الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:38 ص
ابحث ابحث عن:
ثقافة
الخميس, 30-أكتوبر-2008
المؤتمر نت -   ياسر حسن ثامر، -
من المسئول عن الدراما في اليمن؟..وبأي ذنب قتلت؟
(ميلودراما من ستة مشاهد)
تكهن العراف بان فارس احلام الدراما سيأتي ممتطيا جواد القطاع الخاص ، وبينما الصمت يخيم على مشهد الاحتضار سمعنا وقع حوافر خيل بعيده ، فكان لها في نفوسنا وقع الأمل ، وعندما وصل جامحا بالصهيل ....حدث ما حدث! فما الذي حدث؟ وهل حتم ذلك على فرسان القطاع العام تغيير العقلية التي تدار بها شئون الدراما ؟ أم ان الجواد الجديد لا يدعو للقلق؟. لماذا لا تتجاوز كل من "روزانا" و"الخيل" الاتكاء في تنافسهما على ميراث "كيني ميني"؟ السنا قادرين على تحقيق نجاحات جديدة؟ وأي إستراتيجية اعتمدت عليها الأعمال والشركات الجديدة والقديمة للابتعاد عن النمطية والبدء من حيث انتهى الآخرين؟ . ثمة لحظة حاسمة يقرر فيها النحات المتميز بان تحفته الفنية لم تعد تحتمل المزيد من النحت ؛ لان ذلك لن يحسنها بقدر ما يشوه روعتها ، فهل يستوعب القطاع الخاص أن الاستثمار في الدراما يختلف تماما عن الاستثمار في المقاولات العامة؟
اعتقد أن من حقنا أن نحلم بدراما تساعدنا على تجاوز ما نعيشه اليوم من قلق.. دراما تحكي هوية المجتمع ووجدانه ، وتتوازى مع موروثات الأمس وتطلعاتنا نحو الغد ، وتسهم في تجسيد ولائنا للمبادئ والقيم ، وتعظيم انتماءنا للمكان الذي يجمعنا.

المشهد الثالث:
القطاع الخاص.. وكيني ميني
جبل تمخض وحلم تكسر
القطاع الخاص..هو الحل.!
بناء على ما تكرس لدى البعض بشأن تردي واقع الدراما وتعليل ذلك لأسباب مادية من جهة ، وبيروقراطية اللامبالاة في الوزارات المعنية من جهة اخرى ، ذهب العديد من المهتمين إلى ان استثمار القطاع الخاص في مجال الإنتاج الدرامي من شأنه التغلب على هاتين المشكلتين (المالية والادارية) كما انه سيعمل على تحقيق التنافس ، مما يحتم على القطاع العام تغيير العقلية التي ينظر من خلالها الى الدراما ، فيكون بالتالي سببا في تطويرها. وقد تعزز ذلك الاعتقاد عندما عرضت شركة الخيل للانتاج الفني مسلسل (كيني ميني) قبل عدة سنوات للكاتب الرائع محمد الحبيشي. وفي ذات السياق زاد تفاؤل الكثير بمستقبل افضل للدراما واهلها ، لا سيما مع تشغيل القطاع الخاص لقناة "السعيدة" ، وتدشين الحكومة لقناتي "سبأ" و"يمانية" ، اضافة الى ظهور شركات جديدة في مجال الانتاج الدرامي منها الشركة اليمنية الخليجية التي يديرها المخرج المسرحي المتميز صفوت الغشم الذي عاد مؤخرا لتاسيس الشركة بعد مسيرة فنية حافلة بالابداع خارج اليمن، كما ظهرت شركة جديدة اسسها الاركان الثلاثة في مسلسل كيني ميني (المؤلف والمخرج والبطل) بعد خلافهم وانفصالهم عن شركة الخيل التي استأثرت باسم المسلسل وقد اطلقوا على شركتهم اسم "روزانا".

هل خاب الأمل ؟:
على الرغم من الامال التي كان الكثير يعلقونها على القطاع الخاص ، ومع ما احدثه ذلك من طفره في الاعمال الدرامية التي شهدها الصائمون في اليمن خلال العام 2008م ، الا أن معظم تلك الاعمال كانت مخيبه للامال والتوقعات ، ومنها ما لم تعدو عن كونها اسكتشات مدرسية تحاول ان تكرر نفسها مع غيرها ، ناهيك عن تراجع مستوى اعمال كانت مقبولة في اول ظهور لها منذ سنوات ، بينما لم تمثل الاعمال الجديدة أي تطور درامي ملفت على الصعيد النوعي ، باستثناء مسلسل (شعبان في رمضان) الذي تميز باللهجة الحضرمية وظهور وجوه جديدة يتصدرها مؤلف العمل الفنان أحمد عبد الله حسن ، ويرجع ذلك التميز لتصويرالعمل في المكلا ، على اعتبار انه قد سبق انتاجه لاذاعتها قبل عدة سنوات ، ويعتبر تدشينا لأعمال الشركة اليمنية الخليجية ، إضافة الى مسلسل (عيني عينك) باكورة انتاج شركة روزانا ، وقد تميز بالتجديد في التقاط بعض القضايا من زوايا غير مسبوقه ، اضافة الى احتكاره للمتألق عبدالكريم الاشموري، يضاف إلى ذلك ما انتجته السعيدة بعنوان (يا فصيح لمن تصيح) الذي ذكر المشاهد بمسلسل دحباش من حيث المزج بين الحوار التمثيلي والأغنية الناقدة، غير انه تميز بطرق بعض المواضيع السياسية الغير مسبوقة تلفزيونيا، فقد استفاد المونولوجست محمد الاضرعي كاتب وبطل العمل من رصيده خلال السنوات السابقة ، فوظف بعض أغاني البوماته واعاد ترتيبها وربطها مع بعض المشاهد الحوارية.
غير ان هذا الاخفاق الذي ظهر فيه القطاع الخاص أشبه بالقطاع العام يمكن تبريره بحداثة تجربة هذا القطاع ، إضافة الى عدم احتدام التنافس بين مختلف الاطراف ، ربما ثلاث سنوات قادمة من البحث عن التميز ستكون كافية لمحاكمة وتقييم الجميع ، فهناك من يؤكد ان القطاع الخاص سيعمل على تأصيل تقاليد العمل الدرامي ، حيث لا وجود لمن هو غير منتج أو مبدع ، وبالتالي الغاء هامش المجاملة ، اضافة الى السيطرة على الاختلالات المالية والادارية التي تثقل على كاهل اجهزة القطاع العام المعنية بشئون الدراما. لكن ذلك لن يمنعنا من الاشارة بشكل عام وبقدر الامكان في مشهد لاحق الى اهم القواسم المشتركه لمعظم الأعمال الدرامية التي شاهدناها خلال هذا العام والاعوام السابقة ، فالحديث عن تفاصيل كل عمل على حده يحتاج الى موسوعة متكامله من التوثيق المجهد والمحبط!.

"كيني عينك!"
وصف المخرج الراحل فريد الظاهري "كيني ميني" بانه ميلاد جديد للدراما اليمنية ، رغم ظهور اعمال اخرى انتجها التلفزيون اليمني وتزامن عرضها مع كيني ميني منها (شاهد عيان ، شرالبلية ، فوضى موضى..الخ) وقد علق الظاهري على تلك الطفره بقوله:"قد نلتقط تفاحة من إحدى السلال فنجدها طازجة ولذيذة ، فنظن ان بقية التفاحات في السلة طازجة ولذيذة" والعكس صحيح ايضا اذا ما التقطنا تفاحة فاسدة معتقدين ان بقية التفاح مثلها، مشيرا بذلك الى ان كيني ميني التفاحة الطازجة في سلة الدراما التلفزيونية للعام 2005م. غير ان هذه الحلقات ما لبثت ان تفقد بريقها من عام لاخر لاسيما خلال هذا العام ، قد لا يكون السبب في انفصال المؤلف والمخرج والبطل عن اسم (كيني ميني) بقدر ما يتمثل في المحاولة الغير مجديه لتقديم قضايا جديده ، رغم الجهد الملحوظ الذي حاول من خلاله المخرج والمؤلف الجديدين الحفاظ على الشكل والبناء الذي تميز به كيني ميني عن غيره. وفي المقابل سنجد ان رهان العلفي والحبيشي والاشموري على (عيني عينك) كبديل يحافظون من خلاله على النجاح الذي حققوه خلال السنوات الماضيه ، كان رهانا صعبا لكنه ليس خاسرا ، فقد تضمن قضايا أكثر عمقا وتأثيرا في وجدان المشاهد، غير ان عيني عينك افتقر الى بعض المناخات المناسبة على الصعيد الفني والمادي – ربما بفعل ازمة الخروج من تجربة صعبة مع شريك كان يوصف بالاستراتيجي - إضافة الى تأثر المرونه في طرح المواضيع بشكل يتوافق مع عرضها على القناة الرسمية للدولة، لاسيما بعدما وصفت السعيده بانها قناة المعارضة!.

المتلقي بين الاهتمام والارتباك :
ان تعلق المشاهدين بكيني ميني في السنوات الماضية لم يجعلهم يلتفتوا الى المتغيرات التي طرأت عليه ، الامر الذي جعلهم حريصين على متابعتها بذات التفاؤل، لكن متابعة معظمهم لعيني عينك كانت على اعتبار انه عملا جديدا لا علاقة له بكيني ميني. ولذلك اعتقد كثير من المشاهدين ان الاشموري انتقل من كيني ميني الى عيني عينك بينما شارك بقية الممثلين تقريبا في العملين! على الرغم من ان الحقيقة مختلفة تماما ولا يدركها سوى المقربون، كما ان المسألة في بلادنا لم تصل بعد الى مستوى ان يبرم المنتج عقدا احتكاريا مع أي من الممثلين لاسباب عده لسنا بصددها ، غيران ذلك اثر سلبا في قدرة المشاهد – وليس الناقد - على التمييز بين مستوى العملين ، فالى جانب تناقل وتسريب بعض الافكار هنا وهناك ..الخ ، قام بعض الممثلين بادوار متشابهه في كلا العملين ، ومنهم من ظهروا بذات الملابس او ملا بس مشابهه ، وفي الاماكن ذاتها تقريبا هنا وهناك . لدرجة ان المشاهد كان يتابع مشهدا في احد العملين فيربطه بمشهد ما في العمل الاخر! ومما زاد الطين بله ان ابرز ممثلي العملين أصبحوا نجوم إعلانات غلب عيها طابع الحوار التمثيلي ، فتحمل المشاهد معاناة الفصل بين المشهد الاعلاني وغيره من المشاهد.

ميراث كيني ميني:
لعل التأرجح الذي حدث في مسألة التجديد أو محاولات التناول الاعمق لبعض القضايا ، انما نجم بسبب الخلفية التي استندت عليها كل من الخيل وروزانا في كتابة العملين ؛ فعلى الرغم من الفصل القضائي بين الجانبين فيما يتعلق بالتسمية ، الا ان الارث الدرامي لـ (كيني ميني) ظل عالقا بين الطرفين فكل منهما كتب عمله الجديد وقدمه للجمهور على اساس انه استمرارا لما قدمه في كيني ميني خلال السنوات السابقة! على الرغم من ان كيني ميني 2008 لا علاقة له باعمال كيني ميني المقدمة قبل ذلك العام لان الكاتب تغير، كما ان عيني ميني لا علاقة لها بكيني ميني لتغير الاسم ، ومع ذلك أعدت وقدمت كأمتداد لكيني ميني السابقة ، وبالتالي فان اشكالية الفصل بين ماضي كيني ميني كميراث وبين حاضره كامتداد احدثت نوعا من الارباك لدى المشاهد الذي تابع ستين حلقة في ثلاثين ليله ، لكنه لم يكن مهتما بالتفريق بين مشاهد العملين.

رثاء وعتاب:
العديد من الفنانين واصدقاء الفنان العزيز عبدالله الجماعي تابعوا المشاهد التي ظهر فيها ضمن حلقات كيني ميني بحزن شديد واسىً بالغ لأن الاقدار شاءت ان يفارق هذا الفنان الحياة قبيل رمضان ببضعة ايام ، بعد مكوثة في العناية المركزة حوالي يومين ، حيث لم يتمكن رحمه الله من مشاهدة لمساته الاخيره على شاشة السعيده خلال رمضان ، ولكم تمنيت ان لا ينسى حامد الشميري وطاقم العمل الاشارة الى رحيلة في "تتر" المقدمه او الختام وفاء وتقديرا لهذا المبدع ، وتحفيزا أيضا لمن لا زالوا على قيد الحياة.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر