جميـل الجعـدبي -
المشترك..والقرصنة الانتخابية.!
*لا يمكن أن تكون أعمال التقطع والنَّهب وإرهاب اللجان الانتخابية الميدانية- وهي الأعمال التي شهدتها بعض المديريات خلال الأيام الماضية ولعبت عناصر من أحزاب اللقاء المشترك دور البطولة فيها، أو جاءت نتيجة تحريض تلك الأحزاب - لايمكن أن تُسمى تلك الأعمال نضالاً سلمياً وحقوقاً شرعية، كما تزعم أحزاب اللقاء المشترك في اليمن، والتي تؤكد بهذه السلوكيات الغوغائية للرأي العام في الخارج والداخل أنها لا تزال بعد 18 عاماً من عمر التجربة الديمقراطية ومسيرة التعددية السياسية تجهل أبسط أبجديات العمل السياسي.
*الأحزاب التي تحتفي بطرد رئيس وأعضاء لجنة انتخابية كُلِّفتْ رسمياً باستقبال المواطنين خلال (15) يوماً – فترة مراجعة وتعديل جداول الناخبين - لممارسة حقوقهم الدستورية تؤكد بهذه الممارسات أن صناع القرار في تلك الاحزاب بلغوا مرحلة حرجة من الخرف السياسي، وأن سياسات وخطط هذه الأحزاب لا تخضع غير لمعيار المزاج الشخصي وأهواء تلك القيادات فقط ، وإلا ما كانت بدأت تُدمِّرْ نفسها حينما تتباهى بتدمير آلياتها الوحيدة للتغيير بالاعتداء على موظفين في مهمة وطنية جاءوا لخدمة هذه الأحزاب قبل غيرها..
*كان بإمكان أحزاب اللقاء المشترك الاكتفاء بإعلان بيان سياسي تؤكد فيه رفضها أعمال اللجان الفرعية المشكلة من موظفي وزارة التربية والتعليم ، وأن رغبت في تفعيل المقاطعة فمن حقها تنظيم اعتصام سلمي.. ليس بالضرورة أن يكون مقره أمام المراكز الانتخابية ومقرات اللجان، أو على طرقاتها، فلا أحد في الأصل يحق له إرغام أي مواطن على قيد اسمه في سجل الناخبين أو نقل موطنه الانتخابي أو الحصول على بطاقة انتخابية بدل فاقد، حتى تبرر تلك الأحزاب لنفسها أحقية حرمان المواطنين من تلك الحقوق، هذا غير أن مرحلة مراجعة وتعديل جداول الناخبين لا علاقة لها أصلاً بالمشاركة أو المقاطعة للانتخابات..
* في افراطها التواصي على أعمال الطرد، والمبالغة في مهاجمة ونهب بعض اللجان الانتخابية، وتصعيد التحريض وحوادث إطلاق النار المؤسفة ، اساءت أحزاب اللقاء المشترك لنفسها من حيث لا تعلم.. فقبل أن توحي للمتابع في الداخل والخارج بما ارادته ، او خيل لها ،من رفض شعبي للانتخابات،، كان الانطباع لدى المتابع المستهدف عن تلك الأحزاب قد تكون في صورة مجاميع خراب و (قُطَّاع طُرق) وفي أخف الأحوال (أحزاب والا بزنس.!؟). على غرار الفيلم السينمائي (أصحاب والا بزنس.!؟)
*الخطأ الكبير الذي لا تزال أحزاب المشترك تقترفه ،هو مزاعمها مقاطعة تلك اللجان الانتخابية، وقد أسفرت النتائج المعلنة من قِبل لجنة الانتخابات عن تسجيل الأعداد المستهدفة والأرقام المتوقعة علمياً (ما بين مليون إلى مليون ومائتي ألف ناخب) وهو ما يؤكد دفع الأحزاب لجميع عناصرها لقيد أسماؤهم في سجل الناخبين،
*ويكمن خطأ أحزاب المشترك الأقرب للفضيحة في أنها تريدنا أن نُصَدِّقها بأنها قاطعت أعمال لجان مراجعة وتعديل جداول الناخبين، دون إدراك منها أن هذا التذاكي سيجعل منها (صفر على الشمال)، لأن توزيع الناخبين الجديد في حال صدقنا مقاطعة المشترك للجان الجداول، سيذهب للأحزاب المعارضة الأخرى كالمجلس الوطني للمعارضة، وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي والمؤتمر الشعبي العام والمستقلين.
* وهذا التوزيع وتطابق أعداد المسجلين مع المتوقع تسجيلهم سيفضح بالتالي حجم المشترك الحقيقي لدى الناس، خلافاً لضجيجه الإعلامي ، ويبدي هذه الأحزاب وكأنها لم تتمكن خلال أكثر من عامين ومنذ انتخابات سبتمبر 2006م من اكتساب ثقة عشرات الناخبين الجدد، أو رفع رصيد شعبيتها من محطة انتخابية لأخرى درجة واحدة، فهل تقبل قيادات أحزاب المشترك بهذا الهزال.؟ وهل نتجنى على هذه الأحزاب إذا نبهناها بعد اليوم من مخاطر الانقراض المرتقب.؟
*وأياً كانت طبيعة الخلاف بين الأحزاب والتنظيمات السياسية حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، والتعديلات التي لم يكتب لها أن ترى النور، وكذا التباينات في المبادرات والرؤى المتبادلة. يفترض أن يضل باب الحوار مفتوحاً حول كل نقطة خلاف، حتى تتحول إلى نقطة اتفاق، غير أن أي اتفاق خارج الدستور والقانون يعد عبئاً خارج النص الأصلي، وأي أحزاب تحاول إعاقة وإيقاف قطار الديمقراطية، سواء بالتقطع للجان الانتخابية، أو نهب وثائقها، أو إرهاب العاملين في هذه اللجان، لما من شأنه رفع وتيرة الابتزاز للطرف الآخر كما أتحفنا حلفاء المشترك الأيام الماضية، تستوجب عقلاء المشترك إقفال مقرات احزاب أصحابهم، وتحويلها لـ(دكاكين تجارية) واستثمار طاقات التقطع والسلب والنهب والابتزاز، هناك؛ حيث مياه المحيط وسواحل الصومال، وحيث أعمال القرصنة مُجدية. طالما لايوجد فرق بين وسائل (قراصنة السفن) و(قراصنة الانتخابات) وطالما تشابهت تماما غايتي الطرفين.
[email protected]
*نقلا عن صحيفة الثورة