الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:22 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الإثنين, 25-أغسطس-2008
المؤتمر نت -   عبد العزيز أحمد الحضراني -
المشترك.. مرحلة (عنق الزجاجة) لاتنتهي أبداً
في قاموس أحزاب اللقاء المشترك لا تنتهي أبداً مرحلة (عنق الزجاجة)، فقد ظلت هذه الأحزاب محشورة فيها منذ تأسيسها، لأنهم يتوهمون أن كل أيامهم لحظات تاريخية ومصيرية وصعبة، وتحتم عليهم الصبر والانتظار، وربما لا توجد أحزاب أخرى عاشت ماضيها وحاضرها ومنتظرة مستقبلها، وقد ارتضت لنفسها أن تعيش وهي مخنوقة في عنق الزجاجة، ولا تحلم بأن تخرج إلى الدنيا الواسعة، أو أن تعود إلى الزجاجة نفسها، والمستقبل الذي تخشى أحزاب المشترك أن يتركوا «العنق» ويخرجوا إليه لن يقبل أحزاب الماضي الذين يتشاجرون ويتناحرون، ويقبِّلون بعضهم من الأمام، ويطعنون ظهورهم من الخلف، لن يقبل أحزاب وقوى الصراخ والعويل والبكاء على اطلال «أمجاد يا عرب أمجاد» ولن يقبل أحزاب النضال بالكلام لا الفعل، ولن يقبل أحزاب وقوى تحيك المؤامرات لبعضهم البعض وللآخرين يقتلون رفيقهم وشقيقهم ويمشون في جنازته.
المستقبل الذي يجب أن تخرج إليه أحزاب اللقاء المشترك، تتبلور الآن ملامحه في الأفق وتتشكل صورته يوماً بعد يوم، فلما أن يستقبلوه كائنا حياً يعيد الآمال إلى أوصال جسدهم، أو يجعلوه ممسوحاً ومشوهاً مثل شعارات الماضي وأحلام الماضي وأوهام الماضي.
لفظت أنفاسها من عقود في اليمن وفي الكثير من الدول التي حكمتها تلك الأيديولوجيات التي فتحت على المنطقة كلها أبواب جهنم وعلى شعوبها وجاءت بأمريكا والحلفاء بالقواعد العسكرية، وبالشرق الأوسط الكبير، وبمبادرات الإصلاح السياسي والديمقراطي، والفوضى الخلاقة، وجعلت أرض العرب والمسلمين مسرحاً للعمليات، وجعلت شعوبها فئراناً للتجارب، وكما لا يجب البكاء على اللبن المسكوب لا ينفع - أيضا - صب العبارات القاسية فوق رؤوس أصحاب ومنظري تلك الأيديولوجيات والعاشقين لها بعد موتها لأن الحقيقة المرة هي أن أرضنا العربية التي تفيض بالأنهار والخيرات، هي في نفس الوقت تربة صالحة ومهيأة جداً لأن تنجب كل يوم آلاف المنظرين والمهووسين بتلك الأيديولوجيات.
صحيح أن الاستعمار رحل عن أرضنا، وأن الحكم الأمامي سقط للأبد، وإن النظام الشمولي اختفى بتحقيق الوحدة اليمنية المباركة عام 1990م، ولكن جوهر تلك الأنظمة ما زال يعيش بيننا، ويتنفس هواءنا، ويزرع الفرقة بيننا، ويؤلب بعضنا على بعض، ويحرض المجانين على العقلاء.. أنا لا أقصد شخصيات بعينها ولكن مجموعة تميل إلى التصرفات والممارسات والقرارات الطائشة وغير المسئولة، التي تجعل مستقبل الشعب وراءاهم، حتى لو كانوا يتوهمون أنهم يسيرون إلى الأمام.
كان المفترض بعد تحقيق الوحدة المباركة انتهاج النظام الديمقراطي وازدهار التعددية السياسية والحزبية وفي ظل المساحة الواسعة من حرية الرأي والتعبير، وتبني القيادة السياسية حزمة من التعديلات والإصلاحات السياسية والدستورية أن تختفي من قاموس أحزاب اللقاء المشترك، كل سياسات المكر والدهاء والتآمر والعمالة والخدمية، انطلاقاً من أن هذه الأمراض هي التي تصب وصبت النكبات والهزائم والانكسارات والتراجع في كل المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، فوق وعلى رؤوس جميع أبناء الشعب بدون استثناء، وهي التي تفرز بين صفوف المجتمع الصدامات وما شابهها، ولكن يبدو أن تلك عادة سيئة وضارة مثل التدخين الذي لا يقلع عنه صاحبه وهو يعلم أنه قد يصيبه بسرطان الرئة، والبيان العملي الواضح لهذا الوصف هو المهازل التي حدثت والاجتماعات المغلقة والمفتوحة لأحزاب اللقاء المشترك مع المؤتمر الشعبي العام وبقية الأحزاب بخصوص تعديلات قانون الانتخابات، والتي عبر عنها في اللحظات الأخيرة المثل الذي يقول: «تمخض الجبل فولد فأراً».
والمضحك والمبكي، أن مبرر تلك الأحزاب في عدم حضور جلسة التصويت هو مطالبتهم بالإفراج عن مجموعة من المعتقلين ممّن قاموا بعمليات شغب وتحريض هنا وهناك، أنها المراهقة السياسية بدون شك، هل يعرف هؤلاء أن الزعيم الأفريقي «مانديلا» نسي نفسه في السجن وهو يقود نضال بلاده حتى تحقق له مراده، ولذلك دخل التاريخ من أوسع أبوابه.
يبدو أن المشكلة التي تعاني منها أحزاب المشترك أنهم عند دعوتهم للمشاركة، واشتراكهم لمناقشة أي مبادرة إصلاح سياسي أو قانوني أو دستوري، لا تكون قلوبهم متجهة صوب الشمس، وإنما إلى السماء الملبدة بغيوم مبادرات الإصلاح التي تهبط فوق رؤوسنا من كل اتجاه متناسين نزعاتهم الضيقة التي كانت وما زالت تجعلهم يرفضون مشروعات الإصلاح لمجرد أنها جاءت من الحزب الحاكم أو القيادة السياسية، رغم أن هذه المبادرات والإصلاحات كانت تلك الأحزاب هي أول من تبناها وطالب بها، فتعطلت كل محاولات الاتفاق والوفاق بسبب الغيره أو النعرة، أو البحث عن الريادة أو الزعامة دون امتلاك مقومات الريادة أو مواصفات الزعامة، هل تقفز أحزاب اللقاء المشترك فوق هذا الحاجز الضيق، ويفكرون ويلتفون حول مشروع الإصلاحات السياسية اليمني الوطني، النابع من أرضنا، ويتوانم مع ثقافتنا وظروف بيئتنا، ونواجه به جميعاً تلك المبادرات الضالة التي يتصور مسوقوها أنها «استرتش» ممكن أن تلبسه فتاة مثل غصن البان، أو امرأة في حجم شجرة الجميز.
الملاحظ أنهم «مطنشين» وكأن الكلام لا يعنيهم، ولم يدركوا أن المسألة جد خطيرة، وأنهم سيفقدون مصداقيتهم أمام الشعب، وأمام أنفسهم، وأن الإصلاح يعني إصلاح، ولا يمكن إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، ولا يجدي أن يتعاملوا مع هذا المشروع الريادي والمتميز بالفتوة والعضلات، عليهم أن يحاولوا ويناقشوا ويقنعوا بأن الشعب اليمني أمام مشروع إصلاح سياسي حقيقي لا رجعة عنه، وأن تعاملهم الإيجابي والمسئول مع المشروع ربما يكون ذلك الشيء الصائب الوحيد في حياتهم، وسيكون بادرة خير لمشروعات طموحة أخرى توحد ولا تفرق، تقرب ولا تباعد.
إن هناك شعوباً وأحزاباً تضيع حياتها في الأوهام، وهناك أمم وأحزاب تضيع حياتها في عنق الزجاجة، وأحزاب اللقاء المشترك فعلوا الاثنين معاً، فهل تفتح تلك الأحزاب عيونها على ما فعل ويفعل غيرهم في الدول الديمقراطية، فلعل وعسى يهديهم الله إلى تعاون ولو بقدر يسير، يحقق بيني وبينهم وبين الشعب اليمني الثقة وينزع عنهم الحقد والكراهية؛ فالخوف كل الخوف أن تخرج النخبة في تلك الأحزاب (من كهف النضال الوهمي) إلى (مسرح النضال الكاذب)، إن تلك الأحزاب لا تزال مكبلة بقيود من شمولية الماضي جعلت الديمقراطية كسيحة وعرجاء، ثم تزعم أنها تلتزم بالديمقراطية.
فهل ستعود تلك الأحزاب وتنظم إلى المساهمة في صنع المشروع الديمقراطي الحضاري الوطني اليمني المتميز، أم أنها ستؤجل ذلك إلى أن تخرج من (عنق الزجاجة).





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر