محمد حسين العيدروس -
بالإرادة الوطنية هُزم الإرهاب!
بسرعة مذهلة.، ومن قبل أن تجف دماء الشهداء في حادث تريم، تساقطت خلايا الإرهاب الواحدة تلو الأخرى، وبدا جلياً للجميع أن قوى الخير هي الأقوى، والأجدر بتحقيق الانتصار في أي مواجهة مع قوى الشر، لأن الله هو الناصر للخير، ولأن الشيطان هو من يقود دعاة الشر، والقتل، والتخريب - فيما يقول الله تعالى: «إن كيد الشيطان كان ضعيفاً»!
فالظاهرة الإرهابية التي هي غير قاصرة على اليمن، وإنما تتجول عبر حدود الدول، وتعبر القارات هي أحد مظاهر الصراع البشري القديم بين قوى الخير وقوى الشر .. بين أناس يتطلعون لحياة آمنة ومستقرة، وآخرين يرون أن حياتهم لا تستقيم إلا بفناء الآخرين، وبإشعال الفتن بين الناس لأن تجارتهم هي القتل والترويع، والخراب..
ولاشك أن تحالف قوى الشر مع بعضها البعض بقواسم مصالحها المشتركة هو الذي أعطى للإرهاب صبغة عالمية، وجعل هذه الجماعات جزءا من منظومة القوى الإجرامية كتجار السلاح، والمخدرات، وعصابات المافيا وغيرها من الكيانات التي تتخذ من الشر عنواناً لنشاطها .. لذلك أصبح من البديهي أن تتحالف قوى الخير في العالم لقهر هذا التحدي القاتل، وتحقيق انتصار ساحق عليه..
لعل ما حدث في حضرموت خلال الأيام القليلة الماضية من هزيمة ساحقة لأوكار الشر، ما هو إلا نموذجاً مصغراً لتحالف قوى الخير مع بعضها البعض .. فكم تمنيت لو أن أبناء شعبنا قد شاهدوا جميعاً ذلك المشهد الرائع الذي ترجمه أبناء حضرموت خلال المواجهة بين أجهزة الأمن وبين عناصر الخلية الإرهابية التي انتهت بقتل خمسة من المجموعة الإرهابية وإلقاء القبض على اثنين آخرين .. فقد تسابق الأهالي طوال ساعات المواجهة إلى المواضع التي يقاتل منها أفراد الأمن لتزويدهم بالماء البارد، وشد أزرهم بالابتهال لله بأن ينصرهم ويحميهم من كل مكروه..!!
فيما كان على الجانب الآخر من المواجهة أفراد الخلية الإرهابية يلوذون بأنفسهم هنا وهناك أمل في النفاذ بجلودهم، دون أن يجدوا شخصاً واحداً يتعاطف معهم، أو يدعو لهم، حتى قضوا نحبهم .. ورفع الأهالي التكبيرات، مهللين بالحمد لله على نصره لقوى الخير، وإهلاكه قوى الشر .. وهو الدرس الذي يجب أن تتعلمه هذه القوى الإرهابية، وتدرك بأنها منبوذة، ومخذولة، وفانية لا محالة قبل أن تطول أياً من أمانيها الشريرة..
وبالتأكيد أن الدرس لا يخص تلك الجماعة الإرهابية التي قضي عليها في تريم، أو الأخرى التي ضبطوها في المكلا، بل نحن جميعاً، في مختلف مدن اليمن، معنيون بتجسيد نفس روح التلاحم الوطني مع الأجهزة الأمنية، ونفس الإحساس بالمسئولية تجاه القضايا التي تهدد أمننا، وسلامة أبنائنا، وعوائلنا، وتعكر صفو حياتنا، وتضر بمصالحنا الوطنية .. فبغير التلاحم الوطني، وتضافر جهود الأفراد، والقوى السياسية والوطنية المختلفة لن يكون سهلاً مواجهة الإرهاب، أو الحياة بأمن وسلامة .. فقد بات معلوماً للجميع أن الإرهاب لا يستهدف شخصاً، أو مذهباً، أو حزباً بعينه وإنما يستهدف الجميع ولا يفرق بين كبير وصغير ورجل وامرأة لأنه نموذج للشر، وأحد أسوأ مظاهره، كونه بلا دين، ولا ثقافة، ولا هوية، ولا انتماء، ولا يعترف بغير نفسه، وفعله، وأهدافه..!
إن الانتصارات التي حققتها أجهزتنا الأمنية، والتضحيات التي قدمها إخواننا وأبناؤنا في الأمن والجيش، تستحق منا أيضاً وقفة احترام وتقدير لهذا القطاع الساهر على أمننا .. كما يستدعي من البعض مراجعة مواقفه ومفاهيمه للوظيفة الأمنية، بعيداً عن أي حسابات سياسية أو فئوية ضيقة .. فهذا الاستنفار والاستعداد لبذل الأرواح في مواجهة قوى الإرهاب لهو تأكيد بأن هؤلاء الرجال يضعون الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات الأخرى، وأنهم صناع سلامنا وأمننا ويستحقون نظرة التقدير، والامتنان.
وعلى صعيد آخر فإن التفاعل بين الجهات الرسمية اليمنية والجهات المماثلة في المملكة العربية السعودية جسد أيضاً قدراً كبيراً من الإحساس بالمسئولية، والاستيعاب الكامل لمنهج المواجهة السليم لقوى الإرهاب، في بُعدها الاقليمي الذي يفرض تحالفاً استراتيجياً، وتعاوناً كبيراً، وتنسيقاً عالياً بين أجهزة البلدين، نظراً لطبيعة الامتدادات الجغرافية والبشرية، وما تضمره قوى الإرهاب من شرور لكلا البلدين والشعبين..
ومن هنا نستطيع القول: إن اليمن -بشكل خاص- والمنطقة بشكل عام تضع أقدامها على قاعدة صلبة من الفهم لخطورة التحدي القائم، وكذلك لآليات مواجهته وقهر فلوله المريضة بالحقد، والضغينة، ومعاداة الإنسانية .. هو الأمر الذي يجعلنا واثقون من أن الإرهاب سيلفظ أنفاسه الأخيرة قريباً بعون الله تعالى..!