المؤتمرنت -
الانتصاف لابن عبيدالله السقاف
لا يختلف اثنان في أن مفتي حضرموت وزعيمها المجاهد ومؤرخها وشاعرها العلامة السيد عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف ( 1299 ـ 1376 هجرية ) عاش مظلوما ومات مظلوما وعلى الرغم من تمكنه من فهمه الغير مسبوق لكثيراً من حقائق الأمور و أبعادها سواء في الدين أو في السياسة أو في شتى مناحي الحياة و لنزعته الوطنية الصادقة وثورته التي لا تهدئ على مظاهر الظلم والاعوجاج.
نال ابن عبيدالله السقاف الكثير من الأذى والمتاعب سواء من الاستعمار البريطاني الذي رصد الجوائز الكبيرة لقتله و أذيته أو من مختلف تلك الدوائر المحيطة به نظراً لتعارض مصالحهم الذاتية والضيقة مع مبادئه القويمة الثابتة .
ولذا فقد عانى منهما كثيراً طوال حياته وحتى بعد مماته رحمه الله . هذا الواقع المؤلم والمخزي في بعض صوره هو مرآة تعكس الخلل والخبث في زوايا تلك الدوائر و يلمسه بوضح كل قارئ ذي حس و منصف لتراث ابن عبيدالله السقاف الفقهي أو التاريخي أو الأدبي فلبد أنه سيطلق أهات ألم وصرخة إكبار مع أنفاس شعر ابن عبيدالله السقاف و أبيات قصائد التي حوتها دواوين شعره الثلاثة الملتهبة بالوطنية وهموم الأمة جمعا التي عانت منها ذلك اليوم واليوم .
هذا ما أكده الباحث والناقد اليمني الأستاذ / أحمد بن هادي باحارثة الذي حاول تعقب معاناة ابن عبيدالله السقاف وخلفيات هذه المظالم فقد انتهت به دراسته البحثية و التي حددها تخصصه العلمي في التركيز على جانب النقد الأدبي في تراث ابن عبيدالله السقاف و أفضت به تلك الدراسة إلى أمور كثيرة لخصها في بحث علمي وثائقي أسماه ( الانتصاف لابن عبيدالله السقاف ) وقدمه مساء الأمس في محاضرة متميزة في مركز ابن عُبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون بحضرموت وبذات الاسم , ومن خلال ذلك أكد المحاضر علاوة على ما ذكر أن قوة وهيبة شخصية ابن عبيدالله السقاف ووضوحها ومتانة علاقاته الندية مع قادة عصره وسعة علمه وكذا تراثه النفيس الذي يعتبر من أهم المراجع الدقيقة الموثوقة على الإطلاق والتي تعد غاية لكل باحث ينشد الحقيقة المتجردة هو أيضاً ذلك السبب الذي أثار حفيظة سماسرة التاريخ والقلم وتبعهم في هذا من تبعهم بحكم الهواء أو السذاجة .
كما أكد الأستاذ باحارثة مراراً على عبقرية ابن عُبيدالله السقاف وتفرده وبراعته في كثير من العلوم والفنون وما كونه بحسب ما أكدت المصادر أنه أول معارض و ناقد يمني للكثير من رموز الشعر العربي أمثال الشريف الرضي و المتنبي و شوقي إلا نزر يسير من ملكاته العلمية و الأدبية الواسعة .
وفي ختام المحاضرة التي أدارها السيد/ محمد بن حسن السقاف استطاع المحاضر إرواء تعطش الحضور النخبوي لمعرفة المزيد عن هذه الشخصية الشهيرة و عطاءها المتجدد والملائم لكل عصر رغم مضي نحو نصف قرن على وفاته إلا أنه حقيقة و في كل حال هو الحاضر الغائب .