يحيى علي نوري -
الوفاق الفلسطيني: الرد الحاسم لمجازر اسرائيل
الجهود المخلصة والصادقة التي بذلها فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية من أجل رأب الصدع الفلسطيني والتي كللت باعلان صنعاء الذي وضع الخطوط العريضة للتوجه نحو الارضية القوية والصلبة لتحقيق الوفاق الفلسطيني وتوحيد كافة القوى الفلسطينية في اطار خدمة المصالح العليا للشعب الفلسطيني ستظل اي هذه الجهود وبالنتائج التي خلصت اليها واحدة من ابرز المتطلبات العاجلة للشعب الفلسطيني للخروج من منحدر الخلافات والتطاحنات التي تنذر بمخاطر فادحة على حاضر ومستقبل قضيته العادلة وكذا على أمنه واستقراره كشعب مناضل يحافظ من خلاله على الدم الفلسطيني وعدم اراقته في ميادين الصراع والتطاحن الداخلي الذي لن يخدم سوى الاحتلال الاسرائيلي ويهيئ له المزيد من الانطلاق صوب ممارسة العنف والصلف في حق الشعب الفلسطيني وفي حق قضيته العادلة.
واذا كانت الاحداث الاخيرة التي تشهدها الساحة الفلسطينية وخاصة مايتعلق منها بالعدوان الاجرامي والسافر لآليات الاحتلال الاسرئيلي في حق الشعب الفلسطيني ومواصلة المزيد من ارتكاب المجازر فانها اي هذه الاحداث قد جاءت للاسف الشديد في مرحلة عصيبة من تاريخ النضال الفلسطيني مرحلة تتسم بالتمزق والتشرذم بين مختلف قواه المناضلة والحية وبالاخص منها حركتي فتح وحماس وهو خلاف تجاوز كثيراً الخطوط الحمراء الأمر الذي هيئ للعدو مزيداً من الاستمرار والاستخفاف باهدار الدم الفلسطيني، اعتقاداً منه اي الاحتلال ان الظروف الراهنة تمثل الفرصة الاكثر مواتية لممارسة المزيد من الاعتداءات لاضعاف الشعب الفلسطيني وانهاكه ومن ثم ابعاده عن قضيته الرئيسية ناهيك عن رؤية العدو لهذا الخلاف الفلسطيني الى كونه يمثل هو الآخر فرصة ذهبية لتحقيق المزيد من التشتت والتمزق في مواقف الدول العربية من القضية الفلسطينية وما تشهده من تطورات وتحولات خطيرة باتت الاقطار العربية تنظر اليها كفرادى او مجموعات من منظور يخدم مصالحها ومواقفها ازاء العديد من التوجهات والافكار والايديولوجيات التي تزخر بها الساحة العربية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.. وهي رؤى وتباينات وفلسفات جعلت من السياسات العربية يتخبطون في تحديدهم للمسار السياسي الصحيح الكفيل بنصرة الشعب الفلسطيني والامثلة هنا عديدة التي تعكس هذا التخبط وخاصة فيما تعكسه حالياً كافة المظاهر الاحتجاجية ضد العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة وما افرزته هذه المظاهر ايضاً من تباينات في الآراء والتصورات التي ذهبت الى تقييم اداء حركة فتح وحماس وابداء التعاطف مع احداهما. او الذهاب الى تحميل المسئولية على احدهما في صورة تعبر عن افضع المواقف الاهتزازية ازاء القضية الفلسطينية علاوة على ذلك ما احدثته التأثيرات المتسارعة لصراع القوى الاقليمية واستخدامها للقضية الفلسطينية كواحدة من ادوات الضغط لتحفيق مصالحها السياسية سواء على الاصعدة الداخلية او الثنائية في العلاقات العربية - العربية والعربية الاسلامية او على مستوى العلاقات الدولية وما تفرزه هذه العلاقات هي الاخرى من متطلبات على صعيد جهود المجتمع الدولي لمكافحة الارهاب علاوة على ماتشهده هذه الجهود والرؤى المخططة لها من خلط واضح بين الاعمال الارهابية واعمال المقاومة المشروعة للشعوب الرازحة تحت نير الاحتلال.
وازاء هذا المشهد التخبطي الذي تشهده القضية الفلسطينية بكل ارتباطاتها الداخلية والخارجية فاننا نجد ان المعالجات الناجعة له والكفيلة باعادة روح النضال الفلسطيني الموحد الى مختلف قواه تمثل اليوم هي المطلب الاول والاخير وهذا مايجعلنا هنا نقف باجلال امام الدعوة السريعة التي وجهها فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الى عقد قمة عربية طارئة للوقوف امام كافة ابعاد االمشهد الفلسطيني وهي قمة يحرص فخامة الاخ الرئيس على عقدها بصورة عاجلة ليس كمتنفس للقيادات العربية يحاولون من خلالها امتصاص حالة الغضب لدى الجماهير العربية العريضة من المحيط الى الخليج ولكن نجعل هذه القمة الطارئة محطة مهمة من المحطات التي من شأنها ان تضع حداً لحالات التباينات الفلسطينية -الفلسطينية وهو امر عبر عنه فخامة الاخ الرئيس من خلال دعوته لمختلف الفصائل الفلسطينية الى المشاركة في اعلى هذه القمة- وهي رؤية ثاقبة للاخ الرئيس تؤكد مصداقية قراءته للمشهد الفلسطيني وعدم النظر له من زاوية واحدة هي زاوية الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني وانما من خلال رؤية اشمل تنظر الى المشكلة بكل ابعادها ومخاطرها وتأثيراتها وتداعياتها وتؤمن بان بداية الطريق السليم للخروج من هذا المنعطف الفلسطيني هي المعالجات الكفيلة باعادة اللحمة الفلسطينية وترسيخ وتجذير مواقف القوى الفلسطينية في اطار بوتقة واحدة تخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني وتضرب بحزم كافة المصالح الحركية والحزبية التي طالما تتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني وعظمة مايحمله من قضية انسانية عادلة.
اذاً فان القمة العربية الطارئة اذا ما عقدت فانها لابد ان تحقق من الحراك السياسي الفاعل مايجعلها تتجرد تماماً من اسلوب الشعاراتية ومن طور المفردات والمصطلحات السياسية والقومية التي ملت الجماهير العربية سماعها وان تجعل بارادة سياسية قوم اصلب البداية الحقيقية للتوجه نحو المستقبل وهو الوفاق الفلسطيني وتأمين حراك عربي ايجابي مع ذلك وبصورة تجعل منه حراكاً مستقلاً ىنتصر للقضية الفلسطينية ودون اي تعاطف او تعصب مع هذا الفصل الفلسطيني او ذاك ومهما كانت المبررات ويروج الفلسطينيين من حالهم المزري هذا نكون قد ضمنا حراك فلسطيني قابل في المستقبل القريب حراك يضع في الاعتبار مصالح الشعب الفلسطيني ونضع حراك للاعتداءات الاسرى عليهم الشعب الفلسطيني من خلال رؤية موحدة في مواجهتها سواء كان ذلك عبر الطرق التنظيمية او عبر الطرق النضالية والجهادية.
وخلاصة ان ماحدث في غزة مؤخراً امراً من شأنه ان يحدث من جديد طالما ظلت الفصائل الفلسطينية في حالة تشتت وطالما ظل الموقف العربي في تفاعله معها مشتتاً وهو الامر مع هذا الطرق او ذاك.
واذا ما تم تحقيق ذلك فان العالم سيكون اكثر من اي وقت مضى مطالب بضرورة التعامل مع العصر الفلسطيني المنظور الذي تحدده قواه في قراراتها التوافقية والاصطفافية، وبهذا التوافق يكون المجتمع الدولي ملزماً باحترام خيارات الشعب الفلسطيني وخاصة منه العرب الذين اكدت الايام بانهم انجروا وراء التباينات الفلسطينية وعجزوا من وضع حداً لها بل والانجرار وراءها في افضع صور المشاركة في احداث المزيد من التمزق والتشتت العربي الذي استفادة من اسرائيل كثيراً ولعل ابرز استفادة ما قامت به مؤخراً من مجزرة شنيعة في غزة وهي المجزرة التي لم تشير السخط على اسرائيل فحسب على كل الاطراف الفلسطينية والتي ساهمت في مزيد من الاحتقان للحراك السياسي والوطني والنضالي داخل الارض المحتلة.
وعلى ذلك اعادنا من جديد الى المزيد الى الحرية الاولى وهو تحقيق الاصطفاف الفلسطيني كهدف استراتيجي للقضاء على الحصار المفروض على شعبنا في غزة وكطريق امثل لوضع حداً للاسفاف الاسرائيلي ولحالات التهاون والتقاعس للقوى الاستعمارية التي على رأسها الولايات المتحدة الامريكية.