حوار: أبو بكر أحمد عباد -
بن دغر: المشترك يبحث عن الصفقات في الظلام
ينتظر المشهد السياسي والديمقراطي اليمني حدثا من الأهمية بمكان خلال أقل من ثمانية أشهر، الحدث هو رابع انتخابات برلمانية تخوضها الأحزاب السياسية اليمنية منذ إعادة تحقيق الوحدة المباركة في مايو 1990. وهي الانتخابات التي ستكون ذات أهمية وبعد استراتيجي محليا وعالميا. من ناحية إضافة تجربة جديدة لثقافة وخبرة الحياة السياسية اليمنية، التي تعززت بصورة أكثر وضوحاً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في العام 2006.
الدكتور أحمد عبيد بن دغر عضو اللجنة العامة ورئيس دائرة المنظمات الجماهيرية في المؤتمر الشعبي العام، يتحدث هنا لـ صحيفة"السياسية" حول أهمية إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها، مؤكداً استعداد حزبه تقديم تنازلات سياسية أو غيرها من أجل الوطن والوحدة والديمقراطية"، وهو يرى أيضاً أن الإصلاحات الدستورية الحالية هي "جوهر الإصلاح السياسي" في اليمن، لكنه مع ذلك ليس مع التعديلات الدستورية "الدائمة". ويتهم بن دغر "المشترك" بمحاولة "إضاعة الوقت"، وسعيه لـ"تسميم العلاقات بين القوى والأحزاب الوطنية".
ويرى أن "رفض المشترك للحوار يعود لتركيبة قيادته التي تعودت على العمل الاستخباراتي"، ويؤكد في الوقت نفسه أن هناك نقاط اتفاق كثيرة مع "المشترك"، وإن الجزء الأكبر من قانون الانتخابات أنجز بصورة مشتركة.
التعديلات الدستورية جوهر الإصلاح السياسي
ما هي قراءتك الخاصة حول مشروع الإصلاحات الدستورية المطروحة حاليا أمام مجلس الشورى؟
التعديلات الدستورية مطروحة للمناقشة في مجلس الشورى، وقد بدأ بمشاورات واسعة حول الإصلاحات الدستورية، وهذه المشاورات سوف تشمل كل أطياف العمل السياسي، والمنظمات الجماهيرية، ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني الحديثة. وفي تقديري فإن مشروع الإصلاحات سوف يحظى بالتأييد الواسع، بالنظر لما يتضمنه من نصوص وقواعد هامة تتعلق بأسس النظام السياسي، ومستقبل الحياة الديمقراطية، كون مقترح التعديلات يعد تطويرا للنظام التشريعي في البلاد، حيث سيصبح مجلس الشورى مجلسا منتخبا، وغرفة تشريعية أخرى، وسوف تناط به جملة من الصلاحيات الدستورية حتى تجعل دوره في التشريع مهماً، وبموجب الدستور سوف يشكل مجلسا النواب والشورى معاً مجلساً للأمة، وهذا المجلس هو الآخر سيكون من صلاحياته النظر في القضايا الإستراتيجية، كالاتجاهات العامة للسياسيات الداخلية والخارجية، وقضايا السلام والحرب، والاتفاقيات ذات الأهمية الكبرى، وبحسب التعديلات الدستورية المقترحة فإن المجلس سوف يتكون من أعضاء منتخبين من المحافظات بصورة متساوية، بالإضافة إلى نسبة تعيين من حق رئيس الجمهورية لإحداث قدر أكبر من التوازن في المجلس .
هل تعتقد أن اعتراض "المشترك" على التعديلات بسبب المضمون أم الخلاف على مبدأ التعديل؟
- أنا اعتقد أنهما الاثنتان معاً.. في تقديري الشخصي أن الأخوان في "المشترك" لا يريدون في هذه المرحلة أي تعديلات دستورية، كونهم أقلية ويعرفون أن الأكثرية في البرلمان سوف تقوم بصياغة الدستور بما يلبي المصالح الوطنية وبعيداً عن أي مصالح خاصة، وربما يفكرون في أن الانتخابات المقبلة قد تعطيهم فرصة أفضل بمزيد من الدوائر الانتخابية، فيكون تأثيرهم أقوى وفقاً لتقديراتهم على مضمون الدستور. وأحب أن أضيف أننا يجب ندرك أن الدساتير دائما ما توضع لأفق بعيدة ولمصالح عليا، ويفترض على الجميع- معارضة وسلطة- أن يتفقا عليها، لهذا المؤتمر يحاورهم، ولكن ليس إلى ما لا نهاية.
هل أنت مع التعديلات الدائمة للدستور؟
- أنا لست معها، ولكن هناك ضرورات ومراحل أعتقد أنها تفرض علينا الوقوف مع التعديلات، وأرى أن فكرة إدخال غرفتين تشريعيتين إلى الحياة التشريعية، وفكرة تطوير نظام الحكم المحلي والانتقال من المركزية إلى اللامركزية، كل هذا التطوير في الحياة السياسية يحتاج إلى تعديلات دستورية، كونها قضايا استراتيجية تتعلق بصلب الدستور.
وقعت قبل أيام وثيقة تحالف سياسي استراتيجي بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المجلس الوطني للمعارضة وحزب البعث العربي الاشتراكي القومي وحزب الرابطة اليمنية والتنظيم السبتمبري الديمقراطي تحت مسمى "التحالف الوطني الديمقراطي".. هل ترى أن "المؤتمر" بحاجة إلى هذا التحالف؟
الحوار قضية مبدأ بالنسبة للمؤتمر الشعبي، وإيماننا بالحوار يدفعنا دائما إلى الاستماع للآخرين، وفهم وجهات نظرهم فيما يتعلق بمستقبل البلاد، وهذا المبدأ ليس جديدا على المؤتمر، لقد حاور الجميع دون استثناء، يتفق معهم أو يختلف، لكنه لم يوصد أبواب الحوار طالما هناك حاجة ماسة له، والتحالف الذي أبرم مع الأحزاب التي ذكرتها هدفه الوصول إلى شكل من التحالف والتعاون في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو تحالف سوف تنتج عنه خارطة سياسية جديدة، وقد ساهمت كل أطرافه في بلورته وإنضاجه بالصورة التي ترضي كافة أطراف التحالف.
هل "المؤتمر" بحاجة إلى هذا التحالف؟
- من وجهة نظري نعم، المؤتمر سيحتاج إلى التحالف مع كل القوى الوطنية التي تتفق معه على الحفاظ على الوحدة والنهج الديمقراطي واستقرار البلد وتقدمه.
كيف يمكن لهذا التحالف أن يخدم "المؤتمر" وباقي أحزاب التحالف؟
- ليس بالضرورة أن يخدم المؤتمر فقط أو أحزاب مجلس المعارضة، ولكن المهم كيف يمكن لهذا التحالف أن يخدم الوطن والديمقراطية والوحدة.
من ناحية أخرى، البعض يرى أن هذا التحالف الجديد ربما يوسع الهوة ويزيد من تمسك أحزاب اللقاء "المشترك" بتحالفهم، ماذا ترى؟
- لماذا هم قلقون من تحالف ينشأ على قاعدة الدستور والقوانين والأنظمة، ينشأ على مبادئ الثورة والوحدة والديمقراطية؟! لماذا هم يخافون من تحالف يمكن أن يعزز الحياة والمسيرة الديمقراطية في البلاد، ويجعل الحياة أفضل ويساهم في توسيع المشاركة الشعبية.
العلاقات والحوار والخلاف بين المؤتمر والمشترك
إلى أين وصلت جولات الحوار مع المعارضة حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات؟
- الحوار مع المعارضة لم يتوقف، هم أحياناً يعرضون عن هذا الحوار لتحقيق بعض المكاسب، لكنهم لا يلبثون حتى يعودوا إلى طاولة الحوار ثانية، لكنهم يفضلون الحوار بين الجدران المغلقة، لديهم حساسية شديدة من الوضوح والصراحة والشفافية التي يتحدثون عنها في وسائل إعلامهم وفي خطاباتهم، ثم عند الممارسة يفضلون الظلام، ويبحثون عن صفقات، أحيانا إذا غلبهم المنطق والعقل يتقدمون بمطالب تعجيزية ليس فقط بالنسبة للجنة العليا للانتخابات، ولكن حول تفاصيل العملية الانتخابية كلها، وقد عرضنا عليهم سابقاً مقترحات قوبلت بالرفض من قبلهم، منها- على سبيل المثال- أن تشكل اللجنة العليا من كل الأحزاب السياسية المعترف بها .
إضافة إلى ما ذكرت هل هناك مقترحات أخرى رفضها المشترك؟
- في البدء كانت فكرة إنشاء اللجنة العليا للانتخابات من القضاة فكرة "المشترك"، والمؤتمر تقبلها بصدر رحب، وتم التوقيع عليها في اتفاق المبادئ عام 2006، وبعد ذلك تنكر "المشترك" لهذه الفكرة، وحتى لا تظل هذه القضية محل خلاف في العلاقات بين المؤتمر و"المشترك"، تقدم المؤتمر بمقترحات أخرى تمثل أهمها بتشكيل اللجنة بحسب تمثيل الأحزاب في مجلس النواب وقد رفضت هذه الفكرة أيضاً، كما عرض المؤتمر على "المشترك" فكرة ترشيح 4 أعضاء من أصل 9 هم قوام اللجنة العليا للانتخابات، وعلى أن يقوم المؤتمر بترشيح 4 أعضاء، ويقوم رئيس الجمهورية بتعيين رئيس اللجنة، لكن هذه الفكرة لم تحظ بقبول الأخوة في "المشترك"، والمؤتمر دائما ما يبحث عن مخارج ويقدم مقترحات، ولكنه دائما ما يواجه رفض الطرف الثاني وليس هناك سوى الرفض.
أنت تقول إن هناك مطالب تعجيزية للمشترك؟
- أهمها قضية الإجماع، وهي عندما تطالب قيادة "المشترك" أن لا تتخذ القرارات إلا بالإجماع.. كيف يمكن لهذا أن يكون ونحن أحزاب وأطراف مختلفة، وعادة هناك قوانين تحكم الناس، فكيف يمكن الإجماع في كل شي؟!! فما قيمة أن تشكل لجنة عليا من تسعة أشخاص، ومن ثم نقول لهم أنتم لجنة مستقلة، وكونوا محايدين، واحترموا الدستور والقانون، ثم نقول لهم بعد ذلك لا بد من الاتفاق على كل شيء هذا الأمر لا يصح ولن يصح، وهذا نوع من المماطلة والتعجيز. أنا أقول لهؤلاء الناس إذا شكلت اللجنة لا بد أن يحترم أعضاؤها النظام والدستور والقانون، أياً كانت صفتهم السياسية السابقة.
ألا تعتقد أن حديثا حول تأجيل الانتخابات يمكن أن يحدث؟
- ليس لدى المؤتمر وقيادته أي نية للقبول بفكرة تأجيل الانتخابات، لدينا قرار واحد قلناه، ورددنا قوله، على لسان الرئيس وكل قيادات المؤتمر بأن الانتخابات البرلمانية المقبلة سوف تتم في وقتها، فقط لدى قيادة المؤتمر نفس طويل، ووعي تام بأهمية الحوار حول أية قضايا من شأنها إزالة الشكوك لدى الآخرين، وأعني بها معارضة "المشترك" هذه المعارضة هي التي تروَّج لفكرة التأجيل، لكن هذه الفكرة ليست واردة بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام.
إذا لم يحدث اتفاق حول اللجنة العليا للانتخابات، فماذا سيقرر المؤتمر؟
- هذا الأمر لا يحتاج إلى تفكير طويل، المؤتمر سيطبق الدستور والقوانين، وهي تنص على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في أبريل 2009. والمؤتمر سيمضي في هذا الاتجاه.
هذا يعني أن المؤتمر سيشكل اللجنة بمفرده أو بالاشتراك مع أحزاب مجلس المعارضة؟
- ولما لا، هذا وارد في ظل الرفض المتواصل للمشترك.
وماذا إذا ما قاطعت أحزاب اللقاء "المشترك" الانتخابات المقبلة؟
هذه مسألة تخصهم. نحن فتحنا كل الأبواب أمامهم وهم أغلقوها.
"المشترك" يرى أن الخلاف معكم سببه رغبتكم في تجزئة قضايا الحوار بدءا باللجنة العليا للانتخابات، فيما يتمسكون هم بالاتفاق على الحوار كمنظومة للإصلاح السياسي والوطني الشامل، ما حقيقة ذلك؟
- عندما لا يكون لديك منطق، فأنت تبحث عن أي شيء تقوله لكي تواجه به المجتمع والقوى السياسية الأخرى، وأنا أقول للأخوة في "المشترك" هل التعديلات الدستورية فيما يتعلق بمجلس الشورى والحكم المحلي ليست لها علاقة بالقضايا الكلية؟! بلى، هي قضايا كلية وإستراتيجية. التهمة بأننا نجزئ الأمور ونبحث في التفاصيل ليست منطقية. هم للأسف الشديد وعلى وجه التحديد بعض صحفييهم وبعض الناطقين بأسمائهم يكذبون كثيرا فيما يتعلق بهذا الموضوع. نحن دفعنا بإصلاحات دستورية لمجلس الشورى والإصلاحات ليست تجزئة للأمور، هي قضية كلية، كيف يمكن أن يستقيم هذا الأمر ونحن أصحاب فكرة التعديلات الدستورية.
هل ترى أن الإصلاحات الدستورية جزء من الإصلاح السياسي الوطني الشامل؟
- ربما جوهر الإصلاح السياسي يتوقف على الإصلاحات الدستورية.
ماذا عن الاتهامات المتبادلة؟
- نحن لم نتهمهم بشيء، وإن كنا متأكدين أنهم يحاولون إضاعة الوقت واستهلاك الزمن المتبقي لغرض في نفس يعقوب، هم الذين حاولوا دائما تسميم العلاقات بين القوى والأحزاب الوطنية وحاولوا إلقاء العبء على المؤتمر، صحفهم ووسائل إعلامهم تلوك دائما أخباراً كاذبة ومزيفة، وتخلق قصصا لا علاقة لها بالواقع، وتتعامل مع المساحة الديمقراطية الواسعة وحرية الرأي التي هي سمة النظام السياسي في بلادنا بصورة غير مسؤولة.
هنا تتهمكم المعارضة بأنكم درجتم على سياسة المماطلة إلى ما قبل الانتخابات لتفرضوا عليهم الأمر الحاصل في النهاية.. ما تعليقكم على هذا؟
- كيف هذا، ونحن نطالبهم يومياً بالحوار، وهذه دعوة أوجهها الآن، فليأتوا غداً للحوار، وفخامة الرئيس دائماً ما يدعوهم للحوار، ويقول لهم: أنا على استعداد للحوار معكم.. في العادة تحرص المعارضة في أي بلد على الشفافية والوضوح، ولكن الأخوة في "المشترك" ينزعجون من هذا.
لماذا تعتقد أنهم يرفضون الحوار؟
- اعتقد أن تركيبة القيادة في"المشترك" هي السبب، ويبدو لي أنها تعودت على العمل السري، وهذا ما يبرر رفضهم للصراحة والشفافية والوضوح، أما نحن فليس لدينا مشكلة في هذا الموضوع.
هل يوجد نقاط اتفاق بينكم وبين "المشترك"؟
- نعم هناك نقاط اتفاق كثيرة، ويمكنني أن أقول إن الجزء الأكبر من قانون الانتخابات تم الاتفاق عليه وأنجز بصورة مشتركة بيننا وبين الإخوان في اللقاء "المشترك".
والى أين وصل مشروع تعديل قانون الانتخابات؟
- في الوقت الحالي الحوار متوقف حول القانون، ولكننا نأمل أن يستمر الحوار في أي وقت. وفي الحقيقة ليس أمام المؤتمر و"المشترك" وقت طويل.
تتحدث الأوساط السياسية بين الفترة والأخرى عن وجود صفقات غير معلنة يمكن الوصول إليها بين المؤتمر وأحزاب اللقاء "المشترك".. ما صحة هذه المعلومات؟
- نحن نتحاور معهم انطلاقاً من إيماننا بأن هناك مصالح عليا تشكل ثوابت وطنية لدينا ولدى أغلبية القوى الوطنية، وهذه الثوابت لا نقبل حولها حوارا. ما نتحاور حوله هو كيفية الوصول إلى شكل من الاتفاق والتوافق حول مستوى الممارسة الوطنية للحفاظ على وحدة البلاد ونهجها الديمقراطي واستقرارها، نحن نؤمن بالممارسة الديمقراطية طريقا للتداول السلمي للسلطة، ونؤمن بحق الجميع في خوض المنافسة الوطنية الشريفة في الانتخابات البرلمانية وغيرها، وإن كان المقصود بالصفقات هو الوصول لاتفاقات مشتركة تخدم الوطن فهذا ليس فيه ضرر، ولكن إن كان المقصود بالصفقة هو الحصول على مكاسب سياسية أو آنية فهذا غير وارد، ونحن في المؤتمر الشعبي العام لا نناقش معهم إلا ما هو أساسي، وما له علاقة بمصلحة الوطن.
أنا اقصد بهذا السؤال، هل هناك حوار غير معلن بينكم وبين "المشترك" بعيدا عن الإعلام؟
- هذا السؤال يوجه لهم في "المشترك".
انتم طرف في الحوار إن وجد.
- نحن نقول: يجب أن يكون الحوار واضحا ومكشوفا، وتكون أجندته وموضوعاته واضحة للناس.
هل لدى المؤتمر استعداد لتقديم تنازلات؟
- من أجل الوطن والوحدة والديمقراطية، المؤتمر لديه الاستعداد الكامل للتحاور مع الجميع، وطالما هناك مصلحة وهدف وطني كبير للحوار فالمؤتمر ليس لديه عقدة في هذا الموضوع على الإطلاق.
كثيرا ما تروِّج أحزاب اللقاء "المشترك" وتحديدا الاشتراكي بأنها تقوم بتمثيل الجنوب، ما مدى واقعية هذا الطرح؟
- من يمثل الجنوب نوابه الذين أتوا عبر انتخابات حرة ونزيهة استحقت تقدير المراقبين في الداخل والخارج، أبناء الجنوب منحوا الرئيس أصواتهم في الانتخابات الرئاسية الماضية، والرئاسة ومجلس النواب هم من يمثلون أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، كما أنهم يمثلون إرادة الشعب بأسره، ومثل هذه الادعاءات لا أعتقد أنها سوف تنطلي على عاقل أو إنسان ذي بصيرة، من يريد أن يمثل الجنوب أو اليمن بأسره عليه أن يسلك طريقا واحدا فقط، وهو طريق الناخبين وصناديق الاقتراع، وما عدا ذلك فهي أحلام تراود الأغبياء فقط، أو المأجورين الذين وضعوا أنفسهم في خدمة الأعداء.
جاهزية المؤتمر للانتخابات
ما توقعاتكم لسيناريو الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- كل المؤشرات تشير إلى أن المؤتمر الشعبي العام سوف يحافظ على مقاعده الحالية في البرلمان، وهي المقاعد التي تشكل أغلبية المجلس المريحة، وهذه الأغلبية في الواقع تعكس موفقاً جماهيرية داعماً للمؤتمر وقيادته ممثلة بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح.
هل المؤتمر جاهز للانتخابات؟
- لدى المؤتمر الخبرات اللازمة لخوض الانتخابات المقبلة، وأكثر من ذلك لديه رأي عريض وواسع يدعمه ويدعم سياسياته، لذلك سوف يدخل المؤتمر الانتخابات متسلحاً وبثقة كبيرة بهذه الخبرات، وبهذا الدعم الجماهيري الواسع. باختصار المؤتمر يستشعر المسؤولية في كل مرحلة من مراحل التطور في البلاد، ولذلك فجاهزيته الديمقراطية لم ولن تخبو أبدا .
هل ترى أن المؤتمر الشعبي العام يمارس دوره كحزب سياسي حاكم؟
- المؤتمر الشعبي العام مثل كل الأحزاب، وهو حزب يناضل لتحقيق أهدافه، أحيانا قد ينجح، وأحيانا قد يواجه صعوبات، ولكنه يستمر في النضال.
وماذا عن دور الأحزاب؟
- أنا أتمنى أن تتقدم الحياة الديمقراطية في اليمن، وأن تشهد الأحزاب شيئاً من الحيوية والحراك والانفتاح على الآخر والقبول بالأفكار الأخرى؛ لأنه أحيانا يكون التعصب قاتلا.
البعض يرى أن ضعف الاحتراف السياسي لقيادات الأحزاب سبب من أسباب السلبيات الحاصلة في الحياة السياسية؟
- مسألة الاحتراف السياسي قد تكون رغبة لدى الجميع، وكل حزب يسعى ليرتقي بعمله السياسي والتنظيمي والفكري ليصل لمستويات أرقى، لكن الواقع شيء والرغبات شيء آخر، والأحزاب لن تكون إلا انعكاسا للواقع الاجتماعي الثقافي في اليمن، ولن تتطور إلاَّ مع تطور هذا الواقع. إنما بالتأكيد هناك دائماً صف قيادي وطلائع أحياناً يكون لديهم القدرة على القيادة أو على المبادرة أو على طرح الأفكار الجديدة.
ملفات ساخنة
شهد اليمن سلسلة من الاعتصامات الشعبية والمظاهرات التي خفت بشكل ملحوظ مؤخراَ، كيف تنظرون إلى هذه الاعتصامات؟
- أحب أن أوضح أن المؤتمر الشعبي العام هو ضد كل أشكال الاضطهاد والتعسف لأي موظف كان مدنيا أو عسكريا، والمؤتمر مع كافة الحقوق والمطالب التي يكفلها الدستور والتي تنسجم مع القوانين، وقبل حوالي عامين أخذ فخامة رئيس الجمهورية بنفسه ملف التظلمات في المحافظات الجنوبية، واتخذ فيها جملة من الإجراءات عبر الحكومة وعبر لجانٍ متخصصة.
هل تعتقد أن حلولاً حكومية وراء الهدوء الحالي؟
- نعم، لها علاقة بالحلول التي قدمتها الحكومة، ولها أيضاً علاقة بفرض النظام والقانون؛ لأن بعض الناس خرجوا في الاعتصامات دون مطالب، فلا هم موظفون، ولا هم أصحاب مظالم، خرجوا فقط للتكسير والتدمير وإرهاب الناس، ولمحاولة منهم للإساءة للإجماع الوطني والوحدة الوطنية، ولتمييز الناس بين جنوبي وشمالي وشرقي وغربي.
لكن هناك من يعتقد أن الحلول ربما لم تكن جذرية، ولكنها على سبيل التهدئة؟
- هناك بعض الصعوبات الموضوعية التي يعيشها اليمن ويعيشها الكثير من بلدان العالم، مثال على ذلك ارتفاع الأسعار، بمعنى آخر إذا خرج الناس غدا في أي مكان في اليمن من أجل المطالبة بتخفيض الأسعار فهذه ظاهرة عادية ولا يوجد فيها مشكلة، والمؤتمر قريب من أحاسيس الناس هؤلاء وليس بعيدا. وبالتالي قد يفسرها بعض المزايدين إن الحلول التي قدمت لم تكن جذرية. وأنا أؤكد أن معظم القضايا المطلبية والحقوقية قد حُلت، إن لم أبالغ وأقول إنها حلت بنسبة 100 بالمائة، فلم يعد هناك أي عسكري أو مدني كانت له مطالب تتعلق بحقوقه في المرتبات أو الإستراتيجية أو الزيادات أو العلاوات إلا وحصل عليها، ولكن قضية الحقوق استغلت فيما بعد سياسياً وتحولت إلى مطالب وشعارات أخرى مثل شعارات الجنوبية وحق تقرير المصير.
هل لدى المؤتمر رؤية استراتيجية لتدارك عدم بروز ظواهر سلبية مستقبلاً مثل قضايا المتقاعدين، والحوثيين وغيرها من القضايا التي تضر بأمن واستقرار اليمن؟
- لدى المؤتمر الشعبي العام ميثاقه الوطني، وهو ميثاق الإجماع الوطني، بمعنى أن الأساس الفكري والسياسي والأيدلوجي والاقتصادي للمؤتمر مبني على هذا الأساس، وأحياناً تظهر بعض الصعوبات، وهي يمكن أن تظهر في أي بلد، مثل ظهور الامتعاض الشعبي من موقف أو قضية. لكن نهج المؤتمر فيما يتعلق بالنهوض باقتصاد البلد والتنمية لخلق حالة من التطور الثقافي والاجتماعي، والدفع بعملية التنمية إلى الأمام والديمقراطية كل هذه العناصر والعوامل هي حلول قد تساعد في المستقبل على امتصاص وتدارك كل المشاكل التي قد تظهر.
في الآونة الأخيرة أعلن عن تشكيل عدد من اللجان والهيئات والأجهزة مثل لجنة تقييم الظواهر السلبية، وهيئة مكافحة الفساد، وبطبيعة الحال وجود الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، الا يساهم هذه الجهات في تداخل وتضارب مهامها وأعمالها؟
- ربما، ولكن وجودها خيرٌ من عدمها.
هل ترى أن وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والأهلية تقوم بدورها؟
- تمارس وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية دور مهم في صناعة وعي الناس ومواقفهم من الأحداث، وكلَّما كانت وسائل الإعلام والعاملون فيها حريصة على نقل الخبر الصادق، ونشر المساهمات الملتزمة بمصالح الوطن العليا ونقد الأخطاء والسلبيات، كلما تعاظم دورها وعلت قيمتها المعنوية وازداد تأثيرها الايجابي، وهي بأي حال من الأحوال وسيلة لا بد أن يتمتع المتعاملون معها بقدر كبير من المسؤولية والانتماء للوطن والانحياز لمصالح الشعب. وأنا أرى أن وسائل الإعلام بدأت تتكامل، ولكن للأسف الشديد دائما ما يكون التركيز على القضايا السياسية، وكثيراً ما تهمل قضايا المواطنين والمشاكل المعيشية للناس، سواء كان ذلك في الخطاب الرسمي أو في خطاب المعارضة، وأنا أعني هنا بالتحديد خطاب المعارضة الذي دائما ما يصور الأمور بصورة مأساوية وكارثية. فالحكومة تحاول تنفيذ الكثير من المشروعات الاقتصادية والاجتماعية التي تهم الجميع والتي يستفيد منها عامة الشعب، لكنهم في المعارضة لا يحاولون التركيز إلا على ما يظهر الأمور بصورة عديمة، وغير منطقية وغير واقعية.
هل ما زلت على علاقات جيدة مع قيادات الحزب الاشتراكي؟
- ما زال لدي أصدقاء، ولكن السياسة هي السياسة.. وطالما هناك إيمان بالثورة والوحدة والديمقراطية فستبقى هناك صداقة. •
هذا يعني أن السياسة أساءت لعلاقاتك الشخصية مع القيادات الاشتراكية؟
- العلاقات الطيبة لا تسيء إليها المواقف السياسية، والخلاف لا يفسد للود قضية، وخلافنا كان سياسياً، خلاف حول الموقف من التمرد الحوثي، وما يسمى بالحراك في المحافظات الجنوبية، وأمور أخرى سياسية.
السيرة الذاتية للدكتور أحمد عبيد بن دغر
ولد في قرية "موشج" بمديرية "شبام"، في حضرموت، وفيها نشأ في أسرة علمية. • تلقى تعليمه الأولي، ثم انتقل إلى المدرسة الحكومية في وادي "بن علي"، ثم درس المرحلة الإعدادية في مدينة "حوطة أحمد بن زين"، ثم انتقل إلى مدينة "سيئون" ودرس فيها المرحلة الثانوية، وتخرج منها عام 1976. • ثم انتقل إلى مدينة عدن، فالتحق بكلية التربية في جامعة عدن، وحصل على شهادة البكالوريوس بتقدير جيد جدًّا عام 1983. • سافر إلى مصر، والتحق بمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، وحصل على دبلوم في الدراسات التاريخية عام 1997، بتقدير جيد جدًّا. • منح درجة الماجستير في التاريخ بامتياز عام 2000. • منح درجة الدكتوراه في التخصص ذاته، مع مرتبة الشرف الأولى عام 2004. • عمل عام 1973 مديرًا لتعاونية شبام الزراعية، ثم رئيسًا لاتحاد الفلاحين عام 1976. • انتخب عضوًا في مجلس الشعب الأعلى عن دائرة "شبام" 1986، ثم عضوًا في هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى في العام نفسه. • بعد إعادة الوحدة اليمنية عام 1990، أصبح عضوًا في مجلس النواب ورئيسًا للجنة الزراعة والأسماك فيه، ثم أعيد انتخابه عام 1413هـ / 1993م.
• من مؤلفاته: 1- حضرموت والاستعمار البريطاني، صدر عام 2000، عن مكتبة "قرطبة" في القاهرة. 2- اليمن تحت حكم الإمام أحمد، صدر 2004، عن مكتبة "مدبولي" في القاهرة. • كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني منذ 1986، وعضوا في المكتب السياسي منذ 2005، ورئيسا لدائرة الثقافة والإعلام في الحزب. • أصبح عضوا في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام 2006. • حصل على وسام الاستقلال /30 نوفمبر/، وعدد من الميداليات والجوائز التقديرية الأخرى، يهوى القراءة، والرسم، وهو متزوج، وأب لستة أبناء.