جميـل الجعـدبي -
(تسونامي)الامتحانات ونواب الغش السياسي
*لم يعد مقبولاً أبداً صمت وزارة التربية والتعليم وتغاضيها تجاه (تسونامي) الغش والذي اجتاح معظم المراكز الامتحانية في معظم محافظات الجمهورية هذا العام بشكل غير مسبوق ،حتى لكأنه الأصل في العملية الامتحانية والتربوية، وليس الجد والمثابرة والجهودالتي ببذلها الطالب وقبله المدرس على مدى عام دراسي كامل.
*ولم يعد مقبولاً -كذلك -حديث وزارة التربية والتعليم عن (1435) مخالفة امتحانية رافقت امتحانات الشهادة الثانوية والأساسية هذا العام منها (62) حالة اعتداء طالت مرافقين ومشرفين و(61) عملية اقتحام للمراكز الامتحانية.،دون الوقوف بجدية لدراسة وتحليل مؤشرات هذه الأرقام والتي ما خفي منها كان أعظم ،ولا تتناسب مع حجم الكارثة على الواقع الذي لمسه الطلاب قبل أولياء أمورهم وشارك فيه مسئولون ونواب وأعضاء مجالس محلية وشخصيات اجتماعية وقيادات تربوية ساهموا جميعهم في أوسع عملية افساد لجيل الغد وصناع المستقبل.
*ولم يعد من السخرية القول ان على وزارة التربية والتعليم الدعوة والإعداد والتحضير لعقد مؤتمر وطني لمواجهة وباء الغش في الامتحانات والذي تنامى خلال الأعوام القليلة الماضية من موسم امتحاني لآخر ليصل هذا العام ذروته بشكل سافر يستدعي من المخلصين في هذا البلد الوقوف بجدية أمام خطر داهم بات ينخر جسد الحاضر وتمتد أضراره لتدمير المستقبل .
*وحينما لا يحرك نوابنا ساكناً تجاه هذه الكارثة وينصرفون عنها الى تشكيل لجنة لتقصي حقائق تعثر عقد مؤتمر فرعي لنقابة المعلمين فلا شك أن غشاً سياسياً بات يمارس على أرفع المستويات ..وأن كرامة المعلم وقداسة رسالته باتت ضحية استغلال وتوظيف سياسي يقيم الدنيا ولايقعدها لتحقيق مكسب حزبي قصير الأجل ويغض الطرف عن (مصاب جلل) يهدد المجتمع والوطن ومستقبل الاجيال.
.
*وحينما يمنح المعلم (200) ريال مقابل عمله في لجان المراقبة ويجمع الطلاب ما بين (3-5) الاف ريال عن كل طالب في قاعة الامتحانات لإغراء مراقبيهم فلا شك أن ثمة اختلالا حاصلا بين ما يجب أن يصرف للمراقبين وما يصل إليهم.
*وحينما يقاطع عضو مجلس نواب جلسات البرلمان ويذهب برفقة عشرات المسلحين لاقتحام مركز امتحاني لإرهاب مراقبي اللجان والمدرسين وإجبارهم على السماح للطلاب بممارسة الغش ... و يتفرغ عقيد في القوات المسلحة لمرافقة نجله يومياً إلى قاعة الامتحانات.. فيقوم بإعداد وطباعة قصاصات الغش ونصب مكبرات الصوت .. فلا شك اننا أمام ظاهرة خطيرة تشرعن للغش والفساد وتدوس على كل القيم والاعراف التربوية وقبلها القوانين واللوائح النافذة، وتعلن عن كارثة محدقة بحاضر ومستقبل البلد. ولا مناص من الاعتراف أن انتهاكاً صارخاً لحق بالتعليم وأن امتهاناً فجاً حل بمن يفترض أنا "صرنا له عبيداً".
*وحينما تعلن حالة الطوارئ في المنازل ولدى أولياء الأمور، ليس لتهيئة الأجواء المناسبة ليستذكر الطلاب دروسهم، ولكن للبحث عن متخصص في حل أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية وغيرها من المواد ونقله من مركز امتحاني لآخر، وحشد كافة الوساطات والسبل لضمان عملية الغش وكأنها مطلب قانوني شرعي فلا شك أن هذا كله يستدعي من قيادات وزارة التربية الوقوف ألف مرة على حيثيات هذا الأحداث، والاعتراف بشجاعة أنها فقدت السيطرة، ولا عيب في طلبها العون لمناقشة هذه القضية والبحث عن بدائل ممكنة لمكافحتها، لعل منها إلغاء الامتحانات العامة مثل دول عديدة وتوفير ميزانية الامتحانات لإنشاء مدارس طالما والغرض الأساسي من الامتحانات العامة أصبح مختلاً بفعل هذا الوباء والذي أفقد العملية التربوية جوهرها.
*السكوت والتكتم على هذه الكارثة سينعكس سلباً الأعوام القادمة وستجد وزارة التربية نفسها آخر العام تشكل لجاناً لإدارة وتنظيم الغش في الامتحانات بدلاً عن لجان إدارة ومراقبة الامتحانات...ان لم تفاجأ بمطالب من أولياء الأمور الفاسدين بتوفير الغش لأبنائهم و إدراج مادة لتعليم الغش في الامتحانات ضمن المنهج الدراسي ،خاصة وأنها ستجد من كوادرها من هم ذوو خبرة وكفاءة وعلى درجة عالية من "السمسرة"في تدريس هذه المادة تغنيها عن استقدام متخصصين أو تأهيل كوادر تربوية في هذا المجال..
*تحتاج القيادات التربوية في بلادنا إلى وقفه صراحة وصدق مع النفس أولاً أما م طلاب أغمي عليهم وانهارت أعصابهم ليس لصعوبة الامتحانات، ولكن لحسرتهم على تعب الليالي وإجهاد أنفسهم في المذاكرة أملين في تفوق يبهج أهاليهم ونجاح يحقق لهم طموحاتهم.
*وحتى لا نحمل وزارة التربية والتعليم وحدها وزرهذا الإفساد المتعمد والتدمير المقصود مع سبق الإصرار والترصد لصناع الغد ومستقبل الأمة .. فلا مناص من الاعتراف برغبتنا جميعا المشاركة في هذا الفساد .."فكلنا مشاركون في الغش" أولياء أمور، نواب، مجالس محلية، مدراء مديريات، كلنا غشاشون، بما فينا وفي مقدمتنا نواب الشعب والذين يغشوننا بمواقف سياسية بحته فيشكلون لجنة لتقصي حقائق إعاقة عقد مؤتمر فرعي لنقابة مهنية ولا يحركون ساكناً تجاه نسف القيم التربوية وتسميم جيل بأكمله وإفساد مستقبل أكثر من نصف مليون طالب..
*
[email protected]
*نقلا عن صحيفة الوسط