أحمد غيلان -
17 يوليو .. مبتدأ تاريخ عظيم
ليس جديداً القول إن يوم السابع عشر من يوليو يقع في صدارة أيام الوطن التي يقف عندها كل منصف ليتأمَّل مآثر أبناء سبأ وتُبَّع وحمير وأسعد الكامل .
وليس جديداً القول إن من اعتساف التاريخ والحقائق الوقوف على ما تحقق لهذا الوطن من تحولات تاريخية شملت كافة مجالات الحياة دون التوقُّف عند لحظة البداية الحقيقية لهذه التحولات التي كان منطلقها الحقيقي يوم الـ(17) من يوليو 1978م باعتباره المحطة الأولى لزمن الاستقرار الذي كان مجرد حلم يتوق إليه ويتمنى تحقيقه كل أبناء اليمن قبل هذا اليوم المجيد حيث عاش الوطن قبل هذا التاريخ مراحل صراع انعدمت خلالها وتلاشت كل فرص ومقومات وعوامل البدء في عمل تنموي في أي مجال من المجالات .
ويدرك المتمعنون في قراءة تاريخ اليمن الحديث والمعاصر ومعهم من عاشوا زوابع ومخاضات الصراعات التي شهدتها اليمن طوال الفترة الممتدة من الخمسينيات وحتى قبيل يوم السابع عشر من يوليو 78م أن تلك الصراعات تصاعدت حتى وصل الأمر بكل الطامحين والطامعين حد العزوف عن الاقتراب من كرسي الرئاسة أو التطلع إليه بعد أن شهدت اليمن بشطريها اغتيال ثلاثة رؤساء خلال أشهر قليلة .
ويعلم أولئك الذين تتجه أنظارهم وأفكارهم وأقلامهم وانتقاداتهم وطموحاتهم ومطامعهم -اليوم -نحو كرسي الرئاسة أن كثيرين منهم وممن سبقهم طموحاً وطمعاً أحجموا عن مجرد الاقتراب من هذا الكرسي أو حتى التفكير في النظر إليه ، وتوارت طموحاتهم ومطامعهم يوم ظل كرسي الرئاسة شاغراً قرابة شهر كامل ينتظر من يقول ها آنذا .. بعد أن أصبح كرسي الرئاسة يساوي الجحيم والاقتراب منه يعني مغامرة كبرى لا يخوضها إلا من لديه الاستعداد لأن يضع رأسه بين كفيه غير آبه بلحظة الموت التي تتربص به بين الثانية والأخرى .
اليوم وبعد ثلاثين عاماً من الحراك والعراك والمتغيرات التي شهدها الوطن في ظل استقرار كان أرضية الوحدة ومسرح الديمقراطية ، وبيئة التنوير والبناء والتنمية الشاملة ، ليس جديد أن نقول حقاً وشهادة للتاريخ أن يوم الـ(17) من يوليو 1978م كان البدء والمفتتح لكل ما حدث .
وليس معيباً ولا غريباً أن يجاهر المنصفون والعقلاء وأصحاء العقول والنفوس ، وأسوياء الفكر والتفكير بحقيقة أن علي عبد الله صالح استطاع خلال ثلاثين عاماً من القيادة الحكيمة أن يخلد أسمه زعيماً حكيماً ، وقائداً رائداً ، وبانياً موحداً ومجدد، ومتجدد العقل والروح والفكر والطموح ، وسباقاً إلى اقتراف المآثر العظيمة ، وأنموذجاً للحلم والإقدام والتسامح ومواجهة الصعاب والأعاصير .
بل إن الجديد .. الغريب .. المعيب .. أن جد بين صفوفنا – اليوم – من يحاول النيل أو الانتقاص من تاريخ يحمل كل معاني العظمة كان مبتدأه 17 يوليو وربانه علي عبد الله صالح .