أحمد الزرقة -
الحزبية كوسيلة تحريض غير آمنة
غالبا ما تلجأ الاطراف السياسية في البلدان التي تطلق على نفسها ديمقراطية نحو الانتخابات العامة كمخرج لازمات عدم التوافق وكتصريف للانسدادات التي تسيطر على مجاري الحياة السياسية ،والتي تنعكس سلبأ على المجتمع نتيجة ارتفاع الصخب السياسي ، وتوزيع التهم بالتسبب في تدهور الاوضاع بين السلطة والمعارضة.
في اليمن تبدو الكثير من الامور عصية على الفهم ،وتبرز بدائية الفعل السياسي الذي يفتقد للشفافية والمصداقية ،فجميع الاطراف السياسية اليمنية تمارس نوع من النفاق ،وتعمل بوجهين وخطابين احدهما للجمهور داخل الاحزاب والاخر للاستهلاك الاعلامي اليومي ، الاعلام الرسمي والحزبي والاهلي تحول لاداة لرفع مستوى الحساسية والاثارة والتعبئة التي بالتأكيد ستسفر عن تدهور الاوضاع والاتجاه بها نحو اللاعودة وهي استراتيجية لها خطورتها على الافراد والسلم الاجتماعي ، فالتحريض على استخدام العنف ليس اقل سوء عن اختطاف السلطة.
وليس أسوا من تغييب صوت العقل والانجرار وراء أوهام الزعامة والتأثير من قبل شخصيات كرتونية معزولة عن الشارع ،تجيد حساب المكاسب ولا تضع الخسارة كجزء من استراتيجية السوق ،الاحزاب اليمنية بما فيها السلطة والمعارضة ليست هي المعبر الحقيقي عن الشارع اليمني وإن حاولت البحث عن شرعية مبنية على حسابات التاريخ والجغرافيا والايدولوجيا،والشارع اليمني قد تجاوز تلك الاحزاب التي غابت كثيرا عن قضاياه ،بل وكانت جزء من المشكلة وليست جزءً من الحل ، وخلال السنوات الخمس الاخيرة مرت اليمن بالعديد من المخاضات السياسية والاجتماعية لم تكن الاحزاب حاضرة فيها ،بل على العكس حاولت استغلال تلك الاحداث لتسجيل نقاط وأهداف على حساب مصالح المواطن العادي .
والخطاب الحزبي هو خطاب تحريضي بالدرجة الاولى يستهدف النيل من قضايا الناس الحقيقية والهائهم عن التفكير بحياتهم بشكل أكثز واقعية ، أين قضايا التنمية والديمقراطية والتعليم والصحة والثقافة والرياضة في الفكر والخطاب الحزبي الذي يرتكز على الخطاب السياسي المغلق ولا يحاول أن يفتح للناس مجالات اوسع للتحرك والتفكير والانشغال بقضايا ربما ستكون أكثر جدوى على الصعيد العام.
التحزب والحزبية في اليمن مشروع فاشل لم يستطع ايجاد حراك واقعي يستطيع حشد الناس خلف اولياتهم بعيدا عما قد تريده النخب السياسية العليا التي تفكر بنصف الكوب فقط .
اثبتت السنوات الماضية أن الناس والمجتمعات المحلية قد تجاوزا العمل الحزبي بمراحل وتبدى ذلك جليا من خلال المبادرات الشعبية لانشاء أطر محلية تعبر عن الهموم المجتمعية ولم تكن الاحزاب ضمن تلك الاطر،واستطاع الناس ان يصنعوا زعاماتهم الخاصة بهم من بينهم وليس من وسط النخب الحزبية.
الاحزاب اليمنية في السلطة والمعارضة عليها مراجعة خطابها الحاد والموجع وغير المطمن ،والذي يجعل الناس في حالة خوف وقلق دائمين عن ما قد تؤؤل اليه الامور لو تركت تسير وفق أمزجة خصوم مجانين لا يمتلكون حساً بالمواطن الذي لا يهتم كثير بالصراع التقليدي لخصوم طالما تصالحوا على حساب مصالح الناس.
*عن نيوز يمن