوية المفتوحة على أعذب «الورطات» الفنية وأكثرها احتفاءً بالشعر والإنسان. يضم الديوان الجديد (91) قصيدة كلها طالعة من (امتداد غابة الجرح) العربي، لكي تعبر بحس مرهف وبأسلوب غير مباشر عن الواقع الذي تجتازه الأمة في هذا الظرف الدقيق من التاريخ، لي ملاحظات - مكانها خارج هذه الإشارة - على عمودياته الثلاث التي بدت مقمحة على مناخ قصائد الديوان وورطاته الجميلة. تأملات شعرية: لا ترتبك واكتب بحبر القلب فوق جدار هذا الليل نخلاً باكيا، أحلام أمتك الحزينةْ. يا أيها المرتاع مما يكتب التاريخ باللغة المهينةْ. لا ترتبك فالأرض مثل الناس نازفة طعينهْ.
نقلاً عن صحيفة الثورة
|