احمدغيلان -
البرنامج.. والأفاكـون
أعلم سلفاً ما يمكن ان يقوله البعض ممن لا يجيدون سوى الكلام والتصنيفات وتوزيع التهم والفتاوى على كل من يخالفهم الرأي والتوجه، ولن يزعجني ما قد يوجه لي تصريحاً أو تلميحاً من هذا أو من ذلك.. بقدر ما تزعجني سيول الإفك التي تنضح بها بعض وسائل إعلام البهتان لصاحبه تجمع الاصلاح، مستهدفة فخامة الرئيس القائد الوحدوي المناضل علي عبدالله صالح..
ولست من عشاق اللون الرمادي الذي يمكن أن يفصح عن مرتديه استهلال سمج قد يأتي بصيغة سؤال أهوج من طراز: »لماذا يستهدفون الرئيس«؟ ومثل هذا السؤال نقرأه ونسمعه كثيراً ممن يؤثرون الجهر بالعمى او التعامي عن الحقائق الماثلة صراحة في جبهة كل حرف وكل كلمة وكل جملة وسطر وصفحة وكل عبارة وفقرة ومفردة وجزئية من جزئيات خطاب اعلامي وسياسي مجنون تجاهل كل شيء وكل شخص وكل سبب وكل مفردة وكل عنصر وكل مؤثر في حياتنا واتجه نحو الرئيس ليعتبره العنصر الوحيد والفاعل الوحيد والسبب الوحيد والمؤثر الوحيد في حياة اليمنيين العامة والخاصة
باختصار شديد علي عبدالله صالح لايزال صمام أمان المسيرة اليمنية المرتكزة على نظام جمهوري ووحدة وطنية ونهج ديمقراطي.. وعلى أساس هذه المرتكزات وفي ظلها تسير قافلة التنمية الشاملة بخطى تتسارع وتتباطأ وتتعثر أحياناً، وتحقق نجاحات نسبية وتصاب بإخفاقات في بعض الأحيان لكنها لا تتوقف.
ولأن مسيرة التنمية التي نحتاجها وننشدها ترتبط بكثير من العوامل والمقومات التي تبدأ بالإرادة السياسية ثم الإدارة ثم الإمكانات ثم المناخ المستقر، فإن نسبة النجاح تتوقف على هذه العوامل مجتمعة ، وهذه حقائق يدركها أولئك الذين يتنطعون بالحرص على حاضر ومستقبل البلد، وهم في ذات الوقت لا يتورعون عن استهداف عوامل قوة ونجاح هذه المسيرة بدءاً بالتشكيك في الإرادة السياسية ومروراً بتسفيه الجهود ونكران النجاحات، وليت الامر يتوقف عند التسفيه والنكران، بل يتجاوز ذلك الى استهداف العناصر والمرتكزات الاساسية التي يتوقف عليها النجاح من استهداف الامن والاستقرار بأعمال الشغب والفوضى والتفجيرات وقطع الطرق والأعمال الإرهابية الى تشجيع وتغذية المشاريع التمزيقية الى تعكير الأجواء السياسية واختلاق التوترات والازمات السياسية الى استهداف أجهزة الامن والمؤسسات الدستورية الى التشكيك في النهج الديمقراطي ، الى تسويق البلد بصورة سيئة معتمة.
يدرك أولئك الذين يتباكون على مصالح الشعب وعلى التنمية أن الفوضى والارهاب والتقطع وأعمال الشغب استهداف للسكينة، وأن استهداف أجهزة الامن والمؤسسات الدستورية استهداف للاستقرار، وأن افتعال الأزمات وتغذية الصراعات والنزعات التفكيكية والمشاريع التمزيقية استهداف للاستقرار والوحدة والنظام الجمهوري، وهو بالتالي استهداف لعناصر قوة هذا البلد، ويدركون أن استهداف رأس النظام الذي تحققت في ظله كثير من عناصر قوة هذا البلد هو استهداف لمسيرة وطن وتاريخ وطن وسمعة وطن اختار أبناؤه علي عبدالله صالح قائداً لهذه المسيرة بمحض إرادتهم، ويدرك أصحاب الإفك أن كل ما يقترفونه يضر بمصالحنا الوطنية التي ينوحون عليها ليل نهار..
لم تبدأ الحملات الانتخابية بعد حتى يطلق الإفك لنفسه العنان كما هو حاله في كل مرحلة انتخابية.
ما الذي فعلته بهم وحدة الوطن حتى يستهدفونها في خطابهم ومظاهراتهم وأعمال الشغب وجرائم التفجيرات والتقطع التي يحرضون عليها؟
ما الذي فعله بهم النظام الجمهوري حتى يفتحوا أحضانهم ومقراتهم ووسائل إعلامهم لاحتضان من يحاولون اسقاط الثورة والجمهورية؟
ما الذي يضيرهم في السكينة العامة حتى نجد أياديهم الآثمة فاعلاً رئيسياً ومشاركاً أو مسانداً في كل عمل إجرامي يستهدف استقرار البلد؟
ما الذي يقلقهم من الهدوء والطمأنينة والإخاء والمحبة والسلام حتى نجدهم وراء كل عمل فوضوي؟
أجهزة الامن والقضاء والقوات المسلحة ومجلس الشورى والمؤسسات الدستورية ملك الوطن ومؤسسات الشعب ومرتكزات النظام والسلطة التي يتسابقون نحوها.. فلماذا يستهدفون هذه المرتكزات، وبماذا سيحكمون البلد ويسيرون شئونه إن هم نجحوا في تدمير هذه المؤسسات قبل أن يصلوا الى السلطة؟
ليس للجنة العليا للانتخابات ذنب في إخفاقاتهم ، وليس بيدها أن يكسبوا أو يخسروا في منافسة انتخابية .. فلماذا هذا الحقد على لجنة أتت وفقاً لشرعية دستورية لتنفذ مهمة إدارية فنية؟
لماذا كل هذه العوائق والمطبات والأخاديد والحرائق في طريق هذا النهج الديمقراطي الذي يحاولون أن يهدموا أركانه ويدمروا قيمه النبيلة؟
ثم لماذا كل هذا الحقد على رجل أعطى حياته للبلاد، وحمل رأسه بين كفيه وهو يتسلّم زمام القيادة حين كان كرسيها على فوهة جهنم.. وحين تقهقر عنها كل الشجعان وكل الطامحين وكل الذين لديهم ما يفوق إمكاناته وقدراته أضعاف الأضعاف؟
اليوم تذكرتم أن علي عبدالله صالح صار له في كرسي الرئاسة 31 عاماً؟
من الذي صنع استقرار 31 عاماً لهذا الوطن الذي لم يعش ثلاث سنوات استقرار على بعضها قبل أن يأتي علي عبدالله صالح..؟
اليوم تتهمون علي عبدالله صالح بأنه ينقلب على الثورة والنظام الجمهوري... ولم تسألوا أنفسكم من الذي رسخ الثورة ونظامها قبل أن يأتي علي عبدالله صالح ليتسلّم قيادة جمهورية شهدت أربعة انقلابات ناجحة في أقل من 16 سنة دون المحاولات التي باءت بالفشل..؟
اليوم تتهمون علي عبدالله صالح بالإضرار بالوحدة الوطنية وهو صاحب الدور الأكبر والشريك الأساس في تحقيقها والمبادر الى رفع علمها حين صوّت الآخرون ضدها... وهو الذي تمسك بها وحماها حين انقلب عليها الآخرون.. وهو الذي رسخها بالإخاء والمحبة وأزال الفارق الزمني الهائل الذي كان بين مستوى التنمية في أرجاء محافظات الوطن لتتحقق المساواة أولاً قبل أن تنطلق المسيرة بالجميع.
اليوم تتهمون علي عبدالله صالح بالديكتاتورية وهو الذي احتضن صالحكم وطالحكم، واتسع صدره لاختلافاتكم وخلافاتكم وشطحاتكم حين خلت سجون نظامه من عشرات بل مئات وآلاف ممن كانت السجون والمقاصل أحق بهم لو أنهم في ظل نظام آخر غير نظام علي عبدالله صالح
اليوم تتهمون علي عبدالله صالح بالانفراد والاقصاء والاستئثار وهو الذي استوعب حكمه واتسعت حكومات عهده للعلماء والدكاترة والمشائخ والمنظرين وأبناء الشهداء والتجار والفلاحين والرؤساء السابقين والمشردين والمنفيين، وحرص ولايزال أكثر من أي زعيم آخر ان يستوعب الجميع.
وحتى في ظل النهج الديمقراطي القائم على التنافس الحزبي كان ولايزال علي عبدالله صالح يقدِّم التنازلات على حساب حزبه الحاكم ليحقق أكبر قدر من التوازنات والتسويات .. حرصاً على استقرار ووحدة الوطن، وتجنباً لمساوئ الديمقراطية والتنافس الحزبي، لأنه يدرك أن هذا التنافس في ظل المستوى الثقافي والاجتماعي والمعيشي للشعب وظروف المجتمع لابد وأن يفرز سلبيات الى جانب الايجابيات، وهو ما كان ولايزال علي عبدالله صالح يعبر عنه نظرياً بمقولته الشهيرة »الديمقراطية سيئة ولكن أسوأ منها عدم وجودها«.. ويتعاطى معه نظرياً وعملياً من خلال قاعدته الذهبية »وسنعالج مساوئ الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية«.
اليوم تشككون في ديمقراطية علي عبدالله صالح الذي لم يتحفظ بل أصر على اقتران التعددية السياسية بالوحدة.. حين رفض البعض صراحة الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية... وهو تمسك بالديمقراطية وقدّم التنازلات للحفاظ عليها حين انقلب عليها الآخرون ورفضوا نتائجها وعادوا لممارسة الوصاية وطرح خيارات القسمة والتقاسم بعيداً عن إرادة الجماهير...
اليوم تتهمون علي عبدالله صالح بالشمولية والنزوع الفردي وهو الذي منحكم فرصة ممارسة كل الحقوق السياسية بل وأخذ بأيديكم لتنافسوا حزبه في البرلمان والمحليات ومنظمات المجتمع المدني، وتنافسوه على كرسي الرئاسة وتشنون عليه الحملات الدعائية والتحريضية في الأماكن العامة وعبر وسائل الاعلام وتحصدوا 23٪ من أصوات الجماهير . وتستمرّون في شتمه واتهامه بكل ما هو فيه وما ليس فيه... وفي عهده وفي ظل حكمه ورغم ذلك تصرون على جلد أنفسكم حين تتحدثون عن ديكتاتوريته وعدم ديمقراطيته، بينما صحفكم ومهرجاناتكم وخطبكم ومقايلكم ومنتدياتكم الارضية والشبكية تطفح بالنقد والاستهداف والتطاول والشتائم التي تصل حد السفاهات...
يا الله ما أسوأ ما تقترفون من إفك!
ستقولون أو يقول بعضكم: هذا الكاتب ملكي أكثر من الملك... وسأقول لكم مقدّماً إني أمارس حقاً وأؤدي واجباً..وقد تتبادر الى أذهان بعضكم معانٍ خاطئة لمصطلحي »ممارسة الحق وأداء الواجب« وفقاً لمفاهيم تحصر الحق على ما في الجيب أو ما بين اليدين ولا تعرف واجباً غير تنفيذ أمر المرشد او المنظر او القيادي الحزبي... وتلك هي أخطر المفاهيم التي ألقت بكثير منكم في مغبة خلط الحق بالباطل دون إدراك بأن من يفعل ذلك يستحيل عليه أن يحق حقاً أو يبطل باطلاً.
وعوداً الى ممارسة الحق وأداء الواجب.. وأسأل الذين يتباكون على الثورة والنظام الجمهوري: ماذا قدّموا للثورة والنظام الجمهوري؟ وما هي اسهاماتهم في تحقيق أهداف الثورة ودعم مسيرة التنمية الشاملة التي هي روح الثورة؟
وأسأل الذين ينوحون على الوحدة عما قدّموه في سبيلها ومن أجل تحقيقها وحمايتها مقابل ما جنوه من خيراتها؟
وأسأل المتشدقين على الديمقراطية ماذا فعلوا من أجل تطويرها والارتقاء بالممارسة الديمقراطية والحفاظ على قيمها ومبادئها..؟
وأسأل النائحين في كل نادٍ على مسيرة التنمية: ما هي أرصدتهم واسهاماتهم وأدوارهم في الحراك التنموي الذي تشهده البلاد..؟
وأسأل الشاكين الباكين من ضعف القضاء وغياب الامن والاستقرار: ما الدور العملي او النظري الذي قمتم به لتعزيز الاستقرار وتحقيق العدالة وبث روح التسامح وقيم الامتثال للحق ونبذ الكراهية والخصام ومحاربة ظواهر الفساد والعبث والرشوة ولو بشق كلمة طيبة ترشد وتصلح وتعلِّم لا تهدم وتشكك..؟
وأسأل الذين يتلفعون قضايا الأمة العربية والاسلامية، ويتخذون منها سبلاً لاستهداف النظام والقيادة السياسية والرئيس: ماذا قدّموا لقضايا الأمة سوى الشعارات الجوفاء، وماذا صنعوا للضحايا من الشهداء والجرحى والمشردين والمنكوبين سوى المتاجرة بدمائهم واستغلال عواطف الناس إزائهم والتسوّل باسمهم الى الخزائن والأرصدة الحزبية والمشاريع الاستثمارية التي يعرفها الجميع... وباستثناء بعض الاستثناءات فإن كثيراً مما يحدث ويمارس ليس أكثر من متاجرة بآلام الآخرين واستثمار دني لمعاناتهم
وأسأل الذين يمارسون الهدم ويتحدثون عن دولة مؤسسات ونظام وقانون: الى أي رصيد أو تجربة يستندون؟ فتجاربهم معروفة، وذاكرة الوطن لم تنسَ المجازر والانقلابات التي كانت تأتي أكثر عنفواناً من الشعارات الثورية... ومخلفات تجارب من يدعون خلافة الله في الارض مازالت ماثلة للعيان بعد رحيلهم على قصر فترتهم، فيما تجارب أقرانهم في بلدان كثيرة لا تسر عدواً ولا صديقاً...
وكما لا جديد عند طابور الحنين الى أزمنة تقبيل الرُكب والأقدام... كذلك لا مشروع ظاهر أو باطن في ملامح كهنة التآمر الذين لم يسلم بعضهم من تآمر بعض.. حتى في أزهى وأنقى تجاربهم كانت سلطة الدولة التي يتغنون بها »تمتد من الصافية الى الحصبة.. وإن ازدهرت فإلى نقطة الأزرقين«...
وبصرف النظر عما كان فنحن في اليوم وغد، في الحاضر والمستقبل، فيما وصلنا اليه وما نطمح ان نصل اليه بالعمل والتعاون والإخاء والمحبة وحتى بالنقد البناء، وليس بالشتم والاستهداف والتسفيه والإرهاب الفكري والنكران والجحود وبث روح الإحباط واليأس، وتشويه صورة البلد ومكاسبها ونهجها.. والقفز على ثوابتها والتطاول على رموزها... فالديمقراطية والحرية قيم وأخلاقيات وتنافس شريف وليست عداءً وأحقاداً وتمترساً..
والديمقراطية -قبل كل هذا- احترام لإرادة الشعب وغالبية اصوات الجماهير التي صوتت لبرنامج اليمن الجديد والمستقبل الافضل.
وليس محظوراً نقد البرنامج ولا طرائق ووسائل تنفيذه، ولكن العيب تسفيهه، والزيف نكران ما تحقق منه، والجرم أيضاً أن نتغافل عن تقييمه بموضوعية ومهنية وإنصاف وشجاعة، ولست من ينزه البرنامج أو يدعي كماله وكمال الجهود المبذولة لتنفيذه، كما لست أقل من غيري حرصاً على تنفيذه.
ولذلك اختتم هذه التناولة بمخاطبة صاحب البرنامج الطموح القائد الباني الزعيم فأقول:
نعلم أن المعوقات والمطبات والأخاديد والحرائق التي توضع وتفتعل كثيرة، ولكننا تعودنا منك أن تكون أكبر وأقوى من المعوقات..ولأننا نثق ببرنامج اليمن الجديد والمستقبل الافضل الذي دافعنا عنه وسنظل ندافع عنه ونساند جهود تنفيذه، نقول: إنما تحقق في ظل الظروف الراهنة شيء جيد، لكننا نطمح في المزيد، وإذا كانت بعض الظروف والمعوقات خارج الإرادة، فإن مسألة تقييم وتقويم أدوات التنفيذ ممكنة، وأدوات التنفيذ القائمة هي ما يجب أن نقف عليه.. فبعضها جيد وبعضها يحتاج الى تقييم وبعضها يحتاج الى تقويم وبعضها الآخر وهو القليل لم يعد صالحاً للتقييم او التقويم او الاستخدام وتنفيذ المهام وكفى..
وما عدا ذلك نقول لك أيها الربان الماهر: سر على بركة الله وفي رعايته وحفظه، والشعب الذي منحك ثقته معك ، ولا عزاء للناعقين واللاهثين وراء السراب