المؤتمرنت -
العراقيون ينقسمون بين الحسرة والتفاؤل في الذكرى الـ6 للغزو الامريكي
بعد مرور 6 سنوات على الاجتياح الأمريكي للعراق، الذي صادف امس الجمعة 20 مارس 2009، ما زالت منى عبد الكريم تعتبر أن ذلك التاريخ يمثل "أسوأ يوم وأتعس ذكرى" في حياتها.
وتقول منى، التي ترتدي حجابا وتفضل مناداتها بـ "أم ميس"، بتوتر "كنت مع زوجي وأولادي في المنزل حين بدأ القصف، ولم يكن هناك بث تلفزيوني أو إذاعي، وكان الطقس سيئا"، مضيفة "كان حالنا أفضل قبل الاحتلال، كنا نعيش في ظل آمن".
وتتابع زوجة الضابط المتقاعد "دمر جزء كبير من منزلنا في حي الجهاد (غرب) جراء قصف قوات الاحتلال".
وبدأ الاجتياح بقصف جوي وصاروخي عنيف في 20 مارس 2003، في اليوم الأول من العملية، التي شارك فيها أكثر من 140 ألف عسكري أمريكي و23 ألفا من 40 دولة أخرى أبرزها بريطانيا.
وقالت المراة الأربعينية بينما كانت تتبضع في حي المنصور الراقي، غرب بغداد "إن الاحتلال تسبب بالفوضى ثم إعمال العنف الطائفي التي أسفرت عن هرب زوج ابنتي وهو طبيب بعد تلقيه تهديدات من مجهولين"، وأدى تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في فبراير 2006، إلى اندلاع موجة من أعمال العنف الطائفي أودت بعشرات آلاف العراقيين وتهجير مئات الآلاف منهم داخل البلاد وإلى الخارج.
ومع ذلك، تعبر أم ميس عن أملها في "تحسن أوضاع البلاد تدريجيا في المستقبل".
وفي كركوك (شمال) المحافظة الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان، يؤكد راكان خلف، المهندس الزراعي الخمسيني وصاحب مزرعة أن "ذكرى اجتياح العراق هي الأشد مرارة في حياتي".
وخلف لديه شقيقان معتقلان لدى القوات الأمريكية، كما اضطرته الظروف الأمنية إلى التخلي عن مزرعته في نواحي كركوك. لكنه يضيف أن "الاحتلال بات أمرا واقعا يجب التعايش معه"، معتبرا أن على العراقيين "العمل مع الأمريكيين لتحقيق وحدة البلاد والاستفادة من قوتهم ليعود العراق قويا موحدا".
بدوره، يشكو علي كريم -35 عاما- من مدينة الصدر (شرق) والأب لطفلين من أن "أحلامنا الوردية لم تتحقق بل على العكس تبخرت أمام صعوبات الحياة وقلة العمل والخدمات"، لكن كريم الذي كان عسكريا أثناء الاجتياح ويعمل في أحد فنادق بغداد حاليا قال "إذا عملنا بجد ونزاهة سنحتاج إلى خمس سنوات على الأقل لتحقيق طموحاتنا".
من جهته، يرى علي جعفر، الأربعيني صاحب محل للمجوهرات في حي المنصور، أن الاجتياح أدى إلى "انبثاق الحرية كما أن الديموقراطية تحققت بشكل كبير"، ويضيف الرجل الذي فقد عددًا من أصدقائه في أعمال العنف الطائفي أن "ثمن الحرية يستحق تقديم أرواحنا (...) أستطيع اليوم أن أشتم أي مسؤول في البلاد في ظل حرية كاملة".
وأشار إلى أن "الشارع حيث أعمل منذ عشرين عاما كان خاليا تماما معظم الأوقات كما كانت المحلات التجارية مغلقة خلال العامين 2006 و2007".
ويتوقع جعفر، وهو من الكاظمية (شمال بغداد) أن يحتاج العراق إلى سنتين إضافيتين ليتحقق الاستقرار والأمن بشكل تام.
من جانبه، يعتبر خورشيد عبد الله وهو كردي -48 عاما- ومقاتل سابق في قوات البشمركة، أن "الأمريكيين حررونا من نظام صدام لكنهم أدخلونا في صراعات داخلية تحت ضغوط أطماع إقليمية"، ويعبّر عن قلقه حيال تدهور الأوضاع بعد انسحاب القوات الأمريكية، قائلا إن "أحوالنا ستكون أسوأ عند انسحاب الأمريكيين".
وتنص اتفاقية أمنية موقعة بين بغداد وواشنطن على انسحاب القوات الأمريكية من المدن والبلدات في موعد أقصاه آخر يونيو/حزيران المقبل على أن يكون الانسحاب كاملا في نهاية عام 2011.
وفي البصرة (جنوب)، الرئة الاقتصادية للعراق والمنفذ البحري الوحيد لتصدير النفط، قال رياض وهاب حسن (58 عاما) الموظف في "شركة نفط الجنوب" "تحسنت أوضاعي المادية بشكل كبير بعد الاجتياح، فقد تضاعف راتبي عشر مرات (...)، لقد تحقق حلمي بشراء سيارة"، مضيفًا "نعيش الديموقراطية والحرية، والمستقبل سيكون زاهرا".
في المقابل، يؤكد ياسر حسين (45 عاما) صاحب محل تصوير في منطقة العشار في البصرة "لم أستطع تحقيق أي مكاسب خلال السنوات الست الماضية، بل على العكس فقد خسرت والدي الذي قتله مسلحون عام 2006، كما خسرت كثيرا من الأموال"، ويضيف أن "العراق بحاجة إلى عشر سنوات لاستعادة عافيته شرط أن يتم الانسحاب الأمريكي قبل ذلك".
أما صباح أحمد (33 عاما) وهو صحافي من النجف (جنوب) كان في إيران أبان النظام السابق، فيجد أن "أفضل شيء تحقق بعد اجتياح العراق هو عودته للوطن" متوقعًا "مستقبلا مشرقًا للعراق".
الفرنسية