المؤتمرنت – عصام السفياني - اقتصاديون :تأثر اليمن بأزمة المال سيبرز عبر انخفاض اسعار النفط أجمع اقتصاديون وأكاديميون في حلقة نقاش نُظمت اليوم بصنعاء على أن الاقتصاد اليمني لن يكون بعيداً عن التأثر بالأزمة المالية العالمية لأن اليمن جزء من هذا العالم.
وأشاروا إلى عدد من القنوات التي سيتسلل تأثير أزمة المال لليمن عبرها أهمها انخفاض سعر النفط وخسائر استثمارات الاحتياطي النقدي .
المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية ووزير المالية الأسبق الدكتور سيف العسلي قال إن الآثار السيئة للأزمة المالية العالمية لم تأتي بعد، وما يحصل هو مقدمة فقط.
وعبر العسلي عن خشيته من تأثير الأزمة المالية على الديمقراطية في اليمن، والنزوع إلى نقاشات جانبية بحثاً عن بدائل مثل النظام الإسلامي أو الاشتراكي.
وطالب العسلي بمزيد من انفتاح الاقتصاد الوطني والعمل على إيجاد شبكة ضمان اجتماعي عادلة تعود المجتمعات لها حال الأزمات وتشارك فيها الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكل شرائح المجتمع بحيث تكون هذه الشبكة قادرة على الوصول إلى الفقراء.
ودعا العسلي إلى اعتماد الحكم المحلي والديمقراطية وشبكة الضمان الاجتماعي كضمانة أساسية لمواجهة هذه الأزمة.
الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الترب دعا الحكومة إلى إعلان عدم سماحها لأي من البنوك بالإفلاس وحفظ ودائع المودعين لكن رئيس قسم الاقتصاد في جامعة صنعاء داوود عثمان قلل من المخاوف بتأثر الاقتصاد اليمني بالأزمة لأن اليمن ليس مرتبط بالنظام المالي والأسواق الدولية، كون الأزمة الحالية هي أزمة سيولة والبنوك اليمنية لديها السيولة الكافية لأنها لا تنتهج سياسة الإقراض الواسع.
د محمد صالح قرعه عضو مجلس إدارة مركز منارات للدراسات قال :إن الأزمة
سوف تصل لليمن سريعاً لأن بنية أسواقنا واقتصادنا هشة جداً وترتبط ارتباطاً كاملاً بأسواق الغير بل وتعتمد عليها في معظم أمورها .
وحث الدكتور قرعة الحكومة على توظيف إنتاج اليمن من النفط والغاز التوظيف الأفضل وفقاً لخطة وموازنة أزمة غير اعتيادية بسبب تدني أسعار النفط جراء هذه الأزمة.
قرعة تساءل في ورقة عمل هل الأزمة العالمية ستؤدي إلى تباطؤ حصول اليمن على القروض والمساعدات الموعودة بها أم لا، وما مدى تأثير ذلك على المشاريع المخططة المعتمدة في تنفيذها على هذه القروض والمساعدات .
ودعا الدكتور قرعة لمعرفة حقيقة أوضاع البنوك التجارية، وما إذا أصابتها أي خسائر جراء ما حدث ويحدث، وفي ضوء الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها يمكن الولوج إلى وضع خطط لمواجهة الأزمة، وبدون ذلك فإن اليمن سيواجه صعوبات عديدة.
وطالب بوقفة حقيقية يكشف البنك المركزي اليمني فيها عن أي أضرار قد تكون أصابت الاحتياطي العام للدولة، و الموقف الحقيقي للبنوك التجارية وما إذا أصابها أي ضرر وخسائر تحد من قدرة الإقراض لديها رغم أن معظم هذه البنوك لا تقوم بالإقراض للاستثمار الحقيقي ولا تؤدي الدور المناط كاملاً في إنعاش نشاط المستثمرين الناشطين في المجالات الإنتاجية والزراعية والسمكية والسياحية.
الدكتور محمد الميتمي مدير عام اتحاد الغرف التجارية أوضح أن الأزمة المالية التي عرفت بأزمة التنين في جنوب شرق آسيا عام 1997م قد كلفت العالم مئات المليارات من الخسائر وملايين الفرص الضائعة، فإن قوتها ونطاقها وعنفها لا يقاس بالأزمة المالية اليوم، وحينها، .
وقال الميتمي :إن اليمن حينها تأثرت تأثراً بالغاً بوقائع أزمة التنين، لدرجة اضطر دولة رئيس مجلس الوزراء في ذلك الحين الدكتور عبدالكريم الإرياني الإعلان عن خفض بنود الموازنة العامة التي سبق للبرلمان أن اعتمدها بمقدار الربع، كمحصلة لتداعيات الأزمة الآسيوية على الاقتصاد اليمني، مع العلم أن اليمن كانت في بداية عملية التحرير الاقتصادي، وكان اليمن أقل ارتباط وتشابكاً نسبياً مع الاقتصاد العالمي كما هو عليه اليوم.
وأضاف الميتمي ( دعونا نتفق في البداية على مرجعيات فكرية وعملية، أن الاقتصاد اليمني اليوم هو أكثر ارتباطاً واشتباكاً بالاقتصاد العالمي من أي وقت مضى، وما دام الأمر كذلك فإن الأزمة المالية الراهنة في حدتها وعنفها ونطاقها الواسع سوف تتسرب بالتأكيد عبر قنوات كثيرة، هي ضمن آليات علم الاقتصاد الوطني، إلى الاقتصاد اليمني،)
وأشار إلى أن تأثر اليمن من حيث الحجم والأرقام هو أقل بكثير من الاقتصاديات الأخرى سوى في المركز أو الأطراف، بيد أن عمق التأثير على اقتصاد ضعيف وأحادي الجانب هو أكثر وقعاً من الناحية النسبية على تلك الاقتصاديات الأخرى.
واستعرض الدكتور الميتمي القنوات التي توقع تسلل الأزمة عبرها وهي على مستويين عاميين: مباشرة وغير مباشرة ً المباشرة هي انهيار أسعار النفط،والذي تمثل صادرات النفط ما نسبته 95% من إجمالي الصادرات اليمنية و75% من موازنة الدولة،.
وأوضح الميتمي أن انهيار أسعار النفط خلال أسبوع بمقدار النصف سوف يؤثر حتماً وبشكل مباشرة على عائدات اليمن من النقد الأجنبي الممول الرئيسي للمشاريع الاستثمارية العامة للدولة وعلى قدرة الدولة على تمويل أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة، وقدرتها على ممارسة سياسية نقدية ضابطة تمنع تدهور العملة الوطنية،.
وبين الميتمي أن إجمالي إنتاج النفط في اليمن كان بلغ عام 2007م نحو 117 مليون برميل، بلغت حصة الحكومة من هذا الناتج ما مقداره 37 مليون برميل بعائدات تصدير وصلت حوالي 3 مليارات دولار وأكثر قليلاً، عند الأسعار العالمية التي تجاوزت سقف 110 دولار للبرميل حينذاك، وفي خلال الاشهر القلائل الماضية قبل وقوع الأزمة المالية سجلت أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً بلغ نحو 150 دولار للبرميل، .
وأضاف أن أسعار النفط انهارت بمقدار النصف حتى وصلت اليوم إلى نحو 77 دولار للبرميل، ويتوقع أن يتواصل الانهيار لتصل إلى نحو 50 دولار للبرميل خلال الأسابيع القادمة، وهذا يعني أن عائدات اليمن من صادرات النفط سوف تنخفض بمقدار أكثر من النصف، وهو من دون شك سوف يؤثر على الاستقرار المالي لموازنة الدولة وما يترتب على ذلك من مصاعب اقتصادية ومالية، ولهذا تكون خسائر اليمن المباشرة في مجال حدود مليار ونصف المليار دولار على أقل تقدير.
وأوضح مدير عام اتحاد الغرف التجارية ان الواردات اليمنية تمثل 30% من قيمة الناتج القومي الإجمالي (1.043 مليار ريال يمني-2006)، في حين السلع المصنعة تشكل أكثر من 65% من إجمالي واردات اليمن.
وتشكل الصادرات 36% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي (1.32 ترليون ريال-2006)، المواد الخام تمثل أكثر من 90% من إجمالي الصادرات وان أهم ثلاثين سلعة مصدرة من اليمن إلى الخارج جميعاً تختص بالمواد الخام التي هي الآن أسعارها تتعرض للانخفاض، كالبن على سبيل المثال التي انخفضت قيمته في الأسواق العالمية بحوالي الربع.
اما القنوات غير المباشرة للتاثر بالازمة المالية حسب الميتمي فهي ان البنك المركزي والبنوك التجارية اليمنية تودع جزء من احتياط النقد الأجنبي في البنوك الأمريكية والأوروبية، بأسعار فائدة محددة، وقد أوقعت الأزمة المالية خسائر فادحة في الجهاز المصرفي العالمي، وانخفضت أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، وبالتالي فإن عائدات هذه الودائع والحافظة الاستثمارية سوف تتأثر سلباً بانهيار سوق الأسهم والسندات وبانخفاض أسعار الفائدة، كما أن حركة الرساميل الدولية في قنوات الاقتصاد العالمي، والتي كان جزء منها يستثمر في اقتصاديات الدول النامية سوف يتأثر هو الآخر بهذه الأزمة بحيث تقل تحركات رأس المال إلى تلك الدول، لأسباب عديدة من بينها الركود الاقتصادي وضعف الثقة في البنوك والمحافظ الاستثمارية في الوقت الراهن.
رئيس المعهد الديمقراطي أحمد الصوفي دعا كغيره من المشاركين في الحلقة التي نظمها مركز منارات للدراسات والبحوث، والمعهد الديمقراطي البنوك والحكومة إلى اعتماد الشفافية والإعلان عن وضع اليمن وموقعها ونسبة تأثرها بالأزمة المالية العالمية.
|