عبد الملك الفهيدي -
العزب والدجل الإخواني
ما أشبه الليلة بالبارحة .. فذات المشهد يتكرر اليوم بنفس المكان وعبر ذات الشخص .
مضمون الخطاب التحريضي الذي ألقاه الدكتور فتحي العزب – رئيس إعلامية الإصلاح – الأسبوع الماضي في الحديدة هو ذات الخطاب التحريضي الذي ألقاه في المهرجان الانتخابي بذات المحافظة قبل عامين حينما كان يؤدي دور ( المرشح الإخواني الكومبارس ) .
ومن يقارن بين مضمون وألفاظ الخطابين لن يجد فارقاً سوى أن العزب تنبه لخطأه الفادح الذي تضمنه خطابه قبل عامين حينما أدعى أن " (70%) من أبناء محافظة الحديدة فقراء في الوقت الذي بلادهم يخرج منها البترول ويخرج منها الغاز " .
وباستثناء ذلك فالمقارنة بين خطاب حملته الانتخابية المنشور في موقع وكالة الأنباء الرسمية سبأ بتاريخ 26 أغسطس 2006 وبين ما نشره موقع حزبه الصحوة نت بتاريخ 3-8-2008م -الذي حرص على إضافة صفة مرشح الرئاسة السابق للعزب -سيجد تكراراً في شكل ومضمون الخطابين اللذين إمتلاء بعفونة النزعة المناطقية المقيتة ، وآسن ثقافة الكراهية ، وأظهرا انعكاساً حقيقياً لمدى الحقد الذي بات ".يتقيؤه " العزب وأمثاله من قيادات " الإخوان المسلمين " في اليمن ضد الرئيس والمؤتمر بل وحتى ضد الوطن برمته .
ولانجافي الحقيقة حين نؤكد أن العزب كان السباق إلى تبني حملة إثارة النزعات المناطقية ونشر ثقافة الحقد والكراهية ومحاولة دغدغة عواطف ومشاعر البسطاء من الناس في المحافظات بمزاعم ودعاوى ما أنزل الله بها من سلطان منذ أول يوم في حملته الانتخابية الرئاسية قبل عامين ، وهاهو اليوم يكرر نفث سموم هذه الثقافة البغيضة بذات الشكل والمضمون ، كاشفاً بذلك عن نفسية تحاول إسقاط أمراضها وعقدها على أبناء المجتمع.
وحتى نضرب مثلاً لحقيقة العقد النفسية التي باتت قيادات الإخوان المسلمين في اليمن تعكسها في خطاباتها لن نغوص أو نفند مزاعم العزب وإدعاءاته
لكن دعونا نورد عبارة من خطاب العزب الأخير في الحديدة والذي قال فيه " إن المؤتمر الذي حكم 30 سنة من بعد قيام الوحدة وحتى اليوم لم يكرس سوى الاستبداد والاستئثار بالحكم وعدم إتاحة الحرية للشعب لاختيار من يمثله " .
ولأن الكذب يسقط أصحابه دوماً سيجد القارئ في العبارة السابقة دليلاً واضحاً للكذب على الطريقة الإخوانية .
فالعزب كذب حين أدعى أن المؤتمر حكم البلاد منذ 30 سنة بعد قيام الوحدة رغم أنه لم يمر منذ قيام الوحدة سوى (18) عاماً ، وحتى لو افترضنا – جدلاً أن خطاءً مطبعياً هو السبب في إيراد الفترة الزمنية (30) سنة وإلصاقها بفترة ما بعد الوحدة ،فان ذكر الفترة الزمنية (30)سنة يعني على وجه الدقة أن القيادي الإخواني كان يحاول الإساءة للرئيس صالح عبر الهروب من ذكر شخصه بالحديث عن المؤتمر.
ووفقاً لهذه الطريقة الإخوانية يصبح من الصعب مواراة سواءة التضليل الذي يمارسه العزب الأكاديمي ومربي الأجيال- حين يتعمد اعتساف حقائق التاريخ الذي- من حسن الحظ أن التاريخ لن يعتمد على خطب كتلك التي اعتاد العزب خداع الناس بها –يؤكد –والعزب أول من يعلم- أن المؤتمر حين حكم ما كان يعرف بشمال الوطن سابقاً- قبل الوحدة حكم البلاد بالشراكة مع جميع القوى السياسية وفي المقدمة منها حزبه الإخوان المسلمين.
ولعل من المفيد تذكير العزب أن معظم قيادات حزبه وأولهم أمينه العام كانوا ضمن قائمة الألف الأولى التي أسست المؤتمر الشعبي العام ،والذي بفضله تمكنوا من المشاركة في الحكم -بغض النظر عن الطريقة –آنذاك ،ولعل ابرز دليل على ذلك هو صحيفة الصحوة الناطقة بلسان حزبه التي ظهرت إبان كان الجميع شركاء تحت مظلة المؤتمر وفي وقت كان دستور البلاد يحرم الحزبية ويعتبرها خيانة وطنية.
أما بعد الوحدة فالعزب لا يحتاج إلى من يذكره بحكومات الإئتلافات الثنائية والثلاثية التي كان لحزبه نصيب الأسد من فسادها المالي والإداري ولاسيما في المجال التعليمي الذي عبثوا من خلاله بعقول الشباب وأنتجوا جيلاً منقسماً على نفسه وبثقافة متطرفة لا زالت كوارثها تلحق بالبلد أفدح الضرر حتى الآن .
وبرغم مجاهدة العزب في التضليل والادعاء بان كل مشاكل اليمن –حتى عقد الإخوان وأحقادهم نتاج لحكم المؤتمر-إلا أن العبرة تكمن في الخاتمة كما يقال فخاتمة تلك الأكاذيب عن المؤتمر وحكمه يتمثل لدى العزب في مماطلة وتنصل المؤتمر عن تنفيذ الاتفاقات والحوارات مع المشترك .. حسب زعمه ..
هكذا إذاً تبرز الصورة جلية، فرغم قناع الزيف الذي حاول العزب الاختباء خلفه وهو يحاول دغدغة مشاعر البسطاء إلا أن ذلك القناع سرعان ما سقط لينهي العزب خطبته المليئة بالحقد والكراهية بإظهار حقيقة العقلية التي تختزل حقوق الشعب ومصالحه في ضرورة تقاسم الحكم حتى ولو كان ذلك خارج إطار النهج الديمقراطي .
هم إذاً ينظرون إلى الشعب بعيون ظلامية ويدعون -زوراً وكذباً –الحديث باسمه والدفاع عن حقوقه في حين أنهم يبيعون همومه مع أول صفقة انتخابية أو سياسية .
وزيادة على كل ذلك فرغم ان خطبة العزب في الحديدة لم تكن سوى خطبة انتخابية مبكرة الا ان العزب –كغيره من قيادات الاخوان-دائماً ما يتهربون من الحديث عن مشاريعهم ورؤاهم لمفهوم الدولة والتنمية وتحقيق الامن والاستقرار بالهجوم على الرئيس والمؤتمر-لانهم في الحقيقة لايملكون أي شيء يقدمونه للناس سوى اثارة الفتن ومحاولة اشعال الحرائق وصناعة الازمات .
ولعل الاعجب من كل ذلك ان العزب حين دعا ابناء الحديدة لاسقاط المؤتمر في الانتخابات القادمة نسي او تناسى ان يقول لابناء تلك المحافظة عن البديل الذي سيحل مكان المؤتمر ...نعم لقد عجز العزب ان يتحدث لابناء تهامة عن مستقبلهم في حال-لا قدر الله ووصل حزبه للسلطة-هل سيكون مستقبلاً اشبه بما صنعته حركات الاخوان المسلمين التي وصلت الى الحكم واحالت بلدانها وشعوبها الى ساحات حروب وصراعات وما تجربة طالبان وكارثة حماس في غزة ببعيدة .
كنا نتمنى من العزب حين دعا ابناء الحديدة الى عدم انتخاب المؤتمر ان يقول لهم ان مستقبلهم سيكون افضلا حين تحكمهم هيئة الفضيلة ،وفتاوى فقهائها المتنوعة بين التكفير لمعارضيهم ،والتفسيق لمشاهدي الانترنت،والتحريم لمن يخرج الشارع مع زوجته بدون اصطحاب عقد نكاح شرعي ..
كنا نتمنى من العزب ان يقول لابناء تهامة ان مستقبلهم في عهد حزبه سيزداد الى جانب حرارة مناخهم قيضاً مصدره شمس الاصلاح التي ستحرم المكيفات وستمنع مشاهدة التلفاز ،وستجرم تعامل ابناءهم مع الانترنت ،وتمنع خروج بناتهم الى المدارس بدون محرم .
كنا نتمنى من القيادي الاخواني ان يصارح ابناء تهامة بحقيقة المستقبل الذي ينتظرهم –في حال لاسمح الله وحكم حزبه البلاد-ويقول لهم ان مهنتهم المتمثلة في الصيد ستصبح مهنة اصطياد على الطريقة الاخوانية التي سيصبح فيها الصيد محرما الا عبر اذن من احد مسؤولي هيئة الفضيلة،وسيمنع امتهان الاصطياد اذا لم يكن الصياد مساهماً في شركة كشركة الاسماك –سيئة الصيت-التي نهبت اموال الناس واصبحت نموذجاً لما يمكن ان يكون عليه مستقبل ابناء اليمن وخصوصا منهم سكان المحافظات الساحلية .
كنا نتمنى ان يصارح العزب ابناء تهامة بما سيصبح عليه عشقهم وغرامهم بفن البحر والساحل في ظل دولة يحكمها الاخوان المسلمين ،فالعزب لم يجروء على القول لاولئك البسطاء في الحديدة انه لن يكون بمقدورهم الرقص على الساحل وترديد اغاني "وطائر امغرب"،او"وازيب قر"او"يابوزيد" لانها ستصبح من المحرمات .
هل كان بامكان العزب ان يقول لابناء عروس البحر الاحمر انهم –في حال صوتوا لحزبه –لن يكونوا قادرين على دعوة الفنان احمد فتحي –على سبيل المثال-للعودة الى الحديدة واحياء حفلة كتلك التي احياها ويحيها ،الا باذن من الشيخ حمود الذارحي .
هل كان بامكان القيادي الاخوان ان يقول لابناء كمران والجزر التابعة للحديدة والذين يقتاتون لقمة عيشهم من استقبال السياح –يمنيين او اجانب-وتقديم الخدمات لهم ما البديل الذي سيقدمه الاصلاح لهم حين تصبح السياحة في البحر والجزر محرمة بدعوى كونها من المنكرات .
كثيرة هي الحقائق التي كان يجب على العزب ان يصارح بها ابناء الحديدة ويرسم من خلالها صورة لمشهد مستقبلهم حين دعاهم ليصوتوا لحزبه بدلاً عن التصويت للمؤتمر..لكنه كان اعجز من ان يتفوه بكلمة عن المستقبل لانه يدرك تماماً ان لا مستقبل لبلد تحكمه ثلة من الفقهاء والدراويش الذين لا يجيدون سوى الزعيق والنعيق ،و تحويل منابر المساجد الى وسائل للدعوة والتحريض على الفتن والمناطقية والكراهية والتطرف والغلو.
ويبقى الأهم من كل ذلك أن المؤتمر كان وسيظل يراهن ليس علي وعي أبناء عروس البحر الأحمر-الحديدة-بل وعلي وعي الشعب اليمني قاطبة من حضرموت إلى صعدة –الذين يدركون مصالحهم ، ويستطيعون التمييز بين المزايدين ومن يحاولون الدجل على الناس وبين من يعمل لمصلحة الوطن والتنمية والأمن والأمان .
وللعزب أن يقول مايشاء ويكذب متى شاء ويضلل كما يشاء فأباطيله سيسقطها وعي شعب كان هو دوماً رهان المؤتمر في مواجهة حملات التضليل والتزييف والتفسيق والتكفير والترهيب التي يتخرص بها العزب وإخوانه في الله .
قال تعالى " فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " صدق الله العظيم .