د.صالح عبدالله الحمد -
اليمن بلد الحضارة والتاريخ : خواطر سائح سعودي
كنت أفكر كثيرا و منذ مدة طويلة جدا بزيارة بلدي الثاني اليمن لما أكن له من المحبة والتقدير وإعجابا شخصيا مني بهذا البلد وصموده وتطوره ووحدته الصامدة ووجود علاقات طيبة مع عدد لا باس منه من الإخوة الأفاضل باليمن الذي تكونت العلاقة معهم أثناء الدراسة في بعض الجامعات باللقاءات أثناء السفر في بعض البلدان المختلفة , وفيما كان تفكيري مستمرا بزيارة هذا البلد الحبيب إذا بدعوة أخي البروفيسور محمد بن حمود الطريقي الباحث الرئيسي والمشرف العام على مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان رئيس مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل الذي عرض علي السفر إلى اليمن للمشاركة في مؤتمر إنساني وهام عن المخدرات و أضرارها وما يمكن ان تحدثه للإنسان من اعاقه وكذا الجهود التي يجب ان تبذل للقضاء عليها واغلاق الطرق على أولئك الحاقدين الذين ينفثون سمومهم على البشرية بهدف الربح المادي وكفى , وربما لأهداف أخرى لا يجهلها الجميع , فشكرا لهذا الاخ الكريم على اهتمامه بمثل هذه الامور, وشكرا لدعوتي لالقاء محاضره في هذا المؤتمر كانت بعنوان التربية ودورها في الوقاية من المخدرات والشكر له مرةً أخرى على اتاحة ألفرصه لي وتشجيعي على زيارة بلدي الثاني ( اليمن ) جهزت نفسي وسبقت موعد المؤتمر بأيام كي اطلع على ما احب ان اطلع عليه في اليمن ووصلت الى مطار صنعاء الدولي مساء الثلاثاء الموافق 23/ 12/2008م واعجبني المطار جدا بهدوئه ونظافته وسرعة اجراءاته وسهولتها والترحيب بالزائرين من قبل موظفيه , و ما هي الا دقائق معدودة حتى خرجت من داخل المطار بعد استلام العفش واذا بالاخ الكريم المكلف بانتظاري موجود والذي رحب بي كثيرا واخذني بالسيارة الى الفندق المحجوز لي مسبقا وبعد استراحة قصيرة بالفندق حضر إلي بعض موظفي مكتب البرفيسور الذي استقبلني فيه الموظفون الأجلاء , وفي مقدمتهم المديرة التنفيذية الاخت الكريمة زعفران المهنا , وبعد الترحيب والحديث عن بعض الامور العامة والخاصة لا سيما عن معلوماتي عن اليمن وما هي انطباعاتي الأوليه عنه وهذه من الصفات البارزه والطيبة التي يهتم بها اليمنيون وهذا ما لاحظته اثناء تجولي في الاماكن المختلفة والعامة والفنادق وخلافه ,
ثم بعد ذلك صحبني الاخوة الأفاضل الى جولة عاجلة داخل المدينة انتهت بزيارة احد المطاعم الفاخرة والتي أولم الإخوة الأكارم وليمة فاخره فجزاهم الله خير الجزاء ,
وفي صباح الاربعاء حضر الي مندوب من المكتب اخذني للتجول على بعض المعالم البارزة في العاصمة صنعاء , بدأناها بزيارة مسجد جامع الصالح الذي بناه فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح والذي يقع في قلب صنعاء في ميدان السبعين المكان المتوسط حيث يرى المسجد على مسافة طويله من جميع الجهات ما دمت متواجدا في العاصمة صنعاء.
ومما يجذب النظر الى هذا المسجد من بعيد تلك المآذن الست التي بنيت بطريقة هندسيه جميله تجذب الناظر من بعيد كما ان المواقف المنظمة والواسعة والبوابات اعطت موقع المسجد جمالا أكثر ناهيك عن تواجد كلية العلوم الشرعية ضمن أبنية المسجد أما أماكن الوضوء وفرش المسجد وأجهزة الكهرباء وتنظيمها , فقلمي حقيقة يعجز عن وصفها تماما ,
اما القباب مع المآذن وهيكل المسجد فتشكل نسقا معماريا لافتا غاية في الجمال والروعة والدقة , يتسم بالذوق الرفيع والراقي في التصميم والتنسيق والتوزيع بوصفها أهم المعالم الخارجية التي تلفت الانظار عن بعد , وتحفزها نحو مزيد من التطلع نحو اكتشاف كنوز المكان وخفايا ما يحتويه من درر نفيسة وعوالم شتى من الخيال الابداعي الذي تحقق في ارضية الجامع واقعا ملموسا بالإرادة والطموح والعمل.
وخلاصة القول ان هذا المسجد يعتبر من المساجد الفخمة في العالم وهو بحق معلما بارزا وعظيما من معالم مدينة صنعاء العظيمة بل ومعلما بارزا من معالم المباني الاسلامية المنتشرة في بقاع المعمورة فاهنئ فخامة الرئيس على هذا الانجاز العظيم وادعو الله ان يجعله في موازين حسناته وان يجزل له الاجر والثواب وهذا ليس بمستغرب على مثل هؤلاء الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم فقد ضحوا بذلك كثيرا والتاريخ يشهد على ذلك ويسطر أسطره المستمره .
وبعد الانتهاء من زيارة المسجد ذهبت بصحبة الاخ الكريم الى وادي ظهر الوادي الأعجوبة وتجولت فيه , وعلى قمم جباله الاسطورية والتقيت بعدد من السواح الأجانب والمواطنين , وكم أنا سعيد جدا بتواجدي بهذا المكان الجميل الذي أرى من وجهة نظري أنه يحتاج لبعض الاصلاحات والاهتمامات ليكون معلما سياحيا بارزا لعدد كبير من السياح الزائرين لليمن وكذا المواطنين ليقضوا به وقتا جميلا وليدر على خزينة الدولة مبالغ جيدة والتي يجب ان تشكل السياحة جزء كبيراً منها ذلك.
لأن اليمن العظيم يعتبر من وجهة نظري ومن خلال متابعتي واطلاعاتي المستمرة من أكبر دول العالم وأوفرها بالاماكن السياحية المختلفة , ويكفي ان العاصمة صنعاء من أقدم العواصم بالعالم حيث كانت تعد من اقدم المدن وأجملها وتتميز بجوها الجميل, كما تتميز بجمال ابنيتها القديمة التي جاورتها الابنية الجديدة فتبدو بذلك مزيجا من حضارة الماضي وحداثة الحاضر ولئن سميت هذه المدينة قديما بمدينة ( سام ) نسبة لـــ ( سام بن نوح ) فان مرجع ذلك يعود لقدمها وتاريخها الطويل ,
ومن المعروف ان اليمن قد اشتهرت منذ اقدم العصور باجادة الفن المعماري وبناء الصروح والقصور وكان قصر غمدان وما يزال حديث التاريخ والمؤرخين بما سجل فيه المعماريون اليمنيون القدامى من ابداع راق ومهارة فنية باعثه على الدهشة.
وعلى الرغم مما تعرضت له اليمن من حروب وانكسارات فقد ظل هذا الفن محتفظا بأصالته التي توراثها الأبناء عن الآباء عبر العصور ورافقت الفاتحين والمهاجرين اليمنيين الى أقاصي الشرق والغرب وكان للأندلس نصيبها الوافر من ذلك الموروث المعماري الذي تجلى في جوامعها وقصورها ومن اشهرها جامع قرطبة وقصر الحمراء الذي تولى بنائه وتصميم مداخله وابهائه ومقاصيره أبو محمد الصنعاني وهو ما تؤكده الكتابات المحفورة على جدران ذلك المعلم المعماري النفيس
بعد الانتهاء من زيارة وادي ظهر توجهنا الى دار الحجر القصر الأعجوبة الذي بني في عهد الدولة ا الحميرية واكمل من بعض قادة اليمن السابقين وهو معلم تاريخي بارز وهام وكم كنت اتمنى ايضا ان يكون هناك اهتمام اكثر به وبالطرق الموصلة اليه وكذا المباني القديمة التاريخية المحيطة حوله والوادي نفسه حتى يؤمن للدولة دخلا سياحيا ويشغل مجموعة كبيرة من السكان ويكون من الاماكن النادرة في العالم فهو من وجهة نظري اعجوبة هامة تحتاج الى بعض الاصلاحات والاهتمام . ارتفاع قصر دار الحجر 37 مترا وبــ 30 غرفه و 7 دورات للمياه و 110 درج رئيسي 70 درج خلفي وارتفاعه ما يعادل اربعة عشر دور من البنايات في الوقت الحاضر .
ثم بعد الانتهاء من زيارة قصر دار الحجر رجعت الى الفندق لكي ااخذ قسطا من الراحة وتناول طعام الغداء وفي مساء اليوم نفسه تجولت بالمنطقة القريبة من الفندق ورأيت الشوارع الجميلة والجسور والانفاق الكبيرة مما يدل على تطور هذه المدينة الا وهي مدينة صنعاء العاصمة وفي اليوم الثالث من الزيارة حضر لي الاخ الكريم واخذني لرؤية بعض القرى المجاورة للعاصمة صنعاء ثم بعد ذلك توجهنا الى محافظة المحويت وكذا المناطق الاثرية بشبام – كوكبان ومررنا على بعض القرى الاخرى مثل ثـــلا.
وفي اثناء رجوعنا شاهدنا بعض الجبال الشاهقة واهمها جبل نغم الذي توسطت قمته الطريق تماما المتجه الى الكعبة المشرفة حينما تم تغيير القبلة بامر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مسجد البكيرية مارا بمنتصف جبل نغم وفي المساء تم الرجوع الى العاصمة واستكمال بعض التمشية في اسواق المدينة وبعض الاماكن العامة ثم تناول طعام العشاء باحد المطاعم الشعبية الفخمة.
وفي اليوم التالي في تمام الساعة الحادية عشرة تماما توجهت بصحبة الاخ الكريم السائق مشتاق إلى باب اليمن وتجولنا في أسواقه ومداخله وشاهدت الناس على مختلف هيئاتهم والبستهم بل ولهجاتهم واكتشفت كثيرا إضافة إلى ماكان عندي سابقا ان اليمن هي بلد المحبة والتواضع والتآلف والتسامح حيث لاحظت ان اهم مايميز هذا الشعب الأبي انه متواد ومتعاطف ومتعاون فقلوب افرادهـ بيضاء لايوجد بداخلها إلا مايود المسلم لأخيه المسلم تصديقا لقول الشاعر
لايحمل الحقد من تعلو به الرتب & ولاينال العلا من طبعه الغضب
ثم بعد ذلك تجولنا بجامع صنعاء الكبير وقد دهشت كثيرا لأولئك المتعبدين في المسجد الذين ابتغو الحياة الاخرة على الدنيا بل وزهدوا فيها كثيرا , كما دهشت كثيرا لجم تواضعهم واستقبالهم لمن يزورهم.
وخلال الايام القليلة جدا التي أمضيتها في عاصمة اليمن (( صنعاء)) تأكدت كثيرا فيما لايدع مجالا للشك ان اليمن بلد حضاري بمعنى الكلمة فإضافة الى الحضارة التاريخية المتمثلة ببناء القصور والمساجد والجسور والأبنية الشاهقة إلا انه مازال يطور تلك الحضارة في ابعادها المختلفة من تطور عمراني وتفهم إعلامي.
وفي رايي المتواضع ان اليمن بلد الحضارة والتاريخ والعجائب والغرائب ويتمثل ذلك في كثرة اثاره الحضارية والتاريخية ويكفي أن منبع بلاد العرب من اليمن ويدلل على ذلك تواجد المتاحف المختلفة التي قمت بزيارتها ويأتي في مقدمتها المتحف الوطني والمتحف الحربي
,لقد كان للحضاره العربية اليمنية والتنوع المناخي والموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن هو ما فاجأني فعلا حيث أن المعلومات التي كانت عندي قليلة والبعض منها ثبت عدم صحتها وليس من سمع كمن رأى لن أطيل كثيرا عن هذا البلد المضياف وربما يعجز قلمي المتواضع عن إبداء مشاعري ذلك لأن الحقيقة الماثلة امامي هي في الحقيقة ليست واضحة لي قبل زيارة اليمن ماشاهدته عن اليمن وأهلها اوضح لي ان هذا البلد الحضاري التاريخي العريق في معدنه وجذوره والجميل في هذا الشعب بساطة الانسان في حياته وكبريائه في حضارته وتاريخه واحترامه لزائريه بغض النظر عن الجنسيات والديانات والمقومات الاخرى , لكنه عريق في ثقافته وقدرته الصناعية وافكاره المعرفية ,
لن اطيل في هذا الموضوع فمهما كتبت عن هذا البلد فلن اوفيه حقه ,لكن مااود قوله في خواطري المستعجلة هذه هو هنيئا لليمن برئيسها وحكمته وإصراره على التطور والإصلاح والتقدم وهنيئا لليمن بشعبها الطيب بفطرته وأصالته وهنيئا لي حينما اتيحت لي الفرصة لزيارة بلدي الكريم ((اليمن))
شكرا لله سبحانه وتعالى ثم شكرا لأخي الكريم البروفيسور محمد الطريقي الذي ساعدني وأتاح لي هذه الفرصة ثم شكرا للإخوة الكرام الذين استقبلوني واعطوني حفاوتهم الزائدة واكثر من ذلك محبتهم شاكرا للجميع تعاونهم واهتمامهم ومتمنيا لليمن السعيد التطور والتقدم والإزدهار في ظل قيادة الرئيس القائد/علي عبدالله صالح ومرة أخرى استميح الجميع عذرا بعدم إعطائي هذا البلد الكريم حقه من الوصف وذلك لضيق الوقت وإلى اللقاء في زيارة قادمة إن شاء الله تشمل كافة محافظات اليمن السعيد تكون أكثر وقتا وإلى اللقاء . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.صالح عبدالله الحمد
الرياض:المملكة العربية السعودية
الرمز البريدي:11476
ص.ب:25915
[email protected]