نبيل عبد الرب -
تشاور إبريل الوطني
هناك أشياء تجيدها أحزاب المشترك ...صناعة الحيرة ، وإتقان التخبط واحتراف التشويش ، وعشق لعبة المتاهات ، والكتابة على الماء.
ظلت أحزاب المشترك تردد لسنوات خلت أن المدخل لإصلاح الأوضاع في اليمن هو الإصلاح السياسي ولا سبيل إليه إلا إصلاح النظام الانتخابي المتأتي من إصلاح الإدارة والسجل الانتخابيين .وقبل الانتخابات الرئاسية والمحلية عكفت على تصوير أوضاع اليمن في حالة بائسة وميؤسة تطال كل جوانب الحياة حتى بتنا نرى في الإصلاح السياسي جزئية لا وزن حقيقي لها ، وما إن اقترب الاستحقاق الانتخابي في 2006م حتى انفرجت العلاقة بين المؤتمر والمشترك وتجاوزت الأطراف تخوفات المشترك من سقوط هذا البلد من تضاريس الكرة الأرضية إلى الأعماق السحيقة في ظلام الكون الدامس، وتم إنقاذ الوطن من المرض العضال بإضافة عضوين من المشترك لقوام اللجنة العليا للإنتخابات ما جنب اليمن ابتلاع المحيط الهادي لها!!
ومع الأشهر الأخيرة من العام 2007م تقدمت الحكومة للبرلمان بتعديلات لقانون الانتخابات يقضي بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاء تنفيذا لبند في اتفاق مبادئ اشتركت بموجبه الأحزاب في الانتخابات الرئاسية والمحلية . وسارع المشترك لرفض التعديل الذي أصر سابقا عليه و بدأت حوارات بين الحزب الحاكم والمشترك ارتفع فيها منسوب الإحساس بالوطن وتشعبت قضاياه لتعود الانتخابات كجزئية في منظومة المشاكل الوطنية اشتملت عليها رسالة لرئيس الجمهورية من المشترك وعقب الوصول إلى اتفاق مع المؤتمر برعاية الرئيس على تعديلات لقانون الانتخابات أشغلت الأحزاب الرأي العام بها على الرغم من كون معظمها إجرائية واحتوت بعض بنودها اللائحة التنفيذية للقانون . إضافة للاتفاق على صيغة لتشكيل اللجنة العليا للانتخابات .
ومرة أخرى اختزلت معضلات الوطن (المشتركية) في كيفية تقاسم الإدارة الانتخابية والمحاصصة في لجنة الانتخابات سيرا على ثقافة (تورتة الميلاد) التي أنتجت ائتلافات حكومية لسبع سنوات بالغت في تحويل أجهزة الدولة إلى إقطاعيات حزبية حملت موارد الدولة أعباء (موظفي الأحزاب) في الدوائر الحكومية ، ما كان له دور في التأثير السلبي على التنمية والاقتصاد وما تبع من مشاكل .
على أية حال تخلف المشترك عن تقديم أسماء مرشحيه لعضوية اللجنة العليا أسقط اتفاق التعديلات واللجنة في 18 أغسطس الماضي. واستأنف النواب جلساتهم في أكتوبر ووقف رئيس كتلة الإصلاح د. عبد الرحمن بافضل هادئا على غير عادته واتهم المؤتمر بأنه كان سبب إسقاط الإتفاق وقال أن حل الأزمة بين الحزب الحاكم والمعارضة المشتركية يتلخص بالرجوع إلى إقرار التعديلات وتكوين لجنة الانتخابات. وهما ذات النقطتان الواردتان لاحقا في مبادرة رئاسية لتجاوز خلافات الأحزاب رفضها المشترك. وتعالت الأصوات مجددا ، وتوالت الإجراءات لتنظيم أحزاب المشترك لما أسمته تشاورا وطنيا تتوقع أن يحضره نحو 26ألف مواطن يمني في الأسابيع القادمة لإنقاذ الوطن ... أيضا!!
التشاور لـ(26) ألفا لا يعني فقط السعي المشتركي للتأزيم ، وإنما يعبر عن هروب من مواجهة الشعب اليمني ببدائل جادة لمعالجة مشاكله ، وينم عن عقلية إقصائية ،
وإيمان ضعيف برشد عشرة ملايين مواطن يمني هم قوام تشاور وطنى شامل في 27إبريل المقبل .