نجيب غلاب * -
رؤية الرئيس صالح للمسارات الحاكمة لمسألة التغيير والتطور التاريخي
المتابع لخطابات الرئيس صالح وسياساته لابد أن يلاحظ أنه أسس لرؤية تفسيرية لحركة الحياة والتاريخ، وهذه الرؤية لا تستند على التفسيرات الإيديولوجية المعروفة كالشيوعية أو القومية أو الليبرالية كما أنها لا تعتمد على تفسير الإيديولوجيات الأصولية الإسلامية للتاريخ. ويمكن القول أن الرئيس صالح في تفسيره للأحداث المختلفة وتحليله لحركة العملية التاريخية، أعتمد على خبرته الذاتية، وتجربة العرب والمسلمين وتجارب الأمم الأخرى، ونتيجة تأثره بالمنظور الإسلامي كما هو في ثقافة أبناء اليمن، وقد استطاع من بداية حكمه تكوين مجموعة من المعتقدات السياسية تطورت مع الوقت، ساعدته تلك الأفكار على فهم تطور الأحداث التاريخية وتفسير الحياة، ومكنته أيضا من التنبؤ إلى أي مدى يمكن أن تصل النتائج مستقبلاً.
بادئ ذي بدأ أعتقد الرئيس صالح بوجود نمط تكراري منتظم في الحياة السياسية يمكن من خلاله تفسير تطور الأحداث. فالحياة والسياسة وحركة التاريخ حسب تصوره قائمة على التطور في مسارات تقدمية حتمية، فالقانون الأساس المسير للتاريخ كما يقول هو أن: "حركة التاريخ لا ترجع إلى الوراء"، وتسير وفق قوانين منتظمة تحكم حياة الشعوب - ولا دور للصدفة أبداً – لأن الحياة هي حركة دائمة من التغير والتطور.
مع ملاحظة أن تفاؤله اللامحدود كان واقعيا، فالرئيس رغم إيمانه الديني بقدرة الله في تسيير الكون كما سنرى لاحقا إلا أنه لم يكن قدريا في طرحه، فالمسارات التقدمية قد يحدث لها نوع من التراجع والانتكاس في بعض الحالات، حيث يؤكد أن الحركة الحاكمة للتاريخ مرتبطة بظروف بيئية، وبقدرة الإنسان على التعامل مع الوضع التاريخي، يقول الرئيس صالح: "لاشك أن الحياة نفسها لا تتوقف عند حد معين وأن كل نقلة في حياة الشعوب هو نتاج معطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية"، "وأي خطوة لا يمكن أن تتم بصورة عشوائية أو بدافع التلقائية فاعتبارات ومعطيات ما توجبه المصلحة العامة في ضوء مجمل المؤثرات "، "والظروف والتغيرات المحيطة بأي بلد"، كلها تؤثر وتلعب أدوارا فاعلة في تحديد المسارات وطبيعة التغير وتتجه بحركة تاريخ البلد نحو الأمام.
الإنسان هو المسير الفعلي للتاريخ
والإنسان حسب الرؤية التي قدمها هو المسير الفعلي للتاريخ فالعملية التاريخية رغم أنها تسير بخطى حتمية نحو التغيير الإيجابي، ولكن صناعة التغيير وقيادة المسارات التاريخية، مرتبطة بقوة وإصرار الإنسان الراغب دائماً في التعمير والبناء، وتجاوز ماضية وواقعة الرديء، الذي يمثل الحافز الأساسي للإنسان لبناء مستقبل جديد، وهذه العقيدة هي التي جعلت من الثورة والوحدة والحرية أمر حتمي في فكر الرئيس صالح.
وحتمية التطور مسألة محسومة والمعوقات أيا كانت فأنها وأن بطأت من التطور والتقدم إلا أنها محققة لا محالة، ويفسر ذلك من خلال تأكيده أن السير نحو الإمام ليس إلا نتيجة لإرادة الشعوب ورغبتها الدائمة في تعديل المسارات الخاطئة للتاريخ لصالح الفعل الإيجابي المعبر عن حاجة الإنسان في الحرية والكرامة، ولكنه يرى أن فاعلية الأمم لا يمكن تحقيقها إلا بالبذل والتضحية، يقول الرئيس صالح: "إن هناك لحظات حاسمة في حياه الشعوب تصوغها معاناة الماضي، وتوقد شعلتها نضالات الواقع المعاش.. فتتدفق خلالها كل عوامل القوه والإصرار لدى جماهير الشعب لتفجير حدثا يضع حدا فاصلا بين ظلام الجهل ونور الإنعتاق، وبين أغلال الظلم ورحاب الانطلاق... فتدور عجلة الزمن. التي يظنها البعض أنها قد وقفت في مكانها إلى الأبد لتسير معها جحافل الشعب العظيمة بعزيمة وإصرار على درب النضال من اجل تحقيق أهداف عظيمة وساميه".
من الواضح أن الرئيس صالح على قناعة تامة أن الإنسان عن أفعالة، وهذا الإيمان لا تنفي أن الرئيس كان يعتقد جازما أن قدرة الله مهيمنة على كل فعل إنساني وعبر الرئيس صالح عن حتمية الأقدار باعتبارها المهيمنة على ما عداها في أكثر من مناسبة، فأثناء أزمة الخليج مثلا قال صالح : "أما قرار الحرب فهو من السهل جداً ولكن نقول أن هذا مكتوب عند الخالق عز وجل وإذا كان هناك قرار سماوي سوف يتم لا أحد يستطيع أن يرده لا قرار الإدارة الأمريكية أو أي مكان آخر ما نزل من عند الخالق عز وجل تستقبله الأرض وعلى بركة الله".
مع ملاحظة أن هذا القبول للإرادة الإلهية كما يعتقد لا يعني الاستسلام للواقع حيث أكد أن على الإنسان أن يتحرك لتغيير مسارات حياته ببذل الجهد وان جاء الحدث بغير المراد فتلك إرادة الله ولا راد لقضائه وعلى الإنسان ان يتعامل مع الحدث بعزم وإصرار، وعليه بذل الجهد ومواجهة الأحداث، فحركة التاريخ مرتبطة بعمل الإنسان وجديته وإخلاصه وصدقه في العمل، والله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وهنا يمكن القول أن الحتمية التاريخية التي يتحدث عنها الرئيس هي من صنع الإنسان وهو من يسيرها ويتحكم بها رغم الهيمنة الإلهية، وهي نظرة مختلفة عن الرؤى الفكرية التي تجعل من الإنسان في حالة من الاستسلام للحتميات التي تسيره ولا يسيرها، وقناعته بأن حركة التاريخي تسير إلى الأمام ، وأن الإنسان بجهده وعمله وتضحياته هو من يحقق التطور والتقدم، جعله يؤكد أن مواكبة العصر والمدنية الزاحفة دوماً إلى الأمام أمر لا مفر منه لتقدم المجتمع اليمني ودولته، ويمثل منح الشعب حريته وتطوير قدرات الإنسان اليمني مقدمة ضرورية لتحقيق الأهداف..
إرادة الشعوب منتصرة دائما
إلى ذلك حركة التاريخ حسب رؤيته تحكمها وضعية صراع الخير والشر، والصراع مهما طال فأن الانتصار دائماً للمبادئ والقيم الخيرة، فمهما تجبر الباطل وطال غيّه، فأن المبادئ تنتصر في النهاية، يقول الرئيس صالح: "خذ مثلاً الشعب البوسني المسلم على الرغم مما يواجه من حصار ومن آله حربية هائلة بيد الصرب، إلا أنه شعب لديه قضية، يناضل في ظل مبادئ، لذلك فهو صامد وسينتصر حتماً لقضيته .. أيضاً خذ التجربة الأفغانية عندما كانت هناك مبادئ يناضل من أجلها الشعب الأفغاني انتصر على المد الشيوعي على الرغم من الآلة العسكرية الهائلة التي واجهها لكنه عندما ضاعت المبادئ أصبحت القضية خلاف وصراع من أجل السلطة".
والجدير بالذكر أن إرادة الشعوب في المنظومة الفكرية للرئيس "ستظل منتصرة دوماً"، وهذه القناعات جعلت الرئيس صالح يعتقد أن أهدافه سوف تتحقق حتماً لأنها صحيحة وهي حق وقائمة على المبدأ، لأنها تعبر عن إرادة الشعب اليمني، فالثورة وأهدافها والمشروع الوطني خلاصة نضال الحركة الوطنية هي الخير وهي أهدافه وكل ما يتناقض معها شر.
لذا بعد تثبيته لدعائم الوحدة اليمنية أكد أن الشعب اليمني "استطاع أن ينتصر لإرادته في الوحدة تماماً كما انتصر لثورته وأفشل كل المراهنات الخاسرة" وقناعته بأن النصر المحقق ناتج عن إرادة شعبية مبني من جانب آخر على اعتقاد سياسي لديه يرى أن القائد السياسي أيا كان دوره وفاعليته في صناعة الحدث إلا أنه في نهاية الأمر معبر عن الإرادة الشعبية، وعلى القائد السياسي أن يتحمل المسئولية ويبذل جهده ويضحي عند تعبيره عن مصالح الشعب. مع ملاحظة أن القائد السياسي لا يمكن تحقيق التطور والتقدم ما لم يتعاون ويشارك الجميع في صناعة الأحداث، فالقائد قد يعبر ويوضح ويقرر إلا انه بدون القوى الفاعلة في الشعب وبدون الجماهير عاجز عن تحقيق الأهداف.
تاريخ اليمن نضال من أجل المبدأ
والجدير بالذكر أن الرئيس صالح فهم تاريخ اليمن من خلال قناعته أن حركة التاريخ المرتكزة على الإيمان والقوة والجهاد والوحدة، والتي يصنعها الإنسان عند تفاعله مع معانات الماضي ونضاله المستمر من أجل التغيير، ومن خلال قناعته أن حركة الزمن تتجه دائما نحو الأهداف العظيمة والسامية.
ومن القناعات السابقة قراء الرئيس صالح التاريخ اليمني، فاليمن كما يؤكد قد تعرض خلال عهود الأئمة للضياع والتمزق والفرقة، وهذا الفاعل السلبي مناقض لإرادة الشعب اليمني، ومعاكس لحركة التاريخ، ولأن الإنسان هو الفاعل في إحداث التغيير فأن النضال الوطني كان وحده القادر على إعادة مسارات التاريخ إلى الطريق الصحيح، ومثلت الثورة والنضال من أجل الوحدة الطريقة الجديرة لتحقيق النصر، فالثورة اليمنية في نهاية التحليل ليست إلا "تواصل مستمر لصنع حضارة يمنية جديدة بطرق حديثة".
وقد شكلت الثورة في نسقه السياسي فاصلة تاريخية حاسمة بين عهدين من عهود البؤس والظلم الإمامي البغيض والإرهاب والشتات والتمزق والعبودية والاستبداد والظلام، وعهد الحرية والعدل وعهد النور والازدهار، ونتيجة لذلك فقد أعتبر الثورة ضرورة حتمية وحتى لا ينتكس التاريخ فهي لديه حاله مستمرة ودائمة، ولابد أن تكون عطاء متدفق لأن انتصارها الحقيقي يكون في إستمراريتها وتطورها والاعتصام بها يقيناً وفهماً والتزاماً وبجعلها ممارسة ونهجاً للبناء والتطور. كل ذلك حسب تصوره يظل الضمانة الأساسية للنجاح وتحقيق التقدم.
وهذا الالتزام الثوري والاعتصام بمتطلباته وضروراته مسألة تاريخية تفرضه الظروف وطبيعة العصر والمدنية الحديثة، ومع الثورة فأن التاريخ في حالة من التقدم والصعود الدائم ومعها فأن الحياة تسير نحو الأفضل، ومع الثورة كما يؤكد سوف يجعلنا "نسير بخطى ثابتة وحثيثة على طريق التنمية والتقدم وأننا ألآن أفضل حالاً في المجالات مما كنا عليه حتى سنوات مضت بل أننا اليوم أحسن حالاً منا بالأمس الأمر الذي يؤكد بأننا سوف نكون غداً بأذن الله أفضل مما نحن فيه اليوم".
وقد أوصلت الرئيس صالح الخبرة الذاتية والمتفحصة للتاريخ اليمني، أن ترسخ لديه اعتقاد أن الزمن يعمل لصالح قيم الحق والعدل ضد الشر والباطل، وعلى اعتبار أن الثورة اليمنية هي تجسيد للحق فقد رأى صالح "أن كل عام يمر، بل أن كل يوم يؤكد بأن لا عودة أبداً لحياة الاستبداد والدكتاتورية في الوطن السبتمبري.... وبأن الثورة تزداد صلابة ورسوخاً"، بل أن الثورة مستمرة والنظام الجمهوري خالد ولا يمكن "إعاقة مسيرة حركة التاريخ أو إعادته إلى الخلف".
ويرى الرئيس صالح أن التجربة التاريخية تكرر نفسها فيما يخص أيضاً الصراع مع الأعداء، فالشعب اليمني عبر التاريخ ومازال حتى اللحظة في حالة من الصراع مع أعدائه من أجل تحقيق أهدافه ومنجزاته، والصراع كما يطرح ذا وظيفة إيجابية فتجارب مقاومة الأعداء كما يؤكد تزيد الشعب قوة وصلابة وعناداً ثورياً، وصراع أبناء اليمن أعدائهم عبر التاريخ في نهاية الأمر حتماً خاسرون.
فالثورة واجهت مؤامرات خطيرة وعواصف وتحديات كبيرة ومع ذلك صمدت وانتصرت واستطاع الشعب أن يحميها، وأن تظل شعلتها مضيئة تنير درب شعبنا نحو التقدم وصنع الحياة للأفضل، والوحدة اليمنية واجهت تآمراً ومحاولات مستميتة لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ولكنها محاولات خائبة وفاشلة.
والخلاصة أن الشعب اليمني ينتصر على أعدائه ليثبت قدرته على مواصلة صنع المعجزات وصياغة تاريخه المتألق بروعة تجسيد القيم والمبادئ، وكل القوى الشريرة التي تتحدى الشعب اليمني حسب اعتقاد الرئيس دائماً واهمة وفاشلة لأنها تصطدم بالمبادئ وبإرادة الشعب.
وهنا يمكن القول أن الرؤية السابقة ربما تفسر لنا توقعات الرئيس فيما يخص الوحدة، فقد أعتبر تحققها مسألة حتمية ولكنه توقع ان تواجه الوحدة الكثير من المخاطر بعد تحقيقها، ولكنها ستكون حتما منتصرة أيا كانت مخططات الأعداء وقوتهم، يقول الرئيس صالح توقعنا "أن تواجه الوحدة الكثير من التآمر والتحديات مثلما واجهت الثورة اليمنية"، ومثلما انتصر الشعب لإرادته في استمرارية الجمهورية، فإنه لابد سينتصر في الوحدة والديمقراطية والأمن والاستقرار و"المواطن يعرف كيف يفشل كل المؤامرات" ، و"باستطاعة إرادة شعبنا أن تفشل كل المؤامرات كما "أفشلها في الماضي".
التاريخ يكرر نفسه
وقد أكد الرئيس صالح أن التاريخ اليمني في حالة من التطور والتقدم في الماضي كما هو الآن وأن الانقطاع في عهود الاستبداد الظالم كان طارئ ومناقض لإرادة الشعب ومتحدي للتاريخ، حيث اعتقد الرئيس صالح أن التاريخ اليمني في العهد الجمهوري يكرر نفسه فيما يخص الإنجاز والتقدم والتطور، وأن أي انتكاسة في تاريخه إنما هي لحظة قد تطول أو تقصر، ولكن عادة ما ينتصر اليمنيون لأنفسهم ويكررون حضاراتهم التي صنعوها عبر التاريخ، فأي إنجاز تاريخي للشعب اليمني وقدرته على الاستفادة من العصر، وارتياد آفاق التقدم: "ليس بغريب على أبناء اليمن أحفاد أولئك العظماء الذين شادوا واحدة من أعرق الحضارات الإنسانية وصنعوا تاريخاً مجيداً يبعث على الفخر والزهو والاعتزاز لكل أبناء الأمة".
والرؤية السابقة جعلت الرئيس صالح يؤكد بعد الحرب الأهلية في 94م أن انتصار الوحدة والديمقراطية والشرعية الدستورية أبقى التاريخ الجديد لليمن في مجراه العصري الصحيح زاهياً كما تألق في التاريخ الحضاري التليد لليمن أرضاً وإنساناً"، وأي تقدم وتطور يمثل تواصل فعال مع إشراقات حضارة الأمس التليدة والتاريخ المجيد للشعب اليمني، "ففي هذه البقعة من العالم انطلقت أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية وظهر فيها نظام سياسي يقوم على الديمقراطية والشورى".
ويؤكد صالح ان التاريخ اليمني إذا كان في بعض العهود كعهد الأئمة قد أصابه التخلف والفساد والاستبداد فأنها وأن أعاقت مسيرة التاريخ وإعادته إلى الوراء، إلا أنها كانت متناقضة مع تاريخ اليمن القائم على الانتصار للمبادئ في طريق طويل من النضال الدءوب في سبيل الانتصار للإرادة الحرة".
ويؤكد الرئيس عقائده السياسية السابقة من خلال تأكيده أن اليمن وجود حضاري دائم وأن أي ضعف حتى في العهد الجمهوري إنما هو حالة طارئة، واليمن دائماً مصمم على إنجاز أهدافه وإعادة أمجاده، ويؤكد ذلك بقوله: "اليمن ليست حالة طارئة وإنما هي وجود حضاري في العصر كما في التاريخ لأن موقعها الفاعل في الماضي كما في الحاضر والمستقبل وأن الشعب اليمني طوال تاريخه المديد لم يركعه الفقر والجوع وشظف الحياة أو تذله الحاجات المعيشية.. وإنما كانت تلك الظروف الطارئة في حياته سبيلاً للمواجهة وحافزاً للابتكار وبناء الحضارة فقد حركت تلك الظروف في تاريخه القديم والحديث كوامن قوته الإيمانية والروحية فتغلب على الحاجة وتعلم كيف يبني المدنية ويساهم في صنع الحضارة والتقدم الإنساني".
والجدير بالملاحظة أن الرئيس يعتقد أن امتلاك الحرية يمثل أكثر الحقائق التي مكنته من امتلاك القوة والتطور، و"اليمن كان واحداً من المواقع التي ازدهرت فيها الحضارات القديمة بفضل تراثه الشوروي التعاوني الأصيل ومصمم على إنجاز مشروعه الحضاري واستعادة أمجاده التاريخية العظيمة".
والاعتقاد السياسي السابق مدعوم بقناعة أخرى فحواها أن الشعوب لا تحقق ذاتها إلا بتحريرها من العبودية والفرقة وأن تملك حريتها وتوحد نفسها، "إيماناً بأن أعظم الحقائق التي أفصح عنها عصرنا الراهن ودلت عليها الحضارات الإنسانية الخيرة تكمن في أنه لا يمكن أن يتوفر وجود حضاري فاعل لأي شعب أو أمة بعيداً عن حرية الشعب وعن ممارسة الديمقراطية الحقة وأن الرفاهية وامتلاك القوة والتطور الاقتصادي والاجتماعي كلها عطاء الشعوب الحرة والأمم المتحدة".
الوحدة اليمنية حتمية تاريخية
فيما يخص الوحدة اليمنية باعتبارها الهدف الجوهري للثورة كما يؤكد، كان الرئيس من بداية توليه للحكم في أغلب أحاديثه وخطاباته على يقين تام أن الوحدة هي قدر أهل اليمن، مع ملاحظة أن الرئيس صالح قد أستند في تنبؤاته فيما يحص الوحدة على رؤيته السابقة.
فالوحدة اليمنية كحتمية تاريخية كما أكد من الأيام الأولى لحكمه هي قدر ومصير الشعب اليمني، ولا بد أن تجد طريقها للمثول، فهي "حقيقة تاريخية أصلية وحتمية" ، "والمجتمع اليمني موحد منذ فجر التاريخ"، وأعتقد الرئيس صالح أن التشطير ظرف طارئ لابد من تجاوزه، "فاليمن عبر التاريخ يمن واحد له الحضور القوي في صنع الأحداث في المنطقة وفي الإسهام الفعال في المسيرة الحضارية العربية والإسلامية ونضال الشعب اليمني من أجل وحدته ينطلق من إصراره على التواصل مع ذلك الدور الرائد".
مع ملاحظة أن الرئيس قبل الوحدة كان على يقين كامل أن الوحدة ستتحقق لا محالة لان النضال في نهاية الأمر سيصل بالوحدة إلى مرحلة التحقق، لأن "الشعب هو صانع الحضارة والتاريخ"، "والشعب اليمني يملك قدرات خلاقة تمكنه من أن يحقق طموحاته" في الوحدة التي تمثل الحق الطبيعي في منطق التاريخ وصيرورة الحياة. لذا فقد كانت الوحدة أبرز الأهداف الأساسية للرئيس صالح وأكثرها تكرارا في خطاباته ويمكن القول أن سلوكه السياسي كان ومازال يدور حول محور أساسي هو الوحدة اليمنية.
ورغم نضال القائد السياسي من أجل الوحدة ورغم أنها حتمية وقدر ومصير للشعب اليمني إلا أن تحقيقها لم يكن "لولا توفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ومن ثم الجدية والإخلاص وصدق العمل والزخم الجماهيري الحاسم والدافع لقافلة العمل الوحدوي إلى الإمام"، ويؤكد ذلك أيضا بقوله: "ولولا إرادة الله وعزيمة شعبنا وقواه الخيرة والصادقة لم تحقق هذا الإنجاز الوطني والقومي والتاريخي العظيم" ، "إن هذا الإنجاز العظيم تحقق في هذا العصر بفضل الله ونضال تلاحم جماهير شعبنا اليمني".
ونتيجة قناعاته السابقة فقد كان جازما في طرحه وتأكيده أن محاولات الأعداء التي اعتقد الرئيس صالح أنها تهدف إلى إعاقة الوحدة لا يمكن أن تنجح "في إيقاف عجلة التطور والحد من خطوات شعبنا الوحدوية"، فالوحدة تعبير عن الحق والخير وهي "وجدت لتبقى وهي إنجاز الشعب كله وثمرة نضاله وصموده ولن تستطيع أي قوة في الأرض مهما كانت أن تنال منها لأنها محمية بإرادة الله ووعي والتفاف الشعب مع قواته المسلحة"، وهي أيضاً نتيجة "حتمية التطور إلى الأفضل والأكمل" ؛ و"هي محمية ومحصنة بجماهير الشعب وبكل القوى الوطنية وفوق كل ذلك محروسة برعاية الله سبحانه وتعالى الذي أراد لهذا الشعب أن يتوحد وأن يجمع شتاته وينتهي تفرقه وتمزقه".
وبالتالي اعتقد الرئيس صالح أن الوحدة لا يمكن أن يحدث تراجع فيها مطلقاً "الوحدة شيء ثابت" واستمر الرئيس صالح في اعتقاده المطلق أن الوحدة مستمرة وهي ليست محمية بالقوة العسكرية ولا بالإرادة السياسية ولكنها محمية بالشعب نفسه وبإرادة الجماهير وهي راسخة رسوخ الجبال ومتجذرة في واقع الشعب اليمني وبحكم تضحياته الغالية وبالتالي فهي "حقيقة ثابتة".
قناعات الرئيس السابقة جعلته مع تفاقم الأزمة السياسية قبل حرب 94م يؤمن إيمانا مطلقا أنه لا خوف على الوحدة لأنها بيد "الشعب وهو الحارس وهو المؤمّن وهو الموحد"، "وسوف يصونها الشعب ويدافع عنها ويواصل انتصاراته في كافة مجالات البناء الاقتصادي والتغيير الاجتماعي والرقي الحضاري بإذن الله".
وعند إعلان الانفصال في عام 94م أثناء الحرب الأهلية تنبأ الرئيس صالح بيقين مطلق أن الوحدة باقية وأن الانفصال محاولة فاشلة وأن الانفصاليين لا محالة منهزمون و"أنه إن شاء الله سيتم دحر هؤلاء الانفصاليين أو القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة أو فرارهم إلى خارج الوطن" ، "نحن نثق كل الثقة من أن النصر حليف كل الوحدويين اليمنيين في الساحة اليمنية" ، "الإنسان كان مؤمناً بأنه لابد أن يتحقق النصر"وهذا اليقين مبني على أساس أن الانفصال ضد الإرادة الإلهية التي أرادت لهذا الشعب أن يتوحد وهو أيضا ضد حركة التاريخ الذي يسير دائما إلى الأمام ولا يمكن أن تعود عجلته إلى الخلف وأيضا ضد الشعب في أعظم انتصاراته وضد أهم أهداف الثورة التي هي في حالة من الاستمرار في إنجاز أهدافها على أيدي الشعب وهم أيضاً ضد المبادئ التي هي دائماً منتصرة وليس لديهم قضية.
وأكد أنه لا خوف على الوحدة "مهما تآمروا شكلاً وموضوعاً ومهما كانت آلياتهم ودعمهم وأساليبهم التآمرية الوحدة ، فسوف يفشلون لا محالة وسوف يواجههم الشعب وقواته المسلحة والأمن" و"إن عجلة التاريخ التي أخذت تتقدم في مسارها الصحيح منذ فجر اليوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م لا يمكن الانحراف بها أو إيقافها"، "ويخطئ من يتصور أن حل المشاكل يكمن في تقويض الوحدة أو العودة بالوطن إلى ما قبل الـ 22 من مايو 1990م فقد دارت عجلة التاريخ ولن تعود إلى الوراء" "وليس هناك شيء أسمه شمال أو جنوب هناك يمن واحد وشعب واحد موحد عبر كل العصور""نحن شعب يمني موحد منذ الأزل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب"، والوحدة "ستسمر بإذن الله مهما كان الثمن ومهما كانت الظروف"، وهي "عقد أبدي لا طلاق فيه".
العرب قوّتهم بالإيمان والوحدة
فيما يخص تاريخ الأمة العربية فقد أعتقد الرئيس صالح بأن واقع التمزق والشتات لدى العرب وكثرة المخططات التآمرية والضربات المتلاحقة للأمة العربية سيقودها إلى التحدي والمواجهة فـ"الواقع العربي سوف يتحسن لأن الأوضاع العربية في شكلها ومضمونها الحالي كفيلة لبعث الغيرة في قلوب كل الأشقاء ومن ثم تصميمهم على إجراء التعديلات المطلوبة في العلاقات العربية وخلق الظروف المهيأة لبروز معطيات إيجابية في الواقع العربي وتحسينه إلى الأفضل".
والأمة العربية عبر التاريخ تواجه قوى معادية، وهي تنتصر على أعدائها ولكن منطق التاريخ يؤكد أن الوحدة هي الأداة الوحيدة للمواجهة والنصر فـ" المخططات المعادية لأمتنا العربية لا ترتبط بزمان ومكان محددين فهي مستمرة ومتنوعة وتستهدف العرب ككل.... والتصدي لهذه المخططات وغيرها لا يتم إلا بموقف من كل التحديات وهذا ما يجب إدراكه على الدوام".
وعلى هذا الأساس فقد اعتقد الرئيس صالح أن الوحدة العربية واقعة لا محال في المستقبل على أساس، "أن تلك حتمية التاريخ وما تفرضه الخلفية التاريخية ومنطقية التطور وما تتطلع إليه جماهير أمتنا العربية" كما أن الظروف التي تمر بها الأمة العربية وما تواجه من أخطار وتحديات سيجعلها تسير حتماً على طريق الوحدة.
وما سبق مبني على اعتقاد أن هناك قاعدة ثابتة تحكم التاريخ العربي فحواها أن العرب لا يحققوا انتصاراتهم إلا بالوحدة والتمسك بالقيم، والهزائم تلحق بهم هي نتيجة الاستسلام للرغبات والأهواء الذاتية والتفكك وغياب الهدف، وعليه فإن تضامنهم ضرورة تاريخية تحتمها التحديات والمؤامرات التي تواجههم ناهيك عن الحاجة والضرورة الإستراتيجية وقيم الإخاء والمصالح المشتركة.
ويؤكد ذلك بقوله: "لقد شهد المسلمون طوال تاريخهم أزهى الانتصارات بفضل ما أشاعوه في صفوفهم ومن الوحدة والتلاحم والتراحم فيما بينهم والتزود بالعزيمة والإرادة والإصرار من أجل تحقيق أهدافهم والدفاع عن عقيدتهم وحقوقهم ووجودهم والالتفاف خلف أهداف عظيمة ومبادئ نبيلة وسامية وعلى العكس من ذلك فإن الهزائم لحقت بهم في تلك الأزمنة التي كانوا يستسلموا عندها للرغبات والشهوات والأهواء الذاتية ويقعون أسرى للتفكك والخوف وغياب الهدف" ، "فالتاريخ شاهد على أن التفكك والانقسام يؤدي إلى الضعف والوهن ويمهد لاستبداد الدخيل واحتلال المستعمر وأن التلاحم والعزم قادا دائماً إلى انتصارات باهرة". وهذه القاعدة جعلت الرئيس يتفاءل ويعتقد أن التضامن العربي "سيأتي وستلتئم الأسرة العربية"، "الأمة العربية مهما واجهت من الصعاب والتحديات ومهما نشأت بين أقطارها من خلافات وتباينات فإنها قادرة في الحاضر والمستقبل على تجاوزها وإنهاء أسبابها" و"الأشقاء العرب مضطرون أن يلتقوا وأن تعود علاقاتهم ببعضهم البعض لأنه لا أحد يستطيع أن يبتعد عن الآخر.. قد تكون هناك حالة غضب أو انفعال ويزعل الواحد من أخيه لكنها لحظات طارئة ومؤقتة ولابد أن يعود الأخ لأخيه مهما كان ومهما حصل من خلاف"، ويقول أيضا "ولكن في النهاية لابد أن يتصالح العرب وأن نتفق ونلتقي كأشقاء لا أحد يستطيع أن ينهي القطر العراقي من على أرضه ولا أحد ينهي أي قطر جار له من على أرضه والخارطة الكل موجودين والأنظمة أنظمة تأتي وأنظمة تذهب ولكن الشعوب باقية".
ورغم أن القاعدة أن يلتقي العرب ولكن التغيير لن يحدث حتى تصلح وتصدق النويا، "ولا يمكن أن يحدث التغيير إذا ظلت العلاقات العربية والإسلامية تسير على خطين متعاكسين باطني وظاهري" ، "منسوخ في زوايا مظلمة من سوء الظن".
والحركة التاريخية للعرب تسير بخطى تقدمية ولا يمكن أن ترجع إلى الوراء وأن أصابها بعض التراجع لظروف موضوعيه إلا أن التاريخ يؤكد أن العرب قادرين على تجاوز وضعيتهم الحالية بالاستفادة من دروس التاريخ وتغيير الواقع الموضوعي لصالح الحركة الإيجابية.
والخلاصة على العرب أن يستفيد "من الدروس العظيمة التي خلفها لنا أسلافنا المؤمنين الأفذاذ من المسلمين الأوائل" فالأمة الإسلامية والعربية لابد "أن تتجمع كلمتها وتوحد موقفها حتى تنتصر فالسلف حققوا انتصاراتهم وهم قلة" "وقد تحقق لهم ذلك لأنهم واجهوا الأعداء بقوة الإيمان وقوة الوحدة والتمسك برباط وثيق من الأخوة الروحية والعقائدية الصادقة وهو الأمر الذي جعلهم دائماً في أوج الامتثال للقيم والالتزام بها ومعهم عرفت التضحية... وعرف البذل والفداء.... وكان الجهاد هو الدرب والوسيلة هو الهم الكبير الذي لا يعلو فوقه أي هم أو شاغل".
ويصل الرئيس صالح إلى نتيجة إن العرب والمسلمين قادرون على إحداث تحولات تاريخية إذا ما تبعوا آلية عملية هي أشبه بالقانون الحتمي ترتكز على قوة الإيمان وقوة الوحدة والأخوة الروحية العقائدية وجعل الجهاد درب ووسيلة لحركة الحياة ومواجهة الظروف التاريخية والقوى المعادية وبدون ذلك فإن الأمة "ستظل تحيط بها الأخطار المحدقة وتنال منها الصراعات والحروب الماحقة".( ووضع الرئيس رؤية واقعية للتعامل مع الفرقة أياً كانت من خلال أن يؤدي كل إنسان وكل بلد دوره حتى تستطيع الأمة أن تحقق النصر، واليمن "تؤدي دورها بأيمان كامل بحتمية انتصار الأمة العربية الإسلامية على أعدائها".
إسرائيل إلى زوال
فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي أعتقد الرئيس صالح أن الحتمية التاريخية ستؤدي إلى زوال الاحتلال الصهيوني، لأنه مناقض لحركة التاريخ ومعادٍ لإرادة الشعب الفلسطيني والعربي، "فالاحتلال الصهيوني لن يدوم له البقاء وسيزول حتماً كما زال من قبلة الاستعمار البريطاني باتساع مستعمراته في مناطق العالم والتي لا تغرب عنها الشمس، وكذلك الاستعمار الفرنسي والبرتغالي والإيطالي خاصة وأن الكيان الصهيوني بحجمه السكاني وطبيعة تكوينه العنصري والقمعي لن يقوى على الصمود ومواجهة الغضب الفلسطيني وثورته المستمرة داخل الأراضي المحتلة.
ومع التحولات الدولية في التسعينيات اعتقد الرئيس صالح أن إسرائيل سيأتي الوقت الذي تقبل بعملية السلام كاملة وبكل مساراتها سواءً الفلسطيني أو السوري أو المسار اللبناني، ومع دخولها السلام فأن إسرائيل ستنفجر من الداخل، وهذا الاعتقاد بناه على أساس أن "الغطرسة الصهيونية والامبريالية لن تدوم طويلاً لأننا لو قرأنا التاريخ جيداً سنجد أن الإمبراطوريات والاستعمار سواء في العصور القديمة أو الحديثة لم يدم طويلاً"، و"كثير من الإمبراطوريات القديمة في العالم انتهت"، لذلك فإن "إسرائيل مهما ملكت من قوة ومن ترسانة أسلحة ومهما ملكت من تكنولوجيا ومهما ملكت من قوة لن تكون أكبر من الاتحاد السوفيتي الذي انهار ولن تكون مثل المملكة المتحدة أو رومانيا آجلاً أو عاجلاً إسرائيل لن تكون بهذه القبضة، إسرائيل هي مجتمع لفيف غير مترابط وغير متماسك الذي يمسك المجتمع الإسرائيلي هو استمرار حالة الطوارئ في المنطقة وعلى أساس بأن هناك يوجد خطر عربي".
لذلك يرى صالح أن إسرائيل بتنكرها للاتفاقيات الموقعة مع العرب وصلفها وتعنتها واستمرارية أطماعها أن إسرائيل تخاف من السلام ولا تريده لأن الحرب والاستنفار الدائم يخدم تماسكها، لأنها عبارة عن مجتمع متصارع مع نفسه بحكم التناقضات في التكوين التاريخي للمجموعات التي تشكل المجتمع الإسرائيلي، ولأن " الكيان الإسرائيلي يقوم أساسا على العدوان والتوسع على حساب الأراضي العربية ويستخدم عملياته العدوانية أيضا في معالجة أوضاعة الداخلية حيث يعيش المجتمع الإسرائيلي حالة من القلق الذي ينميه الشعور الصهيوني بأن وجود الكيان الصهيوني لم يتكون إلا بالعدوان وأن استمرار بقائه لا يتم إلا باتخاذ سياسة الاستفزاز والاعتداءات علي الشعوب العربية"، لذلك فهي تقوم بتصوير نفسها ككيان مستهدف من قبل العرب، "فإسرائيل تعيش في حالة استنفار وطوارئ مستمرة وهي تظلل الرأي العام الأوروبي والأمريكي وتستنفره بأنها تعيش في محيط معاد لها وأنها في خطر حتى تحصل على الدعم الأوروبي والأمريكي".
التضحية ضرورة تاريخية
وأخيرا حسب اعتقاد الرئيس صالح أن الحياة في معناها ليست إلا انتصار للمبادئ وأداء للأمانة، وثمن انتصار المبادئ والقيم الخيرة أيّاًٍٍٍ كان لا يمكن قياسه بالمنجزات التاريخية، وهذا ما جعل الشعب اليمني يدفع أثمان باهظة من أجل الحفاظ على الوحدة من قوت الشعب ومن رجاله ومن اقتصاده الوطني وبنيته الأساسية ومشاريعه التنموية.
وبالتالي فالتضحية من أجل الوحدة مبررة وضرورة في عقائد الرئيس صالح، فـ"الوحدة هدف عظيم ومكسب تاريخي واستراتيجي كبير يستحق التضحية ودفع ثمن غالي في سبيل بقائه وانتصاره ولهذا كان شعبنا على استعداد أن يقدم من أجل الوحدة أكثر من مليون شهيد لأنها تستحق ذلك وهو ناضل في سبيل الثورة والتحرر من الأمة والاستعمار من أجل أن يتحقق وحدة اليمن أرضاً وإنساناً".
وهذه التضحيات أمر طبيعي في التاريخ اليمني فالشعب تحمل تضحيات جسيمة على مر العصور والأزمنة حفاظاً على هويته ودفاعاً عن وطنه، وقد مثلت معركة الحفاظ على الوحدة في 1994م أحد الأمثلة لانتصار المبادئ والقيم الخيرة والإرادة الشعبية على قوى الشر.
وهذا أمر طبيعي في أي شعب من الشعوب "فالمنجزات العظيمة لا تمنح هبة للشعوب أو تأتي محض صدفة وإنما تساق إليها التضحيات وتسبقها العزائم وإرادة الجموع المؤمنة بميلادها الجديد وهي تشق طريقها نحو الهدف الواضح والسامي".
*مدرس للعلوم السياسية بجامعة صنعاء